بقلم: مجدى حسين [email protected] صراع مفتعل حول الدستور.. وإبعاد البلاد عن التحديات الأساسية لماذا تنشغل الرئاسة بالأمور الأقل أهمية كمواعيد الإغلاق؟! ندعو للجنة حكماء مصغرة لإنهاء الخلافات حول مسودة الدستور هناك إصرار من النخبة السياسية على الانشغال بمعارك جانبية باستمرار وفى كل المراحل التى أعقبت سقوط المخلوع . بعدهذه المعركة النادرة التى وحدت الأمة بين 25 يناير و11 فبراير 2011 ، عادت النخبة لأحوالها الأصلية : الرغبة فى التفرد والزعامة .. التركيز على نقاط الاختلاف .. القابلية للاختراق .. عدم الاخلاص فى التحالفات والعمل الجبهوى : فكل طرف – إلا من رحم ربى – يفكر أولا فى المكاسب التى تعود عليه قبل التفكير فى المصلحة العليا للوطن. ولنركز الآن على معركة الدستور الراهنة التى يصورها البعض أنها معركة حياة أو موت . إن المصلحة العليا للوطن تكمن فى الانتهاء السريع من المرحلة الانتقالية ، فأسوأ شىء يتعرض له أى بلد هو استطالة مثل هذه الحالة من عدم اليقين فى كل شىء ، لأن الاستقرار ضرورة أساسية للإنطلاق والتنمية . وهذا يستدعى شيئين أساسيين : أولا السير فى الخطة التى أقرها الشعب فى الاستفتاء بأسرع الخطوات الممكنة ، رغم عيوب هذه الخطة . ثانيا : قيام السلطة التنفيذية بجذب انتباه الأمة وحشد طاقاتها فى بداية طريق البناء والتنمية. فيما يتعلق بالنقطة الأولى فقد قام المجلس العسكرى وكثير من القوى العلمانية بتعطيل المسيرة تحت شعار منع الاسلاميين من السيطرة على الحكم ، فى العديد من المواقع والمواقف : تأخير مواعيد الانتخابات – حل مجلس الشعب – والاتجاه لحل مجلس الشورى – حل الجمعية التأسيسية بحكم باطل وإعادة تشكيلها والاتجاه مرة أخرى لمحاولة حلها . أما فيما يتعلق بالنقطة الثانية ( حشد طاقات الأمة فى اتجاه التحديات الأصلية ) تقع المسئولية الأولى على الاخوان المسلمين ، وتقع عليهم هذه المسئولية من قبل تولى مرسى الحكم . حين تصوروا أنهم يمكن أن يقودوا المجتمع من خلال السلطة التشريعية وحدها حين توافقوا مع المجلس العسكرى على هذه الخطة الانتقالية العرجاء التى وضعت الدستورفى الآخر . وكنا نتصور أنهم توافقوا مع المجلس العسكرى على تشكيل الحكومة من الأغلبية ولكننا فوجئنا بحكومة الجنزورى وترحيب الاخوان بها ، ثم انقلابهم عليها فى وقت غير مناسب ( قبيل انتخابات الرئاسة بوقت قصير ) . وإذا أخذنا للاخوان ألف عذر وعذر فى تلك الفترة على أساس وجود المجلس العسكرى الممسك بالسلطة ومجريات الحالة الأمنية . ولكن الأعذار تتوارى بعد تولى مرسى للحكم منذ 4 شهور وتتوارى أكثر بعد قرارات 12 أغسطس التاريخية ، نعم هى قرارات تاريخية ويكفى مرسى فى حكم التاريخ أن ينسب له هذا الانجاز الكبير؛ إنهاء حكم العسكر وفتح الطريق لنظام الحاكم المدنى المنتخب . ولكن هذا الانجاز التاريخى أصبح سلاحا ذى حدين ، فمرسى وحزبه أصبحا الحاكمين بدون أى منازع ، ولديهما السلطتين التنفيذية والتشريعية معا . ومر أكثر من شهرين ، ولا نقول كالذين يتصنعون الذكاء ويقولون : ماذا فعل مرسى خلال 4 شهور ؟ إنه لم يحل مشكلة البطالة والعنوسة !!! ولكننا نقول : إن أربعة شهور كافية لتوضيح رؤوس أقلام التوجهات الاخوانية فى الحكم . وهناك مؤشرات مقلقة بحدة فى المجال الاقتصادى ومجال السياسة الخارجية ، وحتى فى مجال الحريات تحدث أشياء عجيبة : محاولة إحياء قانون الطوارىء أو استبداله بقانون أعجب اسمه حماية الثورة يتضمن عقوبة الحبس لمدة شهر فى مكان أمين ، إنها حقا لثورة تافهة التى تحمى نفسها بحبس لمدة شهر واحد فقط ، ومن يخاف فى مصر من الحبس لمدة شهر واحد !! إنه مجرد مشروع قانون للاساءة لمرسى والاخوان ! ولكن بدون أن نغرق فى تفاصيل كل هذه المجالات تبقى النقطة الجوهرية عدم قيام حكم الاخوان المسلمين ممثلا فى الرئيس مرسى والمحيطين به والحكومة التى شكلها من جذب الانتباه والوعى والمشاعر والأحاسيس نحو مشروع للنهضة ( بغض النظر عن استخدام هذا المصطلح فى البرنامج الانتخابى ) ومن حق الناس بعد 4 شهور أن يتساءلوا عن رؤية الاخوان ، وهل لديهم رؤية بالفعل إلا تكرار شعار : البحث عن الاستثمارات و الاستثمارات الخارجية بالذات . وهذا هو شعار حكم المخلوع . حتى الدكتور خالد عبد القادر عودة وهو اخوانى أصيل ، لا يستطيعون الاستفادة من أفكاره ومشروعاته وإن كان بعضها مثيرا للجدل والخلاف ولكن بعضها لايمكن رفضه إلا من جاحد أو غير فاهم . رأيت مؤخرا حديثا له عن إطلاق مبادرات الأفراد فى التعدين مع إشراف الحكومة عليها مع تركيز على الذهب المنتشر فى بعض أودية الصحراء ، ومقارنة ذلك بما يجرى فى السودان وتايلاند ، وشرح ذلك بالصور . وكان يشير إلى قرار أخير بمنع النشاط التعدينى الفردى نهائيا بدلا من تنظيمه مما أدى إلى توقف 30 ألف عامل و60 شركة عن العمل التعدينى إلى أجل غير مسمى . كان حديث الدكتور عودة يقدم نموذجا لما تحدثت عنه مرارا ، فالمسألة ليست بتوفر رؤوس أموال كبيرة من الوهلة الأولى ، ولكن بروح المبادرة الفردية والجماعية ، وحماسة الرغبة فى النجاح الفردى المندمجة مع حماسة الرغبة فى رفعة الوطن . فاندفاع الشباب فى أماكن صحراوية محددة بمعدات بسيطة بحثا عن الذهب بدلا من الجلوس على المقاهى والعيش بمصروف الوالدين ، نموذج حى ، ومجرد مثال لما دعوت إليه . ولكن إذا كان الحكم الاخوانى لايستوعب ولا يتفهم ولا يستفيد من العالم عوده فهذه مأساة تجسد كارثة محدقة . قطاعات متزايدة من الشعب تشعر بإحباط متصاعد وهى بين شقى الرحى : قوى علمانية لاهم لها إلا محاربة المرجعية الاسلامية أو تصيد أخطاء الاخوان وأحيانا لاتكون أخطاء أصلا كسفر الكتاتنى بجواز سفر دبلوماسى مع أن هذا يجوز لرئيس مجلس شعب سابق كما يحدث مع كل الوزراء السابقين ، وفى كل الأحوال فهو موضوع تافه . ومن الناحية الأخرى الاخوان يركزون على رد الفعل ويأخذون مواقف دفاعية دون أن يعيدوا ترتيب المسرح السياسى بحيث يشغلون الأمة بعظائم الأمور بدلا من سفاسفها . ولم يخرج من جعبتهم إلا مشروع النظافة ، ولم يتقدموا بمشروع أكثر إلهاما وإثارة للحماس الوطنى . بل وقعت الرئاسة وهى تنتوى الخير فى أخطاء إخراجية أدت إلى إشغال البلد بأمور أقل أهمية ، كحكاية النائب العام التى عانت من قلة الطهى . والآن تنشغل البلاد فى حكاية الإغلاق المبكر للمحلات . هل هناك فى الحكم من يخطط لإشغال مرسى بأى معركة جانبية أو يبحث عن الموضوع الأقل أهمية ليكون هو الموضوع الأول فى البلاد ، بدلا من موضوعات خالد عوده أو بهى الدين عرجون على سبيل المثال لا الحصر.عندما كتب د.عرجون عن مشروع القمر الصناعى المصرى تصورت أن رئاسة الجمهورية ستتصل به . وحتى لايقال إننا لا نأخذ الأفكار من الصحف ( وهذه من أقوال الحكم الاستبدادى الذى يهرب من آراء الغير ونرجو ألا يعتمدها الرئيس مرسى بل عليه أن يطلب من أحد المعاونين جمع الآراء الجادة المنشورة فى الصحف فى مختلف المجالات ) فإننا سنحمل قريبا هذا المشروع وغيره للقصر الرئاسى حتى لايكون هناك أى لبس حول هذه الموضوعات الحاسمة . فى هذا المناخ المحبط بين من لايروجون إلا لصورة سوداء تثير الحنين إلى عهد مبارك وبين عدم قدرة الاخوان على إلهام الأمة بما يجب أن تصنعه الآن ، تأتى مناقشات الدستور المتعثرة والمليئة بالمعارك الصوتية التى لاتليق بالمقام ، والتى وصلت إلى حد الإسفاف والإساءة إلى فكرة الدستور. ويتصور الاخوان المسلمون أن المهمة الرئيسية الآن هى إعداد الدستور للاستفتاء وهذا صحيح ولكن بدون أن ننسى معركة التنمية التى لم يعلن عنها بعد . نحن نتحاور فى الدستور الجديد منذ سقوط مبارك . .الفضائيات والاذاعات والصحف والانترنت مليئة بآلاف مؤلفة من الساعات والصفحات حول أهم بنود الدستور الجديد ، وانتخابات الرئاسة دارت فى أحد محاورها حول ذلك . لقد تناقش المجتمع أكثر مما ينبغى حول الدستور ، ومن لايريد التفاهم فلن يتفاهم أبدا ولوبعد ألف عام. المواطن أصابه الملل من هذا الحوار الممتد منذ قرابة عامين . وهو مشغول بأحواله وأحوال الوطن وهل سينجح مرسى كمايبدو أحيانا؟ أم سيفشل كما يبدو فى أحيان أخرى ؟ المواطن المصرى لديه فطرة سليمة ، وهو يعرف أن معركة الدستور ليست هى المعركة الأولى أو المصيرية التى تستحق تعطيل البلاد ل6 شهور أخرى أو سنة إضافية . خاصة وأن أهم نقطة تشغل الجميع هى إنهاء فكرة الرئيس الأبدى بتحديد فترتين للرئيس كحد أقصى ( 8 سنوات ) لايوجد أى خلاف حولها. الدستور فكرة حديثة جيدة ولاغبار عليها ، وإن عاشت الأمم والحضارات عبر التاريخ بدونها . فلكل مجتمع مرجعية فكرية وعقائدية ومنظومة تشريعية عاشت بها بدون وثيقة محددة اسمها الدستور . ولم تكن مشكلة مصر الأولى قبل الاحتلال هو غياب الدستور ولم تحل مشكلات مصر بدستور 1923 ، فقد أوقف أكثر من مرة ولم تحترم أحكامه . وفرض الحاكم دستور 1930 ، ثم انتهى الأمر بأحكام عرفية خلال الحرب العالمية الثانية ثم عقب حريق القاهرة 1952 . ولم تكن مشكلة مصر الأولى تعاقب الدساتير من 1954 إلى 1956 إلى 1958 إلى الميثاق فى الستينيات إلى دستور 1971 . فكل هذه الوثائق كانت تعكس الحالة السياسية القائمة على الأرض ، ولم تكن هى فى حد ذاتها هى التى دفعت البلاد إلى الأمام أو إلى الخلف .ولم تتقدم ألمانيا على فرنسا لأن دستورها مكتوب أفضل منها ولاتتقدم الصين والهند واليابان على كل بلاد أوروبا لأنها تمتلك دساتير أفضل . فأهم مافى الدساتير هو تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وسيظل الحاكم ( السلطة التنفيذية ) هو الأعلى فى مجال تفسير نصوص الدستور وتطبيقه ، حتى فى أعرق الدول الديموقراطية . ولذلك فإن ضمانات الحكم الصالح هى أهم من الدستور ، وهى أهم مايجب أن يوضع فى الدستور ، ولذلك فإن وضع حد أقصى لحكم رئيس الجمهورية + ضمانات نزاهة الانتخابات + قانون انتخابى نزيه يتمسك بالقائمة النسبية غير المشروطة ، هى أهم ما ينبغى أن يتضمنه الدستور ، وكل الباقى مقدور عليه ويمكن تداركه فى أى تعديل دستورى قادم أو من خلال التشريعات. الشريعة الاسلامية كان من المفترض أننا تجاوزنا قضية المرجعية الاسلامية من خلال الاتفاق على بقاء المادة الثانية من الدستور كما هى . ولكن هناك رغبة أكيدة فى عدم إنهاء المرحلة الانتقالية ، وعدم الانتهاء من الدستور ، والتحضير عوضا عن ذلك لإنتفاضة أو ثورة مصطنعة لإسقاط حكم الرئيس مرسى . وهذه القوى العلمانية تخطىء فى حق مصر لا فى حق الاخوان عندما تنتهج هذا السبيل . وهى ستعطل الأمة ولن تنجح فى مسعاها لسبب بسيط ؛ فالثورة لاتنجح بالتخطيط والتدبير ، ولا تنجح لمجرد وجود مشكلات اجتماعية واقتصادية أو لمجرد أخطاء فى ممارسات الحاكم ؛ الثورة ظاهرة تاريخية يحكمها قانون اجتماعى ، وإذا لم تكن الظروف التاريخية مهيئة وناضجة للثورة فلن تنجح أكثر التدبيرات إحكاما فى إحداثها . لقد انتهت الموجة الثورية لثورة 25 يناير وقد حققت الانجاز الأبرز أن الحاكم ينتخب من الشعب ، وكذلك السلطة التشريعية ، والمحلية ، بالاضافة للنقابات وكافة الهيئات الشعبية . وبالتالى لم يعد هناك أى دافع أو داع لكثرة الدعوة للمظاهرات والوقفات والاعتصامات والاضرابات . الوسائل الرئيسية للتغيير أصبحت من خلال بناء وتعزيز الأحزاب والمنظمات ،وأنشطتها الجماهيرية فى كل مكان ، ثم من خلال الانتخابات . ولكن بعض التيارات العلمانية تخشى من استقرار الأوضاع للاسلاميين بعد مزيد من سيطرتهم على أجهزة الدولة : الاعلام والتعليم الخ أى أنهم يرفضون نتائج الديموقراطية . وقد كانت هذه هى حجة مبارك مع الأمريكيين : إذا لم أزور الانتخابات سيصل الاسلاميون للحكم! مع الأسف هذا هو الدافع الحقيقى لإثارة المشكلات حول الدستور والجمعية التأسيسية وليس لأن مسودة الدستور بها شىء خطير يهدد مدنية الدولة . بل قدم الاسلاميون تنازلا كبيرا بالاكتفاء بالمادة الثانية للدستور السابق ( مبادىء الشريعة الاسلامية هى المصدرالأساسى للتشريع ). فإذا تم الاتفاق على أن هذا النص يعنى المرجعية الاسلامية ، وهذا ماعمل به النظام السابق فى كل التشريعات الجديدة ، التى كان لايمررها بدون حضور شيخ الأزهر أو من يمثله فى المجلس أو خارجه كما حدث فى قانون الخلع ، وكما حدث فى بعض تعديلات قانون التأمين وغير ذلك كثير . ولاعبرة بما يقال عن تفسير المحكمة الدستورية لكلمة مبادىء فهذه المحكمة انتهت حجيتها وكل ماصدر عنها تحول إلى مجرد خبرات عامة مع إصدار دستور جديد . وقد كان من أبرز أخطاء المرحلة الانتقالية ترك هذه المحكمة تعمل رغم أن الدستور قد تم تجميده !! فى النهاية نحن ندعو للجنة حكماء مصغرة لاتزيد عن 10 من المدارس الفكرية الأربعة الاسلامية والقومية والليبرالية والاشتراكية من داخل أو خارج الجمعية التأسيسية ، للاتفاق على النقاط الخلافية المتبقية فى المسودة النهائية للدستور. وإعادتها للجمعية التأسيسية بقوة أدبية لتقرها ، ثم تعرض على الاستفتاء . إن المواد المثيرة للخلاف جد قليلة وهى 6 أو 7 نقاط ويمكن التوصل لحل حولها . وهناك خط دفاعى أخير للجميع يمكن الاتفاق عليه . وهو إمكانية مراجعة هذا الدستور بعد 4 أو 5 سنوات . كل هذه الحلول أفضل للبلاد من استمرار ترك البلاد فى حالة انتقالية مفتوحة . نريد حياة مستقرة وحكما مستقرا مهما كانت ملاحظاتنا الانتقادية على سياسات الاخوان المسلمين حتى الآن . فهى حتى إن لم تحقق طموحاتنا الكبرى ، فهى على الأقل ستكون مرحلة أفضل من حكم المخلوع ، سنحاول أن نبنى معهم قدر الإمكان ، وإذا فشلنا فسنعارضهم فى الانتخابات ، وقبل ذلك فى العمل الجماهيرى والاعلامى ، وسنحاول قبل كل ذلك أن نجسد أحلامنا فى مشروعات شعبية على الأرض . ضرب السودان وغزة يؤكد أن عزل مصر عن الصراع مع الحلف الصهيونى الأمريكى مستحيل قيام طائرات حربية اسرائيلية بقصف مصنع عسكرى فى السودان واعترافها بذلك ، ومواصلة قصف غزة وتوتير الأجواء معها هما عملان موجهان لمصر بصورة مباشرة .. رسالة تقول إن مصر لاتصلح أن تتصنع دور المحايد فلابد أن تكون العلاقات واضحة مع اسرائيل والتبعية صريحة للولايات المتحدة وإلا فإن المواجهة ستظل مستمرة والاستنزاف مستمرا ، من خلال ضرب حلفائها ، وإذلال كرامتها ، بهذه الصورة .وهذا لايستبعد توجيه بعض الضربات العسكرية الاحترافية لمصر مباشرة مثل واقعة قتل 16 جنديا مصريا فى رفح . وقتل مصرى عبر الحدود بطائرة بدون طيار. وأيضامن خلال عدم الاستجابة الحقيقية للمطالب المصرية بالمساعدات والاستثمارات الغربية . ركزنا دائما فى حزب العمل على الدور التاريخى المحورى لمصر بحكم الموقع والموضع ، وقلنا إن من يسيطر على العالم لابد أن يسيطر على مصر ومحيطها الذى يسمى الآن الشرق الأوسط خاصة مصر وفلسطين والشام عموما ( الرؤية الاسلامية لحزب العمل ). وهذه عبرة التاريخ . ولكن الولاياتالمتحدة أدركتها فى عهد الرئيس ويلسون ( خلال الحرب العالمية الأولى ) فى نظرية الاستراتيجى الجغرافى أشعيا بومن الذى كان يرسم لويلسون خططه ، بل ظلت خطته الاستراتيجية قائمة حتى الآن ، وهى تقول بضرورة وراثة كل المستعمرات الأوروبية والسيطرة على العالم بأسره مع التأكيد على أن السيطرة على الشرق الأوسط ضرورة للسيطرة على العالم . وهذا يفسر الموقف الشرس الذى اتخذه أيزنهاور من العدوان الثلاثى على مصر. وبالفعل لايزال كتاب بومن : العالم الجديد ( 800 صفحة ) انجيل البيت الأبيض حتى الآن. (أميركا والإبادات الجنسية – منير العكش ). تقوم خطة الاخوان المسلمين ( وحكم مرسى ) على فرضية مستحيلة : إمكانية تحييد الوحش الصهيونى الأمريكى للتفرغ لبناء مصر. والتحييد يتضمن تفاهمات مع الولاياتالمتحدة ، وقد حدثت هذه التفاهمات قبل وبعد الثورة .( التفاهمات أدق من صفقة أو تحالف ) وبعض ما نشر عنها صحيح ، والتصرفات والتصريحات العلنية تؤكدها. وقد تكون بعض هذه التفاهمات مكتوبة ( لايهم ) . وكان يمكن قبول ذلك تحت عنوان المناورة . أما عندما تتولى الحكم بالفعل فإن الاستمرار فى المناورة يحولها إلى حقيقة . ولايختلف أحد حول أن بناء مصر هو أولوية قصوى الآن ، ولكن من قال أن البناء لايتم بالاستقلال عن الحلف الصهيونى الأمريكى . لسنا ضد إقامة علاقات ندية مع الغرب ، ولكن ذلك لن يحدث قبل هدم بنية علاقات التبعية السابقة ، وليس امتدادا لها . وقدر مصر أن تبنى وأن تحمل السلاح . أى تبنى وتمتلك من أسباب القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية ماترهب به أعداءها وتردعهم . مصر لايمكن أن تكون على الحياد أو حتى تمثل دور الحياد . بل لابد أن تعلن ولاءها صريحا لأى المعسكرين ، إما معسكر أمتها العربية الاسلامية أو المعسكر الصهيونى الامريكى الغربى . وهذه هى دلالة الكشف عن رسالة مرسى لبيريز بعد 3 شهور . تصور الرئيس مرسى أن هذه الرسالة مجرد روتين فى إطار العلاقات الدبلوماسية السرية ، وبالفعل فليس من المعتاد أبدا أن تسرب للصحف مكاتبات دبلوماسية ، تصورأن الرسالة ستطمئن اسرائيل إلى التزامه بمعاهدة السلام ، وقد أرسلها مع السفير الجديد الذى لم تكن هناك حالة استعجال قصوى لإرساله فى ظل العديد من التوترات التى تضمنت قتل اسرائيل لمصريين!! خاصة وأن الأردن لم يرسل سفيره لاسرائيل منذ عامين ، وانتهز فرصة حضور السفير المصرى ليرسله فى نفس اليوم ! تصور مرسى أنه خدم الاسرائيليين أو طمأنهم ليحلوا عن سماه ويتركوه فى حاله . ولكنهم لم يرضوا عن ممارساته على مدار 3 شهور ، ولم يعجبهم أنه لم يذكر كلمة اسرائيل على لسانه فى كل خطاباته . وتحدث أحيانا بلهجة زعيم الأمة العربية الاسلامية . وقد أوقف مستوى العلاقات السياسية إلى مستوى اللقاءات الأمنية السرية فحسب. وعبر القنوات الأمريكية لم يحصل الاسرائيليون على أى إشارة تفيد باستعادة زخم التطبيع أكثر من المستوى الحالى ، لذلك قرروا نشر الخطاب المروع الذى يبدأ بالصديق العظيم وينتهى بتوقيع الصديق الوفى ، وبينهما محبة وتمنيات بالرغد لبلاد بيريز ( فلسطينالمحتلة ). تم نشر الخطاب على سبيل العقاب والترويض وإرسال رسالة واضحة : أنت لن تخدعنا بأحاديث سرية وتفعل وتقول فى العلن عكسها أو بما يخالفها. وهذه رسالة أمريكية اسرائيلية مشتركة . والخلاصة : لايمكن بناء مصر بقروض أو منح من أمريكا والغرب لأن مصر انهارت تحت حكم يعيش على المنح والقروض الأمريكيةوالغربية !! لايمكن لمصر أن تنتعش اقتصاديا وهى ممنوعة من التعامل التجارى مع غزة . لايمكن لمصر أن تنطلق فى مسار التنمية والنهضة والسودان تقطع أوصاله من الجنوب والغرب ويضرب بالطيران الاسرائيلى . ولايمكن أن تقوم قائمة لمصر اقتصاديا وسياسيا بدون استعادة دور مؤثر وفعال فى ليبيا . هذا هو المجال الحيوى المباشر لمصر( غزة – ليبيا – السودان ) ، وإذا لم ترتب مصر أحوالها وأوضاعها مع جيرانها العرب المباشرين فكل ماتفعله فى السياسة الخارجية عبث . ولا أستبعد السعودية التى يفصلنا عنها البحر الأحمر ، ولكن الثقل الأمريكى شديد عل صدرها ، ومع ذلك يجب عدم التوقف عن جذب السعودية إلى مشروع عربى مستقل ، نفس الشىء بخصوص الأردن . إن مصر هى البلد المهم الوحيد فى العالم الذى لايؤسس ولاينضم لتجمع اقتصادى اقليمى حقيقى. والتجمع الاقتصادى الاقليمى لايقوم إلا بين الجيران ودول الجوار : الاتحاد الاوروبى - النافتا تضم الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك . الأشيان تضم دول جنوب شرق آسيا – تجمع دول أمريكا اللاتينية – تجمع روسيا ودول وسط آسيا . وإذا سعينا لسوق عربى مشترك حقيقى فإن ذلك سيثير حفيظة أمريكا واسرائيل ، وبالتالى سنظل واقفين نراوح المكان فى انتظار موافقتهما السامية على كل خطوة تفيد بلادنا وهى الموافقة التى لم تأت ولن تات أبدا ! .. واستيلاء إسرائيل وأمريكا على غاز مصرعدوان صريح على السيادة المصرية ولابد من وقفة نصرخ منذ أسابيع على صفحات جريدة الشعب من العدوان الاسرائيلى على الغاز المصرى .. لقد بدأت اسرائيل بالفعل فى استخراج الغاز المصرى من قاع البحر ، وجاء أكبر حفار فى التاريخ من أمريكا لهذه المهمة ، ونشرنا من قبل أنه تحرك من سواحل أمريكا فى اتجاه فلسطينالمحتلة ، وثبت أن شركة أمريكية تقوم بالتنقيب والاستخراج . وقد تعودنا على الخزى والعار فى عهد مبارك ولكننا لن نقبله أبدا بعد الثورة . ولن نعطى الرئيس مرسى فرصة فى هذا المجال أبدا ، فالكرامة لاتؤجل ، والاستغفال مرفوض الآن وليس غدا ، وسرقة غاز ب200 مليار دولار بعد سرقة أموال مبارك وأعوانه التى تقدر أيضا بمئات المليارات وبعد سرقة بترول مصر وغازها باتفاقيات مجحفة فى مناطق أخرى ثم إذلال مصر من أجل قرض تافه من الصندوق ب 4 ملياردولار وقرض أوروبى آخر بمليار يورور.. مهانة مابعدها مهانة . لقد أصبحت ثرواتنا مستباحة عينى عينك من اسرائيل وقبرص واليونان بينما لانملك حق إصدار بيان احتجاج . يقولون أن عجز الموازنة 160 مليار جنيه يعنى حوالى 26 مليار دولار وهو مبلغ زهيد بالمقارنة مع أموال مصر المنهوبة خارج مصر والمنهوبة داخل مصر التى تقدروحدها بتريليون جنيه.
يا دكتور مرسى .. نحن لانركع لأمريكا واسرائيل ( وقبرص!!) .. نحن لانركع إلا لله . وإما أن تقود معركة مصر المفروضة عليك وعلينا من أجل الاستقلال الوطنى والتى هى فى ذات الوقت معركة النماء والتقدم وإما أن تتحول إلى إمتداد بسيط للعهد السابق الذى كان يرفع شعار : إحنا مش قد أمريكا واسرائيل ! الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة