وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    يواصل الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 19 مايو 2024    متحدث الحكومة: الدولة بحاجة لحصر شركاتها لتطبيق الحوكمة والدعم    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    أول تعليق رسمي من مصر على اختفاء طائرة الرئيس الإيراني    تعرف على الأندية المتأهلة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 2024-2025    بالصور.. حريق يلتهم مخزن خردة ومقهي بعزبه ذكريا في المنيا    تفاصيل المؤتمر الصحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان دراما رمضان    هيئة الطوارئ التركية: إيران طلبت تزويدها بمروحية ذات رؤية ليلية    «يحالفه الحظ في 3 أيام».. تأثير الحالة الفكلية على برج الجوزاء هذا الأسبوع (التفاصيل)    أسامة كمال: "إسرائيل طول عمرها تعالج أزماتها بالحرب والافتراء على الضعيف"    مستشار الرئيس للصحة يكشف آخر تطورات متحور كورونا الجديد    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    رئيس اللجنة البارالمبية: نشكر لجنة الساق الواحدة لمجهوداتهم في كأس الأمم الأفريقية    مدينتي تطلق الحدث الرياضي "Fly over Madinaty" لهواة القفز بالمظلات    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    متحف «طه حسين».. تراث عميد الأدب العربي    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    دعوة خبراء أجانب للمشاركة في أعمال المؤتمر العام السادس ل«الصحفيين»    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    بايدن: دعيت إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    الرعاية الصحية: 5 ملايين مستفيد من التأمين الصحي الشامل بمحافظات المرحلة الأولى    جامعة حلوان تنظم قوافل طبية توعوية بمناطق الإسكان الاجتماعي بمدينة 15 مايو    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    أبرزهم «اللبن الرائب».. 4 مشروبات لتبريد الجسم في ظل ارتفاع درجات الحرارة    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    دار الإفتاء توضح ما يقال من الذكر والدعاء في الحرّ الشديد.. تعرف عليه    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نادر فرجاني في حوار مع "بوابة الوفد":
"الناصرية" انتهت.. والإخوان لن يقدموا للجماهير سوى الحقائب الرمضانية
نشر في الوفد يوم 22 - 07 - 2012

مر الزمن وبلغت ثورة يوليو سن التقاعد.. مر الزمن وتحولت مصر من الغناء لجمال يا حبيب الملايين إلي الغناء لدولة المرشد.. ومن حلم محاربة الفقر إلي الحلم بجمع القمامة، ومن الأمل بالنهضة الصناعية إلي الحلم بتطبيق الحدود، ومن الدعوة إلي تحقيق الأمن الغذائي وبناء مدن للفقراء إلي تشييد ملاذ آمن للأثرياء لصرف أعين الفقراء عنهم.
مر الزمن وأصبحنا من شعب يستشهد في سبيل تحرير الأرض إلي شعب ينتحر أمام طوابير الخبز وأنابيب البوتاجاز.. كيف تحولت مصر من أيقونة العالم العربي إلي جارية يهرب منها الملوك والسلاطين العرب، أما شعبها كريم العنصرين سابقاً فقد بات مدفوعاً بأبواب السفارات العربية والكفيل الذي ضيق عليه السبل.. وبعد أن بلغت ثورة يوليو سن التقاعد يبدو السؤال ملحاً: هل شيعت الناصرية لمثواها الأخير لتدفن جنباً إلي جنب مع مفجر ثورتها بعد أن خذل الناصريون أباهم المسجي في قبره منذ اثني وأربعين عاماً وذلك بعد أن انفضت عنهم الجماهير وباتت تراهن علي الإسلاميين لعلهم ينجزون الأحلام.. تري كيف يكون حال عبدالناصر في قبره وهو يري أبناءه ضيعوا الأمانة وانصرفوا إلي معاركهم الصغيرة.. لم يبق من مشروع ناصر سوي مصانع خربة وقلاع تم بيعها للخواجات وحفنة من رجال الأعمال بينما لم يبق للشعب سوي أغان لعبدالحليم والست وأفلام توفيق صالح وصلاح أبوسيف.. أما المشروع الذي استلهمت منه أمم في المشرق والمغرب سبل نهضتها وانطلقت نحو ركب العالم المتحضر فقد شيع مع صاحبه.. كنا حسب ما تشير المعلومات الموثقة مع نهاية ستينيات القرن الماضي نصنع الصاروخ والسيارة فأصبحنا نستورد لعب الأطفال وفرشاة الأسنان فكيف دخلنا للمتاهة وانتقلت الفكرة إلي عبرة والمؤسسة إلي كشك والنهضة إلي كبوة في هذه السلسلة من الحوارات نتساءل: هل فقدت ثورة يوليو شرعيتها بمولد ثورة يناير أم أن الثانية قد تمنح الأمل للأولي لإحراز الأهداف التاريخية التي لأجلها قامت الثورة ونطرح أهم الأسباب التي أدت لسقوط المشروع الناصري ودفعت الكثيرين للتبرؤ منه، ونحاول معرفة الأسباب التي جعلت من الجماهير غير واثقة في أحفاد يوليو وانصرفوا عنهم وهل من ثمة أمل في أن تعود الروح مجدداً للمشروع الناصري.
نادر فرجاني أحد أبرز العقول التي ظلت لسنوات تبشر ببزوغ فجر جديد يعيد لمصر بهاءها بعد أن غابت عن المشهد الإقليمي والعالمي طيلة العقود الماضية, وظل فرجاني يحذر من التردي الذي تشهده مصر في زمن مبارك ونظامه في مختلف المجالات, وأخذ علي عاتقه مهمة لفت الأنظار والسعي لإيقاظ النائمين من الجحيم الذي ظل يهدد مصر حال بقاؤها رهينة سجن النظام البائد، كما يعد واحداً من أبرز المهتمين بالتنمية البشرية باعتبارها مفتاح التقدم لكافة الأمم.
هل تري أن شرعية ثورة يوليو انتهت مع مولد ثورة يناير؟
- الشرعية التاريخية لثورة يوليو لم ولن تنتهي ولكن الشرعية الفعلية انتهت لأن ثورة يوليو قضي عليها ومن داخلها للأسف، فبعد ستين عاماً من مولدها وبقائها في السلطة فشلت في تحقيق الأهداف الأساسية التي من أجلها جاءت لو راجعنا الأهداف الستة التي من أجلها قامت ثورة يوليو ستجد أنها نفس الأهداف التي لأجلها قامت ثورة يناير وهذا يؤكد علي دليل فشل ثورة يوليو في تحقيق أهدافها
إذا تأملت وجوه من قاموا بثورة يوليو ووجوه مكتب الإرشاد التابع للإخوان المسلمين هل ثمة شبه بينهما؟
- لا شبه علي الإطلاق، فالمشروعان مختلفان تماماً وإن كانا يتفقان في أمر وحيد هو الانتماء لتنظيم مبني علي التسليم للمطلق والأمر من أعلي والطاعة من أسفل وهذه مشكلة التنظيمات العسكرية والتنظيمات ذات الطابع الديني وهذا هو جوهر عدائهم الأصيل للديمقراطية، فأي تنظيم قائم علي إلغاء المطلق والتسليم بالأمر من أعلي والطاعة من أسفل لايسمح بالديمقراطية ولا يتخيلها وهذا ينطبق علي التنظيمات الدينية والتنظيمات العسكرية في الوقت نفسه أما للمقارنة بين وجوه يوليو ووجوه الإخوان بالنسبة للمشروع التاريخي فهناك فارق بين السماء والأرض بينهما لصالح يوليو إذا كان المعيار هو مصلحة الناس أما مشروع الإخوان فهو لا يهتم بمصلحة مصر وإنما في أحد اهم جوانبه بمسألة الخلافة والأمة الإسلامية وبتطبيقات غير سليمة للإسلام في تقديري فالاهتمام بالأمة الإسلامية لو كان مبنياً علي تفسيرات تقدمية مستنيرة للإسلام وإقامة وحدة علي الصعيد الإسلامي تخدم الأمة الإسلامية جمعاء كان أمراً مرغوباً ويجب دعمه ولكن للأسف المنظور الأيدولوجي للإخوان يتمسك من الإسلام بقشور ويبتعد عن الجوهر في كثير من النواحي وإحدي المشكلات الأساسية في هذا هي فكرة الاقتصاد الإسلامي كما يروجون لها وفي حقيقة الأمر حينما تنظر لذلك المصطلح تجد أنه اقتصاد رأسمالي منفلت ولكنه يتحلي بعباءة إسلامية قشرية لا تعبر عن جوهر السلام وقيمه.
هناك الكثير من النقد الموجه لجمال عبدالناصر أبرزها أنه اهتم ببناء المصانع بينما أغفل بناء الإنسان وحجر عليه حقه في الحرية فكيف تقيم مشروع عبدالناصر بعد ستين عاماً من ثورته؟
- من المؤكد أن عبدالناصر كان زعيماً تاريخياً بكل المقاييس لكنه كقائد للثورة ارتكب اخطاء جسيمة وأهمها خطأين أساسيان هما في في تقديري اللذان أسفرا في فشل ثورة يوليو في النهاية، الخطأ الأساسي الأول لعبد الناصر هو الزعامة الفردية المتسلطة بمعني إهدار الحكم الديمقراطي السليم والخطأ الثاني أنه سلم الثورة لأعدائها من خلال تعيينه للسادات نائباً له وهذان هما الخطآن المحوريان اللذان أديا لفشل ثورة يوليو.
فشل ثورة يوليو سبب ولادة ثورة يناير
لهذا قامت ثورة يناير؟
- بالطبع وكما قلت لأن فشل ثورة يوليو في أغراضها الستة كان من الضروري أن تقوم ثورة أخري بشكل مختلف للمطالبة بنفس الأهداف تقريباً وعندما تترجم أهداف ثورة يناير بمصطلحات يوليو تجد انها إعادة صياغة للأهداف الستة التي لم تحقق طيلة العقود الماضية.
لماذا مازال ظل عبدالناصر حياً في قلوب الكثيرين بينما تحولت الناصرية إلي كفن؟
- لأن عبدالناصر ارتبط اسمه بإنجازات ضخمة ولاجدال في هذا وكان زعامة تاريخية علي مستوي مصر والعالم العربي والعالم الذي كان يسعي للتحرر ناهيك عن الجاذبية الشخصية الطاغية والكاريزما، لذا ظل حياً في أفئدة الجماهير لكن نظامه خاصة بعد أن عين نائبه الذي كان تعيينه خطأً تاريخياً.
هل لو قدر لمشروع يوليو الاستمرار كان بوسع مصر الانطلاق أم كانت ستلقي حتفها كما حدث مع الكثير من البلدان الاشتراكية؟
- لو كان استمر وأقام حكماً ديمقراطياً سليما كان من المحتمل أن تتحول مصر لدولة صاعدة في المنطقة وأعتقد أن من الأخطاء الكبيرة لعبد الناصر عقب هزيمة 67 أنه فوت علي الأمة فرصة انتصار ثورة يوليو إذا كان قد تنحي عن الحكم وأنشأ تنظيماً سياسياً وحكماً ديمقراطياً.
هل كان ديكتاتوراً بطبعه؟
- أعتقد أن توجهات عبدالناصر كانت نبيلة غير أن السلطة المطلقة تسفر عن فساد مطلق، ولذلك اعتبرت أن هذا أهم اخطاء يوليو أنها لم تقم حكماً ديمقراطياً سليماً ولكنه أقامت حكماً تسلطياً فردياً مطلقاً والحكم المطلق يفسد الحاكم فساداً مطلقاً «اختر ملاكاً وأعطه سلطة مطلقة سيفسد مطلقاً خلال فترة قصيرة».
هل تري أن مشروع النهضة الذي تقدم به الرئيس محمد مرسي يتماهي مع مشروع يوليو؟
- لا هو مشروع نهضة ولا يتماهي مع مشروع يوليو في شيء، فجماعة الإخوان وحزبها والرئيس المنتمي إليها أعتقد أنهم معادون للديمقراطية والإخوان ليس لديهم مشروع للنهضة في تقديري، فالبوابة الأوسع لإقامة نهضة إنسانية في هذه المنطقة تبدأ بإقامة حكم ديمقراطي سليم وأتصور أن الجماعة وحزبها ورئيسها ليسوا مناصرين للديمقراطية بحق ومن ثم فليس لديهم في تقديري مشروع للنهضة وإن أدعوا ذلك.
مرسي بسيط لكني أشك في طيبته
وما نقدك للجانب الاقتصادي من مشروع النهضة الذي طرحه مرسي ومن خلفه جماعته؟
- أري أنهم لا يقدم بديلاً للنظام الاقتصادي السياسي الذي أنشأه نظام حسني مبارك وأنتج كل تلك المظالم الضخمة التي أسفرت عن قيام ثورة يناير وعلي سبيل المثال، هم لايعادون الاحتكار ولذلك في تقديري بالنسبة للمحور الاقتصادي السياسي وهو محور أساسي لمشروع الفساد والاستبداد الذي مازال قائماً ونقضه من الممكن أن يؤدي لفتح باب مهم للنهضة لكن الإخوان لايقدمون جديداً ومن المتوقع أننا سنستمر في نفس النمط الاقتصادي السياسي الذي أنتج كل المظالم السابقة مع تغيير الوجوه ممكن احتكار سوق معين من مثيل أحمد عز إلي أحد الوجوه ذات اللحي الكثة التي برزت في المجتمع المصري خلال الفترة الماضية.
ما بين كاريزما عبدالناصر وطيبة محمد مرسي ايهما تحتاجه مصر؟
- كاريزما عبدالناصر مؤكدة لكن بالنسبة لطيبة محمد مرسي ليست مؤكدة.
لكنه تناول الطعام مع خدم القصر؟
- هذه بساطة وقد تكون بساطة مفتعلة وارجوك الا تنسي أن أحد ثوابت جماعة الاخوان هم هو الادعاء والمراوغة فأنا لست متأكداً من كون الرئيس طيباً، ودعني أذكر لك مثالاً محدداً فقد كان الرئيس مرسي علي رأس أحد هيئة أعضاء التدريس في إحدي الجامعات وكان هناك مشاكل ضخمة يواجهها أساتذة الجامعات المصرية وعندما أراد مرسي أن يتظاهر باهتمامه بتلك القضايا لم يدع زملاءه من اساتذة الجامعات للقائه الذي تم مؤخراً، بالرغم من ان كثيرين منهم كانوا أكبر منه سناً وأرقي منه مكانة ي السلم الجامعي وهو بذلك يتصرف بشكل سلطوي يتنافي مع الطيبة التي يتحدثون عنها.
لكننا جميعاً كنا نحرم من المرور بالقرب من الشارع المطل عليه قصر العروبة طيلة عقود، في الوقت الذي يسمح فيه الآن للمواطنين بالنوم أمام القصر الرئاسي بل وتسلق أسواره؟
- هو لم يتركهم بل إن متظلماً تسلق السور فههده الحرس الجمهوري بالقتل وأساءوا معاملته فهناك تظاهر بأن أبواب الرئيس مفتوحة للجميع غير ان الحرس الجمهوري يتعامل علي طريقة أمن الدولة ومن المؤكد أن هناك تطوراً محموداً نستشعره في الوقت الراهن.
هناك من يشكك في بعض منجزات ثورة يوليو في ملفات منها التعليم والاقتصاد؟
- بالطبع هناك أخطاء كبيرة نجمت عن الخطأين الرئيسيين «الاستبداد وتسليم السلطة لأعدائها» من هذه الأخطاء الاعتماد علي أهل الثقة بدلاً من أهل الخبرة ولو كان هناك حكم ديمقراطي سليم لكان قد تيسر اكتشاف تلك الأخطاء في وقت مبكر ومن ثم إصلاحها لكن الحكم المتسلط لايكتشف أخطاؤه إلا بعد فوات الأوان، ولكن هذا لا يقلل من منجزات ثورة يوليو ومنجزاتها وأخص بالذكر مجال العدالة الاجتماعية وهو مهم لأنه يتضمن مقابلة بين نظام يوليو وفكر ثورته وبين فكر الإخوان وما يمكن أن ننتظره منهم ولايمكن أن نغفل مسألة الإصلاح الزراعي التي لا يجادل منصف في أنها كانت خطوة مهمة لأقامة العدالة الاجتماعية في مصر ومع ذلك الإخوان ظلوا أبداً معارضين للإصلاح الزراعي ومعادين له وعملوا من أجل إهداره وهذه المقابلة مهمة أيضاً لأن ثورة يوليو كان لديها مشروع اجتماعي وتحرري علي مستوي مصر والوطن العربي والعالم أما الإخوان فليس لديهم مثل هذا المشروع.
لكن الكثيرين خاصة من المنتمين للتيار الإسلامي والليبرالي كان يري في نظام نزع الملكيات علي الطريقة التي قامت بها ثورة يوليو مثلاً ظلماً بينناً للكثيرين؟
- بل كان إحرازاً لقيم العدالة ودعماً للفقراء فقد كان يجب مصادرة كل ماتم من ثروات تم اغتصابها عبر الفساد، لكن الوضع الآن مختلف باختصار فإن من عليهم اتخاذ القرار سيضارون لذا تكون هناك خطط أو برامج تهدف لإحراز العدالة الاجتماعية كما أرستها ثورة يوليو الإخوان، كما اشرت لن يقوموا بشيء في هذا المجال لأن ثرواتهم سوف تتعرض للضرر الكبير إذا ما سعوا لبرامج من شأنها نزع ملكيات من الأثرياء الذين جنوها بدون حق في زمن نظام مبارك.
عبدالناصر أنجب أبناء لكنه لم ينجب مؤسسات
لماذا لم ينجب عبدالناصر أبناء علي مستوي المشروع الذي صاغه؟
- هو أنجب أبناء علي مستوي المشروع ولكنه لم ينجب مؤسسات هذا هو الفارق فالأمم لا تتحرك بأفراد حتي ولو لعب الأفراد أدواراً مهمة، فالأمم تتحرك وتتقدم بالمؤسسات عبدالناصر حينما بني مؤسسات كان يسيطر عليها وعلي سبيل المثال مؤسسة الشباب التي أنشأها عبدالناصر لتكون بديلاً للأحزاب وبرغم اتفاقنا علي أهمية القضاء علي الأحزاب الفاسدة القديمة لكنه كان من المهم لمشروع نهضة حقيقي أن تنشأ مؤسسات ديمقراطية بديلة لكن منظمة الشباب واجهت مشاكل عميقة، ولما تنسم الشباب أفكاراً وشرعوا في العمل كان عبدالناصر يقوم بإغلاقها.
كان عدواً للديمقراطية؟
- لم يكن نصيراً لها «لا أريد ان استخدم لفظ عدو» أو كما يدافع الناصريون أنه كان يضع أولوية للديمقراطية الاجتماعية عن الديمقراطية السياسية وهذا خطأ لأن الفصل بينهما فصل تعسفي وغير سليم وينتهي بإهدار الاثنين.
ما النظام الذي كانت تحتاجه مصر في الوقت الراهن؟
- تحتاج بني ديمقراطية قانونية وسياسية تضمن ديمقراطية سليمة علي أساس المواطنة المتساوية الشاملة للجميع، وهذا هو بالضبط ما نجح المجلس العسكري في إجهاضه بالتعاون مع تيار الإسلام السياسي المسار المنطقي السليم لإقامة هذه الأبنية السياسية والقانونية، كان يبدأ بوضع دستور ديمقراطي حقيقي وعلي اساسه تجري انتخابات ديمقراطية سليمة وقد تم إجهاض كل ذلك عمداً لكي يصل الاسلام السياسي للسلطة في اسرع وقت وهذا تسبب ليس فقط في إهدار المسار السليم للتطور الديمقراطي الذي هو مدخل نهضة إنسانية شاملة لهذه المنطقة وإنما أوقع البلاد في الكثير من المشاكل وأنا اشبه التحالف الذي تم بين قيادات المؤسسة العسكرية مع التيار الإسلامي السياسي كزواج المتوتر والقلق فهو ليس زواج حب، ولكنه قائم علي اساس المصلحة بين الطرفين ومن ثم يخضع لتقلبات عديدة.
هل سيغادر الإخوان المشهد السياسي قريباً؟
- لا أتوقع ذلك، فلا الإخوان ولا قيادات القوات المسلحة سيغادرون المشهد قريباً هم سيحاولون البقاء للنهاية المريرة ولو اقتضي الأمر صداماً عنيفاً.
حتي لو فشل مرسي في الوفاء بتعهداته التي قطعها علي نفسه في المائة اليوم الاولي من حكمه سينقلب الناس عليه؟
- هم يؤسسون لنظام حكم استبدادي متسلط يحول دون تداول السلطة والغرض من اقتناص السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية هو ضمان استمرار أدوات التسلط وهناك مثالان واضحان علي صحة ذلك المجلس التشريعي للإخوان والسلطة التنفيذية للإخوان رفضت بإباء وعناد تطهير قطاع الأمن وتطهير القضاء، فالرئيس مرسي منح أرفع وسام لقاض مقدم للمحاكمة الجنائية وهو عبد المعز إبراهيم وهذا التصرف يقول نحن الإخوان سنظل نكافئ خدمة القضاء للسلطة التنفيذية وهذا هو سبيلكم يا قضاة للامتيازات ان تخدمونا أضف إلي هذا أن المجلس التشريعي للإخوان اصدر قانوناً بما يسمي تنظيم التظاهر يقيد حق التظاهر السلمي بابعد مما كان في عهد مبارك.
مرسي لن يفي بوعوده
وفي حالة وفاء الرئيس بوعوده ؟
- لن يحل شيئاً وأنا منحته مائة يوم إضافية ولن يتمكن من الوفاء بالتزاماته وهم يؤسسون لاستمرار نظام الحكم التسلطي الفاسد - وأكد علي الفاسد - وقبل أيام نشر أن وزير الزراعة المحسوب علي الإخوان أصدر قراراً وزارياً باستثناء أحد أعضاء مجلس الشعب من حزب الحرية والعدالة من البناء علي أرض زراعية، وهو أمر من المفروض أن الدولة تحاربه.. هم يؤسسون لنظام الاستبداد والفساد نفسه أملاً في ان يستمروا في السلطة.
يبدو من الصورة أن هناك من يعكر صفو مرسي وينصب له الأكمنة كي يفشل.. فهل هي الدولة العميقة كما بات يعرف أم المجلس العسكري؟
- لا أعتقد ذلك ففكرة الدولة العميقة أعتقد أنها ليست صحيحية ولا تعكر صفو مرسي، لكن مشكلة مرسي في الأساس مع الجماعة التي ينتمي إليها ومع الفصيل الأكثر تشدداً في فصيل الإسلام السياسي وهو السلفيون بالنسبة لمشاكله مع جماعة الإخوان تتمثل في أنه مهما ادعي ومهما ادعت جماعته هم يريدون وضعه تحت إصبعهم والأمر واضح فالشخص الذي ظهر مع مرسي منذ اللحظة الأولي التي دخل فيها مكتبه برئاسة الجمهورية هو الساعد الأيمن لخيرت الشاطر وهو مرشح الإخوان لوزارة الخارجية، وهو مهندس علاقات الإخوان بالولايات المتحدة الأمريكية لذا فإن مرسي عالق في شبكة لن يستطيع ولو أراد أن يخرج منها وطبعاً من يفسد عليه الأمر أيضاً هو تيار السلفيين الجهاديين الذي يسعي الآن لأسلمة الدستور بشكل رجعي ومتخلفاً وهناك من يقول وأنا لا أستطيع تأكيد ذلك أن تنظيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أعلن عنه مؤخراً قائم فعلاً ويرأسه أحد غلاة الشيوخ السلفيين الذي هو للعجب العجاب أحد أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور.
من تقصد علي وجه التحديد؟
- أحد نجوم المشايخ.
هل أنت متأكد؟
- يتردد ذلك ولاأستطيع التأكيد لكنني لا استبعد الأمر لكن هذا التصاعد الشديد علي الحرية الشخصية بواسطة من يظهرون علي أنهم متشددون سلفيون في الأيام الأولي من ولاية مرسي إلا أنه استقواء بأن أحدهم هو رئيس هذه الدولة.
المواجهة بين الإخوان والعسكر قادمة
بعض الكتاب من بينهم فهمي هويدي يري ان هناك تصيداً وتحاملاً علي المشروع الإسلامي ورموزه وقاعدته علي حد سواء؟
- أقدر وأحب فهمي هويدي ولكنه بين الحين والآخر يشعر بأن هناك لزاماً عليه أن يدافع عن الإخوان المسلمين أحياناً بحق وأحياناً بدون حق وهذه مسألة انتماء عاطفي أو وجداني أنا أفهمها ولكن لا أوافق عليها.
هل تعتقد أن الأجهزة الأمنية المختلفة بعيداً عن المؤسسة العسكرية ستقبل باستمرار الإخوان في سدة السلطة؟
- تقديري الخاص أن تلك الأجهزة خاضعة لقيادة المؤسسة العسكرية ومن ثم ستصب في مصلحة القيادة العسكرية إن وقع صدام بينها وبين الإخوان.
وهل تتوقع صداماً بين العسكر والإخوان خاصة بعد قرار مرسي إعادة البرلمان للانعقاد؟
- بالطبع بات الأمر يمثل قرب وقوع صدام، حتي وإن بدا المجلس العسكري متسامحاً، لكنه يحرك الأمور من وراء ستار ويدفع بالمؤسسات القضائية لتلك المهمة، وعلي سبيل المثال أنا أتفهم حالة الغضب التي تعتري المحكمة الدستورية مما جري لكن ما علاقة نادي القضاة بالأمر.. اعتقد أننا الآن في مرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة وأن المواجهة مقبلة حتي وإن كان هناك حرص شديد من كلا الجانبين «المؤسسة العسكرية والإسلاميين» علي تفادي الصدام ولكن أسس النزاع قائمة خاصة بعد قرار مرسي وكلا الجانبين ليس خالص النية وفي النهاية كل طرف لديه مصالح خاصة يعض عليها بالنواجذ ويحرص عليها حرصاً شديداً ومستعد للقتال من أجل الحفاظ عليها.
بما ان قيادات المجلس العسكري أبناء شرعيون لثورة يوليو هل فرطوا في الدفاع عن مشروعها؟
- علي الإطلاق هم ليسوا أبناء شرعيين لثورة يوليو.
الناصرية في ذمة التاريخ
إذن نحن أمام ثالوث يضم الإخوان والعسكر وأمريكا؟
- هو ليس اتحاداً وإنما نوع من زواج المصلحة القلق والمتوتر.. وجود ثلاثة أطراف في زواج المصلحة هذا يجعله أكثر عرضة للتقلب من الزواج بين الطرفين اللذين أشرت إليهما سابقاً «المؤسسة العسكرية وتيار الإسلام السياسي» ومن المؤكد أن الإدارة الأمريكية لعبت دوراً ما في ضمان فوز مرسي، فالضغط كان واضحاً علي المؤسسة العسكرية في الوقت الذي كان يتردد فيه بأن بعض ابواق المجلس العسكري أن شفيق هو الفائز وأن الحرس الجمهوري يؤمن منزله ولكن من المؤكد أن الطرفين المصريين في هذا الزواج الثلاثي حريصون كل الحرص علي إرضاء الولايات المتحدة الأمريكية وتطمينها علي أمن إسرائيل والأمر واضح من المؤسسة العسكرية في التعهد باستمرار الوضع الحرفي لسياسة ما قبل ثورة يناير وهو ذات الوضع الذي قامت الثورة أيضاً من أجل إسقاطه، أما بالنسبة لموقف الإخوان في هذا الأمر فقد وصلوا لأبعد من مجرد تطمين الإدارة الأمريكية فقد أعلنوا عبر أحد وفودهم التي سافرت لواشنطن أنه حتي لو طلبت القوي الشعبية في استفتاء بإسقاط كامب ديفيد فهم سوف يمنعون ذلك وبذلك هم صادروا حق الشعب المصري في إعادة النظر في هذه الاتفاقية مع أن هذا أصل من أصول السياسة الدولية، أنه بمرور الوقت وتغير الظروف والأحوال خصوصاً مع عدم أحد الأطراف بالاتفاقية من حق أي طرف ان يعيد النظر فيها وهو أمر مستقر في السياسة الدولية، لكنهم صادروا علي حق الشعب المصري في هذا الأمر وقدموا وعداً للأمريكيين بالإبقاء عليها واعتقد أنهم حاولوا بذلك المزايدة علي الطرف الآخر في هذا الزواج الثلاثي حتي إذا حاولت إحدي القوي الشعبية باستفتاء علي مراجعة كامب ديفيد فالإخوان سوف يمنعونها ولهذا ربما تفهم من شدة هذا التطمين حرص الإدارة الأمريكية علي وجود الإخوان في السلطة.
كيف تري مستقبل الناصرية؟
- مظلم لأنني اعتقد أن الناصرية انتهت بتعيين جمال عبدالناصر السادات نائباً له، وأعتبر أن مشروع الناصرية انتهي بتسليم مصر لمعسكر الرجعية العربية ولقد كان معروفاً قوة العلاقات بين السادات وكمال أدهم رئيس المخابرات السعودية.
ألا يوجد ثمة أمل في إمكانية إعادة الحلم الناصري؟
- لا أري من أمل إلا بإعادة اكتشاف الناصرية من جديد وإعادة صياغة ذلك المشروع ليس بمجرد التمسح بإنجازات عبد الناصر ومحاولة تبرير أخطاء مشروعه فهناك حاجة في إعادة اختراع المشروع الناصري في مصر والعالم العربي من جديد وهذا يقتضي أولاً إحراز اجتهاد فكري مهم لا يوجد أحد يتصدي له الآن، وثانياً العمل علي تخليق حركة شعبية واسعة المدي وعميقة الجذور ولا أراها تتشكل الآن هي الأخري ومن ثم في النهاية أعتقد مع شديد الأسي علينا أن نستودع الناصرية سجل التاريخ.
الإخوان لن يقدموا سوي الشنط الرمضانية
لكن ألا يعد منح الملايين اصواتهم لحمدين صباحي استفتاءً علي إمكانية بعث الناصرية من جديد؟
- بعض من منح حمدين أصواتهم بالتأكيد تمجيد لذكري عبدالناصر والناصرية لكن ذلك لم يكن كافياً في ضوء إصرار كل من صباحي وأبوالفتوح علي التحالف وينبغي إقامة جسور بينهما وبين الأحزاب ذات الطابع الناصري، إذا مارغبنا في عودة مشروع الناصرية مجدداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.