فيما ألقت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية الضوء على زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلارى كلينتون» إلى مصر- الزيارة الأولى للوزيرة منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبار- كما أن ذكرت الصحيفة أن كلينتون حاولت خلال زيارتها أن توازن بين لاعبى مصر الجدد، التقت الرئيس المنتخب محمد مرسى وهو عضو فى جماعة الإخوان التى طالما نظر إليها صناع السياسة الأمريكيون بريبة وتوجس.. كما التقت المشير طنطاوى.. فى الوقت الذى يبدو الطرفان فى حالة صراع على السلطة! وفى تصريحاتها المقتضبة بعد لقائها مع مرسى.. قالت كلينتون إنها تدعم التحول إلى الحكم المدنى فى مصر وإنها تعمل على دعم عودة الجيش إلى دوره الأمنى الوطنى البحت، كما أشادت بالجيش لدوره خلال الانتخابات ولعدم قيامه بقتل المحتجين خلال الثورة مثلما هو الحال فى سوريا الآن.
وأضافت الصحيفة أن المجلس العسكرى قام قبل تسليم السلطة التنفيذية إلى مرسى بخطوة للإمساك بالسلطة حين استند إلى حكم من المحكمة الدستورية وقام بحل البرلمان المصرى كما أدخل تعديلات على الدستور المؤقت مما حد من صلاحيات الرئيس ومنح المجلس العسكرى سلطات أوسع مما اعتبر محاولة لعرقلة الانتقال المدنى للسلطة فى مصر. وفى الأسبوع الأول من حكم مرسى قام برد الضربة حين دعا البرلمان إلى الانعقاد رغم حكم المحكمة، إلا أنه تراجع حين أكدت المحكمة صحة الحكم الأول. ومن المنتظر أن تصدر محكمة أخرى حكمها فى قضية قد تتسبب فى حل اللجنة التأسيسية المنوط بها وضع الدستور المصرى الجديد التى تم اختيار أعضائها من البرلمان المصرى المنحل والذى سيطر عليها الإخوان المسلمون وهو الأمر الذى قد يعطى فرصة لجنرالات الجيش لتعيين هيئة جديدة لكتابة الدستور الجديد لمصر.
إلا أنه وفقا لكريستيان ساينس مونيتور، فإن محاولة الإدارة الأمريكية بناء علاقة مع مرسى من شأنها دفع الشراكة المصرية الأمريكية قدما.. تسببت فى غضب عدد من المصريين الذين يقولون إن الولاياتالمتحدة تدعم جماعة الإخوان وتساعدها للسيطرة على جميع فروع الحكومة فى مصر.
ونقلت عن عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والعضو السابق فى البرلمان عن الحزب الديمقراطى الاجتماعى المصرى قوله: نحن نرى أن السياسة الأمريكية منحازة للإسلاميين فى مواجهتها مع المجلس العسكرى. نريد أن نرى نوعاً من التوازن بين مؤسساتنا. مرسى يحصل على دعم من الولاياتالمتحدة من أجل عزل المجلس العسكرى والسيطرة على السلطتين التشريعية والتنفيذية فى مصر.
وفى صحيفة الواشنطن بوست كتب جاكسون ديل مقالا تحت عنوان «فرصة واشنطن لتصحيح العلاقات مع مصر»، بدأه قائلا: إنه نادرا ما تمتلك الولاياتالمتحدة فرصة أو التزاما لإعادة تشكيل علاقاتها مع إحدى الدول الكبرى فى العالم، ولكن لا يوجد خيار آخر أمام واشنطن سوى إعادة بناء علاقتها مع مصر، التى تعد أكثر الدول العربية أهمية من الناحية التاريخية والاستراتيجية، وكانت من أقوى الحلفاء الأمريكيين لمدة 40 عاما. ويشير الكاتب إلى أن إعادة بناء العلاقات هى عملية شاقة ومخيفة فى بعض الأحيان بالنسبة لوزارة الخارجية الأمريكية وإدارة الرئيس أوباما، ولكنها تقدم فرصة لتصحيح بعض من الأخطاء التى ارتكبتها الولاياتالمتحدة طوال عقود من التعامل مع الحكام العرب.
وعلى جانب آخر تقول صحيفة لوس أنجلوس تايمز إنها رصدت بعض المشاكل قالت إنها تعيق علاقة مصر بأمريكا وسببت فتورا كبيرا منذ سقوط نظام مبارك، مشيرة إلى أن أمريكا طالما ساعدت مصر خلال الأوقات العصيبة. وقالت الصحيفة إن هناك 3 مشاكل تعيق استئناف العلاقات بين البلدين هى: الديمقراطية، والعلاقات مع إسرائيل، وتنامى الكراهية لواشنطن فى مصر بعد الثورة.
أولا مشكلة الديمقراطية: أشارت الصحيفة إلى أن مصر عانت خلال ال18 شهرا منذ ثورة يناير 2011 لإعادة تشكيل النظام، وبات لدى مصر منافسة سياسة، لكن الخبر السيئ أن القوتين -الجيش وجماعة الإخوان- تنافسا بشكل غير ديمقراطى. وفى بعض الأحيان خلال المنافسة تقوم هذه القوات بحماية مصالحهم الخاصة على حساب رؤية وطنية حقيقية لهذا البلد، فالخسائر فى هذه اللعبة طويلة، ودخول الولاياتالمتحدة إلى اللعبة أشعل الأمور، فكلينتون ستقول إن كل الأمور فى نصابها الصحيح، ومع ذلك، هى بين الإسلاميين الذين لديهم كثير من القيم التى لا يمكن مشاركتها مثل المساواة بين الجنسين، أما الجنرالات الذين يعتقد أنهم يقوضون الأمل فى التغيير الديمقراطى، لكنهم سيحافظون على مصالح الولاياتالمتحدة الأمنية ومعاهدة السلام مع إسرائيل.
وثانيا، مشكلة إسرائيل: قالت الصحيفة إن العلاقة الحميمة بين الولاياتالمتحدة ومصر بدأت كنتيجة مباشرة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وبدون أنور السادات ومناحم بيجن، لما كان هناك أى مساعدة عسكرية واقتصادية لمصر كل تلك السنوات منذ اتفاقات «كامب ديفيد» عام 1978 ومعاهدة عام 1979 بين مصر وإسرائيل، وإذا كانت العلاقة بين مصر وإسرائيل ليست جيدة، كيف نتوقع أن تبقى العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر على القضبان، والجيش يلتزم بالمعاهدة، ورغم أنه كان من الصعب الحصول على ما يكفى من مبارك لزيارة إسرائيل أو استقبال رؤساء وزراء إسرائيليين، إلا أننا دعونا نرى كيف سيفعل الرئيس المنتخب حديثا محمد مرسى، الرهان هو أنه بما أن الخطاب المعادى لإسرائيل سيصبح أكثر سخونة، فإن ردة فعل الولاياتالمتحدة ستكون إعاقة المساعدات لمصر.
ثالثا، كراهية المصريين لأمريكا وسياستها: فتحت حكم مبارك يمكننا تأكيد حقيقة أن معظم المصريين لا يكرهون سياسة أمريكا فى الشرق الأوسط، الآن ذلك لن يكون أمرا سهلا، ففى أحدث استطلاعات لمركز بيو، وجد أن 76٪ من المصريين ينظرون نظرة سلبية لإدارة أوباما، و25٪ فقط تؤيد إعادة انتخاب، و85٪ لديها وجهة نظر مناهضة للولايات المتحدة بشكل عام.