ما هو الفارق بين الرئيس مرسي والرؤساء مبارك والسادات وجمال عبد الناصر؟ رغم أن المصريين يؤمنون بأن «أحمد زي الحاج أحمد»، إلا أن كل رئيس مصري جاء علينا يختلف عن الآخر، ولا شىء مشتركاً يربط كل هؤلاء الرؤساء المحترمين سوى أن القدر شاء لهم جميعاً أن يجلسوا على حكم مصر! عبد الناصر كان الرجل القوي الذي قاد انقلاباً عسكرياً تحول إلى ثورة، وكان له تأثير كبير على الشعب المصري والبلاد العربية، وكان العالم الخارجي يعرف اسم ناصر، ويعجب به ويحترمه وأيضاً يخافه ولا يثق به. وكان السادات صديق جمال عبد الناصر، الذي عينه نائباً له، لكن بالتأكيد لم يكن يخطر على بال جمال عبد الناصر أن السادات سوف يجلس على مقعده ويحكم مصر! وأثبت السادات أنه سياسي داهية ووطني حقيقي، فكما أطاح بخصومه بضربة معلم أسماها ثورة التصحيح، فاجأ الدنيا كلها بحرب أكتوبر 1973، التي أعادت إلى مصر كرامتها وأرضها ثم أذهل الدنيا كلها عندما سافر الى اسرائيل، وفرض على الاسرائيليين سلاماً لم يكونوا يريدونه أو ينتظرونه. وجاء حسني مبارك الذي كان السادات قد اختاره نائباً له، ولم يكن المصريون يعرفون شيئاً عنه، سوى أنه أحد أبطال حرب اكتوبر الكبار. وجلس حسني مبارك على مقعد حكم مصر ثلاثين سنة، وطوال تلك السنوات لم تتقدم مصر كثيراً، وعانى المصريون كثيراً من مستوى المعيشة الذي كان ينخفض يوماً بعد يوم، ورغم مساحة الحرية النسبية لكن السجون والمعتقلات كانت جاهزة وموجودة، واستشرى وحش الفساد في الدولة بل وفي حياة الناس! وأطاحت ثورة 25 يناير بحسني مبارك في 18 يوماً فقط، وانتهى الأمر بمبارك وأسرته في سجن طرة، ما عدا السيدة زوجته التي كانت أحد أهم أسباب سقوطه بإصرارها على توريث حكم مصر لابنها بعد زوجها! وبعد ثورة 25 يناير بثلاثة أيام انشقت الأرض عن الاخوان، ولم يشاركوا في الثورة فقط بل أعلنوا الوصاية عليها، واعتبروا هذه الثورة فرصة العمر، ليس للمشاركة في الحياة السياسية، بعد أن كانوا محظورين ومضطهدين ومسجونين، ولكن لتكون فرصتهم التاريخية في حكم مصر! وظلم الاخوان الرئيس محمد مرسي من البداية، ورشحوه بديلاً أو احتياطياً لمرشحهم الأول للرئاسة المهندس خيرت الشاطر، ثم وقفوا مع مرسي بكل قوتهم، بعد أن استحال أن يترشح الشاطر لرئاسة مصر! وظلم الاخوان الرئيس مرسي أكثر ومازالوا يظلمونه، بتأكيداتهم المستمرة للشعب المصري، أن الاخوان هم الذين أصبحوا رئيس مصر وليس محمد مرسي. وهذه الحكاية لا يمكن انكارها لأنها واضحة وضوح الشمس، وتؤكدها كل يوم تصريحات وأفعال قيادات جماعة الاخوان، الذين يريدون ألا يكون مرسي رئيساً لكل المصريين، وإنما هو «واحد منهم»، هم الذين صنعوه، وهم الذين جعلوه رئيساً، فلا يجب أن يقول سوى كلامهم ولا ينفذ سوى مخططاتهم، الاخوان يريدون مرسي رئيساً حاكماً لكل المصريين لكن رئيساً «طيشة» بالنسبة لهم! وكما يصدر المصريون أحكامهم على الرؤساء الذين تعاقبوا عليهم، فإنهم ولابد في يوم من الأيام، سوف ينطقون حكما على الرئيس محمد مرسي، وذلك الحكم لن يكون أبداً مع الرأفة، ولن يرحم كتاب تاريخ مصر محمد مرسي! كل الشواهد حتى اليوم تؤكد أن الحبل السري الذي يربط بين الرئيس مرسي وجماعته من الاخوان لم ينقطع، ولا يبدو أنه سوف ينقطع! لكن ارادة وخطة الاخوان ليست كل شىء ولا نهاية هذه الحكاية، الحكاية لا يمكن أن تكتب كل سطورها جماعة من جبل المقطم، هناك تغيرات تحدث في العالم، وهناك ملايين من المصريين، لديهم القدرة على كتابة قصة حياتهم بأنفسهم، ولايريدون أن يكتب فضيلة مرشد الاخوان الفصل الأخير في حياتهم! وتغيير آخر مهم لا يدركه الاخوان، وهو أن المصريين الذين يحكمهم مرسي اليوم، ليسوا المصريين الذين حكمهم عبد الناصر والسادات ومبارك، الشعب المصري اليوم يعرف جيداً الطريق الى ميدان التحرير! قالوا إن الرئيس مرسي بكى أثناء صلاة الجمعة قبل أيام. ومهما قال الناس عن دموع مرسي. فإن الله وحده يعرف دموع مرسي.. وهل كان يبكي على نفسه.. أو على شعب مصر؟! واحد مصري