توصلت دراسة بعنوان "إدارة عملية التغيير في مصر" للباحث بريان كاتوليس وآخرين في مركز دراسات "أميركان بروجريس"، إلى أن الأمن القومي الأمريكي في المنطقة يتعرض لمخاطر كبيرة، وأن تطور الأحداث في مصر في السنوات المقبلة سيؤثر على سياسة أمريكا لتحقيق مصالح أمنها القومي في الشرق الأوسط على عدة جبهات تشمل: إدارة الأمن الإقليمي والصراع العربي الإسرائيلي ومحاربة الشبكات الإرهابية والاستجابة لتوجهات جديدة مثل الإصلاح السياسي وصعود الأحزاب الإسلامية وإقامة علاقات اقتصادية جديدة مع المنطقة. وأضافت الدراسة أن ما يحدث في مصر يساوي في أهميته التحديات التي تطرحها سياسات إيران في المنطقة، وعودة ظهور تركيا كقوة إقليمية، واستمرار المشاكل الناجمة عن الصراع العربي الإسرائيلي بلا حل، وقد تفوق التغيرات الحالية في مصر ما حدث في السبعينات عندما تحولت من التبعية السوفيتية إلى الغرب وأقامت علاقات مع الولاياتالمتحدة ووقعت معاهدة سلام مع إسرائيل. واستخلصت الدراسة أن صانعي السياسة الأمريكية مازالوا يواجهون صعوبة في تحقيق التوازن بين أولويات السياسة الأمريكية في مصر، حيث يتعين عليهم إبقاء التعاون مع مصر فيما يتعلق بالأمن الإقليمي دون تقديم دعم غير مشروط للأجهزة الأمنية، وأوصت بألا تقتصر عملية الانتقال الديمقراطي على العملية الانتخابية، وأن تعمل الولاياتالمتحدة مع حلفائها، وخاصة الاتحاد الأوروبي، للتأكيد على أهمية إجراء عملية شاملة لصياغة دستور تعددي جديد في مصر. وعن العلاقات الثنائية بين الولاياتالمتحدة ومصر قالت الدراسة إنهما في حاجة إلى إعادة التفاوض على الركائز الأساسية للعلاقات، وتوقعت أن تظل بعض هذه الركائز كما هي، خاصة التعاون العسكري والأمني في المنطقة، أما فيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية الكبيرة والتغيرات في النظام السياسي المصري فإن الأمر سيتطلب إعادة تقييم وإعادة التفاوض بين البلدين. وأشارت الدراسة إلى أن نفوذ وتأثير الولاياتالمتحدة على مصر قد أصبح محدودا بسبب صعود سياسيين معادين للولايات المتحدة ويتبنون مواقف أكثر حزما واستقلالية عن السياسيين في زمن مبارك، إضافة الى الصعوبات المالية والمشكلات السياسية التي تعاني منها الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى تحديات مماثلة تواجهها مع دول أخرى تتمتع بأنظمة سياسية معقدة وقيادة سياسية قوية وتلعب دورا قياديا في منطقتها مثل تركيا والهند والبرازيل، وعلى الولاياتالمتحدة أن تغير سياساتها تجاه تلك الدول وضبط علاقاتها معها حسب المستجدات السياسية والاقتصادية في كل بلد. وأضافت الدراسة أن "كنوز مصر الاستراتيجية مازالت على نفس الدرجة من الأهمية، على الرغم من تغير القيادة والتحولات السياسية والاقتصادية التي حدثت منذ 2011، ومازالت مصر عاملا قويا من عوامل الاستقرار في المنطقة سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى الدول المجاورة على طول حدودها، وغالبا ستجبر التحديات الاقتصادية والسياسية مصر تدريجيا على التركيز على شئونها الداخلية بشكل متزايد على مدى السنوات القليلة المقبلة، أما علاقات مصر الرئيسية مع البلدان الأخرى في المنطقة مثل إسرائيل وتركيا والسعودية فسوف تتطور، ولكن مصلحة مصر الوطنية تقتضى عدم اجراء تغيرات أساسية على النظام السياسي المصري أو سياسة مصر الاقليمية. واختتمت الدراسة توصياتها بأن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى خلق نوع من التوازن وتوحيد الجهود لتحقيق هدفها الأساسي وهو الحفاظ على العلاقات الثنائية والشراكة الوثيقة مع مصر والتعاون في مجال الأمن الإقليمي، وفي نفس الوقت دعم التحولات السياسية والاقتصادية لخلق نظام حكم أكثر فعالية يمكنه تطوير الاقتصاد وخلق فرص عمل، ولهذا يجب على الولاياتالمتحدة تطوير سياساتها الأمنية والدبلوماسية والاقتصادية في مصر من أجل إدارة عملية التغيير.