وزير الزراعة يطمئن على حالة مسئول حماية الأراضي بسوهاج بعد الاعتداء عليه خلال حملة إزالة تعديات    إصابة سيناتور كولومبي بطلق ناري في تجمع انتخابي في بوجوتا    هولندا تهزم فنلندا في مستهل مشوارها بتصفيات المونديال    تاه ينضم لبايرن ميونخ للمشاركة في مونديال الأندية    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    تفعيل دور خدمة الإغاثة على الطرق ونشر الرادارات لرصد السرعات الجنونية    في ذكرى اغتياله.. المفكر الراحل فرج فودة يتحدث عن الأجواء السامة والأحقاد الدفينة    «الصحة» تُعلن فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر    بعد بيان وزارة المالية.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2025 رسميًا وتفاصيل الزيادة الجديدة    أسعار البيض والفراخ اليوم الأحد 8 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    فيديو تقديم زيزو لاعباً فى الأهلى يتجاوز ال29 مليون مشاهدة    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 8-6-2025 بعد آخر انخفاض في البنوك    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    ثانى أيام التشريق.. الحجاج المتعجلون يغادرون "منى" قبل الغروب بعد الانتهاء من رمي الجمرات    انتشال جثمان غريق ترعة مشروع ناصر غربي الإسكندرية    ترامب ينشر 2000 من أفراد الحرس الوطني للسيطرة على الاضطرابات في لوس أنجلوس    أسرة عبد الحليم حافظ تعلن عن حفل للعندليب بتقنية الهولوجرام في الدار البيضاء بالمغرب    أغاني طربية واستعراضات.. ثقافة جنوب سيناء تحتفل بعيد الأضحى    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    أسعار البيض اليوم الأحد بالأسواق (موقع رسمي)    السماوى يتوج بكأس الأميرة السمراء بيراميدز يخلع ثوب الطموح ويرتدى رداء الأبطال    بالقانون .. للعامل مثل أجر اليوم الذى عمله في الأعياد الرسمية أو يوم عوضا عنها    وريثات عروش ملكية أوروبية غيرن الصورة النمطية عن حياتهن المخملية مقاتلات برتبة أميرات    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مطالبين باتفاق تبادل أسرى ووقف الحرب    وفاة شاب في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    وفاة طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة نقل في قنا    عقوبات صارمة للموظف العام المتعدي على أراضي الدولة أو الأملاك العامة    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    أسعار الأسماك اليوم الأحد 8 يونيو في سوق العبور للجملة    أسما شريف منير تتصدر تريند "جوجل".. لهذا السبب    ريستارت «تامر حسنى»    إسدال ستار سميحة أيوب: وداعًا سيدة المسرح    عائلة نوار البحيرى تعلن موعد تشييع جنازته    3 سنوات حبس وجوبي للزوج المعتدي على زوجته وفقًا لقانون العقوبات    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    البيت الأبيض: نشر 2000 من أفراد الحرس الوطني وسط احتجاجات لوس أنجلوس    استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    مصرع طالبة غرقًا فى ترعة بمدينة سوهاج    انقطاع التيار الكهربائي في ضواحي كييف وغارة روسية بصاروخ كروز على أوديسا    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جلال أمين: «الإخوان» سيسقطون خلال شهرين
الإخوان» يخططون لبيع المرافق العامة بمشروع الصكوك الإسلامية.. ومشروع النهضة مجرد شعار
نشر في الوطن يوم 07 - 02 - 2013

يجيب بابتسامته قبل كلماته، يعبر بها عن دهشته وسخريته وفزعه، يتعجب مما كان يأمل فيه من الإخوان الذين انتخب مرشحهم خلال الانتخابات الرئاسية لإصراره على نجاح الثورة، وفوجئ بأفعالهم، إنه الدكتور جلال أمين، المفكر الاقتصادى الكبير، الذى يشرح ل«الوطن» ما يحدث للمصريين الآن، وماذا جد بعد كتابه الشهير «ماذا حدث للمصريين»، ودوافعهم للاحتجاجات الغاضبة، وما يجول فى فكر الإخوان وشعورهم تجاه المجتمع ومفهومهم للوطنية، ليعبر عن مخاوفه من النوايا الخارجية تجاه مصر، وينبه لما هو آتٍ.
* هل جدّ على المصريين شىء مختلف يضيف لكتابك «ماذا حدث للمصريين»؟
- حدثت أشياء جديدة خلال ال30 عاماً الماضية، تلقى ضوءاً جديداً على ما كتبته فى كتاب «ماذا حدث للمصريين؟»، فقد ركزت فيه على ظاهرة الحراك الاجتماعى، وما كنت أقصده أن أى مجتمع يمكن تقسيمه لشرائح، وفى فترة الحراك الاجتماعى السريع، بعض الشرائح تصعد بسرعة، وبعضها ينخفض، وهذا ما حدث فى مصر خلال ال50 سنة الماضية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى التسعينات، فعندما يحدث حراك اجتماعى سريع فى المجتمع، يتغير السلوك بشدة وتتغير طريقة التفكير وهذا ما حاولت توضيحه. ما حدث من منتصف الثمانينات بعد سنوات قليلة من عهد مبارك، هو انخفاض لمعدل الحراك الاجتماعى، هذه الظاهرة كانت لعدة أسباب، أهمها انخفاض الهجرة للخليج، لانخفاض أسعار البترول، فانخفضت حاجة هذه الدول للمصريين، وضاع أمل كثير من المصريين فى الهجرة، ومن ثم لم يرتفع مستوى الدخول بالشكل الذى كانوا يحلمون به، بالإضافة إلى أن معدل التنمية فى مصر انخفض بشدة من منتصف الثمانينات ليس فقط لانخفاض معدل الهجرة، وإنما لزيادة معدلات البطالة بسبب انخفاض الإنفاق الحكومى نتيجة لضغوط من صندوق النقد الدولى، وعندما ينخفض معدل النمو والهجرة، يحدث أيضاً انخفاض فى معدل الحراك الاجتماعى، بمعنى أن آمال الناس فى الصعود لا تتحقق بنفس المستوى الذى جرى خلال السنوات السابقة، وللأسف تعمل وسائل الإعلام على توليد تطلعات جديدة وإذكاء النار فى توليد آمال الصعود، فتصعد الآمال دون صعود فى الحقيقة، هذا أنتج آثاراً مختلفة على سلوك المصريين، وزاد من درجة الإحباط والتوتر الاجتماعى، وبدأنا نشهد جرائم جديدة لم نشهدها من قبل.
*لماذا لم ينعكس الانخفاض فى هجرة المصريين بالنجاح داخلياً واستغلال طاقاتهم؟
- لأن هذا يتوقف على وجود خطة للتنمية، فالتنمية لم تتحقق، والسياسة الاقتصادية فى عهد مبارك استمرت بالحماقة التى كانت عليها فى عهد السادات، فلم تكن هناك مشروعات تنمية كافية تستوعب الباحثين عن عمل، وحُرم الشباب من فرصة المساهمة فى تنمية البلد، ولم يستفيدوا أو يستفد البلد.
*هل هناك أمل لتغيير الوضع الاقتصادى بعد وصول الإخوان للسلطة؟
- كان لدينا أمل، وقت المنافسة بين الدكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق، ناس كثيرة وأنا منهم، مع أننى لا أتفق مع الإخوان فى الرأى، فإننى فضلت مرسى على شفيق، لأن انتصار الأخير كان معناه أن الثورة لم تقم، وهذا كان من الصعب علينا قبوله، وقلنا يمكن يكون لدى الإخوان أفكار ومشروعات لكننا لم نجد لديهم شيئاً.
*ماذا تعرف عن مشروع النهضة؟
- كنت خارج مصر حين بدأ الحديث عنه، وسمعت الجميع يسخر ويستهزئ، لعدم وجود أى مشروع للنهضة، وطلع مجرد كلام، وخرج خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان وقال لم أكن أقصد كذا وكذا، وتراجعوا عنه، ومن الأفضل أن ننساه.
*لم ترَ أى أوراق أو إحصائيات أو معلومات عنه؟
- لا يوجد مشروع اسمه النهضة، ولم يزد على مجرد شعار، لم يقع تحت يدى أى شىء يدل على وجوده، ولو كان لديهم مشروع كان ظهر خلال ال7 شهور التى تولوا خلالها الحكم.
*ما رأيك فى مشروع الصكوك الإسلامية؟
- هذا ما ظهر من مشروع النهضة المجهول، مشروع أسوأ مما كان محمود محيى الدين يحاول تمريره لنا وبيعه تحت اسم الصكوك الشعبية.
*ما ملاحظاتك على القانون، وماذا يريدون به؟
- عندما قرأت نصوص المشروع وجدته فى غاية الغموض، وهم يتعمدون هذا الغموض، لا يريدون أن يفهمه أحد، لأن فى رأيى حقيقته سيئة جداً، فالمشروع فى نصوصه لا يوضح إذا كان هناك بيع أو رهن أو إيجار أو قرض، لا أحد يعرف، لأن الصك لغة، هو أى ورق مكتوب، إذا كان صكاً مالياً، فمن الممكن أن يكون بقرض، أو رهن، أو إيجار، أو بيع، فعليهم توضيح ماذا يريدون به، وما الشبهة الإسلامية به، وما علاقته بالدين، ما الذى يجعلهم يضفون عليه الصفة الإسلامية سوى أنهم يريدون أن يضحكوا على الناس، فهم يفسرون أى شىء كما يهوون ويقولون نحن نطبق شرع الله، لدىّ شعور أنهم يريدون بيع المرافق العامة، أو على الأقل يسلمونها للأجانب، لأن الأجانب متلهفون لوضع أياديهم على المرافق العامة، ليس فقط فى مصر وإنما فى كل البلاد الفقيرة، لأن فرص الربح لديهم انخفضت.
*لكن يظل المصرى الفقير يدافع عن بيته وأرضه، ويحاول سداد ديونه، لماذا يذهب المسئولون عن الحكم لهذا الطريق فى السداد؟
- هم لا يفصحون عن الحقيقة، وليس لديهم شفافية، فصندوق النقد جاء إلى مصر وغادر أكثر من مرة، ولم يفصح أحد عما دار، وأنا فى الحقيقة مضطر لأن أضع الحقائق بجوار بعضها، الصندوق بيجى ويروح والقرض لم يحدث، فهل يشترط الصندوق أشياء لا يريد هو ولا الحكومة الإفصاح عنها؟، أرجح هذا، فيريدون تمريرها فى السر ودون أن يلاحظ الناس، ربما من بين ذلك ارتفاع سعر الدولار، ودبروا لكى يظهر الأمر وكأنه طبيعى، وأربط بين هذا واستقالة محافظ البنك المركزى، ورئيس البنك الأهلى، لماذا استقالا فى هذه الظروف تحديداً؟، محافظ البنك المركزى كانت لديه سياسة مستمرة للحفاظ على سعر الجنيه، وفجأة انخفضت قيمته بشدة وارتفع الدولار، ثم يستقيل المحافظ دون إعلان أى أسباب، فلابد أن تمر الشكوك فى الذهن، خصوصاً أن ارتفاع سعر الدولار يسير على طريق واحد مع مشروع بيع الأصول، فمن يمتلك 1000دولار، ويريد أن يشترى بيتك سيدفع دولارات أقل، ف1000 دولار أصبحت أكثر قيمة من أيام قليلة مضت، والصندوق لم يطلب منهم بالطبع إطلاق اسم الصكوك الإسلامية عليه، إنما هذا مساهمة من الإخوان، قالوا لهم فقط بيعوا، وأرجح هذا وسط غابة من الكلام المضلل.
* أليس للإخوان ما يكفى من الوطنية لمنع مشروع مثل الصكوك الإسلامية؟
- لا أستطيع أن أقول على الإخوان إنهم غير وطنيين، لكن فهمهم للوطنية ليس مرضياً، ولا يعجبنى، و«مدهش»، فعندما يقول عصام العريان مثلاً: «أهلاً وسهلاً بعودة اليهود وحصولهم على ممتلكاتهم»، فأى نوع من الوطنية هذا، ما الذى يجعله يقول هذا الكلام الآن؟، كذلك عدم تهنئة الأقباط، كثير منهم يقولون إنها حرام، أليس هذا فهماً غريباً للوطنية؟، أليس الأقباط مصريين، كيف يكونون وطنيين عندما يضعون مثل هذا الكسر والحاجز بين المسلمين والأقباط، أليس هذا ضد الوطنية؟
*من أين نشأ الإخوان، أليسوا من نسيج مصر، أليسوا منا؟
- هم منا 100%، لكن أنا دائماً أعتقد أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية تغير أى شخص، الإخوان أنفسهم عندما نشأوا منذ أكثر من 80 عاماً، كانوا يختلفون عن إخوان اليوم، أعتقد أن حسن البنا كان وطنياً أكثر من الإخوان التالين، أكثر حتى من سيد قطب، وهى ظاهرة غريبة، لكنها حقيقية وتفسيرها اقتصادى اجتماعى وليس أيديولوجياً، الظروف تغير الناس، والجمهور يغير الزعيم، والمجتمع المصرى تغير كثيراً فى ال80 عاماً الماضية.
*ما النسبة التى يشكلها أنصاف المتعلمين من المجتمع الحالى، وماذا نستطيع أن نطلق عليهم؟
- فى كتابى «ماذا حدث للمصريين؟» قدرت الطبقة الوسطى ب40 إلى 45%، النسبة زادت بعض الشىء، الطبقة الوسطى الآن وصلت لنصف المجتمع، فى عام 52 كانت الطبقة الدنيا 80% من السكان، وكانوا أميين، سواء فى الريف أو المدن، أما فى منتصف الثمانينات أصبح نحو 45% من المجتمع طبقة دنيا، و5% هى الطبقة العليا، أما أنصاف المتعلمين، فلا يقلون فى رأيى عن نصف الطبقة المتوسطة الآن. الطبقة الدنيا كلهم أميون، ويقتصر دورهم السياسى على صوتهم الانتخابى وليس لهم أى دور فى تشكيل الحياة السياسية، أما الذين يمتلكون صوتاً عالياً فهم الشريحة نصف المتعلمة من الطبقة المتوسطة، وهؤلاء طبقة متوسطة رغم أنهم متعلمون، تجدينهم فى كل مكان، ولا تستطيعين تمييزهم الآن بالرداء مثلما كان يحدث منذ 50 عاماً، وبعضهم لديه شهادات جامعية، ودبلومات عالية، وهؤلاء شرورهم كثيرة.
*ما شرورهم؟
- هؤلاء محبطون، هم طبقة وسطى، ولا أستطيع أن أنفى انتماءهم لها، لكنهم محبطون لأنهم لم يحققوا ما كانوا يأملون فيه ولديهم ضغينة ضد المجتمع، وهذا يظهر فى تصرفاتهم وسلوكهم فى الشوارع، التوتر والإحباط يدفعانك لارتكاب أعمال غير أخلاقية، وهم لهذا معذورون، هؤلاء إحباطهم للأسف يدفع أحياناً للقتل، لأن نفسيتهم غير متوقعة، يفزعنى مثلا قص مُدرسة منقبة لشعر تلميذة، فهذا نوع من القتل، هذه الشخصية لديها ضغينة ضد المجتمع، وتنتقم منه فى صورة البنت الصغيرة، وأقنعت نفسها بأنها صاحبة الفضيلة.
* كيف تصف المتظاهرين الآن، ولماذا ثورة جديدة بعد عامين فقط من الأولى؟
- لا أستطيع أن أنكر تعاطفى مع من خرجوا للتظاهر الآن، لأن ما شاهدناه خلال العامين يصعب وصفه، ما حدث هو عكس ما كنا نأمله ونتوقعه تماماً، الناس غاضبة طبعاً، ولا أحد يستطيع لومهم، وأسباب الغضب لا تنتهى من وقت الحكم العسكرى، حتى الآن، ومنهم عدد بسيط لديه ضغينة ضد المجتمع، وهناك نوع آخر ألا وهو المهمشون، الذين لم تفعل لهم الثورة شيئاً كما لم يفعل لهم مبارك شيئاً، وكذلك السادات، لكن هناك بالطبع أعداد كبيرة من الطبقة الوسطى الذين يحزنهم عدم تحقيق أى هدف من أهداف الثورة.
* كيف يجتمع أصحاب الضغينة مع أصحاب المطالب؟
- طبعاً، لماذا لا، عندما شاهدت مذبحة بورسعيد التى شاب لها الولدان ولم يكن لها أى مبرر، فلماذا لا أخرج للمطالبة بحق أولادى الشهداء؟ كذلك الألتراس أيضاً لديهم مبرر قوى للغضب، هؤلاء النوع الأول من الناس، الذين كانوا يعتقدون أن الثورة ستأتى لهم بمكاسب ولم تفعل. عندما تحدثت عن المهمشين، هؤلاء الذين شاهدت بعضهم فى التحرير منذ أيام قليلة، شباب يتراوح أعمارهم بين (15_20) عاماً، ليس لديهم تعليم، ولا وظيفة، ولا مصدر رزق، ولا أمل، هؤلاء ليس لهم أهداف سياسية، لكنهم مهمشون أرادوا التعبير عن الغضب فانضموا للثوار.
* إلى أى طبقة ينتمى الإخوان؟
- ليسوا من الطبقة العليا، والغالبية العظمى منهم أنصاف متعلمين، بعضهم طبعا استطاع الصعود لكنّ كثيرين منهم لديهم ضغينة ضد المجتمع، ونفوسهم ليست صافية.
* لماذا تثير «قطر» الرعب لدى بعض المصريين، هل هناك مخطط قطرى لشراء أو تأجير قناة السويس؟
- ما تفعله «قطر»، وما يأتى منها مؤخراً يثير الشكوك، أولاً أموالهم تزيد على الحد، وهم قادرون على أشياء كثيرة لا يقدر عليها غيرهم، وليس غريباً أنه فى وقت مثل ما تمر به مصر الآن من أزمة ومحنة أن يحاولوا تحقيق منافع من أموالهم، والملاحظ تزامن دخولهم مع الصكوك الإسلامية، لكن من غير المتصور بيع قناة السويس، فهى لم تكن مباعة، ولم يحدث حتى قبل تأميمها، لكن من الممكن أن يستثمروا أموالهم على طول قناة السويس، وفى المنطقة المعروفة بشرق التفريعة شرق ميناء بورسعيد، والضرر والمخيف لدىّ، هو أن مثل هذه المنطقة حساسة جداً أمنياً، وقد يكون من يملك المشروعات فى هذه المنطقة لديه نوع من التأثير والسيطرة بشكل ما على حركة الملاحة وهذا لا بد أن يبقى فى يد المصريين، أنا لا أريد دولة داخل الدولة، دخول «قطر» على هذا النحو يؤدى لذلك، وإذا كانت المشكلة فى الأموال، فلنقترض، بالإضافة إلى أنه لدينا موارد نستطيع استثمارها بفاعلية، لكننا لا نفعل، وهناك أناس على استعداد لإقراضنا دون السيطرة على منطقة حساسة كهذه، أنا أفضل أن نقترض من الفرنسيين والإنجليز والألمان، وأعمل مشروعاتى التى أريدها على طول القناة وبورسعيد لكن على أن تظل لى السيطرة الكاملة، فهناك من يرددون أنها ستكون تأجيراً لمدة 80 عاماً، فهل هذا يُعقل بعد أن استرددنا حق الانتفاع بالقناة الذى كان لمدة 99؟، هناك بعض الدول، منها قطر وكذلك صندوق النقد الدولى يستغلون مرورنا بضائقة شديدة، من الممكن الخروج منها، وهم يصورونها وكأن لا مخرج لها إلا بهذا الشكل.
*هل تتوقع نجاح مخطط تأجير أو حق انتفاع قناة السويس لقطر؟
- وكأنك تسأليننى، هل أنت متفائل أم لا، وأقول لك أنا متفائل، لن ينجح، لحسن الحظ، المتنبهون لما يحدث كثيرون، وصوتهم عالٍ، كثيرون انتبهوا لمشروع الصكوك الإسلامية بمجرد البوح به، وهذه علامة جيدة.
*هل تتوقع استمرار الإخوان فترة طويلة؟
- إذا كان لرأيى قيمة، فأنا أعتقد أنهم لن يستمروا طويلاً، ويمكن لا يزيد ذلك على شهور، ليس فقط لخيبتهم خلال ال7 شهور الماضية، والأخطاء الشنيعة التى ارتكبوها والكراهية التى بثوها فى الناس، لكن لأن قوى كبيرة كانت تراهن عليهم، يبدو أنها غيرت رأيها، أهمها الولايات المتحدة، أو فى مرحلة تغيير رأيها، الأمريكان أيضاً يخطئون، أمريكا راهنت عليهم وأيّدتهم، ويمكن أيضاً ضغطوا على الجيش لتسليم السلطة للإخوان، لكنهم فوجئوا بأشياء لم يتصوروا أن تحدث منهم ومن الشعب، وهذا مهم للإخوان، لأنهم لا يستطيعون التصرف بمفردهم، ولا يستطيعون التحرك دون تأييد خارجى، لهذا أنا متفائل.
*هل لديك معلومات أن الولايات المتحدة فى مجال تغيير رأيها؟
- لا أستطيع أن أسميها معلومات، هناك دلائل تدفعنى لهذا المسار، أولها المنطق البسيط أن حالة الاحتجاج والغضب العام لن تغيب عن الولايات المتحدة، نحن أنفسنا فوجئنا بها، لم يكن أحد يتصور أن التيار الليبرالى بهذه القوة، يبدو أن 30 عاماً من الانفتاح رغم مساوئه الاقتصادية كانت له ميزة، أنار عقول ناس كثيرة، والإخوان أفكارهم لا تنمو فى مثل هذا الوهج من الانفتاح، هناك بعض التصريحات القادمة من البيت الأبيض والمسئولين وبعض الزيارات الأخيرة توحى بذلك، إنهم غير سعداء، وهناك تصريحات تدين العنف من الأمم المتحدة والبيت الأبيض، وإدانة العنف على هذا النطاق الدولى الواسع ليست بسيطة على أى نظام، فمعناها أنكم لا تستطيعون أن تحكموا، وهناك دلائل كذلك من أوروبا، وما حدث مؤخراً فى مصر كان على الأرجح هو سبب سفر مرسى لألمانيا فى هذا التوقيت تحديداً، فألمانيا تتحدث بلسان أوروبا، وعلاقة أوروبا الاقتصادية بمصر فى الاستيراد والتصدير أهم من علاقتنا بأمريكا، فلا يوجد سبب يجعل رئيس بلد يترك البلاد ويسافر فى مثل هذه الظروف إلا لهذا السبب، فالتوقيت غريب، وأوروبا منزعجة مما يحدث، لأن مصر مهمة لها اقتصادياً ولأسباب أخرى، فهى أهم بلد بالنسبة لها فى المنطقة، ودول البترول تتأثر بما يحدث فى مصر.
* سبق وقلت إنه كان هناك ضغط خارجى لتولى الإخوان الحكم، هل كان هناك ضغط لرحيل المجلس العسكرى وتركه الحكم؟
- رأيى أن العسكر لم يكونوا ينوون الاستمرار فى الحكم، الظروف لم تكن ملائمة لذلك، استلموا البلاد جاهزة لأنه لم يكن هناك من يفعل ذلك، والثوار لم يكونوا مستعدين، والأمريكان حقيقة لم يكونوا ليسمحوا للثوار باستلامها، المفكر الأمريكى «تشومسكى» قال كلمة لا أنساها عندما كانت أمريكا تحارب الشيوعية، حينها قال إن امريكا ليست ضد الشيوعية، لكنها ضد الوطنية، وهذا كلام مضبوط 100%، سواء فى أمريكا اللاتينية أو فى أفريقيا، أو الشرق الأوسط، أو آسيا، ليس فقط أمريكا، فالدول المسيطرة لا تخاف سوى الوطنيين، سواء كان علمانياً، ليبرالياً، إسلامياً، المتطرف لا تخشاه وإنما تخشى الوطنى، لأن الوطنية تعارض القهر الخارجى، لا العلمانية ولا التدين ولا التطرف، ومن ثم مرفوض لدى أمريكا أن يحكم مصر شباب الثورة، وذلك لأن تولى الثوار السلطة معناه صلاح حال مصر، فصلاح كل مشاكل مصر لا يحتاج عبقرية، إنما يحتاج وطنية، نحن ليس لدينا نقص فى الاقتصاديين أو الدبلوماسيين، أو المهندسين، لكنهم دون مبالغة يبحثون عمن لا تتوفر لديه الوطنية لتعيينه ومساندته، يبحثون عن المستعدين لسماع الأوامر والانصياع لها، فالعسكر لديهم علاقات وثيقة بالأمريكان، منذ ما يزيد على 40 عاماً بعدما نقل السادات استيراد السلاح من الشرق للغرب.
*لماذا لم يرد الأمريكان بقاء العسكر رغم علاقتهم الوثيقة بهم؟
- لأن الدنيا تغيرت، انتهى عصر الانقلابات العسكرية، هذا كان يحدث فقط فى الخمسينات والستينات، لكن الآن عصر الديمقراطية المزيفة التى تأتى بالإخوان، ويقولون إنهم سيطبقون شرع الله، وهم يأخذون الأوامر من الأمريكان.
*ألا ترى أن ثورة ثانية فى مصر الآن خطر؟
- طبعاً، لكن ما يحدث الآن ليس ثورة ثانية، هى استمرار لنفس الثورة، وليست ثورة أخرى، طبعا انضم لها بعض الناس، لكنها استمرار للثورة، فالثورة لم تنته.
*فى اعتقادك.. متى تنتهى الثورة؟
- إذا كان يمكن التنبؤ، أستطيع أن أقول إن هذه الحالة لن تستمر أكثر من شهرين.
*هل تقصد سقوط الإخوان، أم انتهاء الثورة؟
- كلاهما، لو سقط الإخوان، أظن ستنتهى الاحتجاجات، هذه ليست مجرد رغبة، لكنّ لدىّ شعوراً أن هذا ما سيحدث.
*هل تعتقد بصحة الاستغناء عن جزء من سيناء للفلسطينيين كما هو مشاع بعد تولى الإخوان الحكم أم لا؟
- هذا شىء أخاف منه، ولا أستبعده، لكنى أخاف منه لدرجة لا أستطيع تصورها.
*ما تقييمك لجبهة الإنقاذ الوطنى وقيادات المعارضة؟
- أحب بعضهم جداً، لكنى لن أقول أسماء، وأقدر معظمهم، وبعضهم أعتقد أنه غير مخلص، لكن غير المخلصين ليسوا كثيرين، وللأسف الجيدون من هؤلاء لم يتولوا الحكم بعد الثورة، بعضهم ممن أقدره خسارة أنه لم يستلم الحكم، ولم يشاركوا فى إدارة البلاد فى هذه المرحلة، لأن الأوضاع كانت ستختلف، وكانوا سيحمون البلاد من كل هذه البلاوى.
*مَن منهم، ترى أنه كان بإمكانه إنقاذ الكثير؟
- أبوالغار، ليس هناك كثيرون مثله، هو رجل متواضع وليس لديه أى مصلحة شخصية، ولديه استعداد لإعطاء كل وقته لخدمة الوطن، لا ينام لشعوره بأن هذا وقته، وبالإضافة لهذا كله ليس ضعيفاً، عادة الرجل صاحب الخلق تجدينه ضعيفاً وليست لديه إرادة قوية، لكن أبوالغار ليس ضعيفاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.