«نعم للتطبيع مع إسرائيل.. لا للمصالحة مع مصر»، كذلك قال رجب طيب أردوغان، رئيس دولة تركيا، والسؤال: هل طلبت مصر التصالح معك يا سلطان التطبيع؟ لقد شهدت الأيام الماضية تصريحات متنوعة جاءت على لسان رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم تتحدث عن سعى تركيا لتطبيع العلاقات مع مصر، فى الوقت الذى لم يرد فيه أى تصريح مشابه على لسان مسئول مصرى، الأمر الذى يدلل على أن تركيا تسعى إلى إصلاح ما أفسدته فى علاقتها بمصر على مدار السنوات الثلاث الماضية، لأن هذه الخطوة تصب فى دوائر مصالحها. أردوغان رجل يلعب بالثلاث ورقات، يبدو فى الظاهر، وكأنه يدافع عن المبادئ أشد الدفاع، لكنه فى حقيقة الأمر لا يرى فى الدنيا غير مصالحه، وليس من العيب أن يسعى أى رئيس لإنجاز مصالح دولته، العيب كل العيب أن يتعامل بوجهين، ويحاول إقناع الرأى العام التركى والإقليمى بأنه يدافع عن المبادئ والأخلاقيات فى الوقت الذى يغرق فيه فى تحقيق المصالح، دون تفرقة بين مصلحة دولة ومصلحة رئيس، فأردوغان من الرؤساء الذين يؤمنون أن الجيب واحد، أقصد جيب الدولة والرئيس، فمن أجل الاستمرار فى الحكم عدّل الدستور، وشطب بجرة قلم القشرة الديمقراطية التى كانت تتباهى بها تركيا على دول المنطقة، وفى سبيل التاج أطاح بأعز رفاق رحلته السياسية «داود أوغلو». انبطح سلطان التطبيع أمام إسرائيل، بعد سنوات طنطن فيها بالعديد من التصريحات ضد حكومة تل أبيب، وكان يعاير العرب بأن أياً من زعمائهم لا يجرؤ على أن يقول فى حق إسرائيل، ما يقوله السلطان، لكن وجدناه فجأة -وهو الذى بينه وبين إسرائيل دماء ضحايا السفينة مرمرة- يوقع اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل، باع فيها أهالى غزة، ليفهموا أخيراً أنهم اشتروا «التروماى»، حين وثقوا فى أردوغان. وبعد الحديث الأردوغانى الذى صدع الرؤوس فى الهجوم على روسيا، بسبب الأزمة التى حدثت بعد إسقاط الأتراك لطائرة روسية، انتهى الأمر باعتذار أردوغان لبوتين، ليثبت من جديد أنه رجل انبطاح، وليس رجل مبادئ، وأن الذى يسوقه دائماً هو مصالحه كحاكم يريد الاستمرار على كرسيه لأطول مدة ممكنة. يقولون إن السياسة لا تعرف الصداقات الدائمة ولا العداوات الدائمة، لكنها تعرف المصالح الدائمة. المصالح هى جوهر السياسة فى كل زمان ومكان، وبالتالى إذا رأيت نموذجاً أردوغانياً يبالغ فى الحديث عن المبادئ فلا تطمئن له، لأنه يخفى وراء ذلك جوعاً لا ينتهى إلى المصالح. النموذج الأردوغانى أردأ بكثير ممن يتعاملون مع السياسة بمنطقها المباشر -منطق المصالح- ولا يتستر وراء قناع شيك حاكه بحديث زائف عن المبادئ. الفارق بين أردوغان وغيره أن أردوغان حرامى شيك، يرتدى أفخر الأثواب، ويتزين بأغلى العطور، من أجل الحصول على سرقة كبيرة، خلافاً لنشال الأوتوبيسات، الذى يبدو نشالاً طبيعياً، يشبه الملقاط الذى يجمع رزقه ورزق من يعول قدر ما يستطيع من جيوب الغلابة أمثاله، نشال يؤمن بأنه يقوم بعمل غير أخلاقى، وعمره ما ادعى الشرف أو الدفاع عن المبادئ، مثل أردوغان: «الحرامى الشيك»..!