يختلف الحاكم ويظل الطغيان واحداً، تمر العصور وتبقى طرق القمع لا تختلف بين أول من أرسى قواعد حظر التجوال فى «البصرة» ببلاد العراق، وبين من أنهى قواعده على أرض بورسعيد فى «أزهى عصور الديمقراطية». التاريخ لم يثبت أول حالة طوارئ موثقة إلا فى التاريخ الإسلامى حين أقره «يزيد بن معاوية» بعد توليه «البصرة» فى أول خطبة بعد «الفتنة الكبرى» ومقتل الحسين بن على، ففى خطبة «البتراء» التى لم يبدأها «بالحمد والثناء» حذر من الانغماس فى الضلال وعدم البعد عن الفتن، ويذكر المؤرخون الإسلاميون أنه أطال فى خطبته «معنفاً وموبخاً»، وختمها بتهديده لكل من يتجول فى المدينة، محذراً من أن ينتهك أحدهم هذا «الحظر». سفك الدماء بعد خطبة «يزيد» لم ينته، ففى أول إعلان صريح لحظر التجول ليلا «لضبط عناصر التنظيم المعارض» الموالين للحسين، قتل ثلاثة أشخاص خرقوا حظر التجول. لم يختلف الحال كثيرا بعد ما يقرب من 1400 عام؛ حيث فرض الرئيس محمد مرسى وبكل حزم حظر التجول على مدن القناة، التى لم يتغير حال أهلها عن حال أهل «البصرة»، ولكن «يزيد» استطاع أن يسيطر على 3 أشخاص فى «طوارئ البصرة»، بينما لم يستطع النظام أن يسيطر على «طوارئ مدن القناة». الدكتور خالد العزب، أستاذ التاريخ مدير مشروع «مصر المعاصرة» فى مكتبة الإسكندرية، يؤكد أن مفهوم «حظر التجول» بمعناه الحالى غير معروف تاريخياً، ولكنه يشبه ما يسمى فى كتب المؤرخين ب«الالتزام بالبيوت»: «مصطلح حظر التجول مصطلح قانونى مستمد من القوانين الأوروبية، ولكنه مفهوم متأصل فى الحكم الإسلامى منذ قرون طويلة وعلى الأخص إبان فترات الفتن والمحن والحكم العسكرى». يؤكد «العزب» أن حظر التجول تاريخيا كان يشبه إلى حد كبير ما يحدث الآن: «الأهالى كانت بتخشى القتل العشوائى الذى يمارسه العسكر، فتحرص على الابتعاد عن الاحتكاك بالشارع»، مؤكداً أن سيطرة «النظام» تاريخيا على المعارضة بحجة مقاومة الفتنة صنعت دولة «الطاغية».