الفتيات يتصدرن المشهد.. ننشر أوائل الثانوية الأزهرية بأسيوط    محافظ أسوان يكرم "إبتسام" خامس الجمهورية في الثانوية الأزهرية (صور)    جني الأرباح يدفع المؤشر الرئيسي للبورصة اليوم للهبوط 1.38%    سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 28 يوليو 2025    برلماني: كلمة السيسي بشأن غزة تعكس ثوابت مصر الراسخة تجاه القضية الفلسطينية    ترامب: إسرائيل تتحمل مسئولية كبيرة لوصول المساعدات إلى غزة    "شبح ميشالاك يعود".. شوبير يكشف صفقة أوروبية مرتقبة في الزمالك    حريق هائل يلتهم مطعم مأكولات سورية شهير بالإسكندرية- صور    ننشر أسماء أوائل الثانوية العامة علمي علوم في جنوب سيناء    "سألوني الناس عنك يا حبيبي".. أغاني فارقة بمشوار فيروز وزياد الرحباني    ترامب وستارمر: مراكز مساعدات مفتوحة لغزة    أربعة حرائق كبيرة لا تزال مشتعلة في تركيا    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    «الأعلى للإعلام» يُلزم 3 مواقع بسداد غرامات مالية بسبب مخالفة «الضوابط والمعايير والأكواد»    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    كمال حسنين: كلمة الرئيس السيسى كانت "كشف حقائق" ومصر أكبر داعم لفلسطين    توجيهات رئاسية بمواصلة التنسيق مع الجهات المعنية لتعزيز قدرات الأئمة وتأهيل الكوادر    الغرف التجارية: تطوير قطاع العزل والنسيج خطوة نحو استعادة مكانة مصر الرائدة    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    ضغوط على بريطانيا للاعتراف بفلسطين.. صحيفة: سيكون له ثقل خاص بسبب وعد بلفور    التحقيق في وفاة فتاة خلال عملية جراحية داخل مستشفى خاص    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    هدى المفتي تنفي خبر ارتباطها بأحمد مالك    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الداخلية تضبط سائق سيارة نقل لاتهامه بتعريض حياة المواطنين للخطر    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    الإسكان تُعلن تفاصيل مشروعات محافظة بورسعيد    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    بأحدث الإصدارات وبأسعار مخفضة.. قصور الثقافة تشارك في معرض الإسكندرية العاشر للكتاب    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    كل عبوة مساعدات مجهزة لتلبية احتياجات الأسرة في غزة لمدة 10 أيام    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    ثروت سويلم: ضوابط صارمة لتجنب الهتافات المسيئة أو كسر الكراسي في الإستادات (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فليبحث له عن شرع آخر!
نشر في الوطن يوم 30 - 01 - 2013


الحمد لله..
«هذا شرع الله.. ومن لم يعجبه شرع الله فليبحث له عن شرع آخر»!
هكذا وبكل بساطة قالها خطيب الجمعة لمن اعترض على كلامه الذى يشرح به الشريعة وفق فهمه هو لنصوصها، ليساند موقفاً سياسياً فى قضية اختلف عليها الناس، وهو أمر مباح لا يتعلق بأحكام الوجوب ولا حتى الندب..
وكأن فهمه للشرع أصبح هو الشرع قطعى الدلالة الذى يخرج من يرفضه عن الإسلام!
فهاج المسجد وماج بمن فيه بين رافض لكلامه ومدافع عنه.
«الكلام فى الجمعة يفسد الجمعة»..
هكذا وبهذه العبارة توهم أن المسجد سوف يعود إلى سكينته التى انتُهكت قُدسيتها من على سُدة المنبر الشريف بإصراره على التحيز لاختيارات التيار السياسى الذى يُناصره فى موقف لا يخضع للإلزام الشرعى إلا فيما يتعلق بالتزام أمانة الاختيار.
«أنتم فى بيت من بيوت الله فارعَوا حرمته»..
كانت هذه محاولته الثالثة للتهدئة، مذكراً بحرمة بيوت الله التى هتكها بتحويل سدة منبر النبى من مظلة تخاطب جميع الأطراف بما يُرَشِّد شئون حياتهم روحياً وعملياً، فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى طرف متحيّز فى صراع التنافس على الحكم.
«واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»..
كانت صرخته الأخيرة فى محاولاته للتهدئة بعد أن زاد الضجيج فى المسجد وعَلَت أصوات المصلين بالهتافات المتعارضة، ولم ينتبه إلى أنه قد مزّق بكلماته فى الخطبة أواصر هذا الاعتصام.
كانت تلك نصوص لعبارات كان خطيب أحد الجُمَع يصرخ بها فى المصلين الذين اعترتهم حالة من الهياج بعد أن سمعوا منه توجيهاً فى أحد الاختيارات السياسية المباحة بعد أن أعطى الاختيار الذى أراده صفة الشريعة واعتبر الاختيارات الأخرى مخالفة للإسلام!
بالطبع لا يقبل مؤمن أن يرى شعيرة الجمعة وهى تضطرب على هذا النحو، ولا ريب أن العبارات التى نادى بها الخطيب، باستثناء الأولى منها، عبارات شرعية صحيحة..
لكن السؤال المطروح: لماذا لم يستجب لها المسلمون الذين يُصلون فى المسجد؟
والإجابة عن هذا السؤال المهم تتطلب طرحَ أسئلة أخرى:
هل كان تصرفه فى الخطبة شرعياً؟
هل حافظ الخطيب على قُدسية الشعيرة فى موقفه؟
هل كانت ألفاظه التى اختارها تُشعر بطمأنينة المكان ورقى العبادة وهدى النبوة؟
هل كانت عبارته الأولى مشوبة بالثقة المتغطرسة فى خضوع الناس لكلامه المعنون بالشريعة والمدبَّج بشواهد الآيات والأحاديث ومواقف السلف الصالح من الصحابة والتابعين على نحو يجعلك تتساءل هل كان مدبجاً أم (مدججاً)؟
هل هناك أى دلالة فى تدرجه فى صيحات تحذيره للمصلين من قوة (التحذير) الحازم من مخالفة الشريعة إلى (التنبيه) الصارم على أن الكلام أثناء الخطبة يفسد الجمعة، ثم إلى (التذكير) المنبه على حُرمة بيوت الله، ثم إلى (رجاء) الاعتصام بحبل الله ونبذ التفرق؟
وهل لهذه الدلالة صلة بصدمته من فقد عباراته للفاعلية التى اعتادها فى التأثير على قلوب المؤمنين وتصرفاتهم كلما خاطبهم بها قبل أن يخوض مخاض العمل السياسى الحزبى؟
وهناك سؤال مهم يستدعيه الموقف بجملته:
هل هذا الموقف يمثل نموذجاً مصغراً يمكن أن يكون مقدمة لحالة عامّة من التدهور قد نصل إليها، لا قدر الله، إذا استمر الإهدار السياسى للمخزون الإيمانى فى قلوب الناس؟
(يا معاذ، أفتّان أنت؟)..
قالها سيدنا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) موبِّخاً سيدنا معاذ بن جبل (رضى الله عنه)..
لِمَ يوبخ نبىُّ الرحمة صحابياً جليلاً وفقيهاً كبيراً بتحذيره من أن يكون فتاناً؟
وما الموقف العظيم والخطأ الجسيم الذى وقع فيه كى يتوجه إليه النبى بهذا الخطاب الشديد اللهجة؟
كان سيدنا معاذ يُصلى بقومه من الأنصار فى مسجدهم بعد أن يُصلى مع النبىّ.. فأطال عليهم الصلاة ذات يوم حتى أنّ أحدهم لم يتحمل الإطالة بسبب حاجته إلى الانصراف لبعض أشغاله فما كان منه إلا أن فارق الجماعة وأكمل صلاته منفرداً لينصرف إلى شأنه.
فلم يرَ سيدنا معاذ أن هذا التصرف يتناسب مع حال المؤمن واتهم الرجل بالنفاق.
ولما بلغ الرجل اتهامه له بالنفاق آلمه هذا الاتهام، فشكاه إلى سيدنا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلاً:
«يا رسول الله إنّا قوم نعمل بأيدينا ونسقى بنواضحنا [الجِمال التى تحمل الماء]، وإن معاذاً صلى بنا البارحة فقرأ البقرة فتجوزت، فزعم أنى منافق».
فقال النبى (صلى الله عليه وسلم):
(يا معاذ، أفتّان أنت؟ أفتّان أنت؟ أفتّان أنت؟
اقرأ «والشمس وضحاها» و«سبح اسم ربك الأعلى» ونحوها، فإنه يصلى وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة).
أنكر نبىُّ الرحمة هنا على سيدنا معاذ أمرين:
الأول: التطويل على الناس فى الصلاة إلى درجة تجعلهم يستثقلونها.
الثانى: اتهام من لم يتقبّل اجتهاده فى اختيار سورة طويلة بالنفاق فى دينه.
وفى هذا درس عظيم لمن يتولى مسئولية تصدّر الخطاب الإسلامى لأن البلاغ عن الله أمر بالغ الخطورة..
فهو يُعطى متصدر الخطاب سلطة معنوية على القلوب المؤمنة بالرغم من أنه لا كهنوت فى الإسلام وأن كُلاً منّا يُؤخذ من قوله ويُرد إلا النبىّ المعصوم..
وهذا يقتضى خوفاً وحذراً لدى متصدّر الخطاب من أن تشوب نوازع نفسه ما يحمله من أمانة مسئولية هذه السلطة الروحية فيؤدى ذلك إلى فتنة الناس فى دينهم، وهذا هو مقتضى الشعور بالمسئولية تجاه هذه الأمانة العظيمة.
فإذا كان النبىُّ قد حذّر من هذه الفتنة فى أمر متعلق بتطويل الصلاة فكيف بمن يزج بمنبره فى معترك التنافس على السلطة.. ثم يقول لمن يرفض موقفه: هذا شرع الله، ومن لم يعجبه شرع الله فليبحث له عن شرع آخر؟
{إنّا عَرَضْنا الأمانةَ على السماواتِ والأرضِ والجبالِ فأبَيْنَ أن يَحْمِلْنَها وأشْفَقْنَ منها وحَمَلَها الإنسانُ إنّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً}.
اللهم يا من وفَّق أهل الخير للخير وأعانهم عليه وفّقنا للخير وأعنّا عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.