أ.د. محمد عبدالباقى فهمى أستاذ جراحة الأطفال بطب الأزهر من المشكلات الشائعة بين الأطفال فى كل المجتمعات وعلى كل المستويات، وإنه من الصعوبة تحديد وصف دقيق لمعنى كلمة الإمساك، ولكن التغيُّر الذى يحدث فى عدد مرات التبرُّز أو فى كمية البراز وكذلك حدوث ألم مع الإخراج.. كل هذه الحالات يُطلق عليها إمساك، ويُعتبر الطفل الذى يُخرج أقل من ثلاث مرات فى الأسبوع مريضاً بالإمساك المزمن، وفى بعض حالات الإمساك المزمن يحدث التبرُّز اللا إرادى، وهو من مضاعفات الإمساك عند الأطفال. وأسباب الإمساك كثيرة جداً، وقد تكون عضوية أو وظيفية، حيث لا يوجد سبب عضوى واضح. أما الأسباب العضوية التى تؤدى إلى الإمساك، فأهمها مرض غياب العُقد العصبية فى القولون المسمى باسم أول من وصفه فى سنة 1886 Hirschsprung's (مرض هير شسبرنج)، حيث يولد الطفل فى هذه الحالة وجزء من القولون محروم من وجود العُقد العصبية التى تستقبل الإشارة التى تأمر القولون بالانقباض والانبساط، فيحدث ضيق فى آخر القولون ينتج عنه إمساك مُزمن مستحيل أن يُشفى منه الطفل إلا باستئصال هذا الجزء المعطوب. أما الأسباب العضوية الأخرى للإمساك فهى على سبيل المثال: 1 - أمراض شلل الدماغ. 2 - مرض البول السكرى. 3 - مرض انخفاض نسبة هرمون الغدة الدرقية. 4 - أمراض الشرج المختلفة، مثل: - الشرخ الشرجى. - ضيق الشرج. - البواسير، وإن كانت نادرة فى الأطفال. 5 - أمراض العمود الفقرى. 6 - كذلك قد يكون الإمساك ثانوياً لتعاطى بعض الأدوية مثل أدوية الأعصاب وأدوية الصرع. أما الإمساك الوظيفى: فلا يوجد سبب واحد معروف مسئول عنه، ولكن هناك مجموعة من العوامل قد تساعد على حدوثه: - منها ما هو وراثى، فغالباً ما تكون الأم أو بعض الإخوة يعانون من نفس المشكلة. - ومنها ما هو من العادات المتّبعة مع الطفل. - كإجبار الطفل على الجلوس للتواليت قبل سن سنتين. - و قلة الألبان والخضار الطازج والألياف فى الأكل. - الإكثار من شرب السوائل الغازية. - تغيير تركيب وجبة الطفل وتقليل كمية السوائل المقدّمة له. - وفى دراسة على الأطفال وُجد أن هناك نسبة تتراوح بين 3 إلى 8% من الأطفال يعانون من الإمساك فى الولاياتالمتحدة، أما عندنا فى مصر فقد وجدنا أن نسبة حدوث الإمساك المزمن بين أطفال المدارس فى شريحة من الأطفال فى بعض مناطق القاهرة بلغ عددها أكثر من 800 طفل هى 6.5%. وهذه الظاهرة تنتشر أكثر فى البنات عنها فى الأولاد، كما وجدنا فى هؤلاء الأطفال أن نسبة حدوث الإصابة بالديدان الدبوسية مرتفعة جداً وتصل إلى 12% من الأطفال الذين يعانون من الإمساك، وللأسف فقد وجدنا أن هذه المشكلة موجودة فى 40% من هؤلاء الأطفال دون معرفة الآباء لها، ومن الأسباب العملية التى وجدنا أنها قد تكون وراء حدوث الإمساك عند أطفال المدارس، عدم توافر إمكانيات تواليت فى المدرسة، يذهب إليه الطفل عند الحاجة، كما أن نحو 65% من الأطفال الذين يعانون من الإمساك، أمهاتهم تعملن ولا تتمكن من تجهيز وجبة إفطار للطفل قبل ذهابه إلى المدرسة. ولكن ما الحل؟ 1 - تجنُّب إجبار الطفل على الجلوس للتواليت قبل سن السنتين. 2 - إعطاء الطفل وجبة خفيفة مع مشروب ساخن صباحاً ثم إعطاؤه فرصة بعدها للجلوس فى الحمام من «3 - 5» دقائق، ولا يتحقق ذلك إلا بإيقاظ الطفل مبكراً عن موعد المدرسة بساعة على الأقل. 3 - الإكثار من أكل الفاكهة والخضراوات الطازجة التى تحتوى على نسبة عالية من الألياف، كالبرتقال والخص والجزر والطماطم والخيار والتفاح. 4 - تقليل، بل حتى منع، شرب المشروبات الغازية بالمدرسة، حتى إن بعض الدول الاسكندنافية تمنع تداول أو الإعلان عن أى مشروب غازى بالمدرسة، وتستبدل بهذه المشروبات اللبن السادة أو المخلوط بالفواكه. 5 - الطفل الذى يعانى من إمساك مزمن ولا يستجيب للخطوات السابقة نبدأ معه العلاج بالأدوية، وننصح بتجنُّب زيت البرافين الذى يُستخدم بكثرة فى مصر، حيث إن تأثيره المليّن ضعيف مع حدوث آثار جانبية، خصوصاً إذا أُعطى للطفل لمدة طويلة. وهناك أنواع كثيرة من الملينات، أفضلها ما يساعد على تكوين كمية من الفضلات والألياف، ولكن لكل حالة ما يناسبها من أنواع الملينات المختلفة. 6 - هناك حالات كثيرة ننصح فيها بدخول الطفل المستشفى لمدة يوم واحد أو يومين يجرى خلالها تنظيف كامل للأمعاء، ثم يبدأ الطفل صفحة جديدة من حياته مع اتباع التعليمات السابقة والمتابعة، من خلال العيادة الخارجية مرة أسبوعياً. 7 - الحالات التى يكون فيها شك من وجود مرض غياب العُقد العصبية (هير شسبرنج) نقوم حالياً من خلال عيادة الإمساك المزمن بعمل عينة من المستقيم بدون تخدير، وفى زمن لا يتجاوز ربع الساعة وتحلل العينة تحت الميكروسكوب لبيان وجود المرض من عدمه.