تتواصل جلسات الحوار الوطنى تحت رعاية الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، وبإدارة موثوق بها من السيد المستشار محمود مكى، الذى كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية، وأغلب الظن أن جموع الشعب المصرى تتمنى أن يثمر هذا الحوار عن نهاية للمعاناة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبشىء قليل من المنطق كان يمكن لأهل الحوار على اختلاف انتماءاتهم أن تشجعهم تلك الرغبة الشعبية على المشاركة الجادة والفعالة فى الحوار، وكان يمكنهم أن يعملوا على إنجاحه ثم يستثمرون ذلك النجاح فى التواصل مع الجماهير لكسب ثقتهم، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية جديدة يخطط كل حزب أن يخوضها ويخرج منها بنصيب وافر من مقاعد مجلس النواب. غير أن هذا لم يتحقق، فما زالت مكونات مهمة للمعارضة لم تشارك حتى الآن فى هذا الحوار واكتفى بعض منها بإرسال اقتراحاته وملاحظاته إلى المشاركين فى الحوار، وتمنى المستشار محمود مكى أن تأتى هذه الفصائل المعارضة للمشاركة مذكراً إياهم بلقاءات تجمعهم مع بعض الأجانب، كأنه يريد أن يقول: هل الحوار مع الأجانب أحب إلى هذه الفصائل المعارضة من حوارهم مع بنى وطنهم الذين ينتمون إلى اتجاهات سياسية أخرى؟ المتأمل فى هذا المشهد قد يدور بخلده سؤال منطقى مؤداه أن الفريق الداعى للحوار والمشارك فيه عليه أن يشجع بشكل عملى الفريق الرافض، ويأتى بعد ذلك سؤال منطقى آخر: ما نوع التشجيع الذى يمكن أن يساعد مقاطعى الحوار للمشاركة فيه؟ كنت أتمنى أن يستجيب الداعون إلى الحوار لبعض المطالب الجوهرية التى يريد الفريق الآخر تضمينها فى قانون انتخابات مجلس النواب؛ لأن ذلك يفتح باب الأمل لمقاطعى الحوار أن بإمكانهم الفوز بنصيب معقول من مقاعد مجلس النواب القادم، وحتى الآن لم يتم ذلك، فهل لمجلس الشورى أن يستدرك هذا الأمر ويتولى هو تحقيق هذا التشجيع. ومن الجهة الأخرى يعتبر منطقياً ومقبولاً أن ترسل فصائل المعارضة ممثلاً أو أكثر لعله يستطيع أن يبعث برسالة تقدير لمن دعا وشارك فى الحوار، لأنه وببساطة يمكن استنباط أن عملية المقاطعة فيها قدر كبير من الاستهانة بالحوار وبالمشاركين فيه، فضلاً عن أنها تحمل رسالة سلبية إلى أفراد المجتمع الذين يتمنون اتفاقاً أو وفاقاً طال انتظاره. وإن قبلت فصائل المعارضة بالاقتراح فلها أن تختار من بين أعضائها أكثرهم حكمة وتعقلاً، فقديماً قيل: «إذا كنت فى حاجة مرسلاً وأنت بها كلفٌُ مغرمُُ فأرسل حكيماً ولا توصه..». وعلى كل مهتم بأحوال الوطن وبهذا الحوار أن يجتهد فى اقتراح حزمة من الأفكار تشجع هذا الفريق أو ذاك؛ لأن حالة الجمود مرفوضة، وحوار تغيب عنه بعض الفصائل المعارضة هو حوار منقوص قد يساهم فى إيجاد أنواع أخرى من بذور الفرقة والتشرذم. فيا أيها المصريون أجمعون، المتحاورون منكم والمقاطعون، وكذلك المراقبون، هيا لنتحرك جميعاً ليشجع بعضنا بعضاً على الحوار، فذلك أجدى وأنفع من انتظار المجهول أو انتظار النصائح المخلصة أو المتربصة قد تأتى من خارج حدود الوطن.