* الشعب يشكر أول نائب لرئيس مدنى منتخب على أدائه الوطنى المتميز * أسهم فى إنجاح جولات الحوار ومثّل مصر فى مؤتمر الدول الإسلامية * د. محمد البلتاجى: رئيس الوزراء يأخذ صلاحيات نائب الرئيس * محمود الخضيرى: الاستقالة منطقية وطبيعية فى هذا التوقيت * ثروت بدوى: موقف محترم والتزام تام بنصوص الدستور جاءت استقالة المستشار محمود مكى من منصبه نائبا لرئيس الجمهورية تطبيقا فوريا لإلغاء المنصب فى الدستور الجديد، وقد حظى مكى باحترام وتقدير شديدين بين النخبة السياسية أو على مستوى رجل الشارع الذى لمس فيه وطنية وصدقا وتجردا. أدى المستشار محمود مكى اليمين القانونية فى 12 أغسطس 2012 بعد أن اختاره الرئيس محمد مرسى نائبا له ليصبح أول نائب لأول رئيس مدنى منتخب فى مصر بعد ثورة 25 يناير، وقد لاقى اختياره قبولا كبيرا من مختلف القوى الوطنية لنزاهته وحيدته ولنضاله المشرف من أجل استقلال القضاء ومحاربة الاستبداد والقمع والتزوير فى عهد المخلوع. وقد مارس النائب صلاحياته حيث شارك المستشار محمود مكى -نيابة عن الرئيس- بقمة الدول الثمانى الإسلامية النامية (دى -8) بإسلام أباد بباكستان فى 22 نوفمبر. ولعب مكى دورا كبيرا فى إنجاح جولات الحوار الوطنى، وإنهاء حالة الاستقطاب والاحتقان السياسى، وشارك فى الدعوة لها وإدارتها والتقليل من حدة الأزمة السياسية التى أعقبت إصدار الإعلان الدستورى فى 22 نوفمبر، وقدم مكى فى 5 ديسمبر مبادرة شخصية دعا فيها القوى المعارضة لمشروع الدستور لحوار سياسى لتقديم مقترحاتها ووضع آلية للتوافق، والتوصل لوثيقة مكتوبة حول مواد الدستور المختلف عليها تُقدم للبرلمان الجديد المنتخب لتعديلها. وترأس المستشار مكى يوم 8 ديسمبر أول جولة للحوار الوطنى لبحث سبل حل الأزمة السياسية فى البلاد، بمشاركة العديد من الشخصيات الحزبية والقانونية والعامة، وقد بذل جهودا حثيثة لإقناع قيادات جبهة الإنقاذ بالمشاركة، التى لم تستجب للدعوة، ونجح الحوار فى تحقيق أهدافه حيث تم إلغاء الإعلان الدستورى الصادر ب22 نوفمبر، ووضع رؤية وسطية وواضحة لمسار نعم ومسار لا، وتم تحديد مجال تحصين القرارات السيادية فقط للرئيس. واستمرت جولات الحوار الوطنى برئاسة المستشار مكى بالجولة الرابعة وتم فيها استعراض ما وصلت إليه اللجنة المصغرة فى آخر اجتماعاتها، وتم مناقشة المسار المستقبلى للحوار فى ضوء نتائج الاستفتاء سواء بالموافقة أو الرفض. واتفق الحاضرون أنه فى حالة الموافقة على مشروع الدستور سيتم مناقشة قانون انتخابات البرلمان، وأيضا مناقشة المواد المقترح تعديلها فى مشروع الدستور لعرضها على البرلمان المقبل. أما فى حالة عدم الموافقة فسيتم مناقشة قانون انتخابات الجمعية التأسيسية الجديدة، واتفق الحاضرون على أن يتم إرسال المقترحات حسب النتائج الأولية للاستفتاء إلى لجنة الحوار الوطنى المصغرة يوم الاثنين 25 من ديسمبر الجارى. وسوف تجتمع اللجنة المصغرة غدا لدراسة المقترحات المقدمة حتى يتم تصنيفها وإعداد أهم المقترحات لتعرض فى الاجتماع الموسع بعد غد (الأربعاء). إجراء طبيعى وأكد سياسيون أن استقالة المستشار محمود مكى، نائب الرئيس السابق، من منصبه فى هذا التوقيت أمر طبيعى ومنطقى وضرورى، وكانت ستحدث لا محالة؛ لأنها تأتى اتساقا مع الدستور الجديد الذى لا يوجد به نص لمنصب نائب الرئيس، وأشاروا إلى أن "مكى" احترم نصوص الدستور فى موقف معبر عن شخصيته المحترمة والملتزمة، لافتين إلى أن الرجل ضرب مثالا فى الوطنية وإعلاء المصلحة العامة على الخاصة. وأشاروا إلى أن المادة "142" من الدستور الجديد تنص على: "يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوّض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء أو لنوابه أو للوزراء أو للمحافظين؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون"، كما تنص المادة "153" على: "إذا قام مانع مؤقت يحُول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء.. وعند خلو منصب رئيس الجمهورية؛ للاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل أو لأى سبب آخر، يعلن مجلس النواب خلو المنصب، ويخطر المفوضية الوطنية للانتخابات، ويباشر رئيس مجلس النواب مؤقتا سلطات رئيس الجمهورية". وكان نائب الرئيس قد أوضح فى بيان رسمى له الأسبابَ التى دفعته لتقديم استقالته، وأهمها أنه يرى أن الوقت أصبح مناسبا للإعلان عن هذه الاستقالته بعدما دافع عن حق المواطن فى التعبير عن رأيه فى مشروع الدستور فى ظل إشراف قضائى كامل سعيا إلى استقرار أوضاع الوطن، وتوشك المهمة أن تتم بنجاح بإتمام عملية الاستفتاء على الدستور، مشيرا إلى أنه قدّم طوال فترة عمله كنائب للرئيس جهودا مضنية وكبيرة للقيام بالمهام التى أُوكلت له، وأنه كان يعلى المصلحة الوطنية العامة على أى مصلحة خاصة، وأكد أنه سيستمر جنديا متطوعا ومتأهبا دائما فى الصف الوطنى. وأوضح الدكتور محمد البلتاجى، أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، أن الدستور الجديد لا ينص على وجود منصب نائب للرئيس، وأن الرجل الثانى فى الدولة سيكون هو رئيس الوزراء. وأشار إلى أن الخطوة التى تقدم بها المستشار محمود مكى كانت ضرورية؛ لأنها قادمة لا محالة، لافتا إلى أن قرار تقديم مكى لاستقالته فى هذا التوقيت يأتى لأنه على يقين بأن الدستور سيمرر وأن الشعب وافق عليه بنسب تزيد عن الجولة الأولى. أما المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، فيرى أن استقالة المستشار محمود مكى فى هذا التوقيت طبيعية ومنطقية؛ لأن الدستور الجديد ليس به نص لمنصب نائب الرئيس، ومن ثم فإن "مكى" أراد أن يعفى الرئيس محمد مرسى من حرج الانتظار إلى إقرار الدستور. وأضاف أن "مكى" ألمح سابقا -خلال اجتماعاته فى جلسات الحوار الوطنى- أن الدستور سيبعده من منصبه، ومن ثم فهِم الجميع أن استقالته وشيكة. من جانبه، قال الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى عضو الجمعية التأسيسية: من الطبيعى أن يتقدم المستشار محمود مكى باستقالته لرئيس الجمهورية من منصبه كنائب للرئيس، خاصة أن الدستور الجديد ليس به نص يلزِم الرئيس بهذا المنصب، والمؤشرات الأولية تشير إلى أن الدستور فى طريقه للإقرار بعدما زادت نسبة الموافقين عليه أكثر من المعترضين، ومن ثم فهذا موقف محترم منه؛ التزاما بالدستور. وأكد الدكتور نصر الدين عبد السلام، رئيس حزب البناء والتنمية، أن أداء المستشار محمود مكى خلال فترة توليه منصب نائب الرئيس كان متميزا وفوق العادة، وبذل جهودا كبيرة ومضنية فى سبيل وطنه، وقال: لذلك فأنا أعتبره أفضل مَن تولى منصب نائب الرئيس طوال تاريخ مصر، ومن ثم فقد افتقدنا رجلا عظيما فى هذا المنصب، ونتمنى أن يبقى عليه الرئيس فى مؤسسة الرئاسة فى أى منصب آخر. وتابع عبد السلام: مكى كان مثالا للرجل الوطنى المخلص لبلاده الذى يضحى لأجلها براحته ووقته، فقد كان لا يهدأ له بال خلال فترة وجوده بمؤسسة الرئاسة. وفى السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد محيى الدين، وكيل مؤسسى حزب غد الثورة، أحد المشاركين الفاعلين فى جلسات الحوار الوطنى، أنه يعتقد أن الرئيس قد يتمسك بالمستشار محمود مكى فى مؤسسة الرئاسة كمساعد أول له، أو كبير مستشاريه، حيث إن الرجل شخصية وطنية كبيرة ومحترمة، وله تاريخ مشرف، ويبذل جهودا عظيمة فى المرحلة الحالية من أجل لم الشمل وإحداث توافق، ويلعب دورا بارزا فى هذا الإطار، ويلقى ترحابا وتوافقا من قِبل الكثير من القوى السياسية.