بالتأكيد يعرف معظمنا بقية هذا المثل الشائع، ولكنى أكتبها من جانب الاحتياط.. يقول المثل: «من شاف بلوة غيره.. هانت عليه بلوته»!.. وأعتقد أن هذا المثل كان من اختراع الطبقات الحاكمة على مر العصور فى مصر، والذى امتد أثره بصور مختلفة فى عصرنا هذا.. والقصد منه «احمد ربنا على ما أنت فيه لأن هناك من هم فى وضع أسوأ»!!، فإذا تحدثنا عن «العيش» أوردوا لنا أمثلة من دول يموت مواطنوها من الجوع.. بينما نحن لم نصل فى ظل حكمهم الرشيد إلى حد الموت جوعاً، وإذا أشرت إلى العشوائيات أفحموك بالبيوت الصفيح وغير ذلك الكثير من تبرير الظلم والفشل فى إدارة البلاد.. ولكن ومع الصبر على كل هذه المصائب ابتلانا البعض بمصيبة أخرى ومستجدة على مصر، وهى «التكفير» وأخذ هذا المنهج يتفشى ويتوسع، بجهود ظاهرة وأخرى خفية، ونحن نحاول التعايش معه إلى أن يفرجها المولى علينا.. ولكن أن يصل التكفير إلى عمداء الأزهر الشريف، كما نشرت «الوطن» مؤخراً، فهذا بداية الطوفان الذى يريد أعداؤنا إغراقنا فيه.. عندما كنت أسمع من «يكفر» شخصى المتواضع كنت أتعجب من جرأة هؤلاء على ادعاء «صلاحية» من صلاحيات الخالق، وأحزن لما وصل إليه من يدعون «الدعوة» للدين الحنيف.. ولكن إذا قست «بلوتى» أنا.. بالبلوة الأعظم والتى طالت علناً ودونما أى اعتبار مكانة الأزهر التى أضيفت لمكانة مصر، من حيث إن بها «منارة العالم الإسلامى»!.. فإن بلوتى تهون وتهون، وإن كانت تستنفر كل ذرة فى كيانى لدق ناقوس الخطر مع كل الشرفاء والأسوياء والتحذير من المنحدر الذى يقودنا إلى قاعه من خرجوا علينا بإسلام لا نعرفه، خاصة أن أولى أولوياتهم.. فرض النقاب وتعدد الزوجات والتزام المرأة البيت وتدرجوا إلى تحريم الخروج على الحاكم ولو كان «ظالماً؟!»، وإعادة الرق، وأن الديمقراطية كفر، كما أن الليبراليين والعلمانيين والنصارى كفار ولا يجوز تسميتهم بالمسيحيين!! وباختصار تحريم كل ما حققته الإنسانية من نظم سياسية واجتماعية فى العصر الحديث، مع التمسك طبعاً بالاستمتاع بكل ما توصل إليه «الكفار» من وسائل حياة.. من الموبايل إلى الطائرة.. والمصيبة أنهم يوجهون إنذاراً إلى عمداء الأزهر «بالاستتابة واعتناق الإسلام!» يا خبر مهبب!! ووسط هذا الغم الذى يتسع فيه نطاق البلوة بغرض تعميمها، فلا تكون بلوتك أهون، هبت نسمات فرحة بأخبار أكدها قضاؤنا الشامخ، منها براءة الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، وكذلك المهندس أسامة الشيخ، وقد كتب عن الاثنين الكثير من الزملاء.. وكنت قد تعرفت فى باريس على الفنان فاروق حسنى فى سبعينات القرن الماضى، وقد أحكى يوماً ما لمسته بنفسى من مواقف وطنية رائعة، ولكن بانتظار «فرج الله»، أكتفى بالإشارة إلى الحرب الشعواء التى شنتها عليه إسرائيل وأمريكا، إبان ترشحه لرئاسة منظمة اليونيسكو، ولى سؤال للموسيقار يحيى خليل: كيف نجحت فى تحويل الآلات الموسيقية إلى أدوات ناطقة ومعبرة عن الفرح والحزن والوطنية؟!.. وأكيد سينتصر النور على الظلام!!