شارك الفنان الأردني منذر رياحنة في عدة أعمال، مصرية وأردنية وخليجية، وتألق "رياحنة" في كل هذه الأعمال، ابتداء من "أنا القدس"، وانتهاء ب"خطوط حمراء"، فلفت إليه الأنظار، وتوج كل هذا بمجموعة من الجوائز والتكريمات، كان آخرها جائزة أفضل ممثل أردني من مهرجان "الجوردن آوورد". وحول فيلمه الجديد "مملكة النمل"، الذي يدور حول القضية الفلسطينية، الذي شارك مؤخرا في المسابقة الدولية للأفلام العربية لمهرجان القاهرة السينمائي، يدور هذا الحوار مع منذر رياحنة، الأردني الجنسية، المصري الثقافة، والعربي الهوي. = ماذا عن فيلمك الجديد "مملكة النمل".. وأين تضعه بين أفلامك؟ - إنه أول فيلم سينمائي أقوم فيه بدور البطولة، وهو يناقش جانبا من جوانب القضية الفلسطينية، ويتحدث عن الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني من قبل العدو الصهيوني، ويرصد معاناة الفلسطينيين المستمرة منذ 60 عاماً ومحاولتهم الحياة رغم كل الضغوط والأزمات، وتم عرض الفيلم في الأردن ولبنان وتونس، والخطوة القادمة ستكون عرضه في مصر. = هل تمكنت السينما العربية من تجسيد القضية الفلسطينية بشكل جيد أم لا؟ - يجب أن نقول إن القضية الفلسطينية نفسها مرت بعدة مراحل، كانت في وقت من الأوقات هي أهم قضية في عالمنا العربي، ثم مرت بعدها بمرحلة ركود، والآن أصبحت قضية وسط قضايا عربية عديدة، لكني أري أنها القضية الرئيسية التي ينبغي أن نوليها اهتمامنا اليوم، لأنه من المستحيل أن "ترتاح والعدو قاعد في بيتك". وبالنسبة ل"مملكة النمل" فإنه يقدم إطلالة على فلسطين وشعبها من الداخل، ويبعث رسالة للجميع بأننا لن ننساها، أما الدراما فقد تناولتها بعدة أشكال، ومنها بعض الأعمال التي قدمتها، مثل: مسلسل "أنا القدس" و"القدس والاجتياح". = كيف تصنف فيلمك "مملكة النمل".. هل هو جماهيري أم فيلم مهرجانات؟ - دوري كممثل يفرض عليّ ألا أصنف الفيلم، لأن ذلك هو دور الجمهور صاحب القرار الأول والأخير من خلال إقباله عليه، ومن ثم تصنيفه. = هل كنت تتوقع أن يحصد الفيلم جائزة في مهرجان "القاهرة السينمائي"؟ - كنت أتوقع ذلك بنسبة كبيرة، خاصة وأنها أول مشاركة لي في هذا المهرجان العريق، لكن للأسف لم يحدث. = عملت في الدراما الأردنية والمصرية والخليجية فهل تشعر بفوارق بين كل منها؟ - الفوارق بالنسبة لي في الموضوع فقط، لأن التكنيك واحد لأي نوع من أنواع الدراما، والأداء الجيد يفرض نفسه في أي دور تقوم به في أي بلد، خاصة إذا تعرفت على تاريخ ذلك البلد عن قرب، وعن ثقافته أيضا، ليكون تأثيرك أكبر وأوقع. = ما علاقتك بالممثلين الأردنيين الموجودين بالقاهرة مثل إياد نصار؟ - علاقتنا طيبة جدا ونتبادل التهاني في أي عمل نقوم به، ومصر احتضنت كثيرا من الفنانين العرب، مثل أسمهان وفريد الأطرش وغيرهما، في الوقت الذي فتحت فيه الأردن أبواب "استديوهاتها" لمصر والمصريين في مرحلة معينة، لذلك أنا ضد تصنيف الفنان على حسب بلده لأن المصري لو حدث له سوء، أنا أول من سيبكي عليه بالرغم من أنني أردني. = لكن أحيانا يحدث نوع من الغيرة بين الفنانين وبعضهم، خاصة من نفس الجنسية، خوفا من سحب البساط منهم؟ - غير صحيح، لأننا حتى مع الفنانين المصريين لابد أن نخشى أن يفشل عمل أحدنا، كلنا كتلة واحدة وحربنا مع أشخاص آخرين، مثل الإعلام المستورد الذي نستهلكه بطرق أخري، والمفترض أن ننقد نقاط الضعف والقوة في العمل الذي نقدمه، بدلا من مناقشة الأمور الخاصة، لذلك من المفترض عندما يخطئ "منذر" مثلا أن يناقشه زميله الفنان في أخطائه بروح حب وليس عداء. = لكن هذا ما يحدث فعلا أم ما يفترض أن يحدث؟ - من المفترض أن يحدث، وأنا لا أقدم الواقع، لكني أقدم الحقيقة التي من المفترض أن يكون عليها الواقع. = هل تشعر بحرب بعد نجوميتك في مصر، خاصة تلك الشائعات التي قالت إنك شتمت بنات مصر؟ - لم يكن سبا، لكني قلت على الهواء لإحدى المتابعات: "أنا متجوز إبعدي عني"، وكان تعليقي عفويا، كما أني لم أر أي لحظة كره أو عداوة في مصر، بل بالعكس لاقيت كل حب. = ما رأيك في مطالبات بعض الفنانين المصريين بمنع مشاركة الفنانين العرب في الأعمال المصرية بحجة أنهم يأخذون فرصتهم في التمثيل في بلدهم؟ - ردي ببساطة أن مصر هي أم الدول العربية، فلو كان هذا القرار مفيدا لمصر في مرحلة معينة أنا معه، لكني ضد التصنيف، بمعنى: ما مشكلة أن يكون هناك عمل عربي مشترك، نرتقي فيه إلى مرحلة "السحاب" لأن الدول العربية لم تكن تحدها حدود، وللأسف مضطر لضرب مثل سخيف أعقد به مقارنة، وهي أن صناعة هوليوود السينمائية تكونت من مجموعة ثقافات مختلفة، ومصر هي "هوليوود الشرق" ولابد ألا تكون صناعتها أقل من هوليوود. = هل تري أن الدراما التركية سحبت البساط من الدراما العربية؟ - هناك بعض الأعمال التركية جيدة وبها جوانب إيجابية جيدة، لكن أعتقد أن لدينا مواضيع أهم وقضايا أكبر تناقشها الدراما العربية. = ولماذا لا تصل الدراما الأردنية إلى مصر مثل التركية؟ - لأن لدينا شيئا من الركود حاليا في الدراما الأردنية، لأسباب كثيرة منها التوزيع والإنتاج والتسويق. = هل تهتم الحكومة الأردنية بالصناعة الفنية؟ - للأسف الحكومة الأردنية لا تهتم بالصناعة الفنية رغم أهمية دور الفن في مساندة البلد، وعكس حضارة شعبه والارتقاء باقتصاده. = لو تحدثنا عن مسلسلك الأخير "خطوط حمراء" كيف ترى هذه التجربة، خاصة أنك حصلت على عدة تكريمات عن دورك فيه؟ - تم تكريمي أكثر من مرة في عدد من الصحف، وكذلك فزت بجائزة أفضل وجه جديد، وأراها تجربة أضافت لي الكثير، وفتحت لي آفاقا كبيرة في مصر التي أحبها كثيرا. = هل حدث اختلاف بين منذر رياحنة قبل "خطوط حمراء" وبعده؟ - نعم قبل "خطوط حمراء" كان هناك خوف كبير من ناحيتي، لأن البداية دائما ما تكون صعبة، خاصة إذا كنت تقدم نفسك لجمهور بحجم الجمهور المصري، الذي يتسم بالذكاء والوعي الكافي بالأعمال الفنية، والاختلاف بعد المسلسل يتمثل في صعوبة اختيار القادم بالنسبة لي من أعمال فنية، لأن العبء أصبح أكبر، لأنني مطالب بتقديم الأفضل، والذي يقنع الجمهور بشكل أوسع. = ما تبريرك أن الفنانين الذين يمثلون أمام أحمد السقا يسحبون البساط منه ويلمعون أكثر؟ - لم لا نأخذ الأمر من زاوية أخري، وأن ننظر للأمر من ناحية ذكاء أحمد السقا الذي يحرص على مشاركة فنانين كبار، ويفرد لهم مساحة كبيرة، ليصبحوا نجوما، في الوقت الذي يبقي فيه كما هو، أحمد السقا النجم، أو يزيد بريقه في كل دور عما قبله، إذن فهذه النقطة تحسب له، كصانع للنجوم، وأنا أرى أنه إنسان غير أناني في فكره، وذكي في توسيع دائرة الدراما للفنانين المتميزين، والأولي بنا أن نشكره، فهو حتى الآن نجم بأخلاقه وفنه الذي لن يموت أبدا. = وما جديدك الفني؟ - هناك عملان جديدان، أحدهما سينمائي أمام غادة عبد الرازق ومن إخراج هاني جرجس فوزي، ويشاركنا بطولته نضال الشافعي، والآخر مسلسل "العقرب" أمام حورية فرغلي، وتأليف حسام موسي وإخراج نادر جلال. = بعيدا عن الفن ما رأيك في ثورات الربيع العربي؟ - أنا مع التغيير، حتي ولو كان في البيت، بغض النظر عن النتائج. = إذن لو حدثت ثورة في الأردن ستكون مع الثورة الأردنية؟ - هذا السؤال مهم، وكما قلت: أنا مع التغيير أيا ما كان، لكن كيف يكون شكل هذا التغيير. فالأردن مثلا بها تغيير، ويحدث بشكل كبير ورهيب، لكن ليس شرطا أن تحدث ثورة، تكون سببا في هذا التغيير، فلو أعطيت حلولا فعلية لمشكلات الشعب وتحقيق رغباته ما الداعي لإحداث ثورة ما دامت الاستجابة موجودة، فكما حدث وتم تغيير رئيس الوزراء بالأردن، فأنا أثق أن هناك سلسلة كبيرة من التغييرات في الفتره المقبلة، علما بأن نظامنا في الأردن يقوم على فكرة "العشاير"، والتي تقول إنه عندما يتحدث الكبير "الكل يسكت"، والشعب عندنا هو الكبير، وعندما يطلب تلبي رغباته. = كمشاهد من الخارج هل ترى أن مصر كانت أفضل قبل الثورة أم بعدها؟ - "تفاءلوا بالخير تجدوه"، فأنا متفائل لأن هذه في النهاية مصر، وربنا "حافظها وحاميها"، وهي الدولة الوحيدة التي يجب ألا نخاف عليها لأن الله يحميها. = هل يتأثر الفن والإبداع بعد وصول الإسلاميين في بعض الدول العربية للحكم؟ - كانت أمي تقول لي دائما "اللي يخاف من العفريت يطلع له"، ولهذا فلا يجب أن نخاف، لأن الثورات في النهاية قامت على الحرية واحترام الآخر بغض النظر عن أي نظام حاكم، ثم إن وصول الإسلاميين لا فرق فيه لأننا في النهاية، وبشكل أو بآخر، كلنا إسلاميون.