ملصقات تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية ولافتات بمواعيد دروس أقطاب الدعوة ومؤسسات خيرية لرعاية الأرامل والمطلقات. «أبوسليمان»، أحد أحياء الإسكندرية الفقيرة، يتساوى فى ذلك مع أحياء «غبريال»، و«العوايد»، و«السيوف شماعة» القريبة منه، والتى تتبع منطقة الرمل ثان. شوارعه ضيقة متربة تنقلب إلى طينية عندما يهطل المطر، منازله صغيرة قصيرة، سكانه أغلبهم من العمال الذين ينتشرون فى المصانع المحيطة، سيارات الميكروباص أو «المشروع» كما يطلقون عليها، والتى تعمل على الخط تتوقف عند كوبرى الناموس، ثم تتولى «مشاريع» أخرى نقل الركاب إلى داخل المنطقة. «يحافظ على قيم المصريين، الشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع، ولغير المسلمين الاحتكام لشرائعهم، نعم للدستور، هوية إسلامية، أصالة مصرية، عيش حرية عدالة اجتماعية، موعدنا السبت»، هكذا تحث ملصقات كثيرة فى «أبو سليمان» المواطنين على التصويت بنعم لدستور 2012، فى حين تظهر لافتة كبيرة فى شارع واسع نسبياً مكتوب عليها «الدعوة السلفية بمنطقة أبى سليمان ترحب بالمشايخ الكرام، كل خير فى اتباع من سلف، وكل شر فى اتباع من خلف». لافتات أخرى تدعو للصلاة فى وقتها، وثانية تتحدث عن الحجاب، وثالثة تحدد موعد درس دينى سيلقيه أحد أقطاب السلفية فى مسجد الخلفاء الراشدين، كلها تؤكد الشىء ذاته، وهو أن منطقة أبوسليمان تعد واحداً من أكبر أماكن تجمع السلفيين فى مدينة الإسكندرية. بالقرب من مسجد الخلفاء الراشدين تقع مؤسسة خيرية أسفل أحد المنازل، تقول اللافتة الكبيرة المعلقة على واجهتها أن مجال عملها محصور فى مساعدة الأسر الفقيرة، تقول نعمة زكى الإخصائية الاجتماعية بالمؤسسة الخيرية إنهم فى المؤسسة يعنون فى المقام الأول برعاية المطلقات والأرامل من سكان الحى ممن لا تزيد دخولهن على 400 جنيه شهرياً، وهن أعداد كبيرة كما تقول نعمة تصل لحوالى 5 آلاف سيدة فى منطقة أبوسليمان، عدد منهن أرامل، وعدد آخر يعانى أزواجهن من عجز أقعدهم عن العمل، والعدد الأكبر مطلقات أو هجرهن أزواجهن دون طلاق، وفى العادة يعمل عدد منهن كعاملات فى المدارس، أو يبعن خضاراً فى المنطقة، ويحصلن على إعانات منتظمة سواء من جمعيات خيرية مماثلة، أو من المساجد الكثيرة الموجودة فى المنطقة، والتى يشرف عليها سلفيون. تصف نعمة المنازل التى اعتادت أن تدخلها لتجرى أبحاثاً اجتماعية لأصحابها قبل أن تقرر لهم مبلغ الإعانة بأنها عادة ما تكون «تحت الصفر»، غرف صغيرة فى منازل قديمة، وأطفال يملأون المكان، وهى ظاهرة تقول «نعمة» إنها تراها كثيراً، سيدة مطلقة أو أرملة بخمسة أطفال على الأقل، وهو ما يصعب الحياة على السيدات المعيلات، إذ يجعلهن بين نارين، فلا يستطعن أن يتزوجن مرة أخرى بكل هؤلاء الأطفال، ولا يستطعن أيضاً أن ينفقن على أطفالهن ويَعُلنَهم كما ينبغى، خاصة وأن معظم هؤلاء الأطفال يدرسن فى مدارس الحكومة. تتحدث نعمة عن أكثر المشاكل التى تواجه سكان المنطقة من وجهة نظر إخصائية اجتماعية وتقول إنها تنحصر فى عدم كفاية الدخول، سواء للمطلقات والأرامل، أو حتى للعمال والموظفين الذين يعملون فى مهن متواضعة، وهو ما يدفع عدداً من الجمعيات لمساعدتهن بالتعاون مع المساجد المنتشرة فى المنطقة، خاصة أن المنطقة مزدحمة للغاية بالسكان.