قالت السفيرة مشيرة خطاب، وزيرة الدولة للأسرة والسكان فى الفترة بين عامى 2009 و2011، إن «معدل انخفاض الزيادة السكانية خلال العام الماضى بمقدار 24 ألف نسمة عن العام السابق له، هو مؤشر إيجابى بأننا نستطيع كسر حدة الزيادة السكانية»، إلا أنها شددت على أن «هذا المعدل لا يلبى طموحاتنا فى أن نخلق حالة توازن بين الزيادة السكانية، وزيادة معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى، خصوصاً فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد». وأضافت «خطاب» فى حوار ل«الوطن» أن بيان الحكومة المصرية أمام مجلس النواب يؤكد أنها تضع ملف الزيادة السكانية كتحدٍ ثانٍ أمامها، بعد كفالة وتحقيق الأمن القومى للدولة المصرية، مشددةً على أن المشكلة ليست فى الزيادة العددية للشعب المصرى، ولكن فى أن الأسر التى تنجب كثيراً لا ترسل أطفالها للتعليم، وأن ذلك ينعكس على تدهور الخصائص السكانية للشعب المصرى، خصوصاً أن الشخص المتعلم تكون صحته وخصائصه أفضل من غيره الذى يستغل فى عمالة تهدد صحته بالخطر. وشددت وزيرة الدولة للأسرة والسكان السابقة على أن توفير خدمات تنظيم الأسرة بالمجان للأسر فى محافظات الصعيد، والبحيرة، هى الخطوة الأولى للحكومة فى مواجهة تلك الظاهرة مع التوعية بشأنها، فضلاً عن تحويل التعليم ليكون جاذباً للفقراء بعيداً عن «التكلفة الخفية» له من دروس خصوصية، وغيرها من الأمور، داعية لتوجيه الزكاة للتعليم لتوفير فصول تقوية، وتوفير حوافز للأساتذة، وجذب الطلاب للمدارس.. وإلى نص الحوار: الالترام بتنفيذ برنامج الحكومة يحقق «التنمية المستدامة».. والزيادة السكانية ثانى التحديات التى تواجه البلاد بعد «الأمن القومى» ■ كيف ترين إعلان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء انخفاض معدل الزيادة السكانية عام 2015 لأول مرة منذ 10 سنوات؟ - هى إشارة إيجابية تؤكد قدرتنا على كسر حدة الزيادة السكانية لتقل قليلاً؛ فرغم أن الانخفاض خلال عام 2015 طفيف مقارنة بالعام السابق له، إذ إنه سجل انخفاض معدل الزيادة بمقدار 24 ألف نسمة فقط، إلا أنه له مؤشرات مهمة. ■ وفى رأيك.. لماذا حدث هذا الانخفاض؟ - جاء ذلك نتيجة ارتفاع معدلات الوفيات بين كبار السن، وانخفاض معدلات زيادة المواليد، والأمر الجيد فى مؤشرات هذا العام، أن معدلات الوفيات بين الأطفال والأمهات شهدت انخفاضاً، ومصر تسير بشكل جيد فى هذا المجال، وتقديم رعاية للأم والطفل. ■ وهل الانخفاض الذى نتحدث عنه فى معدلات الزيادة السكانية كاف أم نحتاج للمزيد؟ - لا؛ فهو أقل بكثير من طموحاتنا، والمعدل الذى نحتاج أن نصل له أكبر من ذلك لتحقيق حالة من التوازن بين معدلات الزيادة السكانية، ومعدل زيادة الناتج القومى الإجمالى لمصر، خصوصاً أنه فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية؛ فإن زيادة «الناتج» محدودة، وضعيفة مقارنة بحجم الزيادة فى عدد السكان، ولكن فى العموم؛ فإن الانخفاض إشارة إيجابية فى إطار تحركاتنا فى هذا المجال، ولكنها ليست دعوة للاسترخاء بل نحتاج بذل مزيد من الجهد فى هذا الملف المهم. ■ تسعى مصر لتحقيق تنمية مطردة خلال المرحلة المقبلة.. فهل ترين أن «الزيادة السكانية» فى ذهن الدولة المصرية؟ - لو نظرنا لبيان المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أمام مجلس النواب، سنجد أن برنامج الحكومة وضع مشكلة الزيادة السكانية ك«تحدٍ ثانٍ» أمام الحكومة بعد تحدٍ مهم وحيوى وهو كفالة وتحقيق الأمن القومى للبلاد. ■ ومن أين ننطلق فى هذا الملف؟ - وضعت مصر استراتيجية للسكان عام 2014، تم فيها تحديد أدوار كل جهة من جهات الدولة، ومن المفترض أن نتوجه للمحافظات التى تفرز أكبر معدلات الزيادة السكانية فى مصر، وهى محافظات الصعيد، والبحيرة. يجب توفير خدمات تنظيم الأسرة بالمجان فى«الصعيد» و«التكلفة الخفية» تزيد من نسب التسرب من التعليم ■ وما التحرك المرغوب هناك؟ - لا بد من ضمان توفير خدمات تنظيم الأسرة بالمجان للأسر الموجودة هناك، ثم تنشيط التوعية السكانية بتلك القضية المهمة، وانعكاسها على الوطن، والأسرة عبر مختلف الأدوات المتاحة؛ فمثلاً حينما تستخدم فنانين محبوبين أو شخصيات يحبها المجتمع سيكون لذلك أثر كبير؛ فمثلاً حينما أرى إعلان فيلم «أفواه وأرانب» أكون سعيدة به، لأنه أحد الأفلام التى تتناول مشكلة الزيادة السكانية من شخصية محبوبة لدى المواطنين مثل فاتن حمامة، ومن ثم سيكون هناك أثر كبير. كما أن هناك محوراً مهماً آخر يجب أن نتحرك عليه، وهو الاهتمام بالتحاق الأطفال بالتعليم، وضمان استمرارهم به، وعلى أقل تقدير «التعليم الأساسى» لما سيكون له من نتائج إيجابية على تحجيم الزيادة السكانية، والارتقاء بخصائص السكان؛ فالشخص المتعلم يتمتع بصحة أفضل، ولا يكون عرضة للخطر، والاستغلال الاقتصادى مثل عمالة الأطفال، وخلافه. ■ وفى رأيك.. لماذا تستمر ظاهرة التسرب من التعليم؟ - التعليم فى مصر طارد للأطفال الفقراء، وذلك بسبب «التكلفة الخفية» للتعليم فى مصر من «دروس خصوصية، ونشاط، وكتب» وخلافه من المصاريف؛ فلدينا مشكلة فى مصر هى أن الزيادة السكانية ترتبط بتدهور الخصائص السكانية للشعب المصرى، ومن ثم يجب أن نتوجه للتعليم. ■ وماذا علينا أن نقوم به فى رأيك؟ - أدعو لتوجيه أموال الزكاة لدعم الأنشطة فى المدارس، مثل إقامة فصول تقوية للطلاب أو حوافز للمدرسين أو إقامة أنشطة ثقافية، ورياضية تسهم فى جذب الطلاب للمدارس، كما يجب علينا أن نخفف المناهج لأن لدينا «حشو كتير» بها، كما يجب أن يشعر الطفل أن له صوتاً فى المدرسة، وأن هناك من يسمعه، وليس أن يوجد بها ليتلقى المادة العلمية فقط. ■ أخيراً.. كيف ترين تعامل الحكومة مع ملف الزيادة السكانية؟ - لست ضمن الحكومة حالياً، لكنى أُقدر تماماً بيان الحكومة أمام مجلس النواب، واللغة التى استخدمها رئيس الوزراء فى إلقائه، والمنهجية التى تم وضع البرنامج بها، وهى جميعها مؤشرات توحى بأننا لو أكملنا فى نفس الطريق؛ فسنحقق أهداف «التنمية المستدامة»، ويجب أن تكون البداية بجذب الفقراء للتعليم. «مشيرة خطاب» عضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ورئيسة لجنة الأسرة والطفل (2000 - 2009). عضو مجلس القيادات النسائية لمكافحة الاتجار فى البشر بما فى ذلك الأطفال - مكتب الأممالمتحدة لمنع الجريمة والمخدرات- فيينا 2008. وزيرة الدولة للأسرة والسكان من عام 2009 حتى 2011. عملت سفيرة لمصر فى جمهوريتى التشيك والسلوفاك وجنوب أفريقيا. مساعدة وزير الخارجية الأسبق للعلاقات الثقافية الدولية. نائب رئيس لجنة حقوق الطفل بالأممالمتحدة بجنيف سابقاً. الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة سابقاً. استراتيجية مصر للتنمية 2030 يجب توجيه موارد مالية وبشرية فى هذا مجال الزيادة السكانية، والتنسيق بين الوزارات المختلفة فى ملف تنظيم الأسرة، وتنشيط دور المجتمع المدنى فى التوعية بمخاطر الزيادة السكانية عموماً، كما يجب تدريب الأطباء ليقدموا الخدمات بشكل جيد، وتوفير حوافز كافية للأطباء لضمان وجودهم فى مختلف المناطق بالجمهورية، والارتفاء بالخدمة المقدمة لهم، مع الدور المهم للرائدات الريفيات. والزيادة السكانية هى القاسم المشترك لتحقيق أهداف «استراتيجية مصر للتنمية 2030»، ويجب أن ننطلق فى ملف ضمان تمتع كل طفل بحقه فى التعليم، وتطبيق القانون رقم 216 لسنة 2008، الذى يُجرم حرمان الطفل من حقه فى التعليم، واعتبار الطفل المحروم من التعليم معرضاً للخطر، وبحاجة للعناية. ومعدل الإنجاب على المستوى القومى هو 3 أطفال لكل امرأة، ونحتاج لخفضه ليصبح ما بين 2.1 إلى 2.3 طفل، وهو ما يحتاج ل«مجهود جبار» من كافة الجهات فى هذا الصدد.