في ليلة شتوية، ومع اقتراب الأعياد، سمع الدكتور وجيه لطفي، نائب مدير مستشفى "ماري مرقص"، الملاصقة لكنيسة القديسين، دوي صوت عالٍ، فخيل له أنها أصوات رعد أتت به السماء، لكنه سرعان ما تراجع لأن الرعد دائما ما يسبقه برق. لكن الصراخ والعويل الذي سمعه من أهالي الضحايا في الهاتف، جعله يعرف مدى حجم المأساة التي هزت البلاد في تلك الليلة. يسرد الدكتور وجيه، الذي انتقل على الفور إلى المستشفى، ماراً بمكان الحادث، ليرى الأشلاء، وقد فرقها الانفجار، تفاصيل المأساة وكأنها قد وقعت بالأمس ولم يمر عليها عامان، قائلا: "مأساة حقيقية. جثث موجودة أمام باب الكنيسة وجثث أخرى باستقبال المستشفى. الكل يبحث عن ذويه في كل مكان. فلربما يجد أحداً أو أشلاءً له يجمعها ويواريها التراب. يتذكر تلك السيدة التي كانت ملقاة على الأرض باستقبال المستشفى، ولفظت أنفاسها الأخيرة بين يديه مجرد وصوله، والجروح التي ملأت جسدها، وحجم ما كان بها من شظايا، وكذلك القدم التي وُجدت بمكان الحادث دون عظام، مشبهاً إياها بأقنعة محمد صبحي في مسلسلاته. "شظايا قذرة"، هكذا وصف ما أخرجه من أجساد المصابين، مؤكداً أن الوفيات تنوعت ما بين حروق من الدرجة الثالثة، وكسور وشظايا، وإصابات مباشرة. لكنه يتوقف ويذرف الدمع على تلك العروس التي قتلها الإرهاب ليلة عرسها، قائلا: "لا أحد يتخيل مشهد العروس ومخها كان طالع بره". غرفة عمليات مستشفى ماري مرقص، لم تستوعب حجم الإصابات حسب رواية دكتور وجيه، والذي أكد نقل المصابين إلى مستشفيات البريطاني والألماني، والميري، مؤكداً أن لا يوجد مستشفى في الإسكندرية تستطيع استيعاب هذا الكم من الحالات. يؤكد أنه وزملاؤه، وجدوا معاناة شديدة في نقل المصابين، بعد منع الإسعاف من الدخول لمحيط الانفجار، كما أن قادة الأمن المركزي الذي أحاط بالمستشفى، وحسب روايته، منعوا الناس من دخول المستشفى، مشيراً إلى حالة مريض مختص هو بحالته منعه عميد الأمن المركزي من دخول المستشفى للعلاج، في ظل ألفاظ تفرق بين المسيحي والمسلم، يروج لها الأمن في محاولته للسيطرة علي الموقف المتأزم بمحيط الكنيسة. يُلقي بالاتهام على حبيب العادلي، وزير الداخلية حينها، كاشفاً أن الذي قام بتفجير العربة التي اشتغلت أمام الكنيسة، هو الضابط نفسه المسؤول عن تأمين الكنيسة، مؤكدًا على موقفه من خلال شهود عيان، لافتاً إلى أن الأمن قام بتفجير الكنيسة من خلال تليفون محمول، بمجرد نزول شابين كانا يركبان السيارة. وأوضح الدكتور وجيه، أن ضباط أمن الكنيسة، والذي يتهمهم بتفجير الكنيسة، اتجهوا لمستشفى جيهان على أنهما من مصابي الحادث، قائلا: "ده شغل مسلسلات. المفروض كانا قُتلا، فهم على بعد أمتار من الباب، ولايمكن أن تكون إصابتهم مجرد جروح. في حين من كانوا بداخل الكنيسة على مقربة من الباب قطعوا أشلاء. يؤكد وجيه في ختام حديثه، على مدى العلاقة الطيبة بين المسلمين والمسيحيين، قائلا "حين ناديت في الشارع المجاور للكنيسة، مطالباً ب"ملايات"، لتغطية الأشلاء، والجسامين، ألقت العمارات المسلمة ما يضاعف ما ألقي من الكنيسة نفسها، لتغطية ضحاياها".