البحث عن خادمة جيدة رحلة طويلة يخوضها من لم لا يمتلك المعارف والأقارب وأصحاب الخبرة في هذا الشأن، ومن لم يفلح معه "زوجة البواب"، من الأسر ميسورة الحال والغنية، وخاصة الأمهات العاملات التي يعانين من ضغوط العمل بجانب احتياجات المنزل والأبناء، في الوقت الذي يحملهن الأزواج مهمة المنزل بأكملها، فتضطر النساء مرغمة للجوء إلى مكاتب التخديم الأجنبية والمصرية، ليواجهن أحد المصيرين إما أن تكون صالحة أو كارثة. على جدران المنازل والشوارع وصفحات الإنترنت، تنتشر إعلانات مكاتب الخدمة المنزلية لمختلف الجنسيات، والتي توفر كافة السبل لاختيار الخادمة من خلال طلبات إلكترونية لكل موقع خاص بالمكتب، ويتضمن تحديد "الجنسية، والسن، والمستوى التعليمي والاجتماعي، والسعر المطلوب، وعدد ساعات وأيام العمل، وتحديد الإقامة إذا كانت دائمة أو مؤقتة". ورغم كون تلك المكاتب غير مرخصة بشكل مباشر لطبيعة عملها من وزارة القوى العاملة، بحسب ما أكده هيثم سعدالدين، المتحدث الرسمي باسم الوزارة ل"الوطن"، ما يدفعهم إلى اللجوء إلى استخراج تصاريح من وزارة الاستثمار كشركات صيانة منزلية، على عكس المكاتب المرخصة التي تستقدم العمالة من الخارج بشكل رسمي.عدم الترخيص والخوف من إنهاء العمل، سبب حساسية مفرطة من قبل أصحاب المكاتب مع الإعلام، وهو ما دفع محررو "الوطن" إلى تقديم طلبات إلكترونية للحصول على "معاون منزلي" و"مربية أطفال" بصورة طبيعية، متخلين عن صفتهم الصحفية، ليجدون أن الخادمة المصرية تصل أجرتها اليومية إلى 100 جنيه، والشهرية تبدأ من 800 وحتى 1200 جنيه، بينما تحظى الأجنبيات بالرواتب المرتفعة والتي تبدأ من 400 دولار شهريا، وأغلبهن من إثيوبيا والسودان وإندونيسيا وغانا ونيجيريا، وأغلاهن الفلبينية التي تتقاضى ما يقرب من 800 دولار. وبعد مرور ساعات قليلة، اتصلت إحدى العاملات في مكتب توظيف خادمات بمنطقة التجمع الخامس وتدعى "ميرفت" لتقدم عرضًا للعمل بدأته بأن المكتب يتمتع بسمعة جيدة يمتد لسنوات طويلة وحاصل على تراخيص من وزارة الاستثمار، ويمتلك طاقمًا قانونيًا قويًا في حالة وجود أي مشكلات، كما أنه يوفر مختلف أنواع الخدمة سواء كانت دائمة أو مؤقتة، وما به من خادمات للمنزل وطباخات ومربيات للأطفال ومقدمات للرعاية لكبار السن، من المصريات والأجانب بجنسيات مختلفة من "إندونيسيا، والفلبين، وسريلانكا، والسودان"، مؤكدة أنهن يمتازين بالخبرة والنظافة والأمانة الشديدة "ومش رغايات ولا حشريين" وغير مهربات، أما عن الراتب سيراعي المكتب فيه احتياجات العميل. وأوضحت أن الخادمة الإثيوبية هي صاحبة أقل راتب والذي يبلغ 400 دولار شهريا، وتليها الغانية والنيجيرية والتي تحصل على 600 دولار، بينما الإندونيسية والفلبينية تحصل على 800 دولار، مضيفة "يعني بيفهموا بالإشارة وبيتكلموا عربي مكسر أوي". وتستثنى "ميرفت" الأمهات الراغبات في مربية طفل مصرية لاختلاف اللغة والتواصل ومن ثم التربية، فضلاً عن العادات والتقاليد المختلفة، خوفًا من تقليد الأبناء لها، مؤكدة أن المكتب لن يحصل على شهر مقدم من العميل حتى تثبت راحته مع الخادمة، وفي حالة قبول العرض يمكن الحضور إلى المكتب لتوقيع العقد. وفي اليوم التالي، تلقت "الوطن"، اتصالا من "أحمد" العامل بمكتب تخديم في مدينة نصر، أوضح فيه أنه لا يعمل سوى مع الخادمات المصريات، واللاتي يتراوح راتبهن من 1000 وحتى 3000 جنيها، ويلزم العميل بدفع راتب شهر مقدم، والحصول على بطاقته الشخصية وتوقيع تعهد منه بعدم التعرض للخادمة أو إيذائها جسدياً، مؤكدًا أن العاملات لديه حاصلات على دورات تدريبية في التعاون المنزلي ورعاية الأطفال وكبار السن. ومن خلال أحد الأصدقاء الذي يمتلك مكتبا للخدمة المنزلية في منطقة مصر الجديدة، أكد "ماجد" أنه لم يستخرج بالفعل تراخيص لعمل المكتب لشدة تعقيد الأمر، لذلك لجأ إلى توثيقه في وزارة الاستثمار على أنها شركة لخدمات صيانة المنزل، بموجب السجل التجاري، ثم اتجه إلى توفير عدد من الخادمات اللاتي اتفق معهن بشكل شخصي من حيث عدد ساعات وأيام العمل والمهنية والنظافة والأمانة والالتزام، والذي سيتمكن بموجبه من تحديد راتبها ومن ثم نسبته فيه والتي تتراوح بين 40 إلى 60% من الراتب. لا يقتصر دور "ماجد" على إيجاد الخادمة المناسبة للطلب الإلكتروني الذي تلقاه، وإنما يذهب معها في اليوم الأول للعمل، للاطمئنان على أمن المنزل الذي ستعمل فيه وكتابة العقود الذي يتضمن كافة الشروط ونوع عملها إذا كان قاصرًا على التنظيف أم رعاية الأطفال أم المطبخ لكسب ثقة العميل وعرض البطاقة الشخصية للخادمة والسجل التجاري للمكتب، فضلاً عن التأكيد على حقوق العاملة، مرجعًا ذلك إلى أن "ده علشان عندنا في مصر مش بيفرقوا بين مربية الأطفال والخادمات بيبقوا عايزين واحدة تعمل كل حاجة، يعني عندنا نوع من الاستغلال للكائن اللي معانا طالما هندفع فيه فلوس". 1. وأضاف أن راتب الخادمة المصرية لديه في اليوم يتراوح بين 80 إلى 120 جنيها يوميا، ومن 2000 إلى 3500 للمقيمات في المنزل، وضعف هذه الرواتب لغير المصريات من الأثيوبيات والسودانيات والفلبينيات. واجه "ماجد" الذي يمتلك مكتب الخدمة المنزلية منذ 10 أعوام، عددا من المشكلات من بينها محاولة الخادمة الحصول على أموال أكثر فتعقد اتفاقيات مغايرة مع العميل أو يطلب منه المزيد، فضلا عن عدم الالتزام في المواعيد أحيانا، وعدم دفع العميل للراتب في موعده.