على رصيف شارع خاتم المرسلين بالجيزة تجلس «عفاف» وإلى جوارها صندوق خشبى قديم، تتراص داخله أكياس بلاستيكية تضم أرغفة من الخبز البايت الذى اعتادت شراءه مساء كل يوم من الأفران القريبة من منزلها لتبيعه لزبائنها ب25 قرشاً. تجمعه من المخابز وتبيعه بأقل من ربع السعر فى العاشرة مساء تدور السيدة العجوز على الأفران لجمع أكبر عدد من أرغفة الخبز البايت، متحدية آلام ظهرها المحنى قبل 15 عاماً، ف«العيش البايت» صار مصدر رزقها الوحيد، بعد أن توفى زوجها مخلفاً 3 أبناء ومعاشاً لا يتعدى 55 جنيهاً: «مالقتش قدامى غير إنى أشترى العيش البايت من الفرن، اللى حجمه كبير وبيتباع بجنيه ونص جنيه فى الأفران، ببيعه بربع جنيه للموظفين، واللى بيشتروا حاجتهم بالليل، وما بيلحقوش عيش الفرن، وكمان للغلابة اللى مش قادرين يشتروه بتمنه». تقول: «بكسب فى اليوم مش أقل من 45 جنيه، لأن الفرن بيبيع لى بالكيلو، وأنا ببيع الرغيف بربع جنيه، أقل من تمنه بكتير، بس بكسب، وقدرت أربى عيالى، وجوّزتهم كمان». من 11 مساء حتى 4 فجراً، لا تفارق السيدة السبعينية فرشتها، والصندوق الخشبى، رغم برودة الطقس. تضيف «عفاف»: «زباينى عارفينى كويس، بخصص أكياس فيها عيش مكتوب عليه بقاله يوم ولا 2 أو 3 أيام، عشان الناس وهى بتشترى منى تبقى عارفة بايت بقاله كام يوم، ولو بايت يوم واحد ببيعه بربع جنيه، لو أكتر من يوم بقلل سعره، وفيه ناس كتير بتشترى منى عشان بحافظ على الرغيف وببيعه زى ما هو، لا بيبقى مفرول ولا شكله قديم، ولو اتسخن بيبقى طازة وزى الفل، كأنه لسه خارج من الفرن، وبسعر قليل».