تستضيف المملكة العربية السعودية الاثنين، فعاليات الدورة الثالثة للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، التي تعقد هذا العام في ظل تحولات سياسية كبيرة ألقت بظلالها على مجمل الوضع العربي الاقتصادي الذي بات مثقلا بأعباء كثيرة تتطلب جهودا مضاعفة لمكافحة الفقر والبطالة والعمل على خلق فرص عمل للشباب وزيادة معدلات التنمية وتعزيز مستويات التجارة البينية العربية. ومن المقرر أن تبحث القمة، التي تستمر يومين، عددا من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية، لعل أبرزها الربط البري بخط السكة الحديدية، وزيادة نسبة الاستثمارات في الدول العربية والرفع من وتيرة المبادلات التجارية البينية، وبحث مشروع الاتحاد الجمركي المقرر تفعيله في عام 2015 ، كما تبحث اتفاقية الاستثمار للدول العربية المعدلة التي من المتوقع أن تعطي حافزا أكبر وتذليل بعض العوائق في الاتفاقية السابقة لتعزيز مجال الاستثمار في الدول العربية، بالإضافة إلى متابعة كافة الجهود المتعلقة بمنطقة التجارة الحرة والاتفاق الجمركي والمشروعات المشتركة بين الدول العربية في مجالات البنى التحتية والطيران والكهرباء. ويتضمن جدول أعمال القمة بندا يتعلق بالاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة ما بين 2010 إلى 2030، والأهداف التنموية للألفية ما بين 2000 و2015 وما بعدها، والتصدي للأمراض غير المعدية، كما سيتم عرض نتائج أعمال منتدى القطاع الخاص العربي الذي عقد مؤخرا في الرياض ، بالإضافة إلى عرض توصيات منتدى الشباب العربي في دورته الثالثة الذي عقد في القاهرة مؤخرا. وكانت الدورة الأولى للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية قد عقدت بالكويت في يناير 2009 ونجحت في الوصول إلى عدد من القرارات المهمة، سواء فيما يتعلق بتوحيد الرؤى حول سبل مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، أو فيما يتعلق بعدد من المشروعات التكاملية الكبرى منها مشروع الربط الكهربائي العربي، ومخطط الربط البري بالسكك الحديدية والبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي ، والاتحاد الجمركي العربي ، فضلا عن الإعلان عن مبادرة الكويت بإنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي. أما القمة العربية التنموية في دورتها الثانية التي انعقدت في يناير 2011 بمدينة شرم الشيخ المصرية فقد أقرت، بالإضافة إلى متابعة تنفيذ قرارات القمة في دورتها الأولى ، مشروعات الربط البري بين الدول العربية ، وربط شبكات الإنترنت العربية ، ومبادرة البنك الدولي بدعم مشروعات البنية الإسلامية والاستثمار في التنمية البشرية، وتعزيز قدرات الصناعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية، علاوة على تعزيز جهود تنفيذ الأهداف التنموية للألفية والمشروعات العربية لدعم صمود القدس. بينما تعلق على قمة هذا العام آمال كبيرة للخروج بنتائج ملموسة وإطلاق مبادرات حيوية لإنشاء مشاريع اقتصادية واجتماعية مهمة تحقق تطلعات الشعوب العربية في ظل ظروف بالغة الدقة والصعوبة تمر بها العديد من البلدان خاصة دول الربيع العربي. التطورات في المنطقة تدفع للخروج بقرارات تدعم مسيرة الاقتصاد العربي. وقال الدكتور محمد بن إبراهيم التويجري الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشؤون الإقتصادية إن هذه القمة تكتسب أهميتها من الموضوعات المدرجة للبحث والنقاش على طاولة الزعماء العرب فيها ، كما تفرض التطورات التي تشهدها المنطقة أهمية مضاعفة على القمة للخروج بقرارات تدعم مسيرة الاقتصاد العربي بشكل واضح. وأضاف التويجري أن هناك آمالا كبيرة معلقة على القطاع الخاص ليقود العمل الاقتصادي العربي خلال المرحلة القادمة، ويساعد على ذلك الكم الكبير من رجال الأعمال العرب الذين يستثمرون في شتي الدول العربية ، فضلا عن استثمارات عديدة في الكثير من بلدان العالم وهى تؤثر بشكل إيجابي على الاقتصادات العربية. وردا على سؤال حول الدور المنوط بالحكومات العربية في تشجيع حركة التجارة البينية وزيادة الاستثمارات في الدول العربية، قال الدكتور التويجري إن الحكومات يجب أن تهتم بالجانب الخاص بالتشريعات الميسرة للاستثمار، وأن تعمل على إزالة كافة العقبات التي تحول دون انتقال أسهل للاستثمارات، وتشجع على انتقال رؤوس الأموال. وحول القمتين الاقتصاديتين في الكويت ومصر وإلى أي مدى تم تنفيذ قراراتها، قال التويجري إن القرار الاقتصادي يأخذ وقتا أطول من القرار السياسي حتى يتم تنفيذه، "لكن بحمد لله تم تنفيذ جميع القرارات التي اتخذتها القمتان الأولى والثانية، وهناك جهود كبيرة بذلت لتنفيذها خاصة في العديد من المشروعات مثل مشروع الربط الكهربائي والنقل السككي، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، حيث تم في هذا الإطار تم تخصيص مليار وربع مليار لدعمها، كما تم منح 7 قروض لعدد من المشاريع العربية". وحول القمة الحالية وأهم البنود المدرجة على جدول أعمالها، قال التويجري إن القمة سوف تدرج على جدول أعمالها بندين رئيسيين هما تعديل اتفاقية انتقال رؤوس الأموال العربية بين الدول العربية ، والاستراتيجية العربية الطاقة، وأكد في هذا الصدد أن الدول العربية موافقة على الاتفاقية العربية لانتقال رؤوس الأموال العربية التي من المأمول أن يتم إقرارها في قمة الرياض حتى يتم انتقال أيسر لرؤوس الأموال كهدف للاستثمار العقاري والزراعي والعمل على بناء المصانع والوحدات السكنية والفندقية وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة. وحول الوضع الأمني الهش الذى تشهده الدول العربية وخاصة دول الربيع العربي وإلى أي مدى يؤثر على إقامة استثمارات ناجحة، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية إن هناك قاعدة اقتصادية شهيرة وهي أن " رأس المال جبان " ، لذا يجب أن تتوفر عوامل الاستثمار المناسبة من الأمن والاستقرار السياسي ، لأنه بدونهما لا يمكن أن توجد تجارة أو زراعة أو استثمار، شدد على ضرورة وضع استراتيجية عربية واضحة للتعامل مع الأزمات الاقتصادية.