وجه الدكتور مصطفى غانم، نائب رئيس جامعة النيل للأبحاث وزميل الأبحاث في جامعة إمبريال كولدج لندن رسالة إلي الدكتور أحمد زويل بأن جامعة النيل جامعة مصرية لا تهدف للربح أنشأتها مؤسسة ذات نفع عام ووافق المجلس الأعلى للجامعات على تحويلها لجامعة أهلية ومن ثم فهي ملك للشعب المصري، داعيا إياه للدفاع عن الجامعة حتى لا يضطر آخرون للدفاع عن مشروع مدينة زويل في مستقبل قريب أو بعيد. وكتب "غانم" قائلاً : أرسل إليك خطاباً مفتوحاً من القلب عن جامعة النيل، فقد أستوقفتني كثيراً مقولة وجدتها تتناثر على مواقع التواصل الإجتماعي تنسب إليك وهي "أنهم في الغرب ليسوا عباقرة ونحن أغبياء ولكنهم يدعمون الفاشل حتى ينجح، أما نحن فنحارب الناجح حتى يفشل"، ولا أعلم مدى صحة نسبة المقولة إليك ولكنها بالتأكيد في غاية البلاغة والحصافة وتعبر عن إشكالية مجتمعية حقيقية وواقع عاشه ويعيشه الكثيرون في بلادنا وإن كنت أتمنى، مثلك، ألا تظل المقولة تمثل واقعاُ يعيشه المصريون في المستقبل. وتابع: في البداية أعذرني إن كان خطابي لك خطاباً مفتوحاّ فأنا أعرف رأيك، وإن اختلفت معه، في أن طرح مشكلة جامعة النيل عبر الإعلام لن يفيدها ولكنني هنا في صدد مناقشة الإشكالية المجتمعية نفسها عن محاربة النجاح والتي أظن أن طرحها للحوار في الإعلام يكون أحد الوسائل المشروعة لمناقشتها ويكون الحوار في حد ذاته أول الطريق لحلها ولذا دعني أفكر بصوت هاديء عن وسائل الحل، فإذا كان للعالم الجليل أن يحلل ويشخص ويضع النظريات العامة فللمهندس مثلي أن يذهب لأكثر من التأمل في النظريات فيعمل ويثابر مرة بعد مرة في محاولة إيجاد حلول عملية مبنية عليها. وطالب نائب رئيس جامعة النيل "زويل" بإمعان النظر للمشكلة الأصغر للجامعة كمثال حي للإشكالية العامة وليس كصدام وجودي بين جامعة النيل ومشروع زويل وهو صدام وجدنا نفسنا فيه جميعاً لأسباب سياسية لا علمية، فالمشروعان ليسا بالضرورة بالمتناقضين ومصر بها متسع من الأراضي لإحياء المشروعين معاً ولا أستطيع أن أتصور أن يدعي أي شخص أنه يمكنه بدقة متناهية حساب عدد أمتار الأراض أو أمتار المبان التي يحتاجها أيا من المشروعين والتي بدونها لن يستطيع أن يستكمل طريقه. واضاف أن المنظومة هي أساس النجاح وأن غيابها يكون سبب الفشل وأن المنظومة هي ما يستمر عبر السنين بغض النظر عن وجود أفراد بعينهم وجامعة النيل منظومة متكاملة أستغرقت ثمان سنوات لتصل لما وصلت إليه فيها إدارة جامعية وأساتذة وباحثين وطلاب ومهندسون وفنيون وهيئات مساعدة إدارية، بل وأيضاَ داعمون من المجتمع المدني، منظومة بها 10 برامج للدراسات العليا و 5 لمرحلة البكالوريوس لكل منها مناهجها المعترف بها، منظومة بها 6 مراكز للأبحاث لها شراكات مع جامعات ومراكز ابحاث وشركات عالمية ومصرية، منظومة أعتمدت على دعم المتفوقين بمنح دراسية كاملة وجذب أوائل الجامعات الحكومية المصرية ودعمهم بمرتب شهري فوق منحتهم الكاملة ليعملوا كمساعدي بحث، منظومة تخرج منها 50 من مساعدي البحث تخاطفتهم جميعا كبرى الجامعات العالمية بمنح كاملة للدكتوراة ولازلنا نأمل في أن يعودوا ليستكملوا بناء المنظومة نفسها وتخرج منها آخرون من طلاب الدراسات العليا يساهمون في نجاح الكثير من الشركات والهيئات المختلفة. ويروي "غانم" أنه في إحدي الإجتماعات القليلة بينه وبين نائب رئيس الجامعة السابق في إمبريال كولدج لندن، الهندي الأصل، عندما قال له في بداية علاقته بجامعة النيل "أرجو منك لمصلحتك ألا تضيع وقتك في التعاون مع جامعة النيل، فللأسف المصريون كما الهنود يتكلمون كثيراً ويفعلون قليلاً" . وتابع: أن العلم ليس له وطن، فقد قال الرسول "اطلبوا العلم ولو في الصين"، لكن بقية المقولة المنسوبة أصلا ل"باستور"هي ولكن العالم له وطن، مخاطبا زويل بقوله : أقدر لك أنت محاولاتك المتكررة لتوطين العلم في مصر في أزمنة مختلفة وأتمنى لك النجاح من كل قلبي في أن تبلغ هذا الهدف ولكني أتمنى في الوقت نفسه أن تقدر أنت لزملائي ولي أننا أتينا لمصر لتحقيق نفس الهدف في زمان آخر فخدمة الوطن لا ترتبط بزمان أو نظام وأننا قطعنا أشواطا كبيرة في هذا الصدد ونجحنا فيها قدر ما نجحنا وهنا أسجل تقديري لكل من في جامعة النيل لاستمرارهم في العمل على أكمل وجه طوال العام ونصف الماضية رغم كل الحروب عليها ورغم سحب مبانيها ومعاملها وقطع التمويل عنها ولكل منهم دوره وفخره بانتمائه لهذا الكيان الأكاديمي وأيضاً بدفاعه عنه وقت أزمته. وأوضح "غانم" أنه قد يكون لثقافة عدم الإعتراف باليأس دورا في حل الإشكالية فكثيرا ما بذل الزملاء من جهد ومن محاولات لشرح الملابسات للحكومة ولأعضاء مجلس أمناء مدينة زويل في مرات عديدة ومن محاولاتنا لفصل الكيان الأكاديمي عن السياسة وشرح ما نعنيه بلفظ كيان أكاديمي ولكم تلقينا من وعود بحل المشكلة من رؤساء ووزراء عبر عام ونصف ورغم كل شيء لم تحل أزمة جامعة النيل فنزفت الجامعة الكثير، بل أقول أستنزفت، ومع هذا استمر العمل فنجحت الجامعة مرة أخرى في البقاء رغم دهشة الكثيرين وكان ذلك عن طريق المتطوعين المقتنعين برسالتها وبضرورة بقائها، فعمل منهم من عمل دون أجر لأكثر من عام وتنازل منهم من تنازل عن الكثير من راتبه. وجاء منهم من لم نكن نعرفه من قبل من تلقاء نفسه متطوعا بجهوده للجامعة ومنهم من وفر للجامعة مكانا لتعمل فيه مؤقتا بعد أن طردت من مبانيها ومنهم أيضاً من دعمها مادياً كمؤسسة مصر الخير التي دعمتها بمنح ومرتبات للباحثين بعد أن تعثرت بعض الهيئات في وزارة الإتصالات عن غير قصد وتقاعست معها، عن قصد، إحدى شركات البترول العالمية فرفضت الوفاء بالتزاماتها تجاههم انتظاراً لأمر أو قرار واضح من الحكومة هل تستمر الجامعة أم لا. وحذر نائب رئيس جامعة النيل الدكتور زويل بأن يتم استدراجه لتلك المواجهة مع جامعة النيل لأسباب قد تكون مقصودة أو غير مقصودة ، رغم كل محاولات تقريب وجهات النظر تفاقمت المشكلة لبقائها دون حل لمدة 18 شهراً والثوار بقوا في التحرير 18 يوماً فتغيرت مصر فأرجوا ألا تلوم الشباب من الطلاب والباحثين والخريجين عن موقفهم ورفضهم لحلول الوسط فلم يكونوا أبداّ ضدك أو ضد مشروعك وكانت لافتاتهم يوم زيارتك لجامعة النيل من أكثر من عام، والتي قالت ببراءة "أريد معملي" و "أريد أن أكمل أبحاثي". واضاف إن الطلاب يقفون ضد قرارات الحكومة في اغتصاب جامعتهم، متصورين أن زويل سيقف في صفهم ولكن لسبب ما تطور الموقف تدريجيا فتحولت لموقف المدافع عن قررارت الحكومة ضد جامعة النيل، لمعلومات منقوصة أو مغلوطة وصلتك عن حقيقة الجامعة وطال الوقت ولم تحل المشكلة ورغم هذا لم يترك الطلاب جامعتهم عن إقتناع منهم وليس لأننا نحن من فرضنا عليهم البقاء كما يقول من لا يفهم ثقافة النجاح فإن كان لنا وزر نتحمله في ذلك فهو أننا كنا قد علمناهم من قبل سبل النجاح وأهمية الحوار والعمل الجماعي وثقافة عدم اليأس وزرعنا فيهم ثقافة التعلم والتفكير النقدي المستقل. واختتم "غانم" رسالته للدكتور "زويل" بتلك الكلمات "ما أقصده هنا أن جامعة النيل أكثر من أرض و مبان وفي نفس الوقت أؤكد لك أني لست ضد مشروع مدينة زويل وليس ضده أيا من زملائي فقد رحبنا به جميعا ولكن ليس على أنقاض جامعة النيل وأنت تعلم كم من المحاولات حاولناها كلنا وحاولتها أنا شخصيا لتقريب وجهات النظر من يوم قرار الفريق أحمد شفيق في فبراير 2011 ، بسحب أرض ومبان جامعة النيل وإحياء مشروع زويل"، ولكني الآن أنظر للإشكالية العامة عن محاربة النجاح. ودعي "غانم" العالم المصري بالإنضمام إلي طلبته في الدفاع بكل قوة وكل عزم عن جامعة النيل وعن بقاء إسمها كجامعة النيل وفي الدفاع عن استمرار منظومتها المتميزة وكيانها الأكاديمي والتعليمي والبحثي وثقافتها لدعم النجاح وأن تطالبوا معنا بأن تعود جامعة النيل إلى مبانيها ومعاملها التي بنيت لها هي وليس لأي مشروع آخر في الشيخ زايد فهكذا لا نحاربها إن كانت ناجحة وندعمها إلى أن تنجح إن كانت فاشلة.