يعاني البحث العلمي في مصر من مشاكل كثيرة تتعلق بعدم إهتمام الدولة بهذا الجانب المعرفي الحيوي، فالأبحاث العلمية كثيرة وعدد المخترعين يتزايد باستمرار لكن المعوقات تأتي دائما من المؤسسة الرسمية، ولأن الباحثين هم أصحاب المشكلة الحقيقية، فنحن هنا نحاول الاقتراب من القضية من خلال الحوار مع واحد من الآلاف الذين ينتظرون أن تري أبحاثهم النور وهو الباحث في شئون البحث العلمي محمد مسعد فإلي نص الحوار: *نريد ان نعرف رؤيتك عن أحوال البحث العلمى فى مصر وهل هناك اهتمام بشباب الباحثين فى مختلف المجالات ؟ بالتأكيدالوضع متردي للغاية، أما عن الاهتمام بشباب الباحثين في مختلف المجالات، فهذا يتوقف في الواقع على المجال نفسه، غيرَ أن الاهتمام الحكومي العام بشباب الباحثين يكاد يكون منعدما، وأقل ما نستدل به على ذلك مرتب باحث مساعد في أي كلية من الكليات أو مركز بحثي تابع للحكومة، مرتب ضعيف جدًا لا يقيم أودًا ولا يكفل بيتًا، والطريف في الأمر أن الباحث المساعد يُصرف له بدلاً يسمى "بدل بحث علمي " مقداره عشرة جنيهات، وكأنما نقول له أعد بحثك، واسع بين المكتبات والمراكز، واحضر المؤتمرات، واستعن بكل الإمكانات في حدود 10 جنيه، وفي ذلك سفهٌ كبير، واستخفافٌ غير مقبول، أنْ ترى الباحث لا يجد ما يسد رمقه، بينما الأموال تصرف بلا حساب على أهل ( الفن ). *هل ترى تطور أو خطوات اتخذت بعد الثورة لتحقيق التقدم فى البحث العلمى ؟ لم يتم شيء يذكر، بل إن حكومة شرف ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فشلت في تعيين الطلبة الأوائل الذين تم منعهم بسبب تعليمات الأمن أو بسبب المحسوبية والفساد، والقرار المزعوم بتعيين الأوائل فيه تمويه ولا أظن أنهم سيفعلون، مما جعل ائتلاف الحاصلين على الماجستير والدكتوراة يعتصم أمام أكاديمية البحث العلمى لكن بلا جدوى. * لماذا حتى الآن ما زالت مصر توجه إليها الانتقادات فى البحث العلمى والى المراكز والمعاهد البحثية بالرغم من امتلاكها للامكانيات البشرية والعلمية التى تجعلها قادرة على صنع طفرة فى هذا المجال ؟ مصر تمتلك الإمكانات البشرية والمادية، لكن من يملك الإرادة الجادة في إنهاض البحث العلمي ودعمه ؟، ووضع خطة استراتيجية فاعلة، والقضاء على مظاهر الفساد المالي والإداري والرشوة والمحسوبية والسرقات العلمية وغيرها من صور الفساد المتفشي في بعض المؤسسات البحثية التي باتت شبية بالمصالح الحكومية التقليدية كالشهر العقاري. * ما هى التحديات التى تواجه البحث العلمى وتحد من دوره الفعال والمؤثر فى خدمة العديد من قطاعات الإنتاج فى مصر ؟ عدم استقلالية مؤسسات البحث العلمي ... وتدخل الجهات الأمنية في الاختيار والموافقة على رؤساء الجامعات والمراكز، فضلاً عن العمداء ورؤساء الأقسام والباحثين مع عدم وجود رغبة جادة في إخراج البحوث المصرية إلى واقع الحياة العملية في قطاعات الإنتاج المختلفة ، فضلا عن وجود فجوة مريعة بين القطاع الخاص ومراكز البحث العلمي. *هل هناك محاولات لتفعيل دور العلم فى المجتمع ؟ يوجد علي سبيل المثال مشروع "الطريق إلى نوبل"، وهو مشروع بحثي شبابي نهضوي يعمل على قدم وساق في المركز القومي للبحوث، من أهدافه إستعادة العقول المهاجرة. * فيما يتعلق بقضية التمويل ... هل هناك جهات تعمل على تمويل البحث العلمى فى مصر وتعمل على توفير الموارد المالية ؟ لا مصدر لتمويل البحث غير ميزانية الدولة، ولا دور يذكر هنا لرجال الأعمال فالبحث العلمي لا يعنيهم، وهؤلاء مشغولون في دعم مجالات أخرى تراها ماثلة أمامك على صفحات أخبار الحوادث. *ما هى الطرق التى نعالج بها القصور الذى يعترى البحث العلمى وما الذى يمكن أن يقدم لشباب الباحثين فى مختلف المجالات لإطلاق وتوظيف طاقاتهم ؟ إذا أردنا الحديث عن نهضة حقيقية للبحث العلمي في مصر والوطن العربي .. اعتقد أن مفردات هذه النهضة تتألف من عدة نقاط أساسية يجب تفعيلها، ومنها: زيادة الدعم المالي لمؤسسات البحث العلمي، وتقديم المنح السخية لبرامج البحث العلمي والتطوير؛ والمشاركة الفعالة للقطاع الخاص في تمويل الأنشطة العلمية، واستثمار البحوث العلمية استثماراً حقيقياً في خدمة المجتمع. مع إنشاء قاعدة علمية قوية تتبنى استراتيجيات لتطوير البنية التحتية لمؤسسات البحث العلمي والتطوير و تحسين وتيسير التواصل بين قطاع البحث العلمي والمنشأت الصناعية، واستقلال الجامعات والمؤسسات البحثية من نفوذ السلطة، وإعطاء الحرية الكاملة للمؤسسة العلمية في رسم سياساتها وبرامجها وتعيين من تشاء في سُلمها الوظيفي.؛ومحاربة الفساد والرشوة والمحسوبيات والسرقات العلمية بشكل حازم و رادع.