تتواصل أبعاد المشهد المأساوي الذي تشهده سيناء، فبعد الحادث الارهابي الذي راح ضحيته 16 من جنود مصر الابرياء، تأتي التهديدات الاخيرة التي أطلقتها بعض الجماعات المتطرفة في مدينة رفح تجاه أقباط المدينة وتطالبهم بالرحيل عن رفح، في بادرة طائفية هي الاولى التي تشهدها المنطقة، فبعد إطلاق الاعيرة النارية على أحد المحال التجارية التي تتبع أحد الأقباط، أصبح الامر فرضاً لتلك الاسر المسيحية بالهجرة إجبارا من رفح إلى منطقة العريش بشمال سيناء. لكن يبقى السؤال إلى متي يظل هذا المسلسل الهزلي في التعدي على سيادة الدولة بمنطقة سيناء، والمحاولات المستمرة لإيجاد ذرائع الفتنة والإرهاب بالمنطقة؟. بداية يقول الشيخ عارف مسلم أبو العكر أحد مشايخ سيناء أن ما تم تهجيرهم بالفعل هم خمس أسر مسيحية وليس تسعة كما أشاعت بعض وسائل الاعلام، وكان ذلك لدواعي امنية بعد التهديدات الاخيرة من جهة متطرفة مجهولة. وأوضح الشيخ "عارف" أن ما يحدث "قلة ادب وقلة احترام" -على حد قوله- حيث تعيش تلك الاسر المسيحية في أحضان سيناء منذ أكثر من 25 عام، مؤكداً أن القبطي هو ابن من ابناء الدولة ويتمتع بكافة حقوقه فيها، ولا يجوز البتة أن يتم إجباره علي الرحيل من منزله. وأضاف "عارف" ان السبب من جراء هذا التهجير هو لدواعي امنية وهذا ما نرفضه ويرفضه المجتمع بشكل كامل، حيث عملنا ونعمل للتواصل مع بعض الجهات السلفية والمتطرفة للعدول عن تلك السياسة الا أن الامر يتخطي واقعنا الاصلاحي حيث تتمركز في سيناء بؤر إجرامية نتيجة الاهمال الكامل من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة. وأردف أن شيوخ وزعماء القبائل العربية تحاول جاهدةً منع ذلك لكن المسئولية ايضا تقع علي عاتق الجهات الامنية السيادية التي يجب أن تتحرك بشكل سريع لوقف هذا النزيف والانهيار بمجتمع سيناء. وألمح "عارف" إلى احتمالية ضلوع بعض الافراد الفلسطينيين وراء هذا الامر، حيث تنتشر الانفاق بالحدود المصرية الفلسطينية. وطالب "عارف" من شيوخ مصر المعتدلة أن تتواجد علي نحو مستمر بالتناوب إلى منطقة سيناء مثل الشيخ محمد حسان وغيره، حتي يتثني للدين الاسلامي المعتدل الانتشار والبعد عن العمل الارهابي المتطرف. في حين ينفي محمد الطبراني نائب رئيس حركة ثوار سيناء بصورة شخصية ورسمية حول ما تردد عن تهجير أسر مسيحية وما اثير مجرد اشاعة مغرضة لتهييج الرأي العام، فمسلمي ومسيحي سيناء علي درجة كبيرة من السلم وهم مواطنون يتمتعون بكافة الحقوق المصرية دون استثناء، مضيفا "كنت متواجد بمنطقة رفح ولم يحدث شيء" -على حد قوله- حيث كان يلتقي عدد من الاقباط التي أكدت عدم صحة وجود تهجير وأن الامر مجرد انتقال لا أكثر. وأكد علي فريج راشد رئيس الحزب المصري للعدل والمساواة صحة هذا التهجير والذي يرجع سببه لعدد من التهديدات من قبل افراد مجهولة لعدد من الاسر المسيحية برفح المصرية مضيفاً " ان دا كلام مينفعش ولا يعقل" - على حد قوله- لذلك احمل المسئولية علي الدولة ايضا لعدم قدرتها على تحديد هؤلاء ومعرفتهم وما هي اغراضهم الي جانب ان الموساد الاسرائيلي له يد عليا في هذا الموقف حيث تجد علي الحدود المصرية العديد من الانفاق التي تتيح لأعضاء الموساد التلاعب بالأراضي المصرية كيفما تشاء بالتالي يصعب علي الادارة المصرية تحديد الفاعلين . فما حدث هو مخطط ممنهج اراه من افعال الكيان الصهيوني لإحداث فتنة طائفية بين مسلمي وأقباط مصر مضيفاً اننا نعيش منذ فترة دون أدنى مشاكل طائفية فكلنا نعيش في سيناء اخوة وأصدقاء وتسود العلاقات السلم والأمن والأمان. لذا نحن علي استعداد تام لجانب شيوخ وزعماء القبائل العربية للتعاون مع الجهات السيادية لإيجاد الفاعلين والمتسببين في تلك الفتنة حديثة العهد في تلك المنطقة . وطالب "فريج" ان يتحدد دور الكنيسة والمساجد بدورهما المنوط بهما لان ما حدث تعد على مواطن مصري في المقام الاول . ومن جانبه يقول خالد حسين الجندي أمين تنظيم الحزب المصري للعدل والمساواة في سيناء ان الفترة السابقة شهدت حالة من الإرهاب في منطقة سيناء نتيجة للإهمال المقصود من قبل الادارة المصرية المتعاقبة ليس فقط طيلة 30 سنة بل اكثر من ذلك، وهو ما آدى إلى ظهور بؤر إجرامية إرهابية كانت تلك البؤر سبباً مباشراً في قلقلة أهل سيناء حيث لم يشهد أهل سيناء من قبل أي احتقان طائفي أو مشكلات تقوم على اساس العرق أو الدين او اللون فالأمر برمته مدسوس وممنهج ومقصود. متسائلاً من الذي طلب منهم الرحيل والهجرة من منازلهم؟ ومن يؤيدهم؟ فهذه بلادهم وهم ابناء شرعيين لهذا الوطن وليس عبء عليه لا من قريب ولا بعيد لذلك الامر مرفوض شكلا ومضمونا أي ان كان هذا التهديد ونوعه فهناك قنوات شرعية للرد علي تلك التهديدات والوقوف عليها والعدول عنها إلى جانب حماية اطرافها وهذا ما يجب ان ينتهجه وليس العشوائية اللا مخططة. فالمتسبب لهذا معلوم لدي الجميع وهو الجوار والتي لا تريد نهضة حقيقية بالمجتمع السيناوي، متسائلا كيف لمجلس الامن أن يناقش أمور سيناء فهذا تعد واضح للشأن الداخلي المصري . فالمحافظة والتي لا يتعدى قاطنيها 500 الف نسمة بالمغتربين تستطيع ان تكون موطنا لأكثر من 3 إلى 4 مليون من خلال خطط التنمية والبنية التحتية الرشيدة وهذا ما يجب علي الادارة الحالية ان تأخذه في الاعتبار . واستبعد "الجندي" ان يكون للكنيسة دور في تحجيم الموقف لان هؤلاء مواطنين مصريين وان تدخل الكنيسة يزيد الامر احتقانا بل وعلى الجانب الاخر لابد ان يكون الحوار الديني يتمتع بدرجة من البصيرة بمعني ان تكون الخطب الدينية علي امور دينية متعلقة بالشأن المجتمعي وليس مجرد نصح وإرشاد بمعني لابد وان يكون هناك نقاش في قرارات والعمل لتفسيرها وشرح الشأن الخارجي اذا ما تطلب الامر ذلك حتي يتثنى للجمهور المشاركة الايجابية إزاء الاحداث الخارجية . وفي معرض الحديث يقول دكتور اسماعيل عبد الجليل رئيس مركز بحوث الصحراء سابقا ان ما حدث هو مخطط ممنهج بواسطة ايدي كثيرة هي نفس الايدي التي بدأت مخططها بسرقة والاستيلاء علي بنك الجينات النباتية بسيناء بالشيخ زويد ورفح وهي محميات طبيعية كذلك نفس الايدي التي تتلاعب بالإرهاب في منطقة سيناء فذلك المخطط يهدف للوقيعة بين مسلمي وأقباط مصر باعتبار ان مصر مسرح عمليات تسمح به الحكومة لان الحكومة لا تعمل جاهدة لإيجاد الفاعلين ولا تعمل جاهدة لعمل مشروعات تنموية بمنطقة سيناء او علي الاقل توجه الاهتمام لتلك المنطقة . فالحكومة اتفقت علي مشروع ترعة السلام تكلفة بلغت 7 مليار جنيه مصري ليوفر هذا المشروع 400 الف فدان صالح للزراعة تستطيع ان توفر تلك المساحة توظيف ما لا يقل عن مليون مصري لجانب الدخل الانتاجي من جراءه الا ان الامر كالعادة قوبل بالانتهاء قبل ان يخرج للنور. فذلك المخطط يهدف للحديث عن الاقليات بتلك المنطقة وبالتالي استقطاب النظرة الدولية تجاه سيناء وبالتالي اثارة الفوضى، ويلي ذلك طلب اقباط المهجر الحفاظ علي حقوق الاقليات المسيحية في مصر مما يبرر للقوى الدولية توجيه الاتهامات تجاه الحكومة وهو ما يسمح بالتدخل في الشأن الداخلي لمصر.