شهدت محكمة نيابات قصر النيل صباح الأحد حالة من الزحام الشديد قبل ساعات من جلستي العرض والتجديد للمتهمين في أحداث السفارة الأمريكية، حيث تجمع أهالي المعتقلين أمام ساحة المحكمة منذ التاسعة صباحاً انتظار النطق في قضية ذويهم بعد عرضهم علي المحكمة منذ الخميس الماضي. وبين ترقب الأهالي لوصول أبنائهم إلي ساحة المحكمة وبين النطق بالحكم "التجديد أو إخلاء سبيلهم" تتولد جبال من التخوفات والظنون من تلك الساعات القليلة التي كانت تمر عليهم كالجبال. وصلت سيارتي الأمن المركزي إلى قاعة المحكمة في الواحدة والنصف من ظهر أمس بإحدى وثلاثين متهماً في أحداث السفارة وثمانية وأربعين أخرين تم عرضهم علي النيابة مساء أمس في حضور نحو عشرين محاميا وحقوقيا وعشرات الصحفيين وأهالي المحتجزين. وفي الواحدة والنصف بدأت الجلسة بنداء الحاجب على أسماء الإثنين وثلاثين متهما في أحداث السفارة للتأكد من وجودهم جميعا، بإستثناء الطفل محمود خالد الذي أخلي سبيله أول امس لانه حدث. في الوقت ذاته تجمع المحامون أمام قاضي المحكمة المستشار محمد العطار لعرض الحافظات والمستندات على المحكمة . بدء الدفاع في الترافع عن موكليهم فحضر عن المتهم محمد إسماعيل محمد، الصحفي بجريدة "الوادي" كلا من محسن البهنساوي، عبده حسين والحقوقي أحمد داوود وعبدالمعطي عنتر الذي أكد خلال مرافعته أن ثمة عشوائية في اتخاذ قرارات القبض علي المواطنين من قبل قوات الأمن. المتهمون تم إلقاء القبض عليهم في الأحداث الأخيرة بعشوائية ودون أحراز وهي ذات الاتهامات القديمة في أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود بداية من التجمهر والاعتداء علي قوات الأمن واقتحام منشآت الدولة . وخلال الاستماع إلى الدفاع أمر الذي نادى على الحرس الخاص بالقاعة وطالبه بالتحفظ على أحد أفراد الأمن المركزي داخل قفص المتهمين بجوار المعتقلين نتيجة تحدثه وأحد المتهمين في القفص خلال الجلسة. وتحدث عبدالمعطي عنتر عن حرية الفكر والتعبير والديمقراطية التي زادت بمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ورغم أن الجميع ضد التخريب فإنه أيضا ضد ظلم شباب أبرياء لمجرد أنهم ينتمون لأحزاب وتيارات سياسية فيتم إلقاء القبض عليهم بشكل عشوائي دون أي ذنب في ظل الأوراق الخالية تماما مما يفيد تعمد التخريب . فيما استنكر المحامي الحقوقي محمد عبدالوهاب بهنسي تصريحات مدير المباحث الجنائية بشأن اتهام هؤلاء المعتقلين بأنهم بلطجية ومخربين ومسجلين خطر وأصحاب سوابق. وأثناء ذلك تدخل أكرم رمضان عيد، أحد الشباب المتهمين مقاطعاً: "يابيه احنا مش بلطجية"، ذلك الشاب الذي يعمل مرشدا سياحيا في مدينة الشيخ زايد ثم أكمل "بهنسي" أن هذا الكلام غير صحيح لأن هؤلاء الشباب حر وشريف وينتفض غيرة لدينه وحمية لنبيه وحينما خرج للتظاهر في الميادين وأمام السفارة إنما خرج بقصد نصرة الحبيب محمد. في المقابل شهد القفص حالة من النشوة بالمحامين ودفاعهم وضجت القاعة بهتافات بالتكبير بالانتصار. وفي ذات السياق أوضح المحامي عبدالحكيم احمد الكردي أن ثمة شروط شكلية وموضوعية للحبس الاحتياطي وفقا للمادة رقم 134 من قانون الإجراءات الجنائية التي اشترط النص صراحة الدليل الكافي في الأوراق المقدمة بما يثبت الفعل المنسوب إليهم، لكن المحضر كان يخلو تماما من ذاك الدليل. ومن ثم فلا يجوز حبسهم احتياطياً دون عقوبة واضحة أو اتهام صريح، موضحا أن الحبس الاحتياطي ليس سوى ضمانة من ضمانات التحقيق لكنه يبقي مقيدا بدون حكم قضائي وهذا أخطر من الحكم ذاته. وقال المحامي محسن البهنساوي، إننا نطمع في عدالة القضاء في الإفراج عن كافة المواطنين المصريين المتهمين في الأحداث الأخيرة ولو بكفالة مالية تقررها هيئة المحكمة. وأضاف "الكردي" إن هؤلاء المتظاهرون سلمياً كانوا يخرجون لأجل النبي ولكن هناك من يندس وسطهم لإخراج وقفتهم من السلمية إلى العدوانية ونحن في مرحلة بناء دولة جديدة وجمهورية ثانية متقدمة، مبدياً تخوفاته بشأن ألا نكرر أخطاء مجلس الوزراء ومحمد محمود . هنا تدخل القاضي غاضباً: "المحكمة تنظر للأوراق دون وقائع ولا يوجد بها قياس" . وخلال رفع الجلسة تعرض المرشد السياحي أكرم رمضان لحالة إغماء داخل القفص وبعدها اتجه نحو 31 متهما إلى أقسام شرطة "قسم ثان مدينة نصر، باب الشعرية، السيدة زينب، الجبل الأخضر" انتظارا لحكم المحكمة . وبعد ما يقرب من ساعتين انتظار داخل المحكمة جاء قرار المستشار محمد عبدالشافي، رئيس نيابة قصر النيل الكلية بالإفراج عن نحو عشرين متهماً في أحداث السفارة بكفالة مالية تتراوح بين الألف والألفين جنيهاً وهم كالتالي: مهاب هريدي، أكرم سيد محمد، أكرم رمضان عيد، محمد ممدوح محمد، محمد السيد حواش، سعيد عوض محمود، مسعد السيد سرور، أمير علي عبد الرحمن، تيسير محمد أحمد، أسامة رمضان علي، طه خليفة عبد العاطي، محمد أحمد محمد، سعيد أبو المكارم، حسام عبد الرازق، نور سعيد الأمير، محمد محمود أحمد، محمد بركات محمد، عبد الحميد محمد نبيل، محمد علي شحاته، محمد إسماعيل محمد. كما قررت النيابة حبس 11 آخرون 15 يوماً على ذمة التحقيق وهم كالتالي: رامي أحمد عبد الحميد، محمد حلمي شحاته، فتحي السيد محمد، أحمد إسماعيل سيد، أحمد حسن عبد الجواد، حسن محمد حسن، عيد عزمي هريدي، عمر حسن محمود، محمد كرم خضر، محمد بخيت عماد، محمد عواد مهدي. وانتظر الأهالي أكثر من عشر ساعات امام أقسام قصر النيل وباب الشعرية ومدينة نصر ثان حتي الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين في انتظار قرار النيابة بالإفراج عن ذويهم من القسم بعد تسديد الغرامة المالية.