وسط جدل كبير فى الأوساط الحزبية والسياسية، ورد فعل الشارع المصري، وبين موقف الحكومة التى فاجئت الجميع بإتجاهها إلى عقد إتفاقية مع صندوق النقد الدولى لإقتراض مبلغ بمقدار 4.8 مليار جنيه، وحالة من البلبلة الاقتصادية بين الحاجة إلى السيولة الاقتصادية، والتهديد بحالات الإفلاس والفقر. وبالرغم من الرفض الصريح لمثل هذه القروض أثناء عقد مجلس الشعب وقيامه بدوره البرلمانى والتشريعي، وكلمة الشيخ سيد عسكر الشهيرة داخل البرلمان أثناء مناقشة قرض مصر من صندوق البنك الدولى لبناء البنية التحتية للصرف الصحى بمبلغ أقل بكثير يعد 300 مليون دولار، والتى قال فيها: "أي اتفاقية بقرض لا أوافق عليها أبدا". بجانب تصريحات العديد الأحزاب والشخصيات التي أعلنت رفضها وتحفظها، بالرغم من كل ذلك ألقت حكومة "قنديل" بهذا الجدل وراء ظهرها وأقدمت على خطوة الإقتراض من صندوق النقد الدولى بزيادة قدرها 1.6 مليار جنيه عن مثيلتها السابقة. "الوادي" رصدت رد فعل القوى السياسية والحزبية حول ذلك القرار فى مزيد من الجدل مرة أخرى. بدايةً قالت "مارجريت عازر"سكرتير عام حزب الوفد، أن مشروع الإقتراض من صندوق النقد الدولى أثناء إنعقاد البرلمان رفضه الإخوان والسلفيون وقام الشيخ "سيد عسكر" فى جلسة الإنعقاد على الهواء ورفضه فى وسط البرلمان وقال لن نسمح بالربا، وتساءلت كيف يتم الموافقة عليه الآن والذى عارض قبل ذلك الآن قبل ؟!. وعن الظروف الإقتصادية والسياسية التى قد تكون حجة الحكومة الجديدة ، قالت "عازر" :"الظروف الاقتصادية قبل الثورة وبعدها كانت صعبة ،وكان الاحتياج ليها فى حكومة الجنزورى أشد". وأكدت ان الظروف الاقتصادية الآن تمر بمرحلة تدهور، لكنها طالبت بمزيد من الشفافية والمعلومات من الحكومة ،وقالت: "محتاجين شفافية ،حد يطلع يقولنا ليه تم الموافقة على القرض وليه المبلغ ده كله وايه هي شروطه ". وأبدى "أبو العلا ماضى" رئيس حزب الوسط قلقه وتحفظه من هذا القرار، وقال أن الإقتراض من صندوق النقد الدولى يسمح للصندوق بالتدخل فى السياسة الإقتصادية لمصر، وأيضاً فى روشتة الإصلاح الإقتصادى. واستنكر ماضي اتخاذ مثل هذا القرار قائلاً: "اقول لمن اتخذ هذا القرار إحذر من الإقتراض من صندوق النقد". فيما قال "سيد عبدالعال" أمين عام حزب التجمع أن الإقتراض فى هذا الوقت بهذا الحجم يؤكد ان الإخوان يسيرون على منهج الحزب الوطنى ، ولا تفرق عنها فى شئ، وأكد أن إتخاذ مثلهذا القرار يجب أن تحاكم، وأضاف أن هذا يهدد الأجيال القادمة بعدم بناء مستقبلها الإقتصادي ، وأن هذا القرار سيسبب عجز فى ميزانية الدولة العامة، وأن هذه التصرفات تؤكد للشعب أن الإخوان وحزب الحرية والعدالة ماهم إلا بديل عن الحزب الوطنى السابق بنفس السلوط الاقتصادى من الاقتراض من البنك الدولى وخصخصة القطاع العام. وأوضح "عبدالعال"أن هناك العديد من البدائل والتى لن يعرفها الإخوان ولو عرفوها لن ياخذوا بها، وأمام الحكومة فرصاً عديدة بدلاً من الإقتراض من صندوق النقد الدولي، استبدالها بإقامة مشاريع استثمارية كبرى وخفض الإنفاق الحكومى على سبيل المثال. وقال متسائلاً :"أين مشروع النهضة التى تحدث عنه الإخوان بأنه سيجلب العديد من الإستثمارات"،وأضاف : " أليس هذا هو القرض ذو الفوائد الربوية الذى رفضوه من قبل، لماذا تراجع الإخوان الآن وبهذا القدر من الزيادة ؟!" أما عضو حزب الحرية والعدالة وأمين عام الحزب بأسيوط "على عزالدين ثابت" قال أن هذا المشروع لم يعرض على البرلمان فيما سبق، لكنه كان محل نقاش بين الحكومة وصندوق النقد الدولى، وأن قيمته كانت 3.2 مليار فيما سبق. وأرجع "على ثابت"مسئولية هذا القرض إلي الحكومة الحالية، فى عدم وجود برلمان للشعب، وقال "مازلنا نتساءل عن شروط هذا القرض وما الفائدة من زيادة المبلغ إلى 4.8 مليار". وفى نفس السياق أكد"نادر بكار" المتحدث الرسمي لحزب النور، رفض حزب النور لهذا القرض جملةً، وقال سيتم طرح العديد من البدائل على الحكومة الفترة القادمة . فيما أعلن حزب "مصرالقوية " ووكيله د.عبدالمنعم أبوالفتوح عن رفض الحزب لهذا القرض، واصفا إياه بأنه أداة لهيمنة كبرى من صندوق النقد الدولى لما به من شروط وبرامج اقتصادية مجحفة، وقال إن استمرار هذا العمل والاقتراض من النقد الدولى هو تكرار لأعمال نظام مبارك المعيب. كما دعى حزب "مصرالقوية"رئيس الجمهورية لتوجيه الحكومة للتحاور مع القوى الوطنية والسياسية لتقديم حلول بديلة مصرية خالصة لمشاكل الاقتصاد المصري. وعلى وجه آخر من القضية،برَرَّ "أيمن الزهدي" امين عام حزب الحرية والعدالة بجنوب سيناء وعضوالهيئة العليا للحزب، أن هذا القرض له شقان أحدهما سياسي يخص الحكومة، والآخر اقتصادي. وقال إن البرلمان كان بعيدا عن الحكومة السابقة ولم يكن يعلم كل بواطن الأمور، أما الحكومة الآن فلديها مقاليد الأمور وزمامها ومحتكة بكل موارد الدولة، والوارد والصادر أمام عينها وهى صاحبة القرار فى القرض. وعلى الجانب الإقتصادي أكد "الزهدي" أن مصر على عتبة استثمار حقيقي ومشروع نهضة حقيقي يحتاج إلى سيولة فى ظل أزمة السيولة الاقتصادية الحالية. وأكد أن سداد هذا الدين لن يكون عبئا من خلال استثمار حقيقي فى مصر، وأضاف أن مشروع النهضة يضمن العديد من الاستثمارات فى سيناء وقناة السويس والوادى الجديد والبحرالأحمر، مشيرا إلى أن معارضة الأحزاب والسياسيون لهذا القرار إنما هو من سبيل المعارضة ضد التيارعلى طول الخط وحسب. وأكد "طارق الزمر"المتحدث الإعلامي باسم الجماعة الإسلامية أن هذا القرض جائز شرعاً فى وجود ضرورة ملحة وحاجة لذلك، موضحاً أن الحكومة هى من تقدر تلك الضرورة والحاجة لأنها فى وضع المسئولية وترى الأمور بدقة . وأضاف "الزمر"أن هناك بالفعل ضرورة لحد الكفاية للمجتمع وإنقاذ الفقراء لما هم فيه، وقال: "هناك حالة عوز حقيقي فى المجتمع لذلك". وفيما قال أنه يتمنى أن تكون سياسة الإقتصاد المصري بعيدة عن الإقتراض خاصة من صندوق النقد الدولى الذي يكبل السياسة المصرية بشروطه، وطلب أن تكون هناك رؤية وتصور مستقبلي لوضع هذا الإستثمار فى مشاريع تفيد الفقراء فعلياً، ولا تكبل الأجيال القادمة والحكومة بقيود الديون، وأضاف أن يكون هذا الاستثمار قادر على سد الدين وطرح تلبية احتياجات المرحلة فى ظل تصور متوازن بين الحكومة وصندوق النقد الدولي بما يلبي احتياجات مصرالاقتصادية. وبالرغم من كل هذه الآراء ما بين تضارب التصريحات وصدور البيانات من الأحزاب فهناك جدل مستمر بين رفض وتحفظ السياسيون والأحزاب، وبين تأييد آخرون لهذا القرار، وفيما يتحمل الشعب جراء مايحدث فى كل الأحوال تبقى الموازنة العامة فى حالة اقتصادية سيئة، فهل يصبح القرض هو السبيل الوحيد للنجاه، أم كان مشروع النهضة هو مشروع حزب وطنى جديد؟.