"مكرم عبيد" شارع عريق مشهور فى حي مدينة نصر، مليئ بالمحلات الفاخرة والتوكيلات لأشهر المطاعم وشركات الملابس الرياضية والمول التجاري، به مزيج من ضجيج السيارات وهدوء السكان، سُميَّ على اسم وزير المالية "مكرم عبيد باشا" وهو أيضاً سكرتير حزب الوفد سابقاً. ربما كان مكرم عبيد هو "وش السعد" على قاطنيه، فمعظم سكان الشارع والشوارع المتفرعة منه ذو مناصب عليا فى الدولة، أما عمارة "الأكابر" كما وصفتها "الوادى" فهى العمارة التى يسكن بها وزير الثقافة الجديد " د.محمد عرب صابر"، ويسكن بها أيضاً مسئولون عدة بالدولة منذ القدم. فكان يسكن بها مساعد وزير الداخلية الأسبق "فاروق شكرى"، ويسكن بها الآن مستشارين بالدولة ، ورئيس محكمة جنوبالقاهرة، وعدد من الشخصيات كبار المناصب. وبالرغم من أن العمارة فى شارع أبوداود الظاهرى المتفرع من مكرم عبيد، إلا إنه يتميز بنفس مميزات الشارع الرئيسي، فالسيارات تملأ الشارع ضجيجاً، والسكان يعمون المكان هدوءاً، إلا من صوت سايس العربيات وهو ينادى وبائعي التين الشوكى. وعند سؤال " الوادى " عن الوزير الجديد أجمع سكان الشارع والعمارة أنه شخص محترم يتميز بالهدوء، لايحب البهرجة أو الشو الإعلامى بحد وصفهم، لايحب الحراسة ورفضها من الحكومة. لم يمنعه المنصب الجديد أن يخرج ليصلي التراويح بين نفس الأشخاص فى نفس الشارع والجامع، يخرج برفقة سائق الوزارة بسيارة الحكومة صباحاً وبرفقة العائلة بسيارته الخاصة مساءاً. وعلى بعد عشرة أمتار من العمارة وقفت أول عربة للتين وجدنا سيدة إسمها " أم عبدالله " سئلناها: تعرفى وزير الثقافة الجديد؟ ردت بتلقائية "أيوة عرفاه، انا بسمع انه ساكن هنا، لكن مش بحس بيه" ، وحاورناها لماذا ألا يوجد حراسه معه؟، فقالت "انا بقعد بالنهار وبالليل ،لا في حراسة ولا فى حكومة، ده كان زمان لو حد معدي بس، كانوا بيمشونا ويقفلوا الشارع وساعات بيضربونا وياخدوا التين، لكن دلوقتى معدش فيه حراسه لحد"، وأضافت "بس انا عايزة اقول رسالة للرئيس عن طريقكم: انت اتظلمت ياريس قبل كده ودقت طعمه المر، فمش عايزينك تظلمنا". بعد ذلك توجهنا إلى العمارة التى يقطن بها سيادة الوزير، وجدنا كشك لحارس العمارة وسئلنا على البواب فلم نجده، فدخلت "الوادى" محل كبيرأسفل العمارة للأدوات المنزلية وسئلنا "سمر" و "هناء" بائعتان به عن الوزير فأكدتا أنه شخصية محترمة وهادئة، لم يسمعا عنه قبل توليه منصب الوزارة، وأضافتا "دلوقتى بنشوفه هو خارج وراجع من الوزارة، بيجي سواق الحكومة بالعربية وبيبقى معاه حارس واحد بس" وفيما لاحظت "الوادى" وجود شخص قريب من أسفل العمارة يرتدى بدلة سوداء ويخفى طبنجة يبدو عليه أنه حارس أمني، وعندما سئلناه هل انت حارس لوزير الثقافة، أنكر ذلك ورفض ذكر إسمه، لكنه قال "الوزير مش عايز حراسة معاه لأن الأمر مش مستدعى بعد الثورة، انا مع شخص آخر وأنتظر فقط سيارة ستقلنى" . أما عم "مصطفى عطا " بواب العمارة التى تلي عمارة "الأكابر" فقال عن شخصية "د.محمد صابر" بأنه هادئ وفى حاله على حد وصفه، وأضاف"بقالنا 12 سنة ماشفناش منه او من عيلته غير كل خير ، عنده ولد واحد وتقريبا 3 او 4 بنات". وعن حال الشارع بعد أن أصبح وزيراً يسكن به قال عم مصطفى : "الشارع ماتغيرش ولاكأن فى وزير فيه ، بتيجي عربية الوزارة تاخده الصبح وترجعه، لابتوقف إشارات ولا بيجي معاه حراسة توقف الدنيا". أما العمارة السابقة له فكانت فيلا لسكان بالإمارات لايأتون كثيراً ، وجدنا "أم أحمد" التى تولت أعمال البواب بعد وفاة زوجها. وعندما سئلناها عن معرفتها بالوزير الجديد للثقافة، قالت "أيوة طبعا عارفاه د.محمد صابر، ده راجل محترم وطيب، كل مرة بيشوفنا بيسلم علينا وساكن هنا فى العمارة اللى جنبي"، وعندما سئلناها عن عدم وجود البواب أو حراسة أو أى شخص أسفل العمارة ، قالت"العمارة دى كان فيها مسئولين كتير قبل كده وعمر ماحد جاب حراسة معاه، ومفيش غير سايس العربيات بيقعد فى كشك الامن تحت العمارة، وبواب العمارة زمانه جاي" وأضافت "حتى فى أيام اللواء فاروق عمره ماجاب حراسة معاه، الدنيا هنا آمان". وبعد انتظار جاء بواب العمارة عم " فتحي" وقال لنا "الوزير جه من ربع ساعة وطلع، وهو بصراحة راجل عشرة على عشرة، هو وأسرته"، وعن العمارة قال لنا أن بها مستشارين وقضاه ومسئولين كبار، وعلى حد تعبيره العمارة فيها مستويات عالية. وقال أن الوزير يسكن فى الدور الخامس ويحب الهدوء. أما مدام "نرمين" التى نادت على عم فتحى وهى أحد سكان العمارة وصديقة لإبنت الوزير، قالت مداعبة: "على فكرة بنت الوزير أميرة صحفية فى روز اليوسف" وعن الوزير الجديد وأسرته وصفته مدام نرمين أنهم عائلة محترمة لم يتغير حالهم بعد تولى المنصب، كما أنهم "مالهمش في البهرجة والشو الإعلامى" كما وصفتهم. وآخيراً أطل علينا أحد مسئولي الدولة الكبار بسيارة الحكومة وسائقه وحارس خاص، وعندما سئلنا السائق عن شخصية هذا المسئول علمنا أنه رئيس محكمة جنوبالقاهرة، وتعجبنا حينما لم نجد معه أيضاً سوى السائق والحارس. ربما هى شيمة وزير الثقافة الجديد "د.محمد عرب صابر" وكل مسئولى "عمارة الأكابر".