جاء خبر وفاة اللواء عمر سليمان ليحمل عدد من المعاني المتضاربة تتفق جميعا على حقيقة واحدة وهى الموت. صاعقة الخبر جاءت بحمله تشكيك في وفاته من قبل أنصاره على غرار ما يثار حالياً من شبهة قتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وجاء تبريرهم لهذا الموقف بعد الإعلان عن نيته فى الترشح على منصب رئيس الجمهورية بعد الانتهاء من وضع الدستور الجديد، واتهموا كالعادة الاخوان في تلك الواقعة . الامر الذي دعى حملته إلى استقبال الجثمان بوقفة احتجاجية أمام السفارة الامريكية. عمر سليمان حمل العديد من الملفات الشائكة التي عهدها إليه نظام حسني مبارك البائد، ولكن جاءت المفأجاة على لسان الدكتور ابراهيم نصر الدين الخبير بالشئون الافريقية وأبرز المتابعين للملف المائي المصري، فقال لقد تعامل "سليمان" مع قضية حوض النيل بتعالي شديد خاصة وأن مصر تتمتع بمكانة داخل الأوساط الافريقية، وحينما تحدثت عن حل أزمة مياه النيل في أحد البرامج التليفزيونية وجدت اتصالات تأتى من قبل جهاز المخابرات العامة وأرسل لي إنذار شديد اللهجة بضرورة عدم التحدث في هذا الامر مرة اخرى، وتم تكليفي بوضع الملف الكامل بين يدي المخابرات العامة تحت قيادة الراحل عمر سليمان وللاسف الشديد لم يتم فتح ذلك الملف مرة اخرى. وفي حين يقول السفير الاثيوبى بمصر محمد الدرغيدى أن النظام السابق هو من أهمل افريقيا عامة واثيوبيا خاصة واتجه إلى اوروبا وأمريكا، وهو السبب في إشاعة بناء سد الالفية بأموال اسرائيلية فللاسف الشديد أن حسني مبارك وتابعه الراحل عمر سليمان كان يهمش من دور افريقيا وبالتالي ردت أفريقيا عليه بالتجاهل أيضا. فرفض "سليمان" مبدأ التكامل الافريقي وتعزيز التجارة الخارجية بين دول حوض النيل، كما أنني أعيب على الاعلام في عهد النظام السابق الذي أشار إلى أن أثيوبيا دولة متأمرة على مصر. ويؤكد السفير الاثيوبي على أن العناصر الفاعلة لآلية الدبلوماسية الشعبية تبلورت فيما ضمه وفد الدبلوماسية الشعبية من كفاءات برلمانية مشهود لها بالإخلاص والكفاءة علي المسار الإفريقي، وبرموز ملهمة وفاعلة في الحراك السياسي المصري الناتج عن الثورة، إضافة إلى وجود رمز من عهد جمال عبد الناصر أحد الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية. وقد أسفرت هذه التركيبة عن تطور إيجابي في الموقف الإثيوبي لابد من تثمينه، خصوصاً في ضوء طبيعة التعبئة الشعبية في اثيوبيا لمسألة بناء السدود وبلورتها في إطار المشروعات القومية علي نحو مثيل للسد العالي في مصر. وقد تبلورت ملامح الموقف الإثيوبي الإيجابي تجاه مصر في تجميد التصديق على إتفاقية عنتيبي بين دول منابع نهر النيل، وتجميد إنشاء سد الألفية لحين استكمال هياكل الدولة المصرية بعد الثورة، والأهم هو بداية تعاون مصري إثيوبي علي المستوي الفني في مسألة السدود، ف"مبارك" وعمر سليمان تركوا أفريقيا تغرق في الحروب والدمار والتشكيلات المسلحة ولم يشغلهم الاهتمام المشترك بنا على الرغم اننا أبناء قارة واحدة، ودعونا مراراً إلى توحيد الصفوف الافريقية ومساعدة دول حوض النيل لكن دون جدوى فبالرغم من الدعوات الافريقية للاجتماعات المشتركة ولكن لن تنجم هذه الاجتماعات عن أي اتفاق. ويؤكد أن هناك ضغوط اسرائيلية مازالت مستمرة لعمل مشروع الأخدود الأفريقي العظيم والذي تقدمت به إسرائيل عام 2002 لليونسكو لإضفاء صبغة جديدة علي موضوعات سياسية وصراعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولكن ما تزال الفرصة قائمة امام الجانب المصري لؤاد تلك الفكرة وكان ل"سليمان" دور مضلطع فيها. ف"سليمان" مارس الخديعة للأفارقة في عدد من دول منابع النيل وهي ممارسات مؤسسية علي نهب موارد محددة والرحيل سريعا وعدم الوفاء بالوعود الاستثمارية أو العمل خارج الإطار المؤسسي للدولة وهي ممارسات انعكست علي صورة ومصالح مصر والمصريين في هذا البلد أو ذاك.