بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا بيانها الأخير التي أكدت فيه أن أحكامها وكافة قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن بحكم القانون، وأن هذه الأحكام في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وأشارت المحكمة في بيانها إلى أنها ماضية في مباشرة اختصاصاتها التي عقدها الدستور لها وفي مقدمتها أنها تتولى دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. فمن جهته استنكر رئيس نادي القضاة الأسبق المستشار زكريا عبدالعزيز البيان قائلاً: "عيب على أعضاء المحكمة الدستوريه هذا الصدام الذي يفتعلونه الآن بين السلطات، فلقد تعلمنا في محراب العدالة أن القاضي يصدر حكمه ويلقي به لأمين السر ولا يتتبعه، ووجه عبدالعزيز لهم رسالة شديدة اللهجة، قائلا: "أنتم باجتماعكم اليوم توجدون خصومه مع السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان المنتخب، وتساءل مستنكرًا هل يكون القاضي في خصومة مع أحد؟! واستطرد عبد العزيز حديثة للمحكمة الدستورية: عليكم أنت تكونوا كبارا على مستوى المحكمة التي ولا نضع أنفسنا في خصومه مع أحد فالقاضي دائما مايتنازل عن حقوقه حتى لا يضع نفسه في خصومه مع أحد، مشيراً إلى أن المحكمة الدستورية لا يجب أن تتعقب أحكامها وتتابعه وأن الأحاديث التي أدلى بعض أعضاء المحكمة الدستورية في الأيام الماضية لا تليق بقاضي، وقال أيضا أنه ليس من المعقول أن يدلي قاضي مصري -رفض ذكر اسمه- بحديث لجريدة أجنبيه عن شؤون مصر الداخلية ثم يخرج ليكذب، كما هاجم عبدالعزيز المستشارة تهاني الجبالي وقال إنها وضعت زملائها في الجمعية العمومية بمأزق حينما دعت لعقد جلسة طارئة لهم، وأضاف أن كثرة أحاديثها ما هي إلا زج غير مبرر بنفسها في خصومة سياسية مع رئيس الدولة. وأضاف عبدالعزيز أن هناك العشرات من القضايا أمام المحكمة الدستورية منهم قضايا منذ عشرات السنين مثل محاكمة المدنين أمام القضاء العسكري التي لم يبت فيها حتى الآن، كما دعا لإعادة النظر في قوانين المحكمة الدستورية ووضع نظم جديدة للفصل في القضايا وضوابط المحكمة لهيئة المفوضين بها لأن المحكمة أصبحت مثال صارخ للمحسوبية والوساطة والنتيجة ما به نحن الآن من تخبط إليه ووصف بيان المحكمة بالغير محترم للتقاليد القضائية. أما المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض قال إن بيان المحكمة ما هو إلا توضيح لأحكامها التي أقرتها وقالت إنها ملزمة في النصوص التي حكمت بها. وأضاف مكي أن بيان المحكمة يفيد بأنها تؤكد على أحكامها وهذا حقها واستبعد مكي وجود خلافات سياسية ناشبة بين المحكمة وأي مؤسسة سواء كانت مؤسسة الرياسة أو مؤسسة البرلمان، وقال إن من يريد غير ذلك يريد أن يحدث وقيعه بين المؤسسات، مؤكدا أن البيان لا يقترب لا من جديد أو من بعيد بقرار مرسي بعودة البرلمان المنحل. وقال المستشار فؤاد حسن أن في مصر محكمتين الأولى هي محكمة النقض وتحاكم "حكم صدر"، بمعنى أنه إذا كان الحكم فيه خطأ في تحقيق القانون تصدر أحكام بتصحيحه، أما المحكمة الثانية وهي المحكمة الدستورية التي تحاكم القوانين، وما جاء في بيانها اليوم يوضح أن أسباب الحكم مكملة للمنطوق وحكم حل البرلمان أفصح صراحة عن عدم جواز قانون مباشرة الحقوق السياسية الغير منضبط -على حد قوله- وكل ما جاء مترتب عليه فهو باطل وبناءا عليه أيضا أحل البرلمان. وقال أن البيان جاء مؤكدا على سيادة حكم المحكمة الدستورية فهذا الحكم ملزم لكافة المؤسسات بمعنى أنه إذا صدر قانون من البرلمان يحق للمحمكة الغاؤه وعدم الاعتراف به. وعن قانونية قرار مرسي برجوع البرلمان قال إنه هناك فرق بين الحكم الجنائي والدستوري فالمحكمة الدستورية العليا تقضي بعدم دستورية قانون ما وعلى الجهات التنفيذية تنفيذه وليس جنائي حتى يصدر الرئيس عفوا عن الجاني، وقال مؤكدا أن رجوع مجلس الشعب باطل ومن السهل أن تنهار تشريعاته وقوانينه لأنها مؤسسة باطلة بحكم القانون وليس بقرار صادر من المجلس العسكري في حل البرلمان، وأضاف أن القرار جاء تكميلي لحكم المحكمة وليس من قرار غير مؤثر لأن العسكري لم يحل مجلس الشعب بل المحكمة الدستورية هي التي حلته. وجاء بيان المحكمة مؤكدا أنها ليست طرفا في أي صراع سياسي مما عساه أن يثور بين القوى السياسية، ولا شأن لها بما تتخذه هذه القوى من مواقف أو تتبناه من آراء، وإنما تظل حدود نطاق مهمتها المقدسة هي حماية نصوص الدستور ودرء أي عدوان عليها أو انتهاك لها. وذكرت المحكمة أنه قد أقام عدد من ذوي الشأن وأصحاب الصفة اليوم منازعات تنفيذ أمام المحكمة بشأن قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 2012 الذي قضى في مادته الثانية بعودة مجلس الشعب المنتخب لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته المنصوص عليها بالمادة (33) من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 مارس سنة 2011. وأضافت المحكمة أن المدعين طالبوا بصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية السالف بيانه، وفي الموضوع بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 20 لسنة 34 قضائية "دستورية". وأشارت المحكمة إلى "أنه إعمالا لحكم المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها، وأنه إنفاذاً للقانون ستنظر المحكمة منازعات التنفيذ المقامة أمامها على النحو المقرر قانونا".