وسط ما تشهده الحركة الثقافية لدى تيار اليسار المصرى من خمول وضعف، يلوح لنا أبرز أدباء تيار اليسار المصري، الكاتب المسرحى ألفريد فريد، فى ذكرى وفاته التاسعة التى تحل علينا غداً الخميس 4 ديسمبر ليقول:" ها أنا هنا لا تنسونى..لا تنسوا "حلاق بغداد"..لا تنسوا سنوات أعتقالى الخمسة فى معتقل الواحات"، ليضرب نموذجاً فريداً من نوعه في كيفية إنتاج الفكر ولو فى غياهب المعتقلات. فى تلك الأجواء الملبدة بالغيوم لدى تيار اليسار المصرى وما حدث فكرياً لذلك التيار عبر الثلاثين عاما الاخيرة، نستشهد فى ذكرى الكاتب المسرحى اليسارى بمثل حى قوى لتجربة ميلاد مسرحية ألفريد فرج الأولى" حلاق بغداد" فى معتقل الواحات على لسان أحد كتاب المسرح الذى لا يقل قدراً عنه، والذى يعد أحد أبرز شهود العيان على فترة اعتقال ألفريد فرج هو الكاتب المسرحى خالد حمزة الذى قال فى أحد حواراته الصحفية بإحدى المجلات الثقافية المتخصصة منذ أعوام : " ما بقي في الذاكرة للعديد من الأعمال المسرحية في معتقل الواحات. ويضيف حمزة "في البداية كان المسرح يبني داخل العنبر في الممشى بين ضفتي الزنازين وكان المشاهدون يشاهدون العرض جالسين علي بطاطين مفروشة علي الأرض. وبعد ذلك قام المعتقلون ببناء مسرح روماني كامل المواصفات خارج العنابر. نقلوا الرمال إلي مكان المعجنة حملاً علي الأكتاف ثم عجنوها مع بعض الأعشاب لتسليحها ثم صنعوا قوالب خشبية لصب الطوب داخلها ثم رصوها في صفوف تحت شمس الصحراء لتجف ثم نقلوها علي الأكتاف لموقع البناء حيث أشرف علي البناء المهندس فوزي حبشي. وأود أن أشير هنا إلي أن النشاط الثقافي والمسرحي في الواحات قد بدأ بعد انكسار حملات التعذيب التي أسفرت عن استشهاد البعض وبعد أن نجحت حملات الرأي العام المحلي والعالمي في الضغط علي السلطة لوقف مجازرها". وتابع:" في معتقل الواحات كانت الثقافة والفنون المتاحة أحد أسلحة الشيوعيين في مقاومة خطة التصفية الفكرية والجسدية. حيث قام المعتقلون بكتابة وتنفيذ وإخراج العديد من المسرحيات. منها "العتمة" تأليف وإخراج شوقي عبد الحكيم.. "الخبر" تأليف وإخراج صلاح حافظ.. "حلاق بغداد" تأليف ألفريد فرج الذي أنتجها في وقت لاحق، كذلك المسرح القومي بطولة الفنان عبد المنعم إبراهيم. ألفريد مرقس فرج كاتب مصري، من رواد كتاب المسرحيات. ولد ألفريد مرقس فرج في قرية كفر الصيادين، مركز الزقازيق عاصمة الشرقية عام 1929 م، ولكن نشأته الحقيقية كطفل كانت في الإسكندرية، والتي ظل بها حتى نهاية دراسته في جامعاتها، حيث تخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1949، وعمل مدرسا للغة الإنجليزية بعد تخرجه حوالي ست سنوات. تسبب إرتباطه بإحدى الحركات اليسارية في اعتقاله لأكثر من 5 سنوات (1959- 1964)، وبعد خروجه حصل على منحة تفرغ من وزارة الثقافة، إضافة إلى قيامه بتقديم بعض من أعماله مثل: "حلاق بغداد" (1963)و"سليمان الحلبي"(1965) التي كانت بمثابة صيحة غضب ضد المحتّل وتناوُلاً فلسفياً مباشراً لفكرة الحرية والعدل والاستقلال و"عسكر وحرامية" و«على جناح التبريزي وتابعه قفة» (1969) و»الزير سالم» (1967)و «النار والزيتون» (1970) التي سجلت محنة الشعب الفلسطيني والغبن الذي وقع عليه منذ وعد بلفور وحتى اليوم. بعد خروجه من المعتقل حصل على منحة تفرغ من وزارة الثقافة، بدأت علاقة ألفريد بالمسرح أثناء دراسته المدرسية من خلال التمثيل، ولأنه درس الإنجليزية فلقد كانت مفتاحه لتعاطى الأدب والمسرح الإنجليزى لأقطابه من الكتاب بدءا بشكسبير وبرناردشو وأوسكار وايلد، ثم اقترب من عالم توفيق الحكيم.. وبعد ذلك كتب أول نصوصه «صوت مصر»، تقلد بعض الوظائف التي من أهمها: مستشار برامج الفرق المسرحية بالثقافة الجماهيرية، ومن ثم مستشار أدبي للهيئة العامة للمسرح والموسيقى، ثم مدير للمسرح الكوميدي. نال جائزة " سلطان العويس " سنة 1992 ، تفرغ ألفريد فرج لكتابة المسرح، وسافر إلى لندن وهناك عمل محرراً ثقافياً بالصحف العربية فيها علاقة ألفريد بالمسرح حيث عمل بالجزائر من عام 1973 وحتى 1979 مستشارا لإدارة الثقافة بمدينة وهران ولإدارة الثقافة بوزارة التربية والتعليم العالي، ثم عمل بلندن محررا ثقافيا في الصحف العربية فيها، إلى أن توفى في 4 ديسمبر 2005 عن عمر يناهز الستة والسبعين عاما.