الزمان .. عام 1945.. المكان لجنة النشر للجامعيين .. هنا ولدت علاقة جديدة بين قطبين أحدهما حمل شعار الفكر والتنوير ورفع راية مصر عالية بحصوله على نوبل والآخر ترك لنا ميراث فكري حاول أن يخطف المحروسة من جغرافيتها وتاريخها.. ومن هنا بدأت علاقة الصراع الأزلي والتاريخي عبر كل الأزمان بين الفكر والتطرف. لجنة النشر للجامعيين التي أنشأها عبدالحميد جودة السحار 1913 وأستمرت حتى عام 1947 كانت ساحة لإتقاء الفكر والتطرف وهى الجماعة التى كانت تضم من ألادباء في بدايات الطريق منهم نجيب محفوظ عبدالعزيز وعلي أحمد باكثير 1910 - 1969 وعادل كامل أطال الله بقاءه، ولم تلبت الدائرة أن اتّسعت فضمّت محمد عبدالحليم عبدالله 1913 - 1970 وأمين يوسف غراب 1910 - 1974 ومحمود البدوي 1912 - 1986 وصلاح ذهني 1909 - 1953 ، وسيد قطب الذي كان قد سبق هؤلاء الشباب بأشواط في عالم الأدب، ولكنه لم ير بأساً من تشجيعهم. كان قطب الناقد والكاتب يستطيع أن يميز جيداً من يملك الموهبة وسيستمر ومن سيترك قلمه وأوراقه للمطالب الاجتماعية والظروف وينصهر في بوتقة الحياة المعيشية ومتطلباتها ويترك الأدب بلا رجعة، وسرعان ما استشعر قطب في نجيب محفوظ النوع الأول ولذا قرر أن يتابعه وأن لا يتركه كما تركه الكثير من النقاد في بداياته الأولى وقرر أن يمد له يد العون لهدف مستقبلي آخر سيأتي وقته.. وكانت البداية هذه الرسالة .. "لو كان لي من الأمر شيئ لجعلت هذه القصة في يد كل فتى وكل فتاة، ولطبعتها ووزعتها على كل بيت بالمجان، ولأقمت لصاحبها - الذي لا أعرفه - حفلة من حفلات التكريم التي لا عدد لها في مصر، للمستحقين وغير المستحقين".. من هنا كانت بداية انتباه سيد قطب الأب الروحى لجماعة الإخوان المسلمين لموهبة كاتب وروائى ومفكر فى مقتبل عمره مثل نجيب محفوظ الروائى جذبه للجماعة خصوصاَ في ظل تجاهل الكثير من النقاد والكتاب له، وكانت مقالة قطب الأولى عن قصة "كفاح طيبة" التى نشرت له فى مجلة الرسالة بداية تاريخية ممتدة لصراع الفكر والتطرف، وهو ما شهدته حياة نجيب محفوظ بسيد قطب وجماعة الإخوان حتى حادثة تعرضه لأحد شباب الجماعات الإسلامية التي خرجت من عباءة فكر سيد قطب بالذات وحاول اغتياله. لم يتوان سيد قطب عن محاولات الإغراء والجذب لنجيب محفوظ فكتب ثلاث مقالات أخرى في مديحه عن روايات "خان الخليلي"، و"القاهرة الجديدة"، وأخيراً "زقاق المدق" وكتبها في مجلة "الفكر الجديد"، كما كتب عن محفوظ في رسالة له أرسلها من أميركا إلى توفيق الحكيم (نشرت أيضا في مجلة "الرسالة" عام 1949). نجيب محفوظ أشاد بموهبة سيد قطب أيضاً في بدايته وقال عنه: "سيد قطب صديقا وناقدا وأدبيا كبيرا كان له فضل السبق فى الكتابة عنى ولفت الانظار إليّ فى وقت تجاهلنى فيه النقاد الآخرون، ولتأثرى بشخصية سيد قطب وضعتها ضمن الشخصيات المحورية التى تدور حولها رواية «المرايا» مع إجراء بعض التعديلات البسيطة. والشخصية التي يقصدها محفوظ في المرايا هي عبدالوهاب اسماعيل المفكر والشاعر الذي يصبح متطرفا عنيفا في افكاره إلى حد تكفير المجتمع ورفض معطيات العصر من علم وقوانين ودساتير. وكان آخر لقاء جمع بينهما حين ذهب محفوظ عام 1965 ليهنئ قطب بالإفراج عنه بعد أن أمضى في السجن عشر سنوات وسرعان ما أدخل السجن وقتل أو أعدم. وعام 1972 أصدر محفوظ رواية بعنوان "المرايا" بطلها عبد الوهاب إسماعيل، لا تكاد تختلف صورته عن صورة سيد قطب، ابتداء من عينيه الجاحظتين الحادتين اللتين لم يسترح لهما محفوظ حين تعرّف عليه في أحد الصالونات الأدبية أثناء الحرب العالمية الثانية. عاشت اعمال قطب بطول عمر نجيب محفوظ تحاول طمس معالم الهوية المصرية وظلت أيضا أعمال نجيب محفوظ الدرع الواقى الصامد امام محاولات مكتشفه، ترفرف كطائر سلام فى جميع انجاء العالم خصوصاً بعد حصوله على جائزة نوبل عن رواية "اولاد حارتنا" فى13 أكتوبر 1988، عاد مرة اخرى سيد قطب بأفكاره المتطرفه بعد فوزه بجايزة نوبل تحاربه لمنحه الجايزه ، و ابتدت حمله ظلاميه و ظالمه ضد نجيب محفوظ فى اكتوبر عام 1994 ، أنتهت بضرب نجيب محفوظ بسكينة فى رقبته من قبل احد شباب الجماعات الإسلامية المتطرفة الذى قال عند سؤاله فى التحقيقات :" هما قالولى انه مرتد عن الإسلام ورحت أقتله". واستطاع أديب نوبل بعد حوالى أكثر من 40 عاما من لقائه الأول بسيد قطب فى لجنة شباب الناشريين ان ينتصر على دعاة التطرف و الكراهيه و دعواتهم الظلاميه الاستبداديه ضد الفن و الأدب و حقوق المرأه و الحريه و مساواة المواطنين المصريين.