الرابط الذى جمع الاثنين كان أسمى من كل العناصر التى فرقتهما، أعطى الأول الكثير لاسم الثانى، وكاد الثانى أن يموت على يد «فكر الأول». فرقتهما سنوات الميلاد والوفاة، وجمعتهما من جديد ذكرى الرحيل؛ مرت أمس 46 سنة على رحيل الأول المفكر الإسلامى والمؤسس الثانى لجماعة الإخوان المسلمين (الشهيد) سيد قطب، وتمر اليوم 6 سنوات على رحيل الثانى صاحب نوبل الأديب الكبير ال(نجيب) محفوظ. يا الله.. يأبى القدر أن يفرق ما جمعه «الأدب»، نعم اجتمع الاثنان على الأدب، سيد قطب حين كان ناقدا أدبيا -قبل أن ينخرط فى العمل السياسى والفكر الإسلامى- ونجيب محفوظ حين كان روائيا شابا يقدم نفسه لجمهور لا يعرف عن الرواية سوى روائع توفيق الحكيم، كان قطب فى عامه ال39 حين رفع سلفه محفوظ إلى السماء وكتب عنه مقالا نشر فى مجلة «الرسالة» عام 1945 قال فيه: رواية «خان الخليلى» أحسن من رواية «عودة الروح» لتوفيق الحكيم، وإن أحسن ما فيها بساطة الحياة وواقعية العرض ودقة التحليل. زاد «الشهيد» فى دعم ال«نجيب» الشاب حين نشر مقالته هذه فى كتابه النقدى الوحيد «كتب وشخصيات».. وزاد ال«نجيب» فى رد الجميل بأن حول «الشهيد» إلى «عبدالوهاب إسماعيل» وكتب عنه «بورتريه» فى روايته «المرايا». لم يلتق الاثنان كثيرا، هى زيارة يتيمة من محفوظ لقطب، لكن القدر جمعهما، حين أصبح قطب أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين، وحين تعرض محفوظ للاغتيال الفكرى والبدنى من إسلامى يراه كافرا بكتابته التى سبق أن أقر بروعتها «الشهيد» قبل أن يصبح شيخا. قدم النجيب والشهيد لمصر كثيرا، وجاءهما الرد بعد سنوات طوال.. الأول أصبح أديبها الأول، والثانى أصبحت جماعته «حاكمة»، وهو ما تنبأ به «النجيب» فى أحد لقاءاته حين قال: «الظاهر إن مصر عايزة تجرب حكم الإخوان المسلمين».. واليوم يجتمعان فى ملف يحيى ذكراهما: «النجيب» و«الشهيد».. وبينهما «مصر».