يبدو ان الصراع بين الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي ذو المرجعية الدينية والمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسحلة على الصلاحيات والشرعية لم يكن وليد اللحظة ولكن ترجع اصدائه الى سبعة آلالاف سنه حيث ان هناك علاقة تنافسية بين الرئيس ذو الخلفية الدينية او الكاهن الاعظم مع قائد الجيش. الخبراء يرصدون تلك العلاقة التنافسية بين رجال الدين وقادة الجيوش منذ آلاف السنين فيقول د. عبد الحليم نور الخبير فى علوم الآثار انه من الصعب حدوث صدام بين تلك القوتين خاصة وان تلك الصدامات تكون غير متكافئة فاذا وجدنا كيف تعامل حور محب وهو رجل عسكرى وقائد الجيوش المصرية في عصر الاسرة ال 18 حيث سيطر على الحكم في مصر خاصة وان الحكم وقتها كان لتوت عنخ امون وكان في سن ال18 وتولى بعد ذلك حور محب شؤون البلاد في فترة انتقالية. واتجاه توت عنخ امون في تلك الفترة قرب منه الكهنة حيث يلعب الدين في الدولة المصرية القديمة دورا هاما ايضا لا يقل عن دور الجندية فلم تكن هناك سلطه تسيطر على حياته كما سيطر الدين لانه كان لديهم اعتقاد انه محاولة لتفسير الظواهر الطبيعية المحيطة بهم من شروق وغروب بالاضافة الى الالهة ماعت وهي رمز العدالة بالاضافة الى ان التدين رغبة فى المنفعه او رهبة من المجهول في الثقافة الفرعونية القديمة. وحينما ارتفعت اسهم الجيش سياسياً في نهاية الأسرة الثامنة عشرة ارتقى القائدان "حور محب" و"رمسيس الأول" العرش، ومنذ ذلك الوقت انحدر الملوك من الجنود، بل وتم سحب الثقة من النبلاء وتم منح الافضلية للضباط البرابرة وجنودهم الأجانب، وفي بداية الألف سنة الأولى قبل الميلاد حكم الجنود المرتزقة الليبيون البلاد مع "شاشنق" ومنذ الأسرة السادسة والعشرين. واضاف نور الدين الثورات على الحكام تكون بتأثير احد الاطراف سواء الدينية او العسكرية حيث يخرج المصريون على الحاكم الظالم ويكتبون لافتات عليها عبارة "نحن جوعى". واكد نور الدين ان قائد الجيش يتبع الملك في السلطات فمنذ تأسيس الدولة الفرعونية ومصر لها منظومة حربية دقيقة التنظيم، وفي القاعدة يقوم الكتبة بمراقبة التجنيد وإدارة التعيينات وإسناد الوظائف، وفي كل عصر كان الملك هو القائد الأعلى للجيش والقائد النظري للمعارك، ولهذا الجيش نظام ولكنه جيش قومي يخضع لأوامر وقوانين دقيقة تفرضها الحكومة، وكانت فرق الحرس تقسم إلى صفوف كل منها عشرة رجال وتسير في طوابير منتظمة، وكانوا ينقلون كتل الصخر بعد قطعها من المحاجر، ولا تزال أسماء وحداتهم منقوشة على صخور الأهرام إلى يومنا هذا. ويقول مراد علام استاذ المصريات بكلية الاثار جامعة القاهرة ان صراعات الدولة الدينية والدولة العسكرية لا تنتهى فكلا من الطرفيين يريد ان يحقق المصالح التي يراها تتناسب مع اهدافه خاصة وان الحياة المصرية القديمة لا تتاثربالدين فقط بل تتشكل منه فارتباط الكاهن بالملك كان يعد اساسيا في بعض الاحيان بل الاكثر من ذلك كان ينصب الملك نفسه كبير الكهنة الاعظم وتتبع آلية مجموعات من الكهنة. ومصر كانت مقسمة الي مقاطعات تأثرت حدودها الوهمية بعاطفة دينية وكانت لها أعلام هي رموز لحيوانات أو نباتات تميزها عن بعضها البعض وتمثل الآلهه المصرية. فالإنسان لم يرد فقط أن يلجأ الي سند يحميه بل أراد ان يوجد لنفسه معبودا إذا ما فكر فيه سما بنفسه فوق كل ما ينتاب الإنسان من اضطرابات مختلفة في حياته اليومية فلقد دفعت الطبيعة البشرية الإنسان الي أن يخلق لنفسه معبودات أعطى لها أشكالا مختلفة. وحين بلغت هذه الديانة أوج المجد والقداسة وتغلغلت في نفوس المصريين القدماء حاول الكهنة إدخال بعض الاصطلاحات عليها ولكن هذه المحاولات أخفقت إخفاقا ذريعا. ويضيف د. مراد ان فرعون مصر يعد منذ بداية عصر الأسرات رأس الدولة، وقد تركزت حوله السلطة عن طريق الألقاب والأسماء التي اتخذها واستهدف منها تأكيد سلطانه الديني والدنيوي، فهو الممثل للمعبود حورس وملك مصر العليا والسفلى وتحميه المعبودتين وادجيت في الشمال ونخبت في الجنوب، وكان قصر الفرعون يسمى برعو او برنسو ويقول د. محمد البيلى استاذ الحضارة الاسلامية ان الاسلام ليس به وضع او تعريف للكهنوت ولكن بة رجل الدين اما الجنرالات هم قادة الجيوش وهؤلاء حدث بينهم الخلاف على مر العصور، فالصراعات على الدولة بدأت في عصر الدولة الاموية والعباسية والفاطمية في ظل الخلافة الاسلامية. ويضيف البيلي ان قائد الجيش جزء من المؤسسه العسكرية التي بنيت على اساس هرمي فمؤسسة الدولة كانت تشمل الصراع بين الحشم وهو من رجال القصر، والامير يعتمد على رجال الدين لتقوية منصبه حيث بدأت عصور الفتنة من الخلافة العثمانية خاصة من العقد الثالث الهجري بعد ان قام رجال الدين باقتحام عالم السياسية حيث تصارع فيها المسلمون على قيادة الخلافة الاسلامية، حيث شهدت الخلافة العباسية صراعا بين عددا من رجال الدين وبعض القادة العسكريين في ذلك الوقت واشدها كان فى عصر "المعتزلة" ايام الخليفة المأمون فكان رجال الدين هم المثيرون للرأي والقادة العسكريون ينفذون ما يقوله رجال الدين.