طالبت مؤسسات حقوقية مصرية الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور بعدم إصدار قانون التظاهر الذي لاقى انتقادات واسعة ورفضا من القوى السياسية والمنظمات الحقوقية، مستنكرة إصرار الحكومة المؤقتة على تمرير قانون التظاهر، ووصفت مشروع القانون بأنه " شرعنة للقمع". وأكدت إحدى عشر منظمة وقعت على بيان رفض القانون بينهم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وهشام مبارك والنديم ومركز القاهرة، أن مشروع القانون يسعى لتجريم كافة أشكال التجمع السلمي، بما في ذلك التظاهرات والاجتماعات العامة، ويطلق يد الدولة في تفريق التجمعات السلمية باستخدام القوة. وأشارت المؤسسات إلى أن النسخة الأخيرة من مشروع القانون جاءت بتعديلات شكلية لا تمس جوهر المشروع القمعي، و تجاهلت أغلب توصيات القوى السياسية والمجتمع المدني بالرغم من صدور أكثر من تعليق يحتوى على تعديلات مقترحة وتوصيات لجعل مشروع القانون متوافقًا مع المعايير الدولية. وأضاف الموقعون على بيان رفض القانون" النسخة الأخيرة من مشروع القانون، والتي تحاول الحكومة الآن تمريرها بسرعة لا تليق بقانون سيكون له تأثير طويل المدى على حريات وحقوق الأفراد في التعبير عن آرائهم، لا تزال تحمل نفس الرؤية القمعية، والتي تتعامل مع التجمعات السلمية باعتبارها جريمة على وشك التحقق، ويضع قيودًا مجحفة في طريق التجمع السلمي، تتمثل في وضع شروط غير منطقية وغير عملية على عاتق المتظاهرين ومنظمي الاجتماعات السلمية". وأشار الموقعون إلى أن النسخة الأخيرة قلصت فترة "الإخطار" لتصبح ثلاثة أيام عمل (مادة 8)، إلا أنها أبقت على حق وزارة الداخلية في الاعتراض استنادًا على أسباب فضفاضة، كوجود معلومات جدية على ما يهدد الأمن أو السلم (مادة 10)، مما يجعل تنظيم ممارسة الأفراد للحق في التجمع السلمي محكومًا في واقع الأمر بنظام الترخيص المسبق، وبالرغم من أن مشروع القانون استثنى الاجتماعات الانتخابية وجعل "الإخطار" عنها قبل انعقادها بأربع وعشرين ساعة، إلا أنه أخضعها لنفس شروط سائر الاجتماعات والتي تكون مرهونة بعدم اعتراض وزارة الداخلية. كما منع القانون المواكب الانتخابية، وذلك بنصه على أن الموكب هو مسيرة لعدد لا يقل عن 10 أشخاص من أجل التعبير سلميًا عن أراء أو أغراض "غير سياسية" (مادة 3), بالرغم من أن النسخة الأخيرة قد خففت بعض العقوبات على مخالفة نصوص القانون التنظيمية، إلا أنها أبقت على العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية المُبالَغ فيها، والتي لا تتناسب مع طبيعة الفعل المُعاقَب عليه، كدفع غرامة مالية تصل إلي 30,000 جنيه حال تنظيم اجتماع أو موكب أو مظاهرة دون إخطار (مادة 20)، والتي تتناقض مع أبسط المبادئ والمعايير الدولية، خاصةً وأن القانون بذلك منع التجمعات التي تنشأ بصورة عفوية استجابةً لحدث طارئ، وهي المادة التي تعتبر ضرورية في أي تشريع يهدف لتنظيم الحق في التجمع السلمي والتظاهر. وأكد المعترضون على القانون أنه أتاح استخدام القوة المفرطة والتي قد تصل إلى حد القتل حيث أجاز لقوات الشرطة استخدام الطلقات الخرطوش غير المطاطية دون قيود (مادة13)، رغم أنها قد تؤدي للوفاة، مثلما حدث في أحداث جامعة الأزهر يوم الأربعاء 20 نوفمبر، حيث قُتل الطالب عبد الغني حمودة جراء طلق خرطوش في الوجه. وأضافت المنظمات " لم تكتف تلك النسخة بالقيود الواهية على استخدام القوة المميتة، بل ذهبت إلى إلغاء نص المادة 15 من النسخة السابقة بتاريخ 9 أكتوبر وهي المادة التي نصت على عدم جواز استعمال القوة بأزيد مما ورد في مشروع القانون، مما يدفعنا إلى التساؤل عن الملابسات التي أدت إلى حذف هذه المادة بعينها؟ وهو ما يشي بعدم رغبة بعض الدوائر في الحكومة الحالية بإضافة بعض القيود البسيطة وغير الكافية على قدرة الشرطة في استخدام القوة والقوة القاتلة في تفريق المظاهرات،إن هذا الحذف هو أخطر مؤشر على ما تنوي أن تفعله السلطة القائمة بهذا القانون, وعلى نواياها الحقيقية فيما تدعي أنه محاولة لتقنين وتنظيم التجمع السلمي في حين أنه مجرد محاولة أخرى لشرعنة القمع". وأشارت المؤسسات الموقعة إلى أن المشرع أبقى على القانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر – الذي أصدره المستعمر البريطاني في مطلع القرن المنصرم– والذي من شأنه أن يقيد الحق في التجمع. وأكدت المنظمات رفضها للمحاولات المستمرة من الحكومة لاستصدار مشروع قانون يعطي القمع غطاءً قانونيًا بالتزامن مع انتهاء حالة الطوارئ، مشيرة إلى أن قوات الأمن تملك ترسانة من التشريعات في قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية تسمح لها بالتعامل مع كافة الأخطار التي قد تواجهها في الشارع، من استخدام للقوة غير المشروعة وللأسلحة والاعتداءات على الأفراد. كانت الحكومة قد أحالت في وقت سابق مشروع القانون لقسم التشريع بمجلس الدولة؛ من أجل المراجعة القانونية تمهيدًا لإصداره، وانتهى مجلس الدولة من مراجعته وأحاله لمجلس الوزراء الذي أحاله بدوره لوزارتي العدل والداخلية؛ لمراجعة توصيات قسم التشريع بمجلس الدولة، ومن ثم إحالته لرئيس الجمهورية لأجل إصداره، وينتظر مشروع القانون الآن تصديق رئيس الجمهورية عليه ليصبح نافذًا بعد نشره في الجريدة الرسمية.