حالة من القلق الشديد والترقب سادت الشارع المصري بعد تردد أنباء عن وفاة الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وتدهور حالته الصحية داخل مستشفي سجن مزرعة طرة، لليوم التاسع علي التوالي، من "محاكمة القرن" التي حكمت عليه بالمؤبد، مما ترتب عليه تردي حالته الصحية وتأخرها يوماً تلو الأخر، فقرر الأطباء توصيل جهاز التنفس الصناعي له خلال الساعات الأخيرة، خوفاً من تعرضه لأزمات جديدة، ولذلك قامت "الوادي" بطرح السيناريوهات المحتملة في حالة "وفاة مبارك"؟ وما إذا كانت ستُفتح ملفات الفساد الممنهج التي كانت تمارس في عهده وعلي مدار العقود الثلاث الماضية، وهل سيتم الإفراج عن وثائق حرب أكتوبر السرية التي لازالت حبيسة الأدراج حتي الآن، وتأثيرات ذلك علي النظام السياسي الحاكم وصدي الواقعة علي الرئيس القادم؟، أم كانت مجرد شائعة القصد من وراءها نقل المخلوع من سجن المزرعة إلي المستشفي العسكري بالمعادي أو المركز الطبي العالمي مجدداً؟ تساؤلات عديدة تكشفها "الوادي" خلال السطور التالية. أكد د.سعد الدين ابراهيم، أستاذ الإجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، أن نبأ وفاة الرئيس السابق محمد حسني مبارك يخرجه من ورطة تاريخية كبري فلا شك أن وفاته تحمل كثيرا من الحلول له ولأسرته، خاصة في هذا التوقيت المليء بزخم الأحداث، ولمن يريدون وضعه تحت محاكمات ثورية للقصاص لدماء أبنائهم الشهداء. واستنكر سعد الدين ما يردده البعض بأن تكون هناك حالة من التشفي والإنتقام لدي عموم المصريين، الذين يتسمون بالطيبة والسماحة والوسطية الدينية، فالنبي صلي الله عليه وسلم يقول "اذكروا محاسن موتاكم"، رغم احتجاج بعض الأهالي على الحكم القضائي الأخير الصادر ضد الرئيس السابق، والذي لم يشفي صدور بعض الأهالي ممن راح ذويهم ضحية نظامه خلال ثورة 25 يناير وأحداث العباسية ومجلس الوزراء وشارع محمد محمود، ومن ثم فإن الحكم لم يرض كافة الأطراف. وأشار إبراهيم إلى أن موت مبارك في هذا التوقيت بصفة خاصة، يمثل عبئاً كبيرا علي الرئيس القادم الذي يتوجب عليه القيام بفتح ملفات الفساد الجسيمة، التي كانت تمارس علي مدار الثلاثين عاما الماضية، والعلاقات الحميمية مع الكيان الصهيوني وملف الغاز والأراضي والعقارات التي منحت للمستثمرين العرب بسعر بخث، ودخل قناة السويس الذي كان ينفق علي مؤسسة الرئاسة وأمن وحرس مبارك، فضلاً عن مافيا المبيدات المسرطنة التي كان يُسمح بتمريرها إلي جسد التربة المصرية لتفتك بالجسد المصري . وتوقع إبراهيم الإفصاح عن وثائق سرية قديمة بعد انتهاء المدة الإنتقالية التي تجاوزت الستة عشر شهرا وهو ما يمثل نوعا من تسوية الحسابات التاريخية القديمة التي ارتكبها الرئيس السابق ونظامه علي مدار العقود الثلاثة الماضية في حق شعب مصر. ونقل الناشط السياسى طارق العوضى، عضو حزب المصري الديمقراطى الاجتماعى، عبر صفحته الشخصية على شبكة التواصل الإجتماعي "فيس بوك" أنباء مؤكدة عن وفاة حسنى مبارك داخل سجن طرة قبل ساعات من الآن، والإعلان عن وفاته خلال الساعات المقبلة، مما أحدث ضجة عبر حسابات نشطاء شبكتى "فيس بوك" و"تويتر"، مطالبين العوضى بالإعلان عن مصادره، ولكنه رفض الإفصاح عنهم. وأوضحت مارجريت عاذر، عضو مجلس الشعب عن حزب الوفد، أن جرائم الفساد والإستبداد السياسي لا تسقط بالتقادم أو بموت شخص أو قتله، فلاشك أن أعضاء لجنة سياسات النظام السابق متورطين في قضايا فساد واستبداد قديمة، فأذرع الفساد لا تزال قائمة وتضرب بجذورها في أرجاء البلاد وهو ما يفتح الأبواب أمام تلك الأطراف للإفصاح والكشف عن قضايا وملفات الفساد التي كانت تمارس بمنهجية في عهد مبارك. وأفادت عاذر أن رموز النظام البائد لا يملكون ما يبكون عليه بعد وفاة مبارك، ولاسيما أن الشعب المصري بعد الثورة لن يقبل بإستمرار الظلم والفساد والاستبداد الذي يبدوا أنه كان منهج حياة في عهد النظام السابق وهو ما سيدفع المصريين دفعا نحو فضحه واستئصاله من جذوره، فلم يعد هناك أحد فوق القانون أيا كان منصبه أو مركزه، مؤكدة أن دول الخليج واسرائيل من أكثر الخاسرين بعد وفاة مبارك الذي كان بمثابة الكنز الإستراتيجي لهم . ومن جانبه يري د.ناجح ابراهيم، القيادي بالجماعة الإسلامية، أنه بوفاة الرئيس السابق ستُحل العديد من الأزمات الكبري التي كانت تمثل حرجا لكلا من المجلس العسكري والقضاة وأيضا علي الرئيس القادم وهو ما يجعل انتقال السلطة في مصر تتم في سلاسة ويسر، الأمر الذي يحفظ ماء الوجه لكل من الأطراف الثلاثة السابقة . ويضيف ابراهيم أنه ليس هناك أعظم من محكمة رب العزة والجلالة التي تحمل العدل المطلق والقصاص الحق لدماء الشهداء والمصريين الذي كانوا ضحية نظامه المستبد المفسد علي مدي الثلاثين عاما الماضية، ومن ثم فإن أفلت مبارك من العقاب والمحاكمة الدنيوية، فإنه لن يفلت أبدا من حساب الملكين الذي سيكون عقابه عسيرا عند الله حينما يقف بين يدي ربه فردا وحيدا علي حد قوله. ومن جهته قال باسل بسيوني، شقيق الشهيد أحمد بسيوني "ليتهم يحنطون الفرعون مبارك بعد موته وبضعونه فى متحف بإسرئيل يرافقه طاقمه الطبى لدواعى الترميم، ولكم كنت أتمنى أن ابكيك يا مبارك كما بكيت أخي بالدم، لكن العديد من أصدقائي وإخواني المصريين قد ماتوا في عهدك بالسرطان والفشل الكلوي والإلتهاب الكبدي الوبائي وآلاف المصريين الذين قُتلوا في حريق قطار الصعيد وغرق عبارة السلام وانهيار صخرة الدويقة و..... " . وأضاف أن الترويج لوفاة مبارك مجرد شائعة الغرض الاكبر من ورائها تهيئة الرأى العام لتقبل نقله للمركز الطبى العالمى مرة ثانية. وتسائل أحمد دومة، الناشط السياسي، كيف يخرج مبارك من الدنيا بجنازه عسكرية وهو من تسبب في موت آلاف المواطنين بإلتهاب الكبد الفيروسي، والفشل الكلوي، ورى المزروعات بمياه الصرف الصحى، هل لأنه دمر التعليم وجعل المدرسين متمردين حتى لو كان مرتبهم 10 آلآف جنيه. فيما أبدي جورج اسحاق، عضو الحركة الوطنية للتغيير"كفاية" تعجبه الشديد ممن يتعاطفون مع مبارك، حتي الآن مخاطبهم " فلتتذكروا آلاف الشباب ممن عذبوا وقتلوا فى سجون مبارك وملايين المواطنين الذين أصيبوا بالسرطان والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض الخبيثة نتيجة سرطنة المبيدات وفساد الطعام والشراب وملايين الخريجين من الشباب لم يجدوا فرصة عمل ليقتاتوا أو يتزوجوا منها، وملايين البنات العوانس. وأشار اسحاق إلي ملايين الفقراء الذين يأكل بعضهم من القمامة ولا يجد الواحد منهم ما يلبسه أحيانا ويتذكر كيف أهان مبارك المصريين داخل وخارج مصر وجعلهم أذل شعوب العالم، ويكفي أنه ترك مصر وعلى كاهلها ديون بقيمة ترليون وربع دولار، وأكثر من مليون ومائتي الف فدان زراعى تم تجريفهم لصالح رجال أعمال الحزب الوطنى المنحل.