المنتقم والمتمرد والمطيع وزراء تبادلوا الحقيبة منذ 2011.. ومازال الانفلات مستمراً ظلت وزارة الداخلية على مدى عامين عصية على التطويع، تناوب على حمل حقيبتها 5 وزراء فشلوا جميعا فى إعادة الانضباط إلى الشارع المنفلت، بل ساعد أحدهم على زيادة الانفلات باتخاذ قرارات انتقامية فور علمه بخبر إقالته ضمن حكومة شفيق. . وعندما تولى عصام شرف مسئولية تشكيل الحكومة خلفا لشفيق أتى بوزير داخلية دمث الخلق انحاز للثورة لكنه لم يكن يملك الحزم الكافى، فى الوقت الذى كان الشارع يحتاج لوزير داخلية قوى.. وفى محاولة ثالثة، جاء د.كمال الجنزورى بمحمد إبراهيم ليكون ثالث ثلاثة جاءوا من المعاش للوزارة، والحق يقال إن الرجل حاول بكل ما أوتى من جهد ووقت إعادة الأمن إلى الشارع لكن وقعت مجزرة بورسعيد ليعود الأمن إلى المربع صفر.. وساد التخبط فى الشارع المنفلت حتى جاء قرار دكتور هشام قنديل المكلف بتشكيل الحكومة بإسناد حقيبة الداخلية للواء أحمد جمال الدين رئيس مصلحة الأمن العام، ليكون أول وزير داخلية فى عهد الدكتور مرسى، وقوبل القرار بارتياح شديد، وحاول الرجل تطبيق القانون على الجميع، فاصطدم بخيرت الشاطر نائب المرشد عندما ألقى القبض على حارسه وهاجمه حازم صلاح أبوإسماعيل عندما حاول القبض على بعض رجاله المتورطين فى اقتحام الوفد، وأقيل بسبب رفضه إطلاق النيران على متظاهرى الاتحادية. وخلف جمال الدين اللواء محمد إبراهيم رئيس مصلحة السجون، الرجل الطيع الخلوق، الذى كان يستعد للخروج إلى المعاش الشهر المقبل، فعاد الانفلات، وتمرد الضباط بعد أن شعروا بأن الوزارة تقدمهم قربانا لجماعة الإخوان. "1" محمود وجدي: جاء لينتقم فور إقالته أفرج عن المسجلين خطراً لتسود الفوضى عندما خرج المصريون فى مظاهرات يوم قبل عامين لإسقاط النظام » جمعة الغضب « اعتراضا على سياسات حبيب العادلى، استجاب الرئيس المخلوع وأقال وزير داخليته واختار الفريق أحمد شفيق رئيس الحكومة الجديد وقتها اللواء محمود وجدى ليخلف العادلى، وذلك بتوصية من قرينة الرئيس التى تربطها بوجدى علاقة طيبة منذ أن كان مديرا لمباحث القاهرة. وكان لسوزان مبارك مغزى من اختيار وجدى لأنها تعلم بمدى كراهيته للعادلى الذى رفض التجديد له عندما بلغ سن المعاش. بدأ وجدى بالانتقام من رجال حبيب العادلى وأقصاهم وأتى بأصدقائه وعندما علم بإقالة شفيق عقب ظهوره فى برنامج مع الروائى الدكتور علاء الأسوانى، سارع إلى الوزارة واستصدر قرارين لينتقم من الشعب والمجلس العسكرى والوزير الذى سيخلفه، وجاء القرار الأول بالإفراج عن البلطجية المسجلين خطرا فئة )أ( وألغى المحاكمات العسكرية لأمناء الشرطة والأفراد وأتاح لهم فرصة التمرد والتظاهرات الفئوية لتسود الفوضى ورحل بعدها دون أن يحاسبه أحد بالرغم من وجود باغات ظلت حبيسة الأدراج فى مكتب النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود تطالب بالتحقيق مع اللواء محمود وجدى فى تلك الاتهامات. "2" منصور العيسوي: ليس على المريض حرج تورط في مذبحة محمد محمود وأثرت ظروفه الصحية على أدائه اختار الدكتور عصام شرف عندما تم تكليفه بتشكيل الحكومة خلفا لشفيق لحقيبة الداخلية اللواء منصور العيسوى ليصبح وزيراً للداخلية . تولى اللواء السبعينى منصب وزير الداخلية فى الوقت الذى كان الشارع يحتاج لوزير أكثر قوة، وحدثت خال شهور توليه الوزارة عدة كوارث أقلها أحداث شارع محمد محمود. وتمتع الرجل بحماية من نوع خاص من قبل المجلس العسكرى، ولم يفتح التحقيق معه فى عشرات البلاغات التى قدمها ضده النشطاء والمنظمات الحقوقية التى اتهمته بقتل المتظاهرين فى محمد محمود وفض اعتصام الثوار فى ميدان التحرير بالقوة. كان الرجل يمتلك شهوة الكلام ويعشق الظهور الإعلامى فحل ضيفا على جميع القنوات الأرضية والفضائية وأجرى عشرات الحوارات الصحفية حتى بعد إقالته دعاه برنامج مصر الجديدة مع معتز الدمرداش فقال الرجل كلاما يكفى لأن يضعه بجوار العادلى فى زنزانة واحدة. ارتكب العيسوى مخالفات عديدة ليجامل اللواء المسئول عن قطاع الخدمات الطبية فقام بترقيته إلى مساعد أول وزير وأصبح مسئولا عن قطاع الأمن رغم انعدام خبرة الرجل فى هذا المجال الا أن العيسوى أراد أن يرد الجميل للرجل الذى ساعده كثيرا فى علاج زوجته وعلاجه شخصيا. "3" محمد إبراهيم "الأول": البداية مبشرة.. والنهاية مع مجزرة بورسعيد فى محاولة ثالثة يائسة، رشح د.كمال الجنزورى محمد إبراهيم ليكون ثالث ثلاثة جاءوا من المعاش للوزارة، والحق يقال إن الرجل حاول بكل ما أوتى من جهد ووقت إعادة الأمن إلى الشارع، ووقعت أحداث بورسعيد، ليعود الأمن إلى المربع صفر. بالفعل، نجح الرجل فى معالجة الضباط نفسيا وأعادهم إلى العمل، خاصة بعدما وجدوه معهم فى الشوارع والميادين، بل المحافظات، لكن الفرحة لم تتم، وسرق الطرف الثالث فرحة الشعب بعودة الأمن النسبى إلى الشارع بعد أن اتسع الخرق على الراقع. ونجح الإخوان فى التلاعب بإبراهيم عندما صرح الرئيس مرسى بأنه جدد الثقة فيه، وقال على الهواء إنه كلفه بإعادة الأمن وتنفيذ برنامجه الانتخابى الذى تعهد فيه بإعادة الأمن خال مائة يوم، الأمر الذى جعل وزير الداخلية يتبنى فى آخر أيامه بالوزارة الدفاع عن الإخوان وحلفائهم من حزب النور والسلفيين وخرج ليؤكد أن مرتكبى حادث مقتل طالب كلية الهندسة الذى كان يقف على الكورنيش مع خطيبته بأنهم ليسوا سلفيين، وجاءت تحقيقات النيابة لتؤكد كذب الوزير وتؤكد أن القتلة سلفيون وأدانتهم المحكمة بعقوبات رادعة. وبالرغم من ذلك كله وتبرعه فى الدفاع عن الإسلاميين تمت إقالة الرجل بعد أسابيع من إعلان فوز مرسى فى انتخابات الرئاسة. "4" أحمد جمال الدين: الرجل الذي قال للإخوان "لا" فأقالوه أول وزير داخلية يقال فيتظاهر الضباط لعودته ويترحم الشعب على أيامه أحسن دكتور هشام قنديل المكلف بتشكيل الحكومة عندما قام بإسناد حقيبة الداخلية للواء أحمد جمال الدين رئيس مصلحة الأمن العام ليكون أول وزير داخلية فى عهد الدكتور مرسى، وقوبل القرار بارتياح شديد لمن يعرف اللواء جمال الدين، فالرجل من ضباط المباحث المشهود بكافاءتهم على المستوى العربى وعمل على مدار خدمته فى مواقع أكسبته خبرة لا تتوافر لدى غيره. فقبل 5سنوات كان يشغل منصب مدير الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام، وكان يسعى إلى تنفيذ كل الأحكام بمجرد صدورها لأنه يرى أن لتنفيذ الأحكام بعد نفسى لدى الشخص المظلوم، حيث يبعث لديه شعورا بالارتياح بأن من ظلمه وجنى عليه طالته يد العدالة.. وتقول دفاتر الداخلية إن اللواء جمال هو أكثر لواء نفذت فى عهده أحكام، حيث بلغت نصف مليون حكم. بعدها عين جمال الدين مديرا لأمن جنوبسيناء، وبشهادة القبائل أبلى بلاء حسنا واستطاع أن يضيق الفجوة بين السيناويين والشرطة التى اتسعت بسبب سياسة العادلى. وانتقل جمال الدين قبل الثورة بعام للعمل فى أسيوط، تلك المحافظة العصية على الأمن بسبب طبيعة ناسها المتشبعين بعقيدة الثأر، ونجح الرجل فى إنهاء أغلب الخصومات وتصالحت فى عهده العائلات وقاد حملات لجمع السلاح وعاشت أسيوط عامًا دون صراع قبلى يذكر، وعندما قامت الثورة تعامل جمال بحنكة ساعدته فى عبور المرحلة دون وقوع صدامات بين الشرطة والشعب بأسيوط، وقام الأهالى حبّا فى الرجل بحماية أقسام الشرطة وسجن أسيوط العمومى من البلطجية فلم يتم اقتحامة أو حرق أقسامه. أداء اللواء جمال لفت الأنظار فتم تصعيده قبل عام ليكون مديرا لمصلحة الأمن العام فتح خلالها قنوات اتصال مع الجميع ثوار وإخوان، إعلام وعسكر.. كان همزة وصل وحلقة ربط.. كان رجل شرطة برتبة شيخ عرب.. كان يحتوى المواقف وساهم بشكل كبير مع الجيش فى تأمين الانتخابات التشريعية، شعب وشورى، والرئاسية فى الجولة الأولى والإعادة. وحاول جمال الدين فور توليه حقيبة الوزارة تطبيق القانون على الجميع، فاصطدم بالشاطر عندما ألقى القبض على حارسه وهاجمه حازم صاح أبوإسماعيل وأقيل بسبب رفضه إطاق النيران على متظاهرى الاتحادية ومشعلى النيران فى مقار الحرية والعدالة فخرج من الوزارة بعد الاستفتاء محمولا على الأعناق والجميع يقدره، الشعب والشرطة، حتى قنديل نفسه يدرك قدرات الرجل، وتربطه به صلة قوية حتى بعد خروجه، وظهر ذلك عندما تقدم قنديل صفوف المعزين فى عم الوزير السابق الدكتور عبد الأحد جمال الدين. "5" محمد إبراهيم "الثاني": وزير في بيت الطاعة الإخواني تعلم من "رأس الذئب" الطائر وأداءه أثار غضب الجميع قبل توليه الوزارة بشهر واحد، كان اللواء محمد إبراهيم الوزير الحالى يستعد لإنهاء خدمته فى الداخلية لبلوغه سن المعاش.. إلا أن قيادات الجماعة رشحته لتولى حقيبة الداخلية خلفًا لجمال الدين. لم يصدق «إبراهيم» نفسه، فهو رجل يعرف قدراته ولم يحلم يوما بهذا المنصب، وبدلا من أن يجد نفسه لواء على المعاش وجد نفسه وزيرا للداخلية، وربما وهو يقسم اليمين أمام الدكتور مرسى لم يكن يتخيل أن جاء ليكون عصا الإخوان فى الأحداث الساخنة التى ستشهدها مصر فى الذكرى الثانية للثورة . وعندما خرجت المظاهرات وبدأت الاعتصامات وازدادت الاحتجاجات شراسة فى مدن القناة والقاهرة الكبرى عقب الحكم بإحالة المتهمين بارتكاب مجزرة بورسعيد إلى فضيلة المفتى. كان اللواء محمد إبراهيم هو عصا الجماعة التى بررت سبب اختياره لهذا المنصب، وقد رأى خبراء الأمن فيه الرجل الطيع السهل الذى ينفذ أوامر الرئيس التى يتلقاها من مكتب الإرشاد. وهو ضالتهم التى وجدوها لتأمين انتخابات مجلس الشعب القادمة، ويسمح بتسليح شباب حزب الحرية والعدالة لتأمين مقراتهم، ويقيم معاهد شرطية بالمحافظات لتخريج ضباط من أبناء الإخوان؛ للسيطرة على الوزارة، والشعب أيضا. لم يكن اللواء محمد إبراهيم، يتوقع أن تشمل مهامه فى خدمة الجماعة أن يتورط فى إنكار واقعة سحل المواطن حمادة صابر أمام الاتحادية، وقد شاهدها الملايين عبر شاشات التليفزيون والفضائيات، ولكنه فعل لتنطلق ضده حملات الإدانة والاستنكار من ناشطى الفيس بوك والمراكز الحقوقية، التى طالبت بتحقيق مستقل فى الواقعة، وأشارت بأصابع الاتهام للداخلية بالتورط فى الضغط على المواطن المسحول لتغيير أقواله .