رصدت صحيفتان أمريكيتان في عدديهما الصادرين اليوم الثلاثاء تداعيات إصرار الإدارة الأمريكية على عدم التدخل في سوريا ، وحاولتا تحليل تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حول دعوته لزعماء العالم للوفاء بتعهداتهم بدعم المعارضة السورية لمنع المتطرفين من السيطرة عليها. فمن جانبها..ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) - في تقرير لها نشرته اليوم وأوردته على موقعها الالكتروني - أن الإدارة الأمريكية بدت متحيرة ومترددة فيما يخص الأزمة السورية ، فهي غير قادرة على تحديد حتى الإجراءات البسيطة التي من شأنها مساعدة المعارضة بل وترفض إمداد الوحدات القتالية ذات الميول المعتدلة بالأسلحة لاسيما عقب شكوتها من نقص العتاد..وهو ما أصبح يصب في مصلحة الجماعات المتشددة. وأضافت الصحيفة أن واشنطن لم تكتف بهذه الإجراءات؛ بل أوضحت عدم قانونية إمداد الإئتلاف الوطني السوري المعارض بالمساعدات غير القتالية من خلال الطرق المباشرة، وهو ما دفع المنظمات الإنسانية الأمريكية إلى توصيل مساعداتها -التي غالبا ما تقع في أيدي قوات النظام الأسدي - عن طريق منظمات دولية أخرى كالصليب الأحمر أو الأممالمتحدة. وقالت "إن الولاياتالمتحدة يمكنها أن تعيد تشكيل مسار الأحداث في سوريا دون استخدام القوات الأمريكية..فبإمكانها البدء في إمداد المساعدات المباشرة للمنظمات الخاصة بإغاثة اللاجئين السوريين والمجالس المدنية في داخل سوريا، كما فعلت فرنسا طيلة أشهر مضت". وإلى جانب ذلك ، أردفت الصحيفة تؤكد أن واشنطن بمقدورها تقديم الأسلحة إلى الفصائل المعتدلة في صفوف المعارضة السورية حتى يمكنها منافسة الجهاديين والتفاهم مع الولاياتالمتحدة عندما تضع الحرب أوزارها. وأوضحت (واشنطن بوست) أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تدرك منذ عام مضى أنه كلما زادت مدة بقاء الرئيس السوري في سدة الحكم كلما زادت الأوضاع سوءا، واستشهدت بقول وزير الخارجية الأمريكي القادم جون كيري ب-"إنه مع مرور الأيام يزداد الوضع سوءا. وبدورها..اعتبرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تجاه سوريا بمثابة تحليل للفوضى الدموية التي تعم سوريا حاليا وإنذار لما يمكن أن يحمله المستقبل لسوريا. وتناولت الصحيفة - في تعليق لها أوردته على موقعها الالكتروني - قول فابيوس أمام الاجتماع الدولي لدعم الائتلاف السوري المعارض الذي انعقد يوم أمس في باريس"إن المجتمع الدولي يرغب في إنهاء الفوضى في سوريا بطريقة سلمية، وهذا يعني ضرورة زيادة الدعم للائتلاف الوطني السوري". ورغم اجتماع الأمس إلا أن المعارضة السورية -حسبما ذكرت نيويورك تايمز- تعاني من الإحباط واليأس بسبب قلة الدعم الدولي الذي تنتظره، خاصة في وقت تقاتل فيه القوات الفرنسية في مالي في ظل دعم واسع النطاق من الولاياتالمتحدة وبريطانيا. واستدلت الصحيفة بقولها في هذا الصدد بالرسالة التي وضعها أحد الصحفيين السوريين على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) وقارن خلالها بين الوضعين /المالي والسوري/ وقال:" إن هذا الدعم الدولي الكبير لمالي يأتي في وقت يحرم فيه أكثر من مليون مواطن سوري نزحوا إلى لبنان وتركيا والأردن من المواد الأساسية واستشهد فيه ما يزيد على 70 ألف مواطن على يد قوات النظام". وأشارت إلى أن هناك مخاوف أمريكية من تكرار السيناريو الليبي في سوريا ؛ عندما كانت تقع أغلب شحنات الأسلحة التي جاءت من دول الخليج إلى الثوار الليبيين في أيدي الميليشيات الإسلامية، هذا إلى جانب تدفق المتشددين من خارج سوريا للقتال فيما سموه ب-"الجهاد العالمي". وذكرت الصحيفة أن هناك مخاوف أخرى ظهرت في ضوء تحول الثورة السورية إلى انتفاضة تميزت بالانقسامات الطائفية ؛ حيث تقاتل المعارضة السنية حكومة الأسد التي تتكون من أغلبية شيعية علوية ، في حين يخشى المسيحيون السوريون من مجئ المتشددين إلى سدة الحكم مما دفع أغلبهم إلى تأييد الأسد.