بسحره الخاص يحمل كل هذه الإشياء في يمينه تاركا عكازه ليده اليسري ، أنامله الطيبة تعرف طريقها جيدا لثقوب الناي ، أما شفتاه الغليظة ونفسه الستيني يعيشان حالة من التوأمة لا ينققصها شئ سوي قليل من الصبر وأشياء أخري هو لا يعلمها تتيح له قبول الأمر وبضع من الجنيهات المعدنية كمكافأة علي ما عزف من "رست ونهاوند" . "الريس رمضان" عازف ستيني العمر خفيف الحركة يدخن " الكليوباترا" ويعشق ذكائه وقدرته علي قبول الإعاقة ، يردد المزيد من المقامات الموسيقية يتباهي بنطقه الصحيح للسلم الموسيقي ، فبين أعواد الغاب تري ملامحه تحترف المزاح ومداعبة الإطفال فقط من أجل الترويج لما صنعت يداه من الغاب أو كما يسميها لعب صحية تفتقد للمواد الكيمياوية مقارنة باللعب البلاستيكية ، يبيع لك الواحدة بجنيهان في إنتظار هاوي أو عازف في حاجة لناي " عمولة " يكلفه تصنيعه حوالي 15 جنيه ويبيعه بطريقته الخاصة " اللي تدفعه يا بيه ". فنان شعبي يدعي "رمضان الحياوي" ،حصل علي دبلوم التجارة في بداية الستينات ، و إستطاع رغم عمله كمراقب عمال بإحد مصانع حديد التسليح أن يستقطع من وقته من ساعتين لثلاثه لدراسة العزف بالمعهد العالي للموسيقي العربية في بداية السبعينيات . مدة قصيرة لم تتجاوز ال 6 أشهر تعلم فيها العزف من باب عشقه الشخصي لآلة الناي ،إلى أن بترت ساقه اليسري منذ 20 عاما في حادث فكانت سببا في ترك عمله ومدخلا جديدا لممارسة هوايته بين المقاهي ووسط أفراد فرقته الشعبية والتي كونها بمجهوده الشخصي حبا في رسول الله . يعترف "الريس رمضان" بعد أن أشعل سيجارته وطلب شايه الثقيل إنه يعاني فشلا في الغناء ورغم ذلك يشكر ربه علي نعمة الذكاء و " تشغيل المخ " فالأخيره هي من عرفته علي الشيخ "ياسين التهامي" ليعمل معه كعازف لمدة أربع سنوات تعلم فيها الكثير ليصبح مصادفة صاحب فرقة شعبية تمدح نبي الأمة كبديلا إنسانيا عن التسكع وإحتراف التسول مستغلا إعاقته ، يعجبه كثيرا ماهو عليه يصلي الفروض الخمس وغالبا في مساجد مختلفة ، يحفظ من القرآن الكريم 10 أجزاء يردد آياتها طيلة الوقت كلما سمح الموقف ، يحمل هاتفا محمولا رغم معاناته في التعامل معه بسبب ضعف نظره ويبرر ذلك ليطمأن زوجته عليه ومن أجل الإتصال بإفراد فرقته في مواسم ليالي المديح . وفي بساطة شديدة وقبل أن ينهي "الريس رمضان" حديثه أقترب مني قليلا - بما انك صحفي بقي - وبدأ يصف وبإحساس العازف أن ما يزعجه في شوارع المحروسة بعد ثورة يناير هم شباب الإخوان والسلف وأخرون يعترضونه وآلته الصغيرة بحجة الحلال والحرام - لامنه ولا كفاية شره- ، وكأنه يريد أن يخبرني برفق شديد مدي قدرته في الرد عليهم - بقول لهم العزف والمدح مش حرام وبطلب منهم يرحوا يشوفوا الناس في السعودية اللي بيتجاروا فينا في موسم الحج- وهنا ترك كل هذا ليرجع بي الي نبي الله "داوود" وكيف صنع المزمار من الحديد شارحا أطوارعدة مرت بها صناعة المزمار إلى أن أتي لعهد الرسالة المحمدية وإنتشار الغاب بين أيدي رعاة الأغنام ، ووفقا لمعلوماته الخاصة يقول "الريس رمضان" أن الرسول ذات مرة شغله صوته الناي في أيدي الرعاة عن صلاة الظهر فدعي ربه أن يجعل الغاب كثير في الجبال وعازفيه أقل بكثير لذلك يؤكد "الريس رمضان" معلوماته ضاحكا -علشان كده أنا بس العازف الوحيد علي القهوة وفي التليفزيون عازف ناي واحد بس في الفرقة ".