بدأت الأزمات تتوالى على العاصمة السورية دمشق.. فمع اشتداد أزمتى المازوت والغاز على مدار الشهرين الماضيين ظهرت أزمة جديدة تعد مشكلة حقيقية يعانى منها جميع الدمشقيين ألا وهى "رغيف الخبز". بدأت بوادر الأزمة قبل حوالى الشهرين نتيجة اختفاء مادة المازوت التى تعمل بها كل المخابز فى دمشق بالإضافة إلى نقص توريد الدقيق وهو الأمر الذى أدى إلى إغلاق العديد من المخابز بشكل نهائى. وبلغت الأزمة مداها حتى أصبح من المألوف أن ترى المئات يصطفون أمام أحد المخابز فى طابور يصل إلى عشرات الأمتار.. وأصبح ليس غريبا أن ترى شخصا يخرج من الطابور حاملا بعض أكياس الخبز وفى عينيه نظرة المنتصر. ويعد الخبز من أكثر السلع التى تحظى بدعم مالى حكومى فى سوريا حيث تباع ربطة الخبز بمبلغ 15 ليرة سورية (حوالى 2ر1 جنيه مصرى) وتحتوى على 8 أرغفة كبيرة الحجم وتكفى لأسرة من 4 أفراد.. وهناك نوع آخر من الخبز يطلق عليه "الخبز السياحى" وهو مثل الخبز الحكومى لكنه غير مدعوم حيث تحتوى الربطة على 6 أكياس من الحجم المتوسط وتباع مقابل 50 ليرة. ويقول أبو عمر (35 سنة - عامل) "حتى شهرين مضيا كان الخبز متوفرا فى جميع المخابز فى دمشق.. الآن اختلف الوضع تماما وأصبح لزاما على أى مواطن أن يقف أكثر من 4 ساعات فى طابور طويل حتى يحل عليه الدور، وأصبحت المخابز لا تعطى سوى ربطتين فقط، والربطة الواحدة تكفينا يوما بالكاد مع الاقتصاد فى استخدام الخبز.. وبالتالى ليس منطقيا أن أقف 4 ساعات وأكثر لأحصل على خبز يكفينى يومين فقط وأعيد الكرة.. ولهذا أقف أنا وزوجتى ليحصل كل منا على ربطتين ونفعل هذا مرتين كل أسبوع لأنه ليس بمقدورنا شراء الخبز السياحى". وقال أبو عدنان (40 سنة) "إن العديد من المخابز فى العاصمة السورية دمشق أغلقت أبوابها، وبمجرد النظر إلى شكل الطابور الذى يقف أمام أى مخبز تصاب بالإحباط فعليك أن تمضى نصف يومك أمام المخبز لتحصل على ربتطين". فيما قال حسام س. (45 سنة) "إنه كان يعمل فى مجال المقاولات وكان متيسر الحال وبالتالى كان يستخدم الخبز السياحى رغم أنه لا يفرق عن الخبز الحكومى سوى فى السعر والوزن فقط.. لكن لم يدخل إلى بيتى ليرة واحدة منذ ما يقرب من عامين وبالتالى بدأنا نتجه إلى الخبز المدعوم الذى كان متوفرا حتى شهور قليلة". وأشار إلى أن لديه 7 أبناء وبالتالى تضم أسرته 10 أفراد لأن والدته تقيم معهم اى انهم فى حاجة على الاقل ل 3 ربطات من الخبز كل يوم وبالتالى لابد ان يقف اثنين منأبنائى كل يوم امام طابور الخبز لحصل كل منهم على ربتطين. فيما يؤكد أبو يزن أن الخبز يباع فى السوق السوداء بشكل علنى ويصل سعر الربطة إلى 100 ليرة فى دمشق و200 ليرة فى الريف.. ويتساءل من أين يحصل هؤلاء الباعة على كل هذه الكميات من الخبز على الرغم من أن المخابز لا تبيع سوى ربتطين لكل شخص. وبطبيعة الحال.. اختفى الخبز السياحى من محلات السوبر ماركت حيث يؤكد أصحاب تلك المحلات أن المخابز الخاصة لم تعد تورد إليهم أى خبز وأن أغلبها قد أغلق أبوابه بسبب نقل المازوت والدقيق. ويقول إبراهيم م. مدير مبيعات فى إحدى الشركات "لقد تسبب اختفاء الخبز السياحى فى مضاعفة الأزمة .. فهناك العديد من الفئات كانت تعتمد عليه فى غذائها على الرغم من فارق السعر الكبير بين الخبز الحكومى المدعوم والخبز السياحى حيث يحتوى كيس الخبز السياحى تقريبا على نصف ما يحتويه كيس الخبز المدعوم .. ويبلغ سعره 50 ليرة"، مشيرا الى أنه مع اختفاء الخبز السياحى اتجه إلى الخبز الحكومى المدعوم وأصبح يشتريه من السوق السوداء أو يضطر للوقوف ساعات طويلة أمام الخبز ويترك عمله. وترجع الحكومة السورية باللائمة على الشعب فى أزمة الخبز حيث يؤكد المسئولون أن المواطنين يخزنون كميات ضخمة من الخبز تحسبا لأى طارئ.. على الرغم من أن المخابز لا تمنح أكثر من لفافتين.