أسرة الأطباء في الوحدات الصحية بالقري.. ومستشفيات المدن.. الدفع قبل العلاج ما بين مستشفيات غارقة فى الصرف الصحى وأخرى خاوية من الأطباء والأجهزة معا، وعدم وجود العلاج المجانى، الذى أصبح وهما كبيرا وخدمة مزيفة، وبعد أن كان هذا الوهم يبدأ بالإهمال، وينتهى عند اختفاء العلاج، امتد الآن إلى عدم وجود الطبيب المختص، ونقص الإمكانيات والأخطاء الطبية، وتوج بشيوع البلطجة التى ألقت بظلالها على المريض والطبيب على السواء. هذا هو الحال فى أغلب مستشفيات محافظة أسيوط التى كُتب عليها أن يأتى إليها مسئولون، ينسون آلامهم داخل مكاتبهم المكيفة، حيث غياب ضمائرهم وقلة المراقبة الربانية. فلا تستطيع دخول المستشفيات العامة إلا إذا كنت متفقا مسبقا مع كبار الأطباء عن طريق كشف خاص، وبهذا يمكنك حجز سرير، والعلاج على نفقتك الخاصة. يقول الحاج نبوت محمد: إنه ذهب بابنه لمستشفى أسيوط العام، لإجراء عملية تفتيت حصوة بعد عمل إشاعات خارجية، وعند دخوله الاستقبال العام، قرر الأطباء أنه لا يعانى أى مرض سوى زيادة فى الأملاح، ولا حاجة لحجزه، حيث اطمأن الوالد لذلك، وبعدها تفاقم الأمر، وسدت الحصوات الحالب، الأمر الذى جعل الوالد يقوم بالاقتراض من بعض البنوك وإجراء العملية بمستشفى خاص. ويقول صابر على عمران: إنه دخل بوالدته المصابة بجلطة فى النصف الأيمن بالكتف والساق، وحين دخوله الاستقبال العام بالمستشفى الجامعى، رفض الأطباء دخول والدته لعدم وجود أسرة كافية بالمستشفى، الأمر الذى جعله يذهب إلى مستشفى «الإيمان» الذى لم يجد به غير الممرضين فى الاستقبال، فاضطر للذهاب إلى مستشفى «سانت ماريا»، الذى طلب منه ألفين من الجنيهات رسوم تأمين للدخول. هذا فى المدينة.. أما مستشفيات القرى فالحال أكثر سوءا.. يقول على شاكر، من أبناء قرية بنى محمديات، قلما تجد مصابا بطلقات طائشة، يمكن إسعافه داخل مستشفى قروى؛ لعدم وجود حتى الشاش أو القطن، الأمر الذى يجعل ذوى المصاب يذهبون به إلى المستشفى العام بعد ساعات طويلة، ومنهم من يكتب له عمر جديد، ومن تأتيه المنية قبل وصوله ومنهم من ينتشر سم العقرب داخل دمه ويموت، وهذا ما حدث فى قرية عرب الأطاولة، إحدى قرى أسيوط، حيث تسبب لدغ عقرب فى وفاة طفل بسبب الإهمال، الأمر الذى دفع الأهالى إلى إحراق الوحدة الصحية بالقرية. ويضيف ماهر حمدان: «فى قرية بنى محمديات، التى يسكنها أكثر من 80 ألف نسمة، لا يوجد سوى مستشفى، أطلق عليه مستشفى طب الأسرة، والمقام على مساحة خمسة أفدنة، ويكاد يكون خاليا من كل مستلزمات العلاج حتى الإسعافات الأولية، وأصبح ملاذا للكلاب والقطط والعقارب والثعابين ومقالب القمامة ومكانا للمجرمين لممارسة الرذيلة.