جلس بالأمس البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية على كرسى مارمرقس الرسول الذى قام بنشر المسيحية فى مصر ليخلفه فى رعاية الأقباط، وعرف كرسى مارمرقس فى التاريخ باسم «كرسى الإسكندرية»، وكان لهذا الكرسى شهرة كبيرة فى الأجيال الأولى، وجلس عليه 117 من البطاركة، واعتبر القديس مارمرقس أولهم، وأول خليفة له هو القديس انيانوس. ولم يكن فى البداية خليفة مارمرقس يلقب باسم البابا، وإنما كان يطلق عليه اسم أسقف الإسكندرية ولم يكن معه أسقف آخر فى كل البلاد؛ لم يجلس الأقباط المصريون فقط على كرسى مارمرقس وإنما كان هناك بطاركة فى الكنيسة من جنسيات أخرى. جلس على كرسى مارمرقس بعض من السريان، منهم البابا سيمون الأول البابا رقم 42 المتنيح سنة 700 م، وكان سريانى الجنس، أتى إلى مصر، وترهب فى دير الزجاج وأيضًا البابا إبرام بن زرعة (62) المتنيح سنة 978 م، وهو سورى الجنس، اشتغل بالتجارة فى مصر، وفى عهده حدثت معجزة نقل جبل المقطم. وأكثر البابوات إقامة على كرسى مارمرقس هو البابا كيرلس الخامس (112)، إذ كانت مدة حبريته 52 سنة، و9 أشهر، و6 أيام، يليه البابا أثناسيوس الرسولى مدة حبريته 45 سنة، وأقل البابوات جلوسًا على الكرسى هو البابا ارشيلاوس، ومدة حبريته 6 أشهر. وفى العصور الأولى كان الكرسى يشغل بسرعة بعد نياحة البابا السابق بأيام، حيث تنيح البابا ثيئوفانس فى 6 ديسمبر 956م، وخلفه البابا مينا الثانى فى 7 ديسمبر 956 م، والبابا كيرلس الكبير خلف البابا تاؤفيلس بعد نياحته بيومين. وتطور الأمر فيما بعد، وكان الكرسى يخلو أحيانًا لبضعة شهور، ثم تطور لبضع سنوات، وأول مرة طالت المدة إلى سنوات كانت بعد البابا سيمون الأول، إذ خلا الكرسى ثلاث سنوات وتسعة أشهر، وأطول مدة خلا فيها الكرسى فى تاريخ الكرازة المرقسية، كانت بعد نياحة البابا يؤانس السادس (74)، وهى 19 سنة، و5 أشهر، و10 أيام. ويعد البابا خرسطوذولو (66) فى القرن الحادى عشر هو أول من نقل كرسى مارمرقس إلى القاهرة وصار مقره كنيسة المعلقة بمصر القديمة، بعد أن كان مقره الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وفى القرن الثانى عشر نقله البابا غبريال بن تريك (70) إلى كنيسة مرقوريوس (ابى السيفين) بمصر القديمة، ثم رجع إلى المعلقة، وظل ينتقل بين كنيستى المعلقة وابى سيفين حتى أوائل القرن الرابع عشر. ونقل العرش البابوى إلى كنيسة العذراء بحارة زويلة فى عهد البابا يؤانس الثامن (80) المتنيح سنة 1320م، وظل هناك حتى القرن السابع عشر، ونقل إلى كنيسة حارة الروم فى عهد البابا متاؤس الرابع (102) (1660 - 1675 م) واستمر هناك إلى أوائل القرن 19. ولما بدأ البابا مرقس الثامن سنة 1809، فى بناء الكنيسة المرقسية بالأزبكية، نقله إليها، واستمر فيها إلى أن نقله إلى المقر الجديد بدير الأنبا رويس بالعباسية قداسة البابا شنودة الثالث فى المقر الجديد، ويعتبر دير أبومقار هو أول دير، وأكبر دير، اختير منه بطاركة للكرسى المرقسى، حتى لقب القديس مقاريوس بأنه «أبوالبطاركة والأساقفة»، وكانت عادة البطاركة بعد سيامتهم أن يذهبوا لزيارة دير أبومقار ببرية شيهات، وقد اختير منه 28 بطريركًا.