رغم تمسكه بالاستمرار فى «تأسيسية الدستور» للدفاع عن حقوق المصريين فيها، فإن حديث الدكتور صفوت البياضى، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ل«الصباح» يحمل كثيرا من القلق والانتقاد على أوضاع الجمعية التأسيسية للدستور؛ فى ظل سيطرة التيارات الإسلامية عليها، ورغبة السلفيين -بحد وصفه- لحل الدستور، مجرد تعويذة للصلوات وليس دستورا لكل المصريين.. فإلى نص الحوار.. الكنيسة لن تنسحب من «التأسيسية».. لن نمرر مواد لا تصلح للدستور ** نشرت الصحف الأيام الماضية حديثا عن الخلاف الدائر بين الأنبا بولا والمستشار إدوارد غالب داخل الجمعية التأسيسية للدستور، فما صحة هذا الكلام؟ - هناك من يحاولون افتعال أزمات بين الكنائس، حتى ينتقل المشهد من الصراع بين القوى الإسلامية والمدنية إلى الصراع بين الكنائس، وهذا لا يمكن أن يحدث، فمن الطبيعى أن يحدث خلاف فى وجهات النظر بين الأفراد حتى المنتمين إلى نفس الفصيل، وهو ما حدث بين الأنبا بولا والمستشار إدوارد مجرد اختلاف فى وجهات النظر، والمستشار إدوارد رغم اختلاف وجهة النظر قال: أنا أكن كل التقدير والاحترام للأنبا بولا، لكن أحيانا الإعلام «ما يصدّق أن يأخذ كلمة من أحد فى المضبطة ويعمل عليها فيلما». **هناك تهديدات كثيرة من القوى المدنية فى الجمعية التأسيسية للدستور للانسحاب، كيف ترى هذه التهديدات؟ - هناك مجموعة ممن ينتمون للتيارات الدينية يريدون أن يصبغوا الدستور بصبغة لا إله إلا الله، فكل كلمة وكل مادة من مواد الدستور يريدون أن تكون فيها كلمة السيادة لله، وبما لا يخالف شرع الله، وبالطبع الحديث بهذه الطريقة لا يجعل المناقشة مناقشة على مواد الدستور، وإنما على تعويذة صلوات، فأنا أشعر وأنا فى «التأسيسية» كأنى فى المسجد، ولست فى جلسة عامة تضم كل أطياف المجتمع وفئاته، فما يحدث ليس موجودا فى أى دستور فى العالم، وبالتالى الحركات المدنية المعتدلة لا تريد هذا الكلام، وتريد دستورا يصلح لكل المصريين وليس تعويذة للصلوات، فأنا مع أن يكون هناك ضغط، لأن هذه ظاهرة صحية. ** وهل أنت مع الانسحاب من «التأسيسية»؟ - لم أر أحدا خرج من «التأسيسية» ولم يعد، فكل واحد يخرج ويعود، أو يهدد بالخروج ولا يخرج، وهذا الضغط يفيد «التأسيسية» كثيرا، إذ تشعر التيارات الإسلامية بأنها ليست وحدها المتحدثة فى المجتمع، وإنما هناك قوى أخرى لها حق أن تتحدث، ويجب أن تسمعها، ونحن دائما ككنيسة مع الخط الوسطى، وننسق كل شىء مع الأزهر، لكننا ضد الانسحاب من «التأسيسية»، لأن الهروب لا ينفع، فحتى لو انسحبنا لن نغير من الموقف كثيرا. ** ما تعليقك على ما يقال عن سلق الدستور ومناقشة مواد فى فترة وجيزة؛ لا تصلح لمناقشة قوية لكل مواد الدستور؟ - لن نمرر مواد لا تصلح فى الدستور لأجل إرضاء فصيل معين فى المجتمع، لن نمرر مواد نخجل منها أمام العالم، لن يخيفونا بالوقت ومروره، فعامل الوقت لا يهمنا، وإنما كل ما يهمنا أن يخرج دستور مصر بشكل نفخر به أمام العالم، وحتى لو مورست ضدنا ضغوط لسلق الدستور لن نسمح بذلك، لأن هناك اتفاقا داخل الجمعية التأسيسية؛ أنه لن تتم الموافقة على مادة إلا بإجماع الجميع، وليس الأغلبية، وبالتالى المواد كلها لابد أن تخرج بالتوافق، ولا يستطيع أحد أن يمرر مواد دون أن يشعر به أحد، لأن الإعلام «عينه صاحية قوى، وكل حاجة بتحصل بتتقال فى كل القنوات، وكل الدنيا بتسمعها». ** هل تشعر بهيمنة إخوانية إسلامية على الجمعية التأسيسية للدستور؟ - بالطبع التيارات الإخوانية والسلفية تحاول أن تأخذ الكعكة كلها، لكن هذا لن يحدث، لأن الدستور لن يخرج للإخوان فقط فى مصر، وإنما لكل المصريين، وبالتالى لابد أن يعبر عن الجميع. ** ما أبرز مخاوفك من الدستور القادم، خاصة فى المادة الثانية ومواد حرية الرأى، ومواد المرأة، ونظام الحكم؟ - للأسف، إن أكثر ما يقلقنا فى الدستور هو خلط الدين بالسياسة، فهم فى الجمعية التأسيسية يريدون أن يتحدث الدستور عن الدين أكثر من القانون والسياسة، فيجب أن نعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فأنا لا أخشى من أمر المادة الثانية، لأنها حسمت، والكنيسة راضية عنها، ولكن ما يقلقنى حقيقى هو وضع المرأة فى الدستور، -للأسف- الإسلاميون يريدون تمرير مواد تهين المرأة ولا تعطى لها حقها بحجة أن هذه المواد فى الشريعة، فمثلا يريدون أن تتزوج المرأة من سن 9 سنوات، لأن الشرع لا يخالف ذلك، ولا يريدون مساواتها بالرجل، ولا يعترضون عن العنف الذى يمارس ضد المرأة من ضرب وإهانة؛ يرون أن هذا كله من حق الرجل أن يقوم به، لأنه هو الراجل، وهذا هو الفكر الرجعى، فيجب على المرأة أن تضغط بكل قوتها للدفاع عن حقوقها فى المجتمع، لأنه -للأسف- الدستور سينظر إلى المرأة نظرة لا يجب أن تكون عليها، وهى تعتبر نصف المجتمع. ** هناك بعض اعتراضات على صياغة الدستور، ولجنة الصياغة لم تقم بصياغة جيدة، إنما كانت تقوم بصياغة مواد لصالح الإخوان، فما تعليقك؟ - لجنة الصياغة مفتوح مناقشاتها، وكل الذين يريدون أن يحضروا حضروا، لكن لا نستطيع أن ننكر أن الإسلاميين حاولوا تغيير صياغة بعض المواد، لكننا طالبنا بتعديلها مثل مواد الزكاة، فهم كانوا يريدون أن تفرض الزكاة على المجتمع، فهذه فريضة دينية على المسلمين، فما دخل المسيحيين بها، وحتى الأزهر نفسه تنازل عن هذه المادة، وفصيل آخر فى «التأسيسية» حاول تغيير المواد الخاصة بالشريعة، ويريد أن يتم تطبيق الحدود وقطع اليد وما إلى ذلك، ولولا قيام عمرو موسى و15 معه بالتهديد بالانسحاب من «التأسيسية» لكان الوضع قد تأزم، فما ندعو إليه الناس أن تفكر جيدا قبل الاستفتاء على الدستور، وإن وجدت أنه لا يصلح تقولها بصوت عال، نحن نرفض مسودة الدستور. ** ما أبرز الشخصيات فى «التأسيسية» التى تسبب مشكلات؟ - السلفيون دائما هم من يسببون مشكلات فى «التأسيسية» أكثر من الإخوان، ف«السلفيين عايزين كل حاجة فى الدستور تكتب باسم الدين، فهم يريدون 80% دين و20% سياسة، والعكس الإخوان»، لكن هناك مناورات بينهما داخل «التأسيسية» لتمرير بعض المواد، فما لا يستطيع أن يقوله هذا يقوله ذاك، والعكس صحيح. ** هل يتدخل الرئيس فى عمل «التأسيسية» من خلال جلساته العشوائية التى يقوم بها مع بعض الإسلاميين؟ - لا أستطيع الحكم على ذلك، فبالتأكيد قد تحدث مشاورات بين الرئيس والقوى الإسلامية حول الدستور، لكن لا أعرف مدى تدخله فى هذا الأمر. ** هل تعتقد أنه قد يحكم المحكمة ببطلان عمل «التأسيسية»؟ - أعتقد أنه لن يتم إلغاء «التأسيسية»، ولن يخرج حكم ضد «التأسيسية»، وستستمر فى عملها، لأن الاتجاهات كلها تقول إن المحكمة لن تخرج لتقول إن هذه «التأسيسية» باطلة، لذا الطريق الوحيد لنا أن نجاهد لكى يخرج دستور يفخر به كل المصريين ولا يخجلون منه، لأن التاريخ سيديننا على ذلك، ولن يغفر لنا ذنب إهدار حقوق المصريين فى الدستور.