لأن فرحة الأطفال بالعيد لا تتحقق من دون «هدوم العيد»، ولأن الأسعار أصبحت «نار مشتعلة»، و«الغلبان» يريد أن يرسم البسمة على شفاه فلذات الأكباد، فليس أمامه إلا اللجوء إلى وكالة البلح وسوق العتبة والموسكى، حيث الملابس المستعملة والمقلدة وأيضا المسروقة.. ليس مهما.
ويقصد وكالة البلح يوميا، نحو 20 ألف زبون يريدون شراء مستلزمات أطفالهم، حسب تقديرات التجار الذين يفترشون الأرصفة هناك.. ويتفاوت سعر قطعة الملابس المستعملة، حسب حالتها، لكن على وجه العموم، يستطيع «المواطن الغلبان» أن يكسو ابنه أو ابنته بما يتراوح بين 35 إلى 50 جنيها.
ويقول محسن السمكرى، تاجر: إن التجار يحصلون على بضائعهم عبر شرائها «بالكيلوجرام» من السوق العربى ببورسعيد، ثم يقومون بغسلها وتغليفها وتحديد سعر القطعة ما بين 5 إلى 40 جنيها.. «وخلى الغلبان يفرح ويفرح العيال». ومن الملاحظات التى يرصدها السمكرى بحكم خبرته التى تزيد عن 10 سنوات بالوكالة، أن زبائنها لم يعودوا شديدى الفقر، فهناك موظفون يقصدونها، وهؤلاء تبدو على ملامحهم علامات الخجل، ويحاولون التوارى والاختباء حتى لا يراهم أحد، ولا يستغرقون فى السوق وقتا طويلا.
ويقول عصام عبدالغنى: إن الأسعار تزيد فى العيد قليلا، لأن بضاعة العيد أفضل، ولأن الإقبال يزيد ولأن التاجر يعانى من ركود مثله مثل الزبون، «وكل البلد بقت غلبانة» موضحا أن الغلبان، لا يشترط فى البضائع شرطا محددا، فالناس يرضون بأى حاجة.
وتقول سارة عبدالعاطى، ربة منزل: بعض الملابس المستعملة تكون كالجديدة، وحالتها ممتازة، والظروف تضطرنى لشرائها لأطفالى، فنحن بالكاد نوفر لهم لقمة العيش، موضحة «هو فيه أم تشترى لضناها حاجة اتلبست قبل كده.. لكن الإيد قصيرة».. وتضيف: «بعد شراء الملابس أغسلها وأضع فى الماء «معقم» لأنى لا أعرف ما إذا كان الطفل الذى ارتداها مصابا بمرض جلدى أو خلافه، وأقوم بكيها ثم أقدمها لأطفالى من دون أن أقول لهم إنها مستعملة.
وأمام تاجر يفرش ملابس نسائية، تقف «س. ه» مراهقة فى نحو السادسة عشرة، تبحث عن «بلوزة» وتقول: الجديد يصبح مستعملا بعد أيام، والغلبان يريد أن يفرح، والعيد ليس للأغنياء فقط، لكنها تنتقد ارتفاع الأسعار قائلة: بعض التجار «اتسعروا» البلوزة أصبحت بثلاثين جنيها، بما يجعل سعرها قريبا من الجديد، فهل هذا سعر مناسب.
ولا يختلف الوضع فى سوق العتبة عنه فى وكالة البلح، لكن العتبة يتميز بالتخصص أكثر فى بيع الأحذية المقلدة، ومرتجعات المصانع من الملابس التى تشوبها عيوب فى التصنيع «ديفوهات».
ويقول مرتضى عبداللطيف، بائع أحذية: سوق العتبة ملاذ الفقير للحصول على ملابس رخيصة جيدة، إلى حد ما، مضيفا: إن السوق يزداد ازدحاما مع اقتراب الأعياد خاصة، وأنه تباع على أرصفته الأحذية المستعملة بسعر منخفض للغاية إلى جانب المقلدة.
ويقوم التجار بشراء الأحذية المستعملة بالكيلو من التجار الأكبر فى الموسكى، ويشهد سوق العتبة إقبالا كبيرا من السيدات على شراء ملابس الأطفال. وتؤكد بثينة عبدالمنعم، ربة منزل، أنها تضطر للجوء لشراء أحذية وملابس مستعملة لأطفالها الثلاثة لأن الارتفاع الجنونى فى الأسعار لم يعد يسمح للفقير بأن يدخل الفرحة على قلوب أطفاله.
وتضيف: إن منطقة وسط البلد أصبحت للأغنياء فقط، مشيرة إلى أن الأحذية ليست متينة وسرعان ما تتمزق، لكن ماذا يفعل المضطر؟. كما يعتبر سوق ميدان الجيزة مقصدا للفقراء الراغبين فى شراء الملابس المستعملة ولعب الأطفال. تقول سوسن مدبولى، ربة منزل: الأسعار فى وسط البلد أصبحت جنونية، والفقراء لا مكان لهم فى «البوتيكات الراقية»، ولأنى أريد أن أرسم الابتسامة على شفاه طفلتى الوحيدة، فلا وسيلة إلا اللجوء إلى المستعمل.
ويعد سوق الموسكى من أشهر الأسواق المتخصصة فى تجارة الجملة، ويشهد السوق زحاما شديدا مع اقتراب أيام العيد حيث يتوافد إليه المواطنون لرخص أسعاره، حسبما تقول عبلة مطاوع «ربة منزل» مشيرة إلى أن السوق به ملابس جيدة وأذواقها جميلة وأسعارها رخيصة. كما يعرض الباعة فى السوق مستحضرات تجميل مقلدة وبعضها انتهت صلاحيته غير أن «الغلابة» لا يأبهون بهذا الأمر ويشترون رغم المخاطر الصحية التى قد تنعكس على صحتهم.