حذر الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والرى الأسبق، من أن مصر ستدخل عصر «العطش» فى عهد الرئيس مرسى، وكشف خلال الندوة التى حل فيها ضيفا على «الصباح» عن أن الرؤى التى كانت مسيطرة على مدرسة الرى المصرية وقادتها ساعدت على تفاقم الأزمة فى منابع النيل، وتجدد الأحلام الإثيوبية القديمة فى إنشاء سد على النيل الأزرق، لأنها كانت دائما تعتبر أن إنشاء مثل هذه السدود أمر بعيد التحقق، فلم تستعد إلى الخيارات البديلة، مؤكدا أن الخبير الاستشارى لسد «النهضة» الإثيوبى أرسل مؤخرا تقريرا يكشف الآثار المدمرة لبنائه على مصر، وهو ما أغمض المسئولون أعينهم عنه وفضحته عدة مواقع دولية، وكشف عن أن اكتمال السد أصبح وشيكا وهو ما سيتسبب فى فقدان 9 مليارات متر مكعب من حصتنا من إيراد النهر، وهو ما يعنى بوار 2 مليون فدان زراعى وتشريد 5 ملايين أسرة فى الشارع وإلى التفاصيل.. بعد عبدالناصر توقفت إثيوبيا عن حلم إنشاء السدود رغم وجود دراسات كثيرة.. فلماذا عادت إلى هذا المخطط فى عهد مبارك؟ - فى عهد عبدالناصر لم يكن هناك دراسات للسدود، إنما كانت مجرد حلم من أحلام إثيوبيا، وأقصى ما فعلته إثيوبيا أيام عبدالناصر هو الشكوى لدى الأممالمتحدة بشأن تضررها من اتفاقية 59، وكان مكتب استصلاح الأراضى الأمريكى لديه دراسات لإنشاء سدود لتوليد الكهرباء على النيل الأزرق، إلا أن الأحلام الإثيوبية وجدت طريقها فى عهد الرئيس السابق، وكان تفكير مدرسة الرى المصرية فى هذا العهد أنه لا يمكن بناء أى سدود على منابع الهضبة الإثيوبية، لأنها هضبة منحدرة، وفى حالة إنشاء سد عليها سيمتلئ بالمواد الرسوبية دون تخزين، وللأسف سيطرت هذه الفكرة بقوة حتى دخولى إلى وزارة الرى وزيرا، وكان سد «تيكيزى» قد تم الانتهاء من بنائه بالفعل، وهم نائمون لا يعرفون شيئا، وارتفاعه تجاوز 197 مترا، وهو سد عملاق، وكان هناك تصور أخطر مسيطر على قيادات الرى، وهو أن أى سد لتوليد الكهرباء لا يستهلك مياها، وحتى الآن هناك من المسئولين المحسوبين على الرى لايزالون يرددون هذا الكلام، وإثيوبيا تبيع للمصريين هذا الكلام بسبب وجود علماء مصريين يروجون له، والمشكلة أن السد العالى تصميمه مبنى على أساس انه لا يوجد سدود موجودة على النيل قبله نهائيا، إنما عند إنشاء سد آخر يسبقه، فما سيتم تخزينه أمام السد العالى لسنوات الجفاف المائى سيذهب ويتبدد، وانخفاض منسوب المياه سيقلل توليد الكهرباء، إضافة إلى فاقد البخر نتيجة لركود المياه فى الهضبة الأعلى، وهو ما سيقلل من حصتنا الكثير، ويهدد إيراداتنا المائية فى السنوات منخفضة الفيضان. وللأسف كانت هناك مدرسة أخرى قديمة للرى ترى أن سدود الكهرباء جيدة، وهاتان المدرستان كانتا من أسباب فشلنا فى هذه المرحلة، أما خبراء الجامعات، وبعد دراسة الأمر بعناية، أخرجوا الدراسات العلمية الدالة على عدم صحة نظريات مدرسة الرى القديمة التى أضاعت سنوات فى خداع المصريين وبيع الوهم لهم. فى 2005 بدأت أديس أبابا تحديها للقاهرة ببناء أول السدود، فهل وقوف مصر فى الحرب إلى جانب إريتريا ضد إثيوبيا كان له العامل الأكبر فى هذا الأمر.. أم محاولة اغتيال الرئيس السابق هناك؟ - هناك عدة أسباب لأوجه القصور؛ حادث أديس أبابا أدى إلى غياب مصر على مستوى القمة، وهو أمر كان سيئا جدا، وأصبحت كيانات أخرى تمثل لوبى فى إفريقيا، ومؤتمرات القمة جزء بسيط منها، وأول عيب كبير كان غياب الرئيس عن تمثيل مصر فى اجتماعات الاتحاد الإفريقى، حيث بدأت تظهر زعامات أخرى مثل القذافى وزيناوى وموسيفينى على حساب مصر، وتراجع وزن مصر، ونحن على إرث عبدالناصر وإلا فما كان لنا وجود تماما، وعدم الوجود أضعفنا وأضعف لغة الحوار، وكان من الممكن إيجاد صيغة للحل، ولكى نفهم الأمور بشكل مجرد فعلينا معرفة أن النهر يأتى بكمية من المياه تتدفق إلى دولتى المصب مصر والسودان، ودول المنابع ترغب فى إعادة تقسيم الحصص، بحيث يكون لهم نصيب إيراد سنوى، ومنذ استقلال هذه الدول وهى تنكر جميع الاتفاقيات القديمة الخاصة بحصة مصر والسودان، ورغم أنها دول مطرية لا تحتاج إلى مياه النيل، فإنه مع دخول دول عربية وخليجية وأوروبية وآسيوية للاستثمار هناك، تطلب ذلك أراضى للزراعة فى دول حوض النيل، وهذا هو سبب طمع هذه الدول فى النص على حصص مائية لها لتمكينها من استقطاب هذه الاستثمارات الزراعية وتصدير المياه ضمن تصدير مزروعاتها، ومصر والسودان لا يوجد لديهما فائض مياه للتنازل عنه لدول المنابع من أجل تصديره مقابل تجويع وتعطيش الشعبين المصرى والسودانى، لان هذا معناه أن يموت المصريون. وهل لا يوجد أى حلول ممكنة لتوافق الرؤى فيما يخص أزمتنا مع دول حوض النيل؟ - المشكلة عويصة، وكلما كانت العلاقات طيبة سيكون الحوار طيبا، إنما هم لن يتنازلوا عن حقوقهم واللغة تختلف، «أخوات بنتخانق وكل واحد عاوز حته من التورتة»، والحل فى أن هناك لنهر النيل فواقد عديدة وغالبيتها فى جنوب السودان وجنوب إثيوبيا، هناك «الباروأكوبو» فى إثيوبيا، وفى منطقة «مشار» على الحدود أيضا يفقد النهر عشرات المليارات فى البرك والمستنقعات، ومصر طرحت هذا الفكر إلا أن مصالح الدول الكبرى كانت تقف عائقا أمام مثل هذه المشروعات، وإثيوبيا وأوغندا هما الدولتان اللتان رفضتا هذا الأمر، لكن هناك إمكانية لزيادة الإيراد لحل أزمة العجز نتيجة السدود، وللأسف الشديد أن الاتفاقية الإطارية لا تشمل بندا لزيادة إيراد النهر عن طريق استقطاب الفواقد، واهتمامها الأصلى فقط بإعادة توزيع الحصص، إنما حل مشكلة الصراع على المياه كما هو الحال فى معظم اتفاقيات الأنهار الدولية ليس موجودا. ونحن حقوقنا تضمنها الاتفاقيات الدولية، وتم الاستعانة بخبراء دوليين من أوروبا، وتأكدنا من سلامة موقفنا القانونى وسريان هذه الاتفاقيات بغض النظر عن الاتفاقية الجديدة، لكن المؤسف أن هناك عددا من دول العالم الكبرى تدعم موقفهم، وتجد أنهم يموتون من المجاعات، وهناك تعاطف معهم، والمشكلة أنه منذ أيام عبدالناصر وهناك غياب مصرى عن إفريقيا، وللأسف فإن الكِبر والتكبر هو سبب مشكلاتنا فى إفريقيا، واسألوا فاروق حسنى لماذا سقط فى اليونيسكو؟.. لأن إفريقيا لم تعطه شيئا، وصفر المونديال، المغرب أخذت 12 صوتا، والنتيجة أنه لا توجد دولة فى العالم تؤيدك، وكله بسبب التوجه الغربى على حساب الجنوبى؛ إذ إن الزيارات التى كان يقوم بها رئيس الدولة السابق ووزير الخارجية كانت للغرب، والوحيد الذى كان يزور الجنوب هو وزير الرى، وهى مدرسة سياسية شابها الإهمال وهو ما تسبب فى نقص وزن مصر. وهناك مؤشرات كثيرة منها صفر المونديال وسقوط فاروق حسنى كانت بمثابة دلالات على ضياع هيبة ووزن مصر السياسى، إلا أنه لم يكن هناك تحرك، ووضع آخرون أقدامهم بدلا منا، وهناك أيضا المصالحة الفلسطينية فكان النظام فاشلا ولم يتمكن من أن يصلح، والمصالحة الصومالية، والسودانية، وكان الوجود الوحيد مجرد سفارات وسفراء. وماذا عن قناة «جونجلى» فى جنوب السودان.. وهل اندثرت الأجزاء التى تم حفرها وتحتاج لإعادة الحفر من جديد؟ - قناة «جونجلى» إحدى مناطق الفواقد، ووفقا لاتفاقية 59 مع السودان فإن بنودها تحتم وجود مشروعات لاستقطاب الفواقد من المياه واقتسامها فى شكل حصص جديدة مناصفة، وحددنا مناطق «جونجلى، ومشار، وبحر الغزال» والمشروع يوفر 10 مليارات متر مكعب من المياه، وبدأ الحفر وانتهينا من أكثر من 70% من الأعمال، ثم عرقلتها الحرب الأهلية وسرقة الحفار وتمت أيام حكم السادات، وحالتها الآن ليست سيئة تماما. هل البديل عن ضياع جزء من حصتنا بعد اكتمال السدود الإثيوبية ممكن توفيره بالبحث عن مصادر مياه صالحة بالأنهار الموجودة تحت الأرض فى الصحراء الغربية وتحدثت عنها الكثير من الدراسات؟ - هذا الكلام غير دقيق، فهناك مخزون يكفى مناطق الواحات الداخلة والخارجة وواحة باريس والوادى الجديد والفرافرة وشرق العوينات لمدة 100 عام فقط، وهذه الكميات من المياه يصل إنتاجها إلى 3 مليارات متر مكعب فى السنة، وسمعت عن دراسة استصلاح 2 مليون فدان على هذه الكميات المخزونة، إلا أنه أمر لا يمكن تحقيقه، وكنت اكتشفت مخزونا جوفيا فى جنوب شرق القطارة، وهو ما أعلن عنه مؤخرا، وهى كمية تكفى 50 ألف فدان وغير متجددة، و«يدوب» تكفى من 50 إلى 60 سنة فقط، والأمر صعب لكن للأسف هناك مبالغة. ما سبب الخصومة الحالية بينك والسفير الإثيوبى لدى القاهرة؟ - كان لى أكثر من مقابلة تليفزيونية حول تصريحات السفير الإثيوبى فى مصر بشأن رؤيته بخصوص أن الاتفاقيات الدولية القديمة أمر ليس له أهمية، وكانت ردود فنية، إلا أن السفير هاجمها بشدة، وتعليقى أن السفير ضيف كريم على مصر والهجوم الشخصى منه لا يعنينى ولا أرد عليه ونرحب بضيافته، وأى هجوم شخصى لم يثننى وأنا وزير عن الدفاع عن مصالح مصر المائية بقوة وتم الهجوم علىَّ بشدة، ولن يثنينى كأستاذ مياه وخبير دولى، والمفروض أن السفير عندما أتكلم عليه أن يستمع لوجهة نظرى وينصت؛ لأننى رجل فنى فى هذه اللحظة وليس رجلا سياسيا، ولا نقصد بها إلا حماية حقوق مصر، ومع تمنياتى الكاملة للتنمية للشعب الإثيوبى إلا أن هناك بدائل عديدة تسمح بتنمية إثيوبيا دون الإضرار بدول الجوار، وهو ما كنت أتمنى أن تناقشه اللجنة الثلاثية المصرية- الإثيوبية- السودانية، إنما اللجنة الثلاثية حتى اليوم تترك عملية إنشاء السد مستمرة، وإلى الآن لم تناقش حتى تداعيات هذا السد على مصر وعلى مستقبل مصر ومسارنا الاقتصادى والاجتماعى وهو أمر مثير للقلق. ولابد من وجود بدائل تبنى إثيوبيا ولا تهدم مصر. معنى ذلك أن اللجنة الثلاثية لتقييم مخاطر سد الألفية هى استمرار للأكاذيب التى كنا نسمع عنها بشأن انفراجة فى الأزمة مع إثيوبيا فى التفاوض بخصوص هذا الملف؟ - هى لم تكن أكذوبة فى البداية، إنما كانت آمالا، لكن للأسف بدأت تظهر حقيقة تأثير السد المدمر على مصر، وسيبدأ يظهر الخلاف فى وجهات النظر، ووفقا لتصريح السفير الإثيوبى بالقاهرة قبل أيام فإن السد فى طريقه للانتهاء وسيتم تحقيق حلم زيناوى، أما عن اللجنة الثلاثية فأعمالها تتلخص فى عدة اجتماعات لكن متباعدة، وتم طلب عدد من البيانات الفنية ولم ترسلها إثيوبيا، وما وصلنى مؤخرا أنه تم إرسال دراسة للآثار الجانبية أعدها الاستشارى الخاص ببناء السد الإثيوبى وأرسلها للجانب المصرى، ورغم أن الدراسة ليست بالمستوى المأمول، فإنها تتحدث صراحة عن الآثار السلبية على مصر، وهناك حقيقة مهمة غائبة هى أنه رغم أن اللجنة مشكلة من الدول الثلاث «مصر والسودان وإثيوبيا» لتقييم مخاطر السد على مصر والسودان فإن إثيوبيا ليست المستفيد الأول، لأن السودان لن تتضرر بل ستستفيد هى الأخرى من بناء السد والمتضرر الوحيد مصر، واليوم بدأت الدراسات تصل إلى مصر عن طريق إثيوبيا التى تثبت أن مصر سيحدث لها ضرر جسيم من آثار السد، وشهور و نبدأ نقول «أى» ولابد أن نجد حلا، وقد أقترحت عدة حلول مثل الرجوع بالتصميم الخاص بالسد إلى القدرة التخزينية التى لا تتجاوز 14 مليار متر مكعب، بدلا من 74 مليارا، أو إنشاء عدة سدود صغيرة على النهر بديلا عنه، وكانت الولاياتالمتحدة اقترحت ذلك من قبل بحيث تعمل على توليد الطاقة المطلوبة للتنمية الإثيوبية، وليس من الضرورى تصدير كهرباء على حساب المياه الخاصة بالشرب والغذاء الخاصة بالمواطن المصرى، الذى يعانى من 6 إلى 7 مليارات دولار عجزا فى الميزان الغذائى. وأتمنى أن تكون هناك وقفة قربية بين الأشقاء للبحث عن البديل الذى لا يضر مصر، لأن الضرر على مصر جسيم، وأنا على دراية كاملة بعدد من البدائل الفنية إن لم تعجبهم نأتى بخبراء دوليين، ليضعوا بدائل أخرى تفى باحتياجات التنمية الإثيوبية مع عدم الإضرار بمصر، والشقيقة السودان مازالت عند موقفها الداعم لنا ولن تسمح بأى مشروعات تضر بأمن مصر القومى. وما حجم التأثير السلبى على مصر من انشاء سد «النهضة» وفقا لهذه الدراسات المعلنة؟ - 9 مليارات متر مكعب خصمها من مياه النيل يعادل بوار 2 مليون فدان زراعى وتشريد 5 ملايين أسرة فى الشارع، وفقد ربع الإنتاج الزراعى، ونحن لدينا فجوة غذائية، ووفقا لدراسات لعدد من مراكز الدراسات الدولية والمعلومات المتاحة عن السد، فجميع القوى العالمية أكدت أن هذا السد سيكون له تأثير سلبى، لكن وما أستغربه أنه لا يوجد مسئول مصر حتى الآن خرج ليعلن حجم الأضرار التى سنتعرض لها من جراء السد على الرغم من اهتمام خبراء دول العالم به وإجرائهم دراسات أثبتت نتائجها أضراره، وفى الولاياتالمتحدة نشر أحد هذه البحوث فى 2011، الذى قام به عدد من الخبراء الدوليين فى مجلة «بحوث الموارد المائية» وهى أعظم مجلة فى العالم فى مجال الموارد المائية، وكشف عن الآثار السلبية على مصر والايجابية على إثيوبيا، الذى يحقق لإثيوبيا مايعادل 6 ملايين دولار كدخل سنوى وسيحقق للسودان 15 فى المائة زيادة فى إنتاج الكهرباء إضافة إلى توفر المياه بانتظام على الحدود الشرقية السودانية، وتقليل المواد الرسوبية، إلا أنه فى المقابل سيضر مصر بتقليل الحصة المائية 9 مليارات متر مكعب، ويقلل الكهرباء فى حدود من 20 إلى 30 بالمائة، وأكد البحث أنه لو كانت هناك تغيرات مناخية ستتضاعف هذه التأثيرات السلبية، فمن المعلوم ما سيحدث، ومن المؤكد أن اللجنة الثلاثية ستنتهى إلى هذه الخلاصة، والمشكلة أنها ستنتهى فى وقت مناسب، لكن لإثيوبيا، بعد الانتهاء من الأعمال كاملة والافتتاح، ونرجو عدم حدوث ذلك، وأناشد السيد رئيس الجمهورية أن يعطى اهتماما خاصا لهذا الملف لما له من آثار خطيرة جدا، خاصة أن السد سيفتتح فى يناير 2014 أى فى عهد ولاية الرئيس الحالى. ماذا عن تحلية مياه البحر.. وهل ممكن أن تمثل أحد الحلول للخروج من مأزق هذا العطش الوشيك؟ - تحلية مياه البحر أصبحت من الأمور التى يجب أن نسارع إليها، وهى من ضمن البدائل وموجودة ضمن استراتيجية المياه حتى 2050، وتحلية المياه إحدى الأولويات «نعم».. لكن للشرب وليس للزراعة، لأن التكلفة باهظة جدا. هل إسرائيل هى المحرك الرئيسى وراء هذا التلون أم أن هناك أطرافا أخرى؟ - ليست إسرائيل فقط، وليس من وقت قريب بل من عشرات السنين، ومما لا شك فيه أنها ستستمر نتيجة جهلنا.. هم أصبحوا يعرفون كيف «ينكدون» على الشعب المصرى، أكثر شىء ممكن يوجع مصر بعد الاعتداء على حدودها المياه لأنها الحياة.. «أى حد عاوز ينكد عليك» يجعل القضية سببا للتوتر المستمر، ومن صالح كل الدول الكبرى وكل من لديه صراع استراتيجى مع مصر أن يجعل هذا الموضوع ملتهبا بصفة مستمرة، والقضاء على مصر وإضعافها لن يكون إلا من خلال هذا الملف. هل بالفعل كانت هناك مقترحات من مسئولين مصريين سجلتها محاضر الاجتماعات الرسمية للجنة العليا للنيل بشأن توصيل مياه النيل ل«تل أبيب» فى عهد مبارك؟ - كان هناك بالفعل تصريحات عدة لمصريين للأسف كانوا مشاركين فى إدارة ملف النيل حول الأمر، وكان هناك تصريحات مناظرة لها من إثيوبيا، لكن الحقيقة أن الحكومة الإثيوبية أنكرت ذلك تماما عدة مرات عن طريق رئيس وزرائها السابق وسفيرها، لأن المياه لن تصل إلى تل أبيب من إثيوبيا إلا عن طريق مصر، والقيادة السياسية فى مصر كانت ضد هذا الأمر تماما، ولا يجرؤ مصرى على الإقبال على هذا الأمر لأنه لا توجد مياه كافية أصلا للشعب المصرى حتى يتم بيعها للخارج، وثانيا لن نساعد إسرائيل على النمو الاستراتيجى وبما يضر بمصالح مصر ومستقبلها. وماذا عن أطروحات تسعير وبيع المياه ؟ - فيما يخص تسعير المياه، فهو كان محل مناقشات للمسئولين بدول منابع النيل بعد التوقيع على اتفاقية «عنتيبى»، وطالبوا مصر بأنها يمكنها أن تأخذ جزءا من الحصص اللازمة لها مقابل عائد مادى تدفعه، وكانت هناك العديد من الدول الأجنبية لها الرؤية نفسها بأن حل أزمة حوض النيل بتسعير المياه واستخدامها فى أنهار مشتركة، إلا أن مصر حاربت كثيرا من أجل عدم إدراجها فى المؤتمرات الدولية والسياسية، إنما كانت فى الأجندة الخارجية لمعظم القوى الدولية الكبرى بقوة.