استطاع الرئيس السوداني عمر البشير طوال ثلاثة عقود إخماد أصوات المعارضة أو تشتيت رموزها، لكن "تجمع المهنيين السودانيين" تمكن من كسر الطوق ليقود احتجاجات ضد نظامه. في ظل تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية في البلاد، نظمت مجموعات صغيرة غالبيتها من الشباب تضم أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وغيرهم، أطلقوا على تحركهم "تجمع المهنيين السودانيين"، تظاهرات ضد نظام البشير بدأت في 19 ديسمبر الماضي. يساند التجمع قوى سياسية معارضة وقعت على الوثيقة وباتت جزءا من تجمع المهنيين وكان أبرزها : "قوى نداء السودان، قوى الاجماع الوطن، التجمع الاتحادي المعارض". ويحرص التجمع على الحفاظ على سرية نشاطه وتحركاته، وكذلك إخفاء معلومات منتسبيه خشية تعرضهم للاعتقال. في الداخل السوداني لم يتم الإعلان سوى عن الطبيب الشاب محمد ناجي الأصم كأحد الناطقين الرسميين باسم التجمع قبل اعتقاله من قبل السلطات، وكذلك عن الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى الأستاذ الجامعي في الخرطوم، بينما في الخارج يتحدث باسمه رسميا كل من الصحفي محمد الأسباط في فرنسا والدكتورة سارة عبد الجليل في بريطانيا. وفي السطور التالية تستعرض ال"الصباح" أبرز المعلومات عن "تجمع المهنيين" في السودان، وذلك منذ نشأتهم حتي الأن.. يلتف السودانيون حول تجمع سوداني سري أطلق على نفسه "تجمع المهنيين السودانيين" الذي تأسس عام 2013 بعد الاحتجاجات التي عمت البلاد في سبتمبر من ذلك العام، إلا أن الإعلان الرسمي عنه كان في أغسطس 2018 في ظل تعتيم على أعضائه وهيئاته لأسباب أمنية. كما أن للتجمع أهدافاً واضحة. وليس للتجمع هيكل تنظيمي مثل الأحزاب، إذ يستلهم قوته من "العمل الجماعي"، وفقا للمتحدث باسمه، كما لا توجد إحصاءات مسجلة بعدد المنضوين في صفوفه. ونظرا لحظر القانون تشكيل نقابات مهنية مستقلة وإنما نقابات تضم جميع العاملين بالمؤسسات دون فصل، وكانت تلك البداية التي شجعت المهنيين في كافة أنحاء العاصمة على تشكيل تجمعات مشابهة. وفي عام 2016، قررت ثمانية من التجمعات المهنية المنفصلة ضمنها البيطريون والإعلاميون والصيادلة والمعلمون والمحامون، تأسيس "تجمع المهنيين السودانيين"، ذلك كان مخالفا للقانون ولا تعترف الحكومة به لكنه يتماشى مع الدستور في مادته ال40، حسب قول عدد من سياسي السودان. وتضمنوا بالمادة 40 من الدستور، والتي تنص على أنه "يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حماية لمصالحه". وفي 25 ديسمبر، كانت الدعوة الأولى من تجمع المهنيين لتظاهرة نحو القصر الجمهوري "لتسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تطالب بتنحّي الرئيس فورا عن السلطة استجابة لرغبة الشعب السوداني وحقنا للدماء." ما هي أهداف هذا التجمع؟ - تكوين تجمع يحظى بالثقة لقيادة المعارضة عوضا عن الأحزاب التقليدية. - إيجاد بديل للنقابات الرسمية التي يسيطر عليها النظام. - إيجاد أداة لتنفيذ العصيان المدني والإضراب كوسيلة سلمية للتغيير السياسي. يتكون تجمع المهنيين من 8 تنظيمات أبرزها: - تحالف المحامين الديمقراطيين - شبكة الصحفيين السودانيين - لجنة الأطباء المركزية - لجنة المعلمين السودانيين ما هي مطالب التجمع الأساسية: - التنحي الفوري للبشير دون شروط - تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية لأربع سنوات. - وقف الانتهاكات وإلغاء القوانين المقيدة للحريات. - وتم الاتفاق عليها وصدرت كوثيقة موقعة في مستهل عام 2019 في الخرطوم. ويشهد السودان إحدى أكبر موجات الاحتجاجات في تاريخه الحديث وسط ضعف الأحزاب والتحالفات المعارضة. وتهز احتجاجات دامية أنحاء البلاد أعقبت قرار الحكومة رفع سعر الخبز ثلاثة أضعاف، وأدى تفريقها إلى 30 قتيلا بحسب آخر حصيلة رسمية، في حين تحدثت منظمات غير حكومية عن 50 قتيلا. ورغم وجود نحو 100 حزب سياسي في السودان بين معارض وموال للحكومة، لم يكن أي منها المحرك الرئيسي للشارع. وقال المتحدث باسم تجمع المهنيين محمد يوسف المصطفى لوكالة الصحافة الفرنسية إن "المشهد السوداني كان يفتقد سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا إلى قائد".