فور إعلان «بوتفليقة» عدم ترشحه للرئاسة وتأجيل الانتخابات، عادت تحركات حركة الإخوان المسلمون فى الجزائر لتلقى بظلالها مرة أخرى، فى محاولة للالتفاف على الإرادة الشعبية هناك، رغم ترحيب المجتمع الدولى بتلك القرارات، ومن ضمنها فرنسا التى أعربت على لسان وزير خارجيتها جان ايف لوداريان وكذلك رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، عن أملها فى عودة الاستقرار إلى الجزائر عبر فترة انتقالية تضمن تشكيل حكومة جديدة وصياغة دستور جديد يطرح للاستفتاء الشعبى. نوايا الإخوان فى الاستيلاء على الحكم فى الجزائر قبل العهد الخامس للرئيس الجزائرى بوتفليقة، تعود بشكل واضح إلى تلك التصريحات التى أطلقها عبدالرزاق مقرى، رئيس حركة مجتمع السلم «حمس»، امتداد جماعة الإخوان بالجزائر، فى ديسمبر الماضى، والتى أعلن فيها عن رغبته فى الترشح للرئاسة فى 2019، خلال ندوة عقدتها حمس، فى ذلك الوقت، وجاء فيها إنه إذا فاز «مقرى» برئاسة الجزائر، فسيكون قادرًا على استيعاب الجزائريين وإخراج البلاد من الأزمة. ظلت تلك الأحلام تراود الجماعة حتى اشتعلت التظاهرات الرافضة لترشح بوتفليقة لفترة ولاية خامسة، واستطاع الإخوان الانتشار وسط الجموع، حتى ظهر بوتفليقة واقفًا ضد ما يحاك وأعلنها صريحة بعدم وجود نية لديه للترشح مرة أخرى، فأغلق الكثير من أبواب الفتنة هناك، وهو ما أثار استياء أعضاء الجماعة، وعلى رأسهم عبدالرزاق مقرى، فأصدرت الحركة بيانًا عبر قنواتها الإعلامية، رفضت فيه الإجراءات التى أعلن عنها الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة، واعتبرتها إفراغًا لمبادرة الجماعة الإخوانية للخروج بالبلاد من الأزمة السياسية كما وصفوا، تلك المبادرة التى أطلقتها حركة حمس قبل أشهر واقترحوا فيها تأجيل الانتخابات والقيام بإصلاحات سياسية وقانونية ترسى ضمانات انتخابات حرة وديمقراطية. وأكد البيان أن المكتب التنفيذى للحركة يعتبر أن الإجراءات التى أعلنها رئيس الجمهورية لا ترقى إلى طموحات الشعب الجزائرى الذى خرج بالملايين فى مختلف الولايات يطالب بتغيير فعلى، واعتبروا أن الإجراءات هى التفاف على إرادة الجزائريين ويقصد بها تفويت الفرصة التاريخية للانتقال بالجزائر نحو تجسيد الإرادة الشعبية والتخلص نهائيًا من النظرة الأحادية الفوقية. ومن جانبه، قال أحمد قايد صالح رئيس هيئة أركان الجيش الجزائرى، الأربعاء الماضى، إن الجيش «فخور» بعلاقته القوية مع الشعب الجزائرى، كما أنه يعتبر أن أمن الشعب «أولوية»، وأكد أن مهمة الجيش الأساسية هى الحفاظ على الأمن والاستقرار ووحدة الشعب. بينما أكد أحد أعضاء المعارضة الجزائرية والملتحمين بالحراك الشعبى الجزائرى، أنهم فطنوا للعبة التى يحاول الإخوان نصب شباكها على الشعب، ولن يسمحوا بها، خاصة أن الجزائر عانت أكثر من أى دولة أخرى من ويلات الجماعات التى تتخذ اسم الاسلام فقط ستار لنيتها للوصول إلى السلطة والنفوذ، وحتى إذا عاد الإخوان أدراجهم وأخلفوا وعودهم التى قطعوها بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية، فإن المعارضة تقف بالمرصاد ولن تسمح بالعودة إلى المربع صفر.