رغم أن هناك أكثر من 3000 مواطن لبناني قام بتسجيل عقد زواجة في المحاكم اللبنانية، كعقد زواج "مدني"، إلا أن هناك جدلا كبيرا حول هذه القضية، تحديدا بعد تصريحات وزيرة الداخلية اللبنانية ريّا الحسن، التي أعلنت صراحة أنها تؤيد الزواج المدني، وكان لدار الإفتاء اللبنانية اعتراض ورفض على هذا التصريح. تعريف الزواج المدني هوعقد ثنائي بين رجل وإمرأة، بالغين، يتمّ بالرضاء والقبول، كسائر العقود المدنية، موضوعه الاتفاق على إقامة حياة زوجية مشتركة دائمة بين الزوجين. وقد أقرّت معظم الدول الأجنبية وبعض الدول الاسلامية الزواج المدني، إما بشكل إلزامي وإما بشكل اختياري. وهو يعتبر إلزامياً في كل من فرنسا والمانيا وسويسرا وبلجيكا والسويد وإيطاليا ورومانيا والنروج وموناكو واللوكسمبورغ والبرازيل وأميركا اللاتينية وروسيا. لكنه يعتبر اختيارياً في انكلترا والولايات المتحدة الاميركية واليونان وإسبانيا. أما القانون اللبناني، فلا يجيز عقد زواج مدني في لبنان، إلا أنه يعترف بالزواج المدني المعقود خارج الأراضي اللبنانية سنداً للمادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر. وعليه، فإن الزواج المدني لا يعتبر مخالفاً للنظام العام.
بداية ظهور فكرة الزواج المدني: يعود الزواج المدني إلى العام 1951 حين نوقش في البرلمان ثم رُفض، ثم طرح إميل إده رئيس الجمهورية اللبنانية السابق، الفكرة عام 1956، ولكنه لاقى اعتراض كبير بسبب المرجعيات الدينية، وعام 1960 بدأت جمعيات علمانية تطالب به من جديد عبر التظاهر، وعاد ليطرح في البرلمان من جديد العام ،1975، وهو أثار جدلاً كبيراَ عندما طرحه رئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي عام 1998 بحضور رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وبأغلبية ثلثي أعضاء الحكومة، لكن حالة الاعتراض الدينية التي واجهته يومذاك، دفعت الحريري إلى تجميد القانون في أدراج الأمانة العامة لمجلس
عام 1999 نوقش مشروع قانون الزواج المدني في مجلس الوزراء، حيث تمت الموافقة عليه بالأغلبية (21 صوتاً)، إلا أن رئيس الوزراء رفيق الحريري لم يوقّع على المشروع ولم يقدمه للبرلمان للتصديق عليه، واعتذر قائلاً: «إن ظروف لبنان لا تسمح الآن بذلك».
رأي الحكومة اللبنانية: أيد وزير الداخلية الأسبق مروان شربل، رأي وزيرة الداخلية "ريا" مؤكدا أن موقفها يدل على "خطوة شجاعة يجب ملاقاتها ودعمها"، مشيرا إلى أنه لماذا نعترض على إقرار قانون يسمح بزواج مدني اختياري في لبنان، بدل أن يتكبّد الناس مشقة السفر وتكاليف هذا الزواج في الخارج، طالما أن الدولة تعود وتعترف به؟. وكشف مروان، أن هناك ما يشبه حالة التمرّد من أكثر من نصف الشعب اللبناني على طوائفهم نتيجة تحكم رجال الدين بأحوالهم الشخصية»، مذكراً بأن «السجال حول الزواج المدني قائم منذ أن طرحه الرئيس إميل إده في عام 1956، ولاقى اعتراض المرجعيات الدينية».
رأي الدين: أعلنت دار الإفتاء في الجمهورية اللبنانية، أمس، أن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ودار الفتوى والمجلس الشرعي ومجلس المفتين ، معروف منذ سنوات في الرفض المطلق لمشروع الزواج المدني في لبنان، نظرا إلى أن هذا الزواج يخالف أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء جملةً وتفصيلاً، ويخالف أيضاً أحكام الدستور اللبناني فيما يتعلق بوجوب احترام الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الدينية العائدة للبنانيين في المادة التاسعة. وأضاف بيان دار الفتوى: «لا يمكن إقرار هذا القانون في المجلس النيابي من دون أخذ رأي وموقف دار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية في لبنان»، داعياً إلى "عدم الخوض في موضوع الزواج المدني الذي هو من اختصاص دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية المؤتمنة على دين الإسلام ومصلحة المسلمين".
رأي القانون المصري: قال محمد الناجي، المحامي بالنقض، أن الزواج المدني مخالف لقواعد الشريعة الإسلامية والمسيحية ايضا، فضلا عن انه ويفتح الأبواب للزواج الغير شرعي، ويتيح الفرصة لزواج الشذوذ. وأضاف الناجي، أن الأديان تضع الزواج في المقام الأول، من حيث مراعة الحقوق الأسرية ، لافتا إلى أن الشريعة الأسلامية هي أكبر راعي لحقوق الزوجين، بينما الزواج المدني لا يضمن أية حقوق للمتزوجين.