فى حرارة الشمس الحارقة صيفًا، وبرودة الطقس القاسية شتاءً، يخرج بنات وأولاد فى عمر الزهور للعمل بالمزارع، نظير 50 جنيهًا، ليضمنوا لأسرهم لقمة العيش الحلال، ليقضوا طفولتهم يحلمون بالمساواة بمن فى مثل أعمارهم، الذين يستقبلون كل صباح مستقبل مشرق فى التعليم. يعملون فى المزارع لمساعدة أسرهم بسبب غلاء المعيشة غلاء المعيشة جعل الأهل لا يستطيعون تقديم الرعاية الكاملة لأبنائهم، فيضطروا لإخراجهم من التعليم، ويدخلون سوق العمل فى سن العشر سنوات بالمزارع والحقول مقابل يومية تسمح لأسرهم بالبقاء على قيد الحياة، فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. تعايشت محررة «الصباح» يومًا كاملًا مع هؤلاء الأطفال، منذ خروجهم من البيت وركوبهم سيارة نصف نقل، تنقلهم إلى المزارع التى تبعد أكثر من 80 كيلو، ليعملوا وسط الجبال، حيث تروى وفاء سعيد محمد، صاحبة ال 15 عامًا، من قرية رملة الأنجب التابعة لمركز أشمون بالمنوفية، تفاصيل يومها، مؤكدة أنها تخرج من البيت بعد صلاة الفجر لتعمل فى إحدى المزارع 8 ساعات يوميًا، مضيفة: «حياتى كلها شقاء وبؤس، حيث استلمت من بعد أخواتى ال 4 الشغل فى المزرعة، حتى أكمل المسيرة وأساعد والدى وسوف أعمل حتى عمر الزواج». أما سلوى محمد، 14عامًا، من عزبة كرم بقرية طهواى بمركز أشمون، فقد ظهر على وجهها علامات الإرهاق، والتعرض الشديد لأشعة الشمس فى الحقل، وبدت ذابلة فى عمر الزهور، حيث أكدت أن غلاء الأسعار والفقر دفعها إلى ترك التعليم والبحث عن لقمة العيش، متابعة: «أعتمد على نفسى فى جهازك لكى أتزوج، وأشارك والدى فى مصاريف البيت، وأتمنى بعمل قانون يسمح لنا بأخذ حقوقنا كاملة». ولم يختلف حال وليد حسن صاحب 17 عامًا، الذى ترك التعليم بعد الصف السادس الابتدائى، بعدما زاد العبء على والده، فلديه 3 شقيقات متزوجين وشقيقتين أصغر منه، حيث قال: «أكافح مع والدى لتربية أخواتى الصغار الذين لم يتمكنوا من التعليم بسبب ظروفنا المعيشية القاسية، وأتمنى أن يكون مستقبل أخواتى أفضل منى». فيما أكد فتحى سعيد صاحب ال 18 عامًا، والحاصل على ثانوى زراعى من قرية كفر الطراينة، أنه يتحمل مشقة السفر بشكل يومى لعدم وجود وظيفة له فى أى مكان آخر، فاعتمد على نفسه لأن والده فلاح ولا يستطيع الإنفاق عليه. وقال حمادة محمد صاحب، 20 عامًا: «أنا أكبر أخواتى وأعمل فى حصاد المحاصيل ومكافحة الحشرات فى المزارع، وأتحمل كل شىء لعدم وجود وظيفة لى، فأنا غير متعلم وفرصتى فى التوظيف ضعيفة، لذلك لا أحلم بأى شىء فى الحياة سوى توفير مرتب بشكل شهرى لأساعد والدى به على المعيشة الصعبة». أما كريم محمد، الذى يقوم بتوظيف هؤلاء الأطفال، فقال: «أحاول بقدر المستطاع توفير راتب شهرى لهؤلاء البنات والأولاد، فهم أمانة فى رقبتى أخذها كل يوم من أسرهم فى سيارتى النصف نقل، وأعود بهم آخر النهار بعد يوم عمل شاق، وأتمنى أن تقوم الحكومة بتأمين مستقبل هؤلاء الأطفال وعمل قانون يضمن حقهم، بدلًا من أن ينتزعوا من أحضان أمهاتهم فى سن مبكرة، ويلقى بهم فى عالم البالغين دون رعاية أو قانون يضمن حقهم».