مصدر أميركي: انفجار رفح نجم عن خطأ "إسرائيلي".. ترامب يتدخل: المعبر يُفتح رغم التصعيد    بعد فشل الاحتلال فى معركة طوفان الأقصى…هل يسعى ناصر القدوة للقضاء على حماس بسلاح الدبلوماسية؟    بالتزامن مع رفع "المنقلب " الوقود على المصريين .. لماذا استجاب ملك المغرب لجيل "زد " واحتفى بمطالبهم ؟    كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب    فيضانات مدمّرة تجتاح ألاسكا وحاكمها يطالب ترامب بإعلان حالة كوارث كبرى (صور)    انتخابات الأهلي - ياسين منصور يكشف حقيقة استقالته من شركة الكرة.. ولقاءه مع توروب    تامر مصطفى ل في الجول: مباراة الأهلي صعبة ولكن    آلام الضهر تؤجل عودة عبد الله السعيد للزمالك    كرة سلة – جراحة ناجحة ل تمارا نادر السيد.. وتغيب عن الأهلي عدة شهور    حاصل على لقب "أستاذ كبير"، وفاة لاعب الشطرنج دانييل ناروديتسكي بعمر 29 عاما    القبض على زوج ألقى بزوجته من شرفة المنزل في بورسعيد    السيطرة على حريق داخل مستشفى خاصة بالمنيا دون خسائر بشرية    أول تحرك من أوقاف الإسكندرية في محاولة سرقة مكتب بريد عبر حفر نفق من داخل مسجد    هل تفكر هنا الزاهد في تكرار تجربة الزواج مرة أخرى؟ الفنانة ترد    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. حماس: ملتزمون بوقف إطلاق النار والاحتلال لديه ثوابت لاختراق الاتفاق.. ترامب يهدد بفرض رسوم على الصين تصل ل175%.. جهود لإنقاذ ناقلة نفط تشتعل بها النيران في خليج عدن    أخبار 24 ساعة.. صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة    متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر    إرسال عينات الدم المعثور عليها فى مسرح جريمة تلميذ الإسماعيلية للطب الشرعى    على طريقة فيلم لصوص لكن ظرفاء.. حفروا نفقا داخل مسجد لسرقة مكتب بريد "فيديو"    النواب البحريني: نتطلع لتهيئة مسار سلام يعيد الحقوق المشروعة لشعب فلسطين    بسمة داوود تكشف لتليفزيون اليوم السابع سبب توترها على الريدكاربت بالجونة    الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل    بالصور.. وزير الثقافة يقدم واجب العزاء في والدة أمير عيد    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    توم براك يحذر لبنان من احتمال مهاجمة إسرائيل إذا لم ينزع سلاح حزب الله    تحالف مصرفي يمنح تمويل إسلامي بقيمة 5.2 مليار جنيه لشركة إنرشيا    الخطيب يهنئ «رجال يد الأهلي» ببطولة إفريقيا    فى عيدها ال 58.. اللواء بحرى أ.ح. محمود عادل فوزى قائد القوات البحرية :العقيدة القتالية المصرية.. سر تفوق مقاتلينا    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة    أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    متحدث الحكومة: سنبحث تعميم الإجازة يوم افتتاح المتحف الكبير    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    على الطريقة الأجنبية.. جددي من طريقة عمل شوربة العدس (مكون إضافي سيغير الطعم)    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    ضربه من الخلف وقطّعه 7 ساعات.. اعترافات المتهم بقتل زميله وتقطيعه بمنشار في الإسماعيلية    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" البودرايت".. تحقيق استقصائي يوثق رحلة فضلات البشر التي تقتلهم
نشر في الصباح يوم 29 - 04 - 2018

- "البركة والعقد 16 وحلون" يتصدرون محطات الصرف المتعاقدة مع التجار والسماسرة

- مزارعون في عدة محافظات يستخدمون فضلات بشرية محظورة في تسميد الخضر والفاكهة

- تتبع رحلة السماد القاتل من محطات الصرف الصحي إلى بطون المصريين

- تزور 3 محطات صرف صحي وتتفق على شراء "نقلة" لزراعة خضار وفاكهة وترافق رحلة السيارة: المتر ب 150 جنيه

- المقاولون: لا يوجد تحليل قبل الشراء.. "وبتحقق انتاج كبير"

- سعر النقلة تتراوح من 3700 إلى 4 آلاف جنيها.. وكل محطة لها سعرها الخاص

- قوانين البيئة والإسكان يمنعون استخدامه لوجود عناصر ثقيلة.. واستبيان ل على 30 مزارع يكشف: نزرع به لزيادة الإنتاج.. ولا نأكل من ثماره

- تحليل عينة من الفراولة والنتائج: السرطان والنزلات المعوية والالتهابات الجلدية أهم المخاطر.. وميكروبات وفطريات وزيادة نسبة النترات في نتائج تحليل عينة الفراولة

- تحليل عينة من "الكمبوست" يكشف زيادة نسبة النيكل والرصاص عن الحدود المسموح بها .. و500 محضر لمزارعين بالإسماعيلية يستخدمونه لتسميد زراعاتهم

- الجمعيات الزراعية: ممنوع الاستخدام.. والجهات المسئولة ترد: حملات في الأسواق لتحليل عينات من الخضار والفاكهة المعروضة

- محاضر رسمية: يسبب الفشل الكلوي والسرطان ويجب منع بيعه للمزارعين




مفاوضات قاسية خاضتها مصر على مدار العام المنصرم 2017، مع دول ع عربية وأجنبية؛ حظرت منتجاتها الزراعية من دخول أراضيها؛ مبررة ذلك لعدم مطابقتها للمواصفات العالمية، واحتوائها على متبقيات مبيدات، وفيروسات مرضية خطيرة.

كانت تلك المفاوضات الطريق إلى البحث في حقيقة تلك الاتهامات التي ألقت بها عدة دول، منها الولايات المتحدة الأمريكية في أزمة تسبب الفراولة المصرية في إصابة مواطنيها بفيروس الكبد الوبائي "A"، ثم السعودية والكويت وعمان والعراق والبحرين وغيرهم من الدول العربية التي حظرت منتجات زراعية منها الفلفل والخيار وبعض الموالح المصرية، لم تكن هذه صعوبة المفاوضات الدافع الوحيد للبحث، بل أيضا ارتفاع نسبة المصابين بالأمراض الوبائية المستعصية داخل مصر في ازدياد رغم حملات المكافحة التي تشنها الدولة.

توثق في هذا التحقيق، الذى استغرق اعداده نحو عاماً كاملاً، وجود محطات صرف صحي تتخلص من مخلفات الصرف الصلبة - فضلات بشرية ثقيلة -، المعروفة ب"الحمأة أو البودرايت بين المزارعين"، عبر أفراد وشركات غير مستوفين لشروط الترخيص وينقلونها بطريقة مخالفة، ويوزعوها على مزارعين بمحافظات القليوبية والاسماعيلية والجيزة؛ لاستخدامها في تسميد محاصيلهم من الخضر والفاكهة، بغرض زيادة حجم الانتاج والربح بشكل غير طبيعي، ما يتسبب في إلحاق أضرار صحية للمواطنين، والتربة الزراعية، والصادرات المصرية، وسط ضعف رقابة وزارات الصحة والزراعة والبيئة والإسكان.
رحلة الموت
عندما تصل عقارب الساعة إلى الثانية بعد منتصف الليل من كل أربعاء، تصطف عشرات سيارات النقل في طابور طويل، يمتد مئات الأمتار، ينتظرون دورهم في تحميل صناديق سياراتهم ب "البودرايت" لنقلها إلى المزارعين في مختلف المحافظات، بعد الاتفاق مع مقاول متعاقد مع هيئة الصرف الصحي لأخذ حق بيع البودرايت بطريقته الخاصة، وذلك في طريق محطة العقد 16 بمحافظة القليوبية، التي تبعد دقائق عن منطقة الجبل.

إبراهيم ،أحد موظفي الأمن بالمحطة، والذي التقاه "معد التحقيق" باعتباره مزارع جاء من الإسماعيلية يبحث عن شراء كميات من البودرايت لتسميد مساحة من الأرض ينوي زراعتها بالخضر.

"أي حد بيشتري، بينسق مع الحاج سيد العجل"، أضاف إبراهيم، مؤكدا أن المقاول يوفر الكمية التي تحتاجها ووسيلة التحميل والنقل إلى مكان الزراعة، وأن معظم الأراضي المحيطة بالمحطة تستخدم هذا السباخ "الحمأة" في الزراعة، مشيرا بيده إلى زراعات البرسيم والأشجار المحيطة بالمحطة، مضيفا "خدها وأنت مطمن كله بيزرع بيها ومفيهاش ضرر".

وأوضح حارس الأمن، أن سيارات النقل التابعة للمقاول سيد العجل، موزعة على مناطق معينة بالمحافظات، وأن كل سائق له منطقة معينة يوزع عليها، في الإسماعيلية والشرقية وكفر الشيخ والبحيرة".

"سيد. ش" موظف أمن آخر بالمحطة، أكد أن العمل بالمحطة توقف مؤقتا لحين جفاف البوداريت في أحواض الترسيب، وانتقل إلى محطة حلوان للصرف الصحي، في كفر مساعد بالجيزة، وأن المقاول سيد العجل هو مقاول المحطات حاليا ومتعاقد مع مسئولي الصرف الصحي.

تفاصيل أخرى كشف عنها حارس الأمن، حول أن المتر ب 150 جنيها، إضافة إلى مصروفات التحميل والنقل، لكن إذا أحضر "الزبون" سيارة النقل، يتم تكعيبها لمعرفة الكمية التي تحملها، موضحا أن هذا السماد ممنوع استخدامه عدا الأشجار لكنه أكد أيضا أن كل الناس تشتريه وتستخدمه في تسميد الخضر والفاكهة، على الرغم من الضرر الناتج عنه، وأن المقاول أيضا يبيع لأي شخص دون الاكتراث لما يحدث.

التقط زميلهم الثالث في العمل أطراف الحديث، بتأكيده على وجود دودة تتحلل مع الخضار والمزرعات التي تؤكل نيئه تضر بالمستهلك، وأن هذا معروف بين مهندسي المحطة، مضيفا أنه مهما عولجت سيكون لها أثر على النباتات الملاصقة للأرض، ليرد حارس الامن "سيد" "توكل على الله، الخضار بيطلع كويس، في مزرعة الجبل الأصفر نروي بسباخ المحطة، وكله بياكل"، مضيفا أن مزرعة الجبل الأصفر التي تقع على آلاف الأفدنة تُزرع بكافة المحاصيل فراولة وثوم وبصل وخيار وخص وجرجير وكرنب وغيرها من المحاصيل باستخدام هذا السماد".

وأشار موظف الأمن سيد، إلى أن محطة البركة التي تبعد ما يقرب من 3 كيلو متر من محطة العقد 16، تعتمد فقط على المعالجة الابتدائية، حيث تُضخ مياه الصرف الصحي في أحواض ترسيب، وتُصفى من المياه، وتُجفف وتُباع للمزارعين بالطن.

انتقل معد التحقيق إلى محطة البركة التي تحتوي أيضا مصنع "كمبوست"، ليؤكد أحد العاملين في المحطة، إن شراء البودرايت يكون عبر مقاول يملك حق البيع وهو فتحي ألمنيوم، إضافة إلى وجود مصنع يتبع هيئة الصرف الصحي وهو مصنع كمبوست، وأنه على الرغم من أن الجمعيات الزراعية هناك أكدت أن هذه النتجات مضرة ومنعت استخدامه إلا أنه يباع وبسهولة.

استمر عامل محطة البركة في الحديث، مؤكدا أن البودرايت يبيعه المقاول بعد التجفيف دون أي معالجة، وبه بكتيريا ومواد ضارة عديدة، لكن مصنع سماد الكمبوست، يعتمد على الحمأة المخلوطة ببقايا قش الأرز وورق الأشجار ومهروسة ومعبئة في جوالات.

الخلطة المُحرمة

آلاف الأفدنة مغطاه بالمئات من أحواض الترسيب في محطة البركة التي تقع في مدينة السلام، وفي منتصفها يقع مصنع الكمبوست، العشرات من المعدات وسيارات النقل ومعدات التحميل منتشرة في أركانها، أحد مهندسي المصنع – تحفظ على ذكر اسمه خوفاً من مطاردته فى العمل-، أكد أن المقاول الذي يبيع البودرايت وهو فتحي ألمونيوم يبيعه دون معالجة، فقط يتم تفريغ مياه الصرف الصحي، ثم تُجفف وتعرض للشمس لعدة أشهر، ثم يُحمل ويُباع للمزراعين، وهو ما يمثل خطرا كبيرا على الخضر والفاكهة، لأنه مخصص فقط للأشجار.

بينما أكد أن سماد "الكمبوست" آمن ويُحلل قبل البيع، موضحا أنه هو مسئول رئيسي عن عمليات تحليله قبل البيع، وأن هذا السماد يعبأ في أجولة وعليه لوجو الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي شركة الصرف الصحي بالقاهرة الكبري، واسم "سماد كمبوست القاهرة".

وحسب كتيب إرشادي للاستخدام صادر عن شركة الصرف الصحي، حصل "معد التحقيق" على نسخة منه، فسماد الكمبوست هو عبارة عن كمر خليط من الحمأة الناتجة من محطات معالجة مياه الصرف الصحي مع قش الأرز ثم فرمه وتعبئته في أجولة، موضحا ضرورة مراعاة استخدام كمبوست القاهرة لتسميد محاصيل الخضر الورقية عدا التي تستهلك مباشرة في السلطة ومحاصيل الفاكهة ذات التلامس المباشر للتربة والمحاصيل الدرنية والجذرية، ومراعاة الرعي في المناطق المرشوشة به بعد مرور شهرين من استخدامه، وأن تكون الحقول جافة، وارتداء الملابس الواقية".

تحصل "معد التحقيق" على رقم أحد العاملين مع المقاول سيد العجل، يدعى "حماده. ع"، حيث أكد أن سعر المتر يصل إلى 90 جنيها، بخلاف التحميل والنقل، وأن العمل جاري حاليا في محطة حلوان بعرب مساعد بالجيزة، وأوصله بمساعد آخر لسيد العجل وهو "أحمد. س"، ليؤكد الأخير أن العمل حاليا في محطة حلوان بعرب مساعد، بعد انتهاء العمل في محطة العقد 16 مؤقتا، حتى تجف وتجهز أحواض البودرايت بها، وأن سعر المتر 90 جنيه، إضافة إلى تكلفة التحميل.

معاون مقاول البوداريت قال إنهم ينبهون على من يشتري البودرايت بعدم استخدامه في تسميد المزروعات الملاصقة للأرض، وتلك التي تؤكل نيئة، وبسؤاله حول قيامهم بأخذ إقرار على المشتري بعدم استخدامه في تلك الزراعات قال إنه يتم أخذ إقرار فى المعتاد، لكن المشكلة في الرقابة على المزارعين.

وأضاف أن استخدام البودرايت في تلك المزروعات شيء يعود للمزارع ليس له علاقة به، لكن أكد أنه ينصح المزارعين بعدم استخدامه في الزراعات الملاصقة للتربة والنيئة، مؤكدا عدم وجود تحليل للبوداريت قبل البيع، لكنه أشار إلى أن كل عميل أو مشتري يأتي بسيارة نقل ويحمل الكميات التي يريدها، لكن هناك سائقين نقل يمتهنون تلك الحرفة.

في رحلة لنقل السماد الممنوع

عم عبدو، سائق نقل ويعمل في بيع البوداريت ونقلها للمزارعين، قال بعد طلب حمولة وإحضارها إلى قرية "أم عزام" بالإسماعيلية، لزراعة فراولة وخيار عليها بعدما اتفق معد التحقيق مع أحد المزارعين بالإسماعيلية ممن يستخدمون البودرايت: "عنيا، كل ما تريد جاهز"، مؤكدا أن هناك عدة أنواع من البودرايت، وأول نوع هو بودرايت السلام، من محطة العقد 16، مشيرا إلى أن هذا البوداريت ناعم وجيد ومشون لديه لانتهاء العمل في هذه المحطة لفترة، موضحا أنه بعد انتهاء العمل في المحطة يأخد 50 حمولة وربما أكثر ويخزنها لبيعها بعد ذلك عند الطلب، وأن سعر حمولة "عربية النقل" منه 4 آلاف جنيها، تصل حتى أرض المزارع".

وأضاف عم عبدو، أن النوع الثاني من محطة حلوان الجاري العمل بها الآن، وأن سعر "النقلة" منها يبلغ 3700 جنيها، تشمل كل تكاليف النقل والتحميل، وتصل إلى مكان الزراعة أيضا، مؤكدا ضرورة التأكيد عليه للبدء في إجراءات النقل، اتصل به محرر في اليوم التالي واتفق معه لشراء حمولة لأحد المزارعين في منطقة البحوث في مدينة القصاصين بالإسماعيلية، وبالفعل أحضر النقلة حتى أرض المزارع.

الحاج غريب، أحد سائقي النقل المتعاملين مع مزارعي محافظة الإسماعيلية، أكد أنه يعمل في هذه المهنة منذ سنوات، وأن هناك انتشار لتلك المحطات في دار السلام والجبل الأصفر والشرقية والمنصورة والزقازيق، لكن محطة الجبل الأصفر أو البركة والعقد 16، هما الأساس وأكبر سوق للبودرت، بينما يطلق العاملون في هذا المجال على باقي المناطق اسم "الفرعيات" وسباخ المنصورة، وسعره اقل من محطتي الجبل الأصفر "البركة والعقد 16.

واتفق سائق سيارة النقل الذي يقطن منطقة المحسمة بمحافظة الإسماعيلية، مع عم عبدو حول سيطرة المقاول سيد العجل في محطات العقد 16 وحلوان ومحطات أخرى، فهو حسب الحاج غريب متعاقد مع الصرف الصحي، ومعه معداته من "لوادر وجرارات ومقاطير وغيرها" لتحميل سباخ "البودرايت" لسائقي النقل".

ويكشف سواق النقل عن أن الحصول على الحماة ونقلها وتوزيعها سهل وبدون شروط.

وذلك على الرغم من أن البند الثاني من قرار وزير الإسكان رقم 44 لسنة 2000، يحدد بعض المتطلبات العامة (التراخيص) لإنتاج واستخدام الحمأة، وينص على أن كل منتج أو موزع الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بوزارة الإسكان، وموافقة من وزارة الصحة بالنسبة لأماكن معالجة الحمأة التي لا تقع داخل حدود محطات معالجة الصرف الصحي، والحصول على الترخيص يتطلب خطة إدارة الحمأة على مستوى المنشأة عند التقدم للحصول على الترخيص تشمل 16 مطلبا.

الحاج غريب استكمل حديثه، موضحا أن المقاول "سيد العجل"، يأخذ المحطة من الصرف الصحي بسعر 80 جنيها للمتر و 170 جنيها للطن، ويضع تسعيره خاصة به، حيث أنه يبيع المتر ب 100 جنيها، والطن ب 200 جنيها، والحمولة كاملة تصل إلى 4000 جنيها للعربية النصر ذات الصندوق الكبير والتي تحمل سباخ البركة والعقد 16، و3700 جنيها للعربية النقل "المرسيدس" والتي تحمل سباخ المنصورة.

السائق "غريب"، أوضح أن سيارات النقل تذهب إلى المحطات وتحمل "السماد" بالحجز قبلها بأيام، مشيرا إلى أن بعض المزارعين وسائقي النقل يتعاقدون مع السمسار الذي أخذ حق بيع "البودرايت" على تحميل كمية تتراوح من 20 إلى 50 ألف طن، وأن مسئولي محطات الصرف الصحي والسماسرة يعلمون جيدا أن تلك الحمولات للزراعة، وليس لأى شيء آخر سوى ذلك.

اعترافات فلاحين

يمسك سيد عطية، 40 عاماً، بفأسه العتيقة التي صاحبته في كفاحه بعمله الزراعي منذ 30 عاما عندما كان طفلا، في أحد الحقول المنزرعة بثمار الفراولة بقرية السويدات بالإسماعيلية، مرددا عبارات الأسف والحزن على غياب ضمير بعض المزارعين بقريته والقرى المجاورة باستخدام سماد "البودرايت" الذى وصفه بالخطير والحرام في تسميد محاصيلهم الزراعية.

"معد التحقيق"، زار عدة مناطق زراعية في محافظتي الإسماعيلية والقليوبية، منها السويدات وأم عزام وعرب أبو قاسم وأبو محارب والمحسمة وأبو السيد وغيرها من القرى
في الإسماعيلية، ومنطقتي الجبل والخانكة بالقليوبية وأيضا بعض قرى الجيزة، حيث اعترف مزارعو تلك المناطق باستخدامهم "البودرايت" لأنه يحقق إنتاج عالي مقارنة بغيره من أنواع السماد الأخرى، ما ينتج عنه تحقيق ربح عالي – حسبما قالوا في لقاءات مسجلة لمعد التحقيق.

"عطية" يقول إن سيارات نقل كبيرة تلقي بحمولاتها من ذلك السماد يوميا بداية كل موسم خاصة الشتوي، موضحا أن العديد من المزارعين يرفضون استخدام ذلك السماد خوفا من الله، لأنه يسبب العديد من الأمراض لمن يأكل الثمار المسمدة به، والتسبب في تدمير التربة الزراعية، وعدم جودتها للزراعة، خاصة محاصيل الخضر.

"البودرايت دا خطير جدا ويسبب العديد من الأمراض" أضاف عطية، مؤكدا أن المزارعين المستخدمين لهذا السماد لا يأكلون منه، وأن ثمار الأراضي التي تم تسميدها بهذا السماد تذهب إلى مصانع بالعاشر من رمضان والقاهرة، خاصة وأن بعض التجار السريحة (الجائلين) يرفضون شرائها".

عم صلاح، مزارع آخر يعترف بأنه يستخدم "البودرايت" في تسميد أرضه المزروعة بالفراولة، مؤكدا أنه لا يعرف سوى صاحب سيارة النقل الذي يبيع السماد والذي يكون على علاقة بمحطات الصرف الصحي، وأن سعر الحمولة الواحدة من هذا السماد تصل إلى 4000 جنيها، وفي ازدياد كل عام.

وعن سبب استخدامه، أوضح أن معظم المزارعين يستخدمونه لأنه يعطي إنتاجية أفضل ومضاعفة، ومريح في الزراعة، واستخدامه انتشر بصورة كبيرة منذ خمس سنوات في هذه المنطقة، وأنه ليس الوحيد الذي استخدم هذا السماد لكن هناك عشرات المزارعين الذين يستخدمونه.

"صراحة أنا يوميا أجمع الفراولة وغيرها من الخضراوات كما ترى، لكن أنا وأبنائي لم نأكل ثمرة واحدة من هذه الثمار، لضررها الشديد على الصحة، فأنا أزرع مساحة صغيرة من الأرض بجوار المنزل بدون هذا السماد لتأكل أسرتي منه، أضاف صلاح.

بلاغات ومحاضر موثقة

تقدم أهالي في القرى السابق ذكرها بشكاوى وبلاغات للمجلس المحلي التابعين لها، ضد المزارعين الذين يستخدمون "البودرايت"؛ لوقف عمليات الزرع به لرائحته الكريهة، وإصابة أطفالهم بالأمراض الصدرية المزمنة وخطورته على الصحة العامة، حيث أكد حمدان ماهر أحد المزارعين أن الجمعيات الزراعية منعت صرف مخصصات الأسمدة المدعمة من الحكومة للمزارعين الذين يستخدمون البودرايت في تسميد أراضيهم، بناء على كشف أعدته لجان الحصر التابعة لتلك الجمعيات الزراعية كنوع من العقاب لردعهم.

كما حصلنا على وثائق لمحضر رسمي في شرطة الخانكة بالقليوبية، حمل رقم 10474 بتاريخ 26 أكتوبر 2015، كشف عن وجود مخالفات جسيمة في عمليات استخدام "البودرايت" متهما محطات الصرف الصحي، والتجار الذين يبيعون هذا السماد بمخالفة القوانين، وتسميم المواطنين".

حسن محمود أحمد، مقدم البلاغ، والذي كان يعمل سائق سيارة نقل على مدار عشر سنوات، ويقوم بنقل الحمأة من محطات الصرف الصحي، قال في إن التجار الذين يأخذون حق بيع "البودرايت" من محطات الصرف الصحي على رأسها شركة الصرف الصحي للعاصمة الكبرى يبيعونها إلى المزارعين؛ لاستخدامها كسماد عضوي".

مقدم البلاغ الذي حُفظ التحقيق فيه في نيابة الخانكة بالقليوبية، أكد في محضر الشرطة أن هذا المنتج يتسبب في إصابة العديد من المواطنين بالفشل الكلوي والكبدي؛ لاحتوائه على عناصر ثقيلة، تنتقل إلى المواطنين عبر الخضر والفاكهة التي تكل نيئة".

حسن المقيم بالشارع الجديد بالخانكة التابعة لمحافظة القليوبية، يقول في محضر الشرطة أن السماد الذي تستخرجه شركة الصرف الصحي بالجبل الأصفر غير صالحة للاستخدام كسماد للأراضي الزراعية، وأن الشركة الوطنية للاستثمار والتجارة، المتعاقدة مع الصرف الصحي توزعه على الأهالي لاستخدامه كسماد، وقدم المبلغ صورتين ضوئيتين لقسم الشرطة كدليل على ذلك.

وانتهى محضر الشرطة إلى توجيه خطاب رسمي إلى شركة الصرف الصحي والشركة الوطنية للاستثمار والتجارة ووزارة الزراعة، للرد على تلك الاتهامات الموجهة إليهم عبر خطاب رسمي لقسم شرطة الخانكة، وحفظت النيابة التحقيق في المحضر، دون اتخاذ أي إجراء حسبما أكد مقدم البلاغ.

محضر آخر حمل رقم 10834 إداري الخانكة، بتاريخ 1 نوفمبر 2014، وتم تحويله للنيابة، أشار إلى أن الشركة الوطنية للتنمية والاستثمار والتجارة، المتعاقدة مع شركة القاهرة الكبرى للصرف الصحي بالأمر المباشر، تبيع إنتاج الحمأة في محطات العقد 16 والبركة وبقاس وحلون والجيزة وغيرها للمزارعين؛ لاستخدامها في تسميد الأراضي الزراعية، وكان مصير هذا المبلاغ أيضا الحفظ.

استبيان : نزرع به لزيادة الإنتاج.. ولا نأكل من ثماره

أجرى معد التحقيق استمارة استبيان وزعها على عينة من المزارعين بلغت 30 مزارع، في عدة قرى بمحافظة الإسماعيلية والجيزة والقليوبية، مكونة من 10 أسئلة، أبرزها استخدامه للسماد من عدمه، ومعرفة أضرار هذا السماد ومصدره، وفيما يتم استخدامه، وهل يأكل من المحاصيل التي يتم إنتاجها؟، وما أبرز الزراعات التي يتم تسميدها بهذا السماد؟.

وكشفت نتائج العينات، عن أن 21 مزارع بنسبة 70% أغلبهم من الإسماعيلية يستخدمون البوداريت في زراعة الخضر والفاكهة مثل الفراولة والفلفل والخيار والبازلاء والخس وغيرها من المحاصيل؛ لزيادة الإنتاح منها، مع تأكيد كامل العينة بنسبة 100% على وجود أضرار لهذا السماد، على صحة المواطن والتربة.

وذكر 80 % من العينة أنهم يستخدمون هذا السماد كون الحكومة والجهات الرسمية تبيعه، وتأكيد 20 % من العينة من الذين يستخدمون السماد عدم تناولهم من الثمار المسمدة بهذا السماد، و100 % من العينة أكدت أنهم يحصلون على السماد من خلال سائقي نقل، وأن تجار الجملة يشترون منهم المحصول لبيعه في سوق العبور وغيره من الأسواق.

تحذيرات بلا قيمة.. وتحايل مقنن

لافتات كبيرة على ورق "كرتونة شيبسي" معلقة على حوائط الجمعية الزراعية للقصاصين الجديدة، مدون عليها عبارات تحذيرية للمزارعين من استخدام سماد "البلطي أو البودرايت" في تسميد الأراضي، وكان نصها "أخي المزارع، تنبيه عام، استخدام البودرايت أو البلطي يعرضك للمسئولية القانونية، وطبقا للقرار الوزاري وما ورد إلينا إلى الجمعية بتعليمات من المحافظ، سيتم وقف صرف مستلزمات الإنتاج للأراضي التي يتم استخدام "البوداريت" في تسميدها".

"عبد السلام. ش" موظف بالجمعية يقول أنهم منعوا السماد عن المزارعين المستخدمين للسماد، وحُررت محاضر ضدهم من قبل لجنة البيئة تحولت لقضايا تخطت ال 100 قضية ضد المزارعين وسائقي النقل في زمام الجمعية، لكن في النهاية تصالحت الجهات المسئولة مع المزارعين لأنها المرة الأولى التي يُحذر فيها المزارعين، خاصة بعد أن تحول استخدام السماد إلى إدمان كالبودرة والمخدرات، بل أن هناك مشاتل تزرع بالبودرايت، وليس فقط الأراضي العادية".

المهندسة المسئولة عن الأراضي والمياه بالجمعية، طلبت عدم ذكر اسمها، قالت إن استخدام البوداريت موجود منذ سنوات، لكن بداية من العام الماضي ظهر بوضوح شراهة استخدام هذا السماد المخالف والمضر بالبيئة والتربة والصحة العامة، وانتشاره بصورة كبيرة بين المزارعين، وهو ما دعى المسئولين إلى إصدار قرار بحظر استخدامه، وحرمان مستخدميه من مستلزمات الإنتاج، وتحرير محاضر للمخالفين بواسطة لجان معاينة على أرض الواقع من وزارات الزراعة والبيئة والصحة ومسئولين من المجلس المحلي والمحافظة".

وقالت المهندسة المسئولة، إن المزارعين يقولون للجان التي تمر "أنت بتبوعلنا وترجعوا تعملولنا محاضر"، على أساس أنهم يؤكدون أن من يبيع هو محطات الصرف الصحي التابعة للحكومة، لكنهم حسب المهندسة يتجاهلوا أن هذا السماد يستخدم فقط للأشجار الخشبية، لذلك تم عمل تنبيهات وتحذيرات من الاستخدام قبل موسم الزراعة بعدة أشهر".

وأوضحت أنه العقوبات التي تقع على المزارعين وفقا لقانون البيئة رقم 103 لسنة 2015، وتم عمل أكثر من 100 قضية ، وتم التصالح مع المزارعين بأوامر من المحافظة، بعد تغريمهم 20 ألف جنيها وسنة حبس، وتعويض ذلك بدفع 2000 جنيها للتصالح".

ووثقت عبر محاضر رسمية وكشوفات، استخدام مئات المزارعين لهذا السماد، من خلال كشف بأسماء كافة المزارعين القائمين بتشوين سماد "البودريت" في نطاق زمام القصاصين الجديد والدواويس وحمزة والأوقاف وغيرهم، بتاريخ ديسمبر 2017، حيث أكد رئيس لجنة البيئة في مجلس مدينة القصاصين محمد إسماعيل، تحرير أكثر من 500 محضر لمزارعين مخالفين بلغت عنهم الجمعيات والأهالي، بخلاف الغير مرصودين من المزارعين".

وأكد "إسماعيل"، أن المحافظ قرر الموافقة على تحرير مصالحات مع المزارعين المخالفين؛ لعدم معرفة المزارعين بتلك الإجراءات التي اتُخذت ضدهم، موضحا أن المصالحات ستكون في المحكمة، وأن تلك المحاضر حررت وفقا لقانون البيئة رقم 4 لسنة 1995".

تحليل العينات... فيه ضرر قاتل

حصل "معد التحقيق"، على عينة عشوائية من أحد الحقول في قرية السوديات بمدينة القصاصين في الإسماعيلية، وكذلك من احدى المزارع بنطاق محافظة الجيزة، وكليهما يتم استخدام البوداريت في تسميد زراعاتها من الفراولة، لتحليلها في المعمل المركزى لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة فى الأغذية، المتخصص في تحليل المواد الثقيلة والممرضات في الخضر والفاكهة، وعرضنا نتائج تحاليل العينات على الدكتور محمد عز العرب رئيس وحدة أورام الكبد بمعهد الكبد - واستشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي لتفسيرها، والذى أوضح أنها نتائج كارثية لا سيما أن هناك ارتفاع في نسبة النترات المسموح بها والتى وصلت إلى 7.3 مم لكل كيلو، وأن المسموح به هو 5 مم لكل كيلو، وأن هذه الزيادة تسبب زيادة نسبة النيتريت في الجسم، ما يسبب مادة النيتروزامين، التي تعد سبباً مباشراً من أسباب الاصابة بالسرطان ، مفسراً ذلك بأنها تسبب تحورات في خلايا الجسم، وتسبب ارتفاع نسبة الإصابة بأنواع السرطان.

وكشفت أيضا أن نتائج التحاليل كشفت عن وجود نسبة عالية من الفطريات، ووصفها ب"الخطيرة جدا"، خاصة فطر الأفلاتوكسد، الذى يتسبب أمراض جلدية مختلفة، إضافة إلى أن هذه الفطريات سُمية على الجهاز الهضمي والتهابات جلدية. وأشار د.عز العرب، إلى أن التحاليل كشفت أيضا عن وجود ميكروبات لكنها لم تحدد نوعها، مشيرا إلى أن الميكروبات بصورة عامة خطيرة وبالتأكيد تسبب لمن يتناول أي خضراوات مصابة بها بتسمم غذائي، وأن تضاعف تأثيرها يصل إلى سرطان الكبد الوبائي، والإضرار بالكلى.

وأوضح خلو العينة من بعض العناصر الثقيلة مثل الكادميوم والرصاص لكنها لم تكشف عن باقي العناصر كالزنك والنيكل والزئبق والزرنيخ والسلنيوم، لافتا إلى أن القانون يمنع استخدام هذا السماد في تسميد الخضراوات والفاكهة، وكذلك المحاصيل الدرنية كالبطاطس والجزر.

ولفت إلى أن سرطان الكبد ارتفع في مصر خلال الثلاثين العام الاخيرة إلى أكتر من 1000%، مشيرا إلى أن نسبة انتشار سرطان الكبد في مصر في الثمانينات كان 2.7 لكل 100 ألف من السكان، لكن الآن النسبة وصلت إلى 30 لكل 100 ألف من عدد السكان، هذا ما أكد أيضا الدكتور سيد بدوي رئيس قسم الأراضي في كلية الزراعة بجامعة القاهرة.

محرر أخذ أيضا عينة من الكمبوست المصنع من الحمأة في مصنع الكمبوست بمحطة البركة بالسلام، وحللها في معهد بحوث الأراضي والمياه في مركز البحوث الزراعية، وكشفت النتائج حسب سيد بدوي رئيس قسم الأراضي في كلية الزراعة بجامعة القاهرة، عن ارتفاع نسبة النيكل والرصاص عن المسموح به، في نتائج العينة، وهو ما يحظر استخدامها أيضا في زراعات الخضر والفاكهة.

خبراء عن معايير استخدام "البودرايت": ممنوع استخدامه
الدكتور محمد نوفل ئيس قسم خصوبة الأراضي وتغذية النبات الأسبق – مركز البحوث الزراعية، وعضو لجنة الكود المصري لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة، يقول إن الكود المصري رقم 501 لسنة 2015، يمنع استخدام "البودرايت" أو "الحمأة" في تسميد الخضروات التي تؤكل نيئة، للعديد من الأسباب، أولها لأنها غالباً تحتوي على ميكروبات مرضية، والثاني احتوائها علي عناصر ثقيلة، وهذا يتفق مع قرار وزير الإسكان رقم 44 لسنة 2000 الخاص بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 93 لسنة 1962 في شأن صرف المخلفات السائلة، وقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون 9 لسنة 2009.

وأكد الدكتور محمد سعيد، وكيل معهد بحوث الأراضي والمياه لشئون البيئة، أن استخدام الحمأة شبة محرمة، في جميع الدول، ففي هولندا تستخدم في توليد الطاقة فقط وليس الزراعة، مؤكدا أن وزير الزراعة الأسبق يوسف والي، منع في التسعينيات استخدام الحمأة في الأبحاث لخطورتها على الباحثين، وقصر استخدامها على أشجار الغابات خاصة شجر "الجاتروفا"، ولتصنيع البيو ديزل الذي يستخدم كوقود لعربيات وماكينات الديزل، موضحا أن خطورتها لا تقتصر على الطعام فقط، بل على المحاصيل التي تنتج منها الملابس مثل القطن.

الدكتور محمد فتحي سالم، استاذ الزراعة الحيوية في معهد بحوث الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية جامعة المنوفية ردا على مسئول الصرف الصحي إن المعالجة بب "الكمبوست" غير متوفرة في مصر أو العالم سوى دولة فنلندا، والتي توجد بها تقنيات متقدمة للمعالجة.
وأوضح "سالم" أنه حتى مع توافر هذه المعالجة الغير موجودة من الأساس، يحظر استخدام "البودرايت" في زراعة المحاصيل النيئة، ولكن يسمح استخدامها بمعايير معينة في زراعة الأشجار الخشبية والقطن، وعدا ذلك يعد جهلا من المسئولين، وأن استخدامها في الزراعة سيؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة".

المواجهة

واجه معد التحقيق كل الجهات المسئولة عن الرقابة على انتاج تلك الحمأة القاتلة، والتى تمثلت بوزارة الزارعة والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بوزارة الإسكان، وكذلك ممثلي الادارات المحلية في المدن، بكل ما تم توثيقه في التحقيق.

وجاء الرد عبر عبد المحسن عبد الباقي مسؤول الصرف الصحي بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بوزارة الإسكان، الذى قال إن المخلفات بعد المعالجة بطريقة ال "كمبوست تُستخدم في عمليات الزراعة، لكن ليس المحاصيل النيئة أو الدرنية، مشيرا إلى أن هذا السماد عالي الجودة، وتُستخدم بعد عمل تحاليل لها في وزراتي الصحة والزراعة والمركز القومي للبحوث.

وأضاف "عبد الباقي"، أن هذه الطريقة عبارة تعريض الحمأة للشمس لمدة معينة، وكمرها بكميات من الأعشاب ومخلفات الشوارع والأشجار، وهرس ذلك مع بعضه، ويعزلها عن الهواء، الامر الذي يقتل كل الممرضات الموجودة بداخلها، لكن هذه الطريقة غير معممة في كل المحافظات، وهناك استخدامات مخالفة أيضا وفقا له، وهو استخدام البوداريت في الزراعة.

الدكتور سيد خليفه نقيب الزراعيين، ورئيس قطاع الإرشاد بوزارة الزراعة، قال إن الوزارة تمنع أي استخدام قد يضر بالصحة العامة للمواطنين، مشيرا أن هناك محددات لاستخدام المخلفات الصلبة، واستخدام البودرايت أو الحمأة يعد محظور استخدامه.

وأكد "خليفه"، أن قطاع الإرشاد الزراعي بالتعاون مع إدارة مكافحة الآفات، من خلال تشكيل لجان إرشادية، سيقوم بتوعية المزارعين بخطورة استخدام هذه المخلفات التي تحتوي على عناصر ثقيلة على الصحة العامة وخطورته على المنتج النهائي، سواء استخدامه محليا أو التصدير، مضيفا "إحنا ما صدقنا ما لأسواق العربية والأجنبية فتحت بعد الحظر الذي كان مفروض على الصادرات الزراعية المصرية.

بينما قال الدكتور عباس الشناوي رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعة، إنه يجب محاسبة محطات الصرف الصحي على خروج مثل على المخلفات ووصولها للمزارعين، لأن "البودرايت" ممنوع استخدامها في الزراعة".

وأكد أن هناك لجان تمر على أسواق تجميع الخضر والفاكهة على مستوى الجمهورية تسمى لجان المسح الميداني للحفاظ على صحة المواطن المصري، كما تفعل الدول في الخارج، وأن استخدام مثل هذه المواد في الزراعة خاصة الخضر والفاكهة التي تتميز مصر في زراعتها سيؤثر بصورة كبيرة على التصدير للخارج.

رئيس مدينة القصاصين الجديدة اللواء عمر إدريس، قال إن المحاضر التي حررها المجلس وبلغت أكثر من 500، بناء على الكشوفات التي أعدها مسئولي الزراعة بالمركز، مشيرا إلى تشكيل لجنة من شئون البيئة بالمجلس بالتعاون مع مسئولي الزراعة والصحة وحرروا محاضر للمخالفين على الطبيعة، وتم تحويلها للنيابة، مؤكدا تراجع المزارعون عن الاستخدام وأزالو تشوينات السماد، وأرسلت الإدارات الزراعية خطابات للمجلس بأن المزارع "الفلاني" أزال المخالفة"، وبناء عليه جرى التصالح في المحكمة، مقابل دفع المزارع لقيمة المعاينات واللجان".

لقراءة التحقيق عبر cross media اضغط أسفل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.