يشكل «سماد الحمأة»، خطورة كبيرة على الصحة العامة للإنسان والحيوان، وبالرغم من صدور قرارات وزارية بشأن وقف بيعه وتداوله، فإن المزارعين بمحافظة الإسماعيلية خالفوا القوانين واشتروه بطرق غير مشروعة واستخدموه فى زراعات استراتيجية، أهمها الفراولة والمانجو والذرة، بالإضافة إلى العديد من الزراعات الأخرى وأهمها الخضراوات. واختلفت أسباب إصرار المزارعين على استخدامه، رغم وجود بدائل، منها رخص سعره، بالمقارنة بالأنواع الأخرى، واستخدامه فى مساحة أكبر. وسماد «الحمأة» ناتج مخلفات محطات الصرف الصحى، الذى يكون نتاج فصل المواد العضوية العالقة فى أحواض الترسيب، ثم تجفيفها، لتحتوى على 43% مادة عضوية، و2.4% أزوت كلى، 1% خامس أكسيد الفوسفور و1% بوتاسيوم. وكشف المهندس إبراهيم على حسين عن أنه لوحظ فى الآونة الأخيرة قيام العديد من المزارعين برى أراضيهم بمياه الصرف الصحى وناتج «كسح» المجارى. وأشار إلى أن الخطورة الشديدة الناتجة عن استخدام سماد الحماة تتمثل فى أنها تحتوى على بكتيريا القولون المعدية وديدان الإسكارس وبكتيريا السالمونيلا وحويصلات الكوكسديا، وتلك الكائنات تشكل خطرا داهما على صحة الإنسان والحيوان. بالإضافة إلى وجود معادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق فى الحمأة، وهو ما يسبب السمية الشديدة للإنسان والحيوان والتربة أيضا. وأكد إبراهيم أن استخدام السماد لموسمين متتاليين يؤدى إلى تبوير الأرض الزراعية، وأن هناك عشرات المزارعين يستخدمونه لتبوير أرضهم بطرق أكثر شرعية للبناء عليها وتحويل الأرض الزراعية إلى سكنية. وطالب بمنح المهندسين الزراعيين صفة الضبطية القضائية للتمكن من التفتيش على المزارع وضبط المزارع المخالفة والمستخدمة لمادة الحمأة كسماد عضوى للفواكه والخضر. نادية همام، رئيسة قرية المحسمة القديمة، أكدت وجود رائحة كريهة تنبثق من أسمدة ملقاة بجوار الأرضى الزراعية، وتأكدت أنه سماد سام نتاج مخلفات الصرف الصحى يستخدمه المزارعون ويتسبب فى تبوير الأرض الزراعية بعد موسمين متتالين. دكتور محمد إسماعيل، استشارى طب أسرة بقرية المحسمة القديمة، أكد أن السماد يتسبب من الناحية الطبية فى تلوث بيئى وأضرار صحية مباشرة وغير مباشرة، كاشفا عن أنه على المدى الطويل يزيد من إصابات الفشل الكلوى، بالإضافة إلى حالات النزلات المعوية المتكررة، كما أنه يتسبب فى انتشار الذباب والباعوض. المهندس محمد تميم، وكيل وزارة الزراعة بالإسماعيلية، أكد أن انتشار السماد هو سلوك فردى، وأن الوزارة ترفضه وبشدة، وأنها تصادر أى كمية منه. زينب إمام، من أهالى المنطقة، أكدت أن طفلتها، التى لم يتعد عمرها العشر سنوات، تعانى من مرض الفشل الكلوى، وأن الأطباء أكدوا لها أن سبب إصابتها هو تداول الخضراوات والفاكهة الملوثة بالمواد العضوية والكيماوية. وأكد أحد المزارعين، رفض ذكر اسمه، والذى يستخدم سماد الحمأة، أن المزارعين يلجأون لاستخدامه لأنه ينتج محصولا وفيراً.