هدى من الفيوم تزوجت من أول عريس مقابل مبلغ 50 ألف جنيه ونهايتها الطرد من المنزل فاطمة: قرى بنى سويف تزوج البنات بإيصالات على بياض وتعرضت للإهانة بسبب الفقر، وضيق الحال، والهرب من شبح العنوسة، تلجأ العديد من الأسر بالمحافظات المصرية إلى تزويج القاصرات، مقابل إيصال أمانة يحمل قيمة مؤخر الصداق، نظرًا لعدم وجود عقد رسمى، لكن الطامة الكبرى تكمن فى تنصل بعض الأزواج من نسب الأطفال أو إنكار الزواج نفسه ورفض تطليق القاصر بعد نشوب نزاعات بينهما. تروى هدى حسن، المقيمة بقرية كحك بحرى، مركز يوسف الصديق، محافظة الفيوم، والبالغة من العمر 14 عامًا، حكايتها مؤكدة أنها منذ أن وعت على الحياة كانت تشاهد فتيات القرية بزى الابتدائية تنتظر ركاب العرس، فوافقت على أول عريس تقدم لها، وهو أحد شباب قرية مجاورة فى العقد الثالث من عمره، وبسبب الفقر وضيق المعيشة التى تعانيها أسرتها وافقت بعد ضغط أبيها عليها حينها لم يتعد عمرها 11 عامًا. وتتابع: تزوجت بالطريقة التى اعتادتها القرية ألا وهى الإشهار مع كتابة «إيصال أمانة» على العريس بقيمة 50 ألف جنيه، تسلمه والدى، وعقب مرور 5 أشهر على الزواج فوجئت بحملى، وقتها نشبت خلافات بينى وبين زوجى نظرًا لطلباته التى لا تنتهى، فطردنى من منزل الزوجية، وعودت إلى منزل أهلى حتى وضعت طفلتى التى رفض زوجها نسبها إليه، إلا بعد تهديد شيخ القرية برفع قضية للحصول على مستحقاتى من خلال المحكمة، فأرسل بطاقته لتسجيل طفلتى بعد شهرين من الولادة، بعدها علمنا من المأذون أنه تزوج بأكثر من فتاة خلال السنة التى قضيتها بمنزل أهلى، ومازلت أنتظر اكتمال السن القانونى لأقيم دعوى قضائية لأتحرر من عبودية زواج القاصرات وأحصل على حكم رسمى بتطليقى. على بياض فاطمة هلال، البالغة من العمر 16 عامًا، المقيمة بمركز إهناسيا محافظة بنى سويف، تزوجت فى عمر الثالثة عشر، وتروى حكايتها: عُرف قريتى فى تزويج الأطفال بكتابة إيصال أمانة يمضى عليه الزوج لصالح والد العروس على بياض، دون ذكر مبلغ محدد، إذا الزوج كان من خارج المركز الذى تقيم فيه الزوجة، وذلك بمثابة ضمان لعدم خروج الزوج عن الاتفاقات المبرمة بين ولى أمر العروسة والزوج، خاصة أن هذه المراكز بمحافظة بنى سويف تشتهر بسفر الأزواج للعمل بدول الخليج، الأمر الذى يخيف الكثير من الأهالى من تزويج طفلته إلى الشخص الذى اعتاد السفر فربما يتزوج بأخرى فى الدولة التى يعمل بها. تتابع: اختلفت أنا وزوجى الذى يعمل بدولة قطر (نجار مسلح) حتى أصبحت لا أعجبه شكلًا ولا طباعًا بعد أن أنجبت طفلنا الأول، وفى زيارته السنوية القصيرة يعنفنى لفظيًا ويضربنى ب«خرطوم البوتاجاز»، وبالتالى أصبح الاستمرار فى هذه الزيجة ضربًا من الجنون فطلبت الانفصال، ولجأت إلى أحد المحامين الذى نصحنى بالصبر حتى أستوفى السن القانونى ليتثنى له رفع دعوة قضائية تمنعه من دخول مصر أو القبض عليه عن طريق الإنتربول. الضرب مقابل الطاعة استمر زواج «منار. م» بنت قرية النعناعية بمركز أشمون التابع لمحافظة المنوفية، والبالغة من العمر 17 عامًا، لمدة ثلاث سنوات فقط، وكان زواجها عن طريق الإشهار وحفظ حقها فى مؤخر الصداق عن طريق كتابة إيصال أمانة غير محدد المبلغ فيه، وطوال مدة الزواج كان الضرب إجبارًا لها على ممارسة العلاقة الزوجية، وعندما قررت أن تشتكى لأسرتها، تلقت «علقة ساخنة» من شقيقها الأكبر بالحزام -على حد قولها- مطالبًا إياها بالانصياع لأوامر زوجها، حتى تتمكن بعد بلوغها السن القانونى من توثيق زواجها، كما اعتبرها المقربون ساقطة لرفضها الانصياع لأوامر زوجها فهو له كل الحق أن يفعل بها ما يشاء بحكم عاداتهم وتقاليدهم التى تربوا عليها. يقول «ع.م» شقيق منار: يقول لم يمر على شكوى شقيقتى سوى عدة أشهر قليلة، بعدها قرر زوجها ودون أى مبررات طردها من المنزل مع طفلها الصغير، وأصر على عدم عودتها إليه مره أخرى، رغم محاولاتنا لمعرفة دوافعه لذلك وتهدئة الأمور، ما دفعنا لاختلاق المشاكل بين العائلتين، التى أوشكت على سجننا فما كان من أبى إلا اتخاذ إجراء قانونى بشكوته بإيصال الأمانة الذى بحوزتنا باعتباره الضامن الوحيد لحقوق شقيقتى، لينتهى به الحال إلى الحبس دون الحصول على أى مستحقات وعودة شقيقتى مرة أخرى إلى بيت والدى، الأمر الذى جعل شقيقتى تفقد سنوات من عمرها معلقة دون زواج أو طلاق رسمى. دوافع مختلفة «الندم لا يكفى العمر بيجرى» هذه أول الكلمات التى بدأ بها محمد أحمد محمود، والد الطفلة ريهام التى لم تكتمل من عمرها ال15 عامًا، مؤكدًا أنه قرر تزويجها أحد عمال الخرسانة الذى تقدم إليها مقابل أن يتكفل بكل احتياجات الزواج. ويتابع «اتفقنا على إتمام الزواج مقابل إيصال أمانة قيمته 100 ألف جنيه وسط عدد كبير من أهالى القرية كضمان لحقها، وعلى الرغم من صغر سنها وعدم صلاحيتها للزواج إلا أن اعتمادنا فى الزواج قائم على شرطين أساسين هما القبول والإشهار بعيدًا عن كتابة قسيمة زواج أو القائمة الخاصة بالعروس لسببين أهمهما عدم قدرة المأذون على توثيق الزواج بشكل قانونى وثانيهما ضمان حق العروسة عن طريق الإيصال الذى يتكلف به العريس». يضيف الأب: لسوء الحظ توفى زوجها بعد عام ونصف من زواجهما إثر سقوطه من أعلى سطح منزل أثناء مباشرة عمله، لتعود طفلتى الصغيرة إلينا مجددًا لكن برفقة رضيعيها التوأم فوفاة زوجها زدات الأمور تعقيدًا، حيث رفضت الوحدة الصحية تسجيل التوأم إلا بموجب قسيمة الزواج، ومازال الأطفال من دون أسماء آباء لهم. ويتابع لائمًا نفسه: أنا السبب فلم يغنى إيصال الأمانة ولا يشفع لنا فى شىء بل كانت قلة الوعى سببًا فى دمار حياة طفلة صغيرة لا تعى جيدًا بأمور الحياة شيئًا، ويستكمل على الرغم من صرف المبلغ المحدد بإيصال الأمانة إلا أن الأموال لم تستطع مساعدتنا من حيث الاستقرار الأسرى. وأضاف نحاول تحديد هوية الطفلين الصغيرين حتى يتمكنا من الحصول على كل الخدمات التى تقدمها الدولة. نص قانونى يؤكد أشرف السيسى المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة، أن زواج إيصال الأمانة متعارف عليه فى محافظات شمال الصعيد، خاصة فى القرى والنجوع الشهيرة بتزويج القاصرات، لافتًا إلى أن إيصال الأمانة بغرض الزواج له نص قانونى لو ثبت لدى المحكمة أن هذا الإيصال من أجل العلاقة الزوجة يسمى نزاع مدنى، وينتفى ركن التسليم المادى الموجود بالإيصال أمام المحكمة ويبطله، وهو غير ضامن لحق الفتاة من الناحية القانونية ويسمى الشخص المدعى عليه غير خائن للأمانة من ناحية التسليم.